أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة
أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ركن من أركان الإسلام الخمس، وهو من أهم العبادات التي عظّمها الله تعالى في كتابه الكريم، وحذّر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من تركه أو التخاذل عنه، لذا سوف نتطرق إلى الحديث عن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من خلال منصة وميض.
أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة
إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هي صلاته، وذلك كما علمنا رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ، فإن الصلاة هي عماد الدين وأول العبادات التي أمرنا الله تعالى في العديد من الآيات القرآنية بالسور المختلفة بأدائها بخشوع.
فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “أولُ ما يحاسبُ عليهِ العبدُ الصلاةَ، وإنَّ أولَ ما يُقضَى بين الناسِ في الدماءِ“ [حديث صحيح الترغيب].
فيوضح الحديث شقين هامين في الحياة لا بد للمسلم الحق الحذر منهم، ألا وهما الصلاة ودماء الناس، فعظّم عليه الصلاة والسلام من شأن الصلاة المفروضة على العباد وضرورة المحافظة عليها، كما أنه أوضح في الحديث أن أول الأمور التي يُسأل عنها العبد في حسابه أمام الله الكريم يوم القيامة هي صلاته المفروضة.
حيث إنها من حق الله تعالى على العبد، كما أوضح في الحديث الشريف أن ظلم الناس والقتل أو الإصابة بالجروح من أول ما يتم الحساب عليه يوم القيامة، حتى يأخذ كل ذي حقٍ حقه.
في ذلك الحديث الشريف وغيره من الأحاديث النبوية تعليمات وتوجيهات هامة من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بضرورة الحفاظ على الصلوات وفضلها على جميع العباد.
اقرأ أيضًا: المهدي المنتظر في صحيح البخاري
حكم ترك الصلاة من السنة النبوية
عن بريدة بن الحصيب الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “إن العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ فمن تركها فقد كفرَ” [حديث صحيح النسائي].
الصلاة هي ثاني أركان الدين الإسلامي وهي عامود الدين، فمن قام بها وأدّها على أتم وجه فقد نجا وأفلح، ففي ذلك الحديث أوضح رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن العهد بين الأعمال الظاهرة للمسلمين والكافرين هو الصلاة، وه, ما يفرق بين الملة للأشخاص المختلفين.
الترك في الحديث الشريف هو الترك الناتج عن التكاسل أو نسيان الصلوات للأمور الأخرى التي قد يراها الشخص هامة في حياته، كالعمل أو المرح والتنزه، وهو ما يجعله يتهاون في أدائها بميعادها، وإن الله تعالى أحق بأن يتم ترك كافة الأمور لأجل الامتثال بين يديه.
كما أن الله تعالى قد قال في كتابه الكريم:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [سورة مريم: الآية 59]
، وهو ما يوضح أهمية أداء الصلوات المفروضة في ميعادها، والتخلي عن اتباع الشهوات مقابل حق الله تعالى.
بالإضافة إلى أن هناك آية كريمة تؤكد على معنى حديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد قال تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة الروم: الآية 31]
، وهو ما يصدق على كلام النبي عليه الصلاة والسلام، ويوضح حكم الشرع في ترك الصلاة، وضرورة أداء الصلوات المفروضة.
اقرأ أيضًا: من الشخص الذي أُنزلت فيه سورة الهمزة؟
حديث إن بين الرجل وبين الشرك
قد ترك لنا نبينا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ العديد من التعاليم الدينية التي ما إن أخذ بها العبد المسلم لن يشقى في الحياة الدنيا أو الآخرة، فمن ضمن التعاليم التي نصحنا بها رسول الله تعالى هي أداء الصلوات المفروضة في ميعادها.
كما أكد على أهمية الصلاة وأنها أول أعمال العبد التي يُسأل عنها في حديث أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فقد كان هناك بعض الأحاديث الأخرى التي توضح ضرورة أداء الصلاة في ميعادها.
فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ.” [حديث صحيح مسلم]، فالصلاة هي فرض على كل مسلم كلّف، ومن أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد بالله تعالى،
فقد حذّر نبينا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ من تركها، أو التخاذل عن أداء الصلوات الفائتة على المسلم، فمن المهم الاستمرار في محاولة المواظبة على أداء الصلوات وقضاء الفائت منها والتوبة النصوحة إلى الله الغفور الرحيم.
هل التوبة عن ترك الصلاة مقبولة؟
قد قال تعالى في كتابه الكريم:
(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة البقرة: الآية 199].
لا شك أن جميع المسلمين يحملون في قلبهم الإيمان بالله تعالى وكتبه ونبيه، ولا يتواجد في قلب أي منّا حتى وإن كان مُقصر في حق الله تعالى ما يجعله عُرضة للعذاب والعياذ بالله، وهذا ما يعني أن الصلوات الفائتة يمكن تعويضها، والتوبة النصوحة لله تعالى تغفر جميع الذنوب السابقة.
فقد قال رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار يعني من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان..” [حديث صحيح الترمذي].
فمن يسير في طرق الله تعالى بمقدار خطوة واحدة، يقربه عز وجل منه عدة خطوات، على هذا فيجب على المؤمن الحق محاولة عدم التخاذل في أداء الصلوات المفروضة، نظرًا لما في الشرع فيها من تحذيرات عدة، وأن يتم قضاء الصلوات الفائتة.
فإن جميع الذنوب يمكن أن تغفر بأداء الأعمال الصالحة، فالتصدق أو الاستغفار ومحاولة التقرب إلى الله تعالى بمختلف الأعمال الصالحة، يساعد في تحول السيئات إلى حسنات، بينما الصلاة لا يمكن تعويضها سوى بأداء ما فات منها.
اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وأهم السنن المستحبة
فضل الحفاظ على الصلاة
بعد التعرف إلى أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هي الصلاة، نتطرق إلى عرض بعض من أفضال الصلاة التي تم ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث قد بشّرنا الله تعالى والرسول الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالجزاء الحسن عن أداء الصلاة.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِما بيْنَهُنَّ.” [حديث صحيح مسلم].
قد خلق الله الإنسان ضعيفًا، وهو ما يجعله غير قادر على التحكم في شهواته بأغلب الوقت فيتبع وسوسة الشيطان ويُخطئ في حقه وحق الله تعالى، لهذا قد جعل الله تعالى هناك بعض الأمور التي تساهم في تكفير الذنوب، والتخلص من السيئات.
يوضح الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في ذلك الحديث أن الصلاة واحدة من أعظم العبادات التي تكفّر الذنوب، حيث إنه أوضح أن من فضل الحفاظ على أداء الصلوات الخمس في موعدها كل يوم، أو أداء صلاة الجمعة، من الأمور التي تكفر صغائر الذنوب.
فهي بمثابة توبة مجرد ما يتوضأ المسلم ويقف بين يديّ الله تعالى، وذلك من عظيم فضل الله تعالى علينا، كما أن هناك حديث شريف آخر يوضح مدى فضل الحفاظ على الصلاة، فهي بمثابة غُسل للمسلم من كافة أخاطئه.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا.” [حديث صحيح مسلم].
فكان رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ حريصًا على تعلم الناس أفضل العبادات وطرق التواصل مع الله تعالى، فأوضح أن أداء الصلوات في ميعادها من الأمور التي تعد بمثابة الاغتسال كل يوم من نهر متواجد أمام منزله، أي أنها من مكفرات الذنوب.
ناهينا عن الشعور بالراحة الذي يشعر به العبد أثناء امتثاله بين يدي الله تعالى في خشوع، حيث إن الصلاة هي الوسيلة الأقرب التي يمكن للعبد الحديث بها مع الله تعالى، والبوح بكافة ما يشعر به ويرغب في حدوثه، والتأكد بأنه سميع عليم بما في الصدور.
كما قد قال الله تعالى عن الصلاة في كتابه الكريم:
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [سورة العنكبوت: الآية 45]
، وهو توضيح من الله تعالى بأن أداء الصلاة في ميعادها هو ما يحتاجه العبد المسلم لكي يتقرب من طريق الهدى.
إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هي الصلاة، فهي عماد الدين والمكفرة عن الذنوب، فاحرص على اغتنام فضل الصلاة والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي، فنحن من بحاجة إلى الامتثال بين يديّ الله تعالى لتكفير الذنوب، والحصول على الراحة والسكينة من متاعب الدنيا.