اول من اسلم من النساء
من هي اول من اسلم من النساء؟ وما هي قصة إسلامها؟ يشتمل التاريخ العربي والإسلامي على العديد من الأسماء التي حُفرت في جُدرانه بأحرُفٍ من ذهب، ومن أبرز هذه الأسماء هُم من آمنوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدايات النبوة والرسالة، وعبر منصة وميض سنتحدث عن الجانب الأُنثوي من هذه الفئة.
اول من اسلم من النساء
في يومنا هذا يُعد الإسلام ثاني أكبر الديانات في العالم على الإطلاق بواقع أكثر من 1.9 مليار مُسلم في هذا الكوكب، وهي النسبة التي تُشكل 24.8% من السُكان، ما يُعادل رُبع قاطني الأرض تقريبًا، ولكن لم يكُن هذا حال الدين الإسلامي مُنذ بدايته بكُل تأكيد.
ففي وقتنا الراهن قد يُسلم الملايين نتيجة الاطلاع على بعض آيات القُرآن الكريم أو التعمُق في معانيها وتفقه الدين وأحكامه، وقد يُرجع البعض هذا الأمر إلى فكرة حُرية المُعتقد وغيرها من الحُريات السائدة والتي يتم حفظها والدفاع عنها في العالم الذي نعيشه الآن، ولكن هذا ليس صحيحًا في واقع الأمر.
فسهولة دخول الناس إلى الإسلام الآن تعود إلى كثرة عدد المُنتمين إلى هذه الديانة وانتشارها والشعبية الواسعة التي تحظى بها حول العالم أجمع، وهذا يعكس واحدةً من أبرز العلاقات الخاصة بعلم النفس ألا وهي كون المرء يُحبذ أن يكون في جانبٍ يأمن بالتواجد بين أفراده ولا يخشى إعلان انتمائه له.
ما يعني أنه كُلما زاد عدد المُسلمين كانت فكرة الإعلان أكثر سهولة وتقبل في المُجتمع، لكن لم يكُن الدين الإسلامي يلقى هذا القبول مُنذ عِدة قرون وبالتحديد مُنذ 1400 عام تقريبًا.
ففي هذه الحقبة الزمنية التي عُرفت باسم الجاهلية الأولى كان العرب يميلون إلى عبادة الله عن طريق بعض الأصنام الوسيطة، وطرح فكرة التوحيد والامتناع عن الامتثال إلى خُرافات الأولين وعبادة ما لا يضُر ولا ينفع كان أمرًا قوبل بعُنفٍ كبير.
على الرغم من ذلك هُناك من وثق برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُكذبه فور نزول الرسالة، فآمن من الرجال سيدنا الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، ومن الفتية أخيرهم الإمام علي بن أبي طالب، أما اول من اسلم من النساء فهي أُم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي مُحمد وخليلته.
اقرأ أيضًا: قصائد عن السيدة زينب مكتوبة
ما لا تعرفه عن السيدة خديجة أُم المؤمنين
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قُصَّي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، السيدة خديجة بنت خويلد هي أولى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأُم كُل أولاده عدا إبراهيم الذي توفي في شهره الثامن عشر.
شهد كافة سادات قُريش بالفضل والبر، وهي سيدة عُرفت مُنذ القدم بكونها جليلة وعظيمة، تُعتبر السيدة خديجة من أبرز سيدات قُريش وأكرمهُن أصلًا، نسبًا وحتى ثراءً، مع العلم أنها تتشارك في نسبها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند جدِّها الثالث من ناحية والدها والثامن من جانب والدتها.
عُرفت أُم المؤمنين بكونها تعطف وتحنو على الجميع مثلما تعطف الأُم على أولادها، فلُقبت على إثر ذلك بأُم اليتامى، أُم الصعاليك وأُم المؤمنين، كما أن لها ألقاب أُخرى مثل كوثر الخلق، أُم الزهراء، الراضية المرضية، المُباركة والصدِّيقة.
من الجدير بالذكر هُنا أن خديجة بنت خويلد كانت تُصدق رسول الله إلى أبعد الحدود وتثق به ثقةً عمياء، فولته على تجارتها وسلمته أعمالها وقوافلها.
فما كانت رضي الله عنها وأرضاها لتُكذبه قط، ولم تكُن السيدة خديجة بنت خويلد اول من اسلم من النساء فحسب.
بل هي أول المؤمنين بكون مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رسولًا، وبكون الله واحدًا أحد، وبكون الإسلام دين الحق حديثُا هُنا عن النساء والرجال على حدٍ سواء، فأُم المؤمنين الأولى هي أول من آمن وأول من توضأ وصلى.
اقرأ أيضًا: كم كان عمر خديجة عندما تزوجها الرسول
السيدة خديجة والتصديق بالوحي
يُمكننا القول إن اللحظة الفارقة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت نزول الوحي عليه عندما كان يتعبد في غار حراء، وقد عاد حينها إلى بيته وهو يرتعش ويتوجس من شِدة الخوف بسبب هول ما رآه وما سمعه، وهو أمر طبيعي فهي اللحظة الأولى التي تعامل معها مُحمد بن عبد الله مع غير البشر.
كان نبي الهُدى يرى في زوجته الصدِّيقة خديجة رضي الله عنها وأرضاها مصدر السكينة والطمأنينة، وعندما رآها كان يصرخ من شِدة الدهشة قائلًا “زملوني، زملوني“.
عندما زملوه في داره وذهبت عنه الروعة دار بينه صلى الله عليه وسلم وبين أُم المؤمنين نقاشٌ ورد في صحيح مُسلم برواية السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها جاء فيه أن النبي العدنان قال:
“يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ” [صحيح المسند].
من الجدير بالذكر هُنا أنه وعلى الرغم من كونها المرة الأولى التي قابل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي الأمين ودار بينهما النقاش الأشهر بقوله اقرأ ورد رسول الله ما أنا بقارئ إلا أنها لم تكُن المرة الأولى التي يُراود فيها الوحي خير البرية.
إذ بدأت ببعض الرؤى التي تتحقق مثل فلق الصبح، وحينها قامت السيدة عائشة باستشارة ورقة بن نوفل ابن عمها.
عند سماعه قصة رسول الله قال له إن هذا الوحي هو ما نزل على موسى، وبشره بالنبوة، وأصبحت على إثر كُل هذه العوامل السيدة خديجة اول من اسلم من النساء.
اقرأ أيضًا: عدد زوجات الرسول صحيح البخاري
خديجة بنت خويلد بعد الإسلام
ساهم تواجد أُم المؤمنين الأولى بجوار الهادي البشير كثيرًا في التقليل من حِدة ما عاناه نظير الأمانة التي وقعت على عاتقه مُتمثلةً في الدين الإسلامي والرسالة التي وصلت إليه عن طريق الوحي الأمين سيدنا جبريل عليه السلام.
لكنها عانت على إثر ذلك كثيرًا، فاول من اسلم من النساء هي في المقام الأول سيدة قُريش وأبرز تُجارها وأصحاب قوافلها، ما جعل فكرة إسلامها ووقوفها في صف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضدهم أمرًا تسبب لها في الكثير من المتاعب.
لكنها ظلت صابرة مُصابرة ومُرابطة مع الرسول ضد حملة قُريش للهجوم على الإسلام وما اشتملت عليه من آثار وأضرار بُطِشَّ على إثرها المُسلمون، وقد كانت المرحلة الأصعب في حياتها حصار قُريش لبني هاشم وبني المُطلب في شِعب أبي طالب.
حينها أصرت أُم المؤمنين على قرارها والتحقت برحل زوجها، وعانت السيدة الأبرز والأكرم في قُريش ما عانوه بنو هاشم من الجوع والمرض لمُدة وصلت إلى أعوامٍ ثلاثة، وقد توفيت رضي الله عنها وأرضاها بعد فك الحصار بأيامٍ معدودات على إثر ما عانت منه.
مكانة السيدة الطاهرة خديجة بنت خويلد لدى كافة الطوائف الإسلامية عظيمة، وقد جاء في تفسير القرطبي على لسان أبو هُريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“خيرُ نساءِ العالمينَ أربعٌ: مريمُ بنتُ عمرانَ، وآسيةُ بنتُ مزاحمٍ امرأةُ فرعونَ، وخديجةُ بنتُ خويلدٍ، وفاطمةُ بنتُ محمدٍ” [صحيح المسند].
أحبت اول من اسلم من النساء رسول الله حُبًا جما، فقد بكت في إحدى المرات على إثر شائعة وفاته حتى قال جبريل عليه السلام لرسول الله: “لقد ضجّت ملائكة السماء لبكاء خديجة عليها السلام، أُدعُها إليك وأبلغها سلامي وقل لها بأنّ ربّها يقرؤها السلام ويبشّرها بقصر في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب“.