دور الأب في تربية الأبناء
دور الأب في تربية الأبناء قد يكون غير واضح أو قاصر على الماديات بالنسبة للبعض، فالأم مصدر الحنان والرعاية ولكن الأب مصدر لعدد كبير من المعاني الأخرى التي يحتاجها الطفل ليصبح شخص سوي.
فعندما نتحدث عن أسرة سعيدة فإن الصورة التي ستظهر أمامنا هي أب يحتضنها ويكنفها، فتابع عبر منصة وميض ما هو دور الأب في التربية.
أهمية دور الأب في التربية
عندما نفكر في إنجاب الأطفال يوجد عدد من الاحتياجات الأساسية التي يجب أن توفرها الأسرة كالاحتياجات المادية والبيئة السوية، وأكثر ما تحتاجه هو أب وأم متفاهمين، الجدير بالذكر أنه لابد أن يكون الأب حاضر.
يأتي تفسير كلمة حاضر أي متفاعل مستمع متواجد في حياتهم ويعرف التفاصيل ليس من باب التسلط ولكن بال الحب، ولا يقتصر التواجد على عدد ساعات في اليوم يقضيها وهو يشاهد التلفاز، أو مانع الأطفال أن يلعبوا بسبب الضوضاء.
كما أن غياب الأب يسبب الكوارث حتى إن بعض الأبحاث التي اهتمت بتفسير الشذوذ الجنسي أتت بأن أحد الأسباب هو غياب الأب، وعدم قدرة الأم على تقديم الاحتياجات بشكل سوي.
فحتى إذا غاب الأب لابد أن يكون رجل في حياة الطفل يستمد منه الهوية الجنسية، ويقبل من الحكمة ويتناقش معه في الأمور الخاصة بالرجال سواء عم أو خال أو أحد الأقارب، وبما أن أهمية دور الأب كبيرة فسنناقش بالتفصيل ما الذي يقدمه للأولاد:
1- يمد الطفل بهويته
كلنا لاحظنا أن الأطفال ينظرون إلينا واليهم ليقوموا بتقليد أعمالهم بالتفصيل، فمثلًا الفتيات ترتدي الحذاء ذو الكعب العالي ويضعن أحمر الشفاه بشكل عشوائي.
على الرغم من الشكل البهلواني لهم ولكن في نظرهم هما في غاية الأنوثة والجمال ويشبهون الأم تمامًا، تلك المرحلة في علم النفس تسمى بتأكيد الهوية.
كما تحتاجها الفتاة يحتاجها الولد أيضًا فكم من مرة شاهدتي لعبة المصارعة بين الأب والابن في الأفلام التي تتميز الجو الأسري، والتي يترك الأب في نهاية المطاف الابن ينتصر عليه ليشعر بالقوة.
يحتاج الطفل إلى تأكيد الهوية من الأب فأنا أشبه أبي فسأرتدي ملابس تشبه ويتخذ من الطريقة الذكورية التي يتحدث بها الأب نهج له وأسلوب يتبعه.
اقرأ أيضًا: ندوة قصيرة عن التنمر
2- تقديم الحب والاحتواء
على الرغم من أن الدارج بيننا أن الأم هي من يقدم الحب والحنان ولكن هذا الاعتقاد خاطئ فالأب أيضًا مصدر الحب، فعندما يقدم الاحتواء لابنته لا تحتاج أن تبحث عن هذا الشعور خارج المنزل.
لأن المنزل الشبعان من المشاعر الرقيقة يبني شخصية سوية، فدور الأب في تربية الأبناء كبير وشامل وواسع، وكل ما تستطيع أن تقدمه الأم يقدر على فعله الأب ولكن بطريقته الخاصة،
فمثلًا إذا وجد الأب فتاة مراهقة تقف أمام المرأة فقام بمدح شكلها ببعض العبارات الرقية ثم ضمها إلى حضنه هل يعقل وجود رجل في هذه الحياة قادر على استغلالها، وهي التي تستند على صدر والدها.
الرجل الفاتح ذراعيه ليحيط بأفراد الأسرة كلها قبل أن يقدم الاحتياجات المادية لهم، المدرك أن الدخل القليل ولكن التواجد المستمر في حياة الأبناء هو أحكم الرجال وأكثرهم سعادة.
3- تنمية قدرات الطفل
الأب له دور كبير في تنمية مهارات الطفل في مختلف النواحي، فهو يقدم التوعية له على الصحة الجسدية ويقدم خير مثال على العضلات القوية التي يتمتع بها، وتلك هي نظرة الأبن للأب مهما كان.
فالطفل ينظر له على أنه البطل الخارق القادر على هزم جميع الأشرار بمفرده، فكيف ينشغل عن كائن يمتلك تلك النظرة بمشاغل الحياة.
لا ينمي البطل الخارق القدرات الجسدية فقط بل العقلية أيضًا عن طريق المناقشة المستمرة مع الطفل والأسئلة الغير تعجيزية، فمثلًا إذا رأى السماء مشرقة وساطعة فمن الممكن أن يسأل الطفل عن رأيه.
أو إذا كان القمر ساطع في إحدى الليالي فجذب انتباه الطفل له سيفيده، كما أن الأب ينمي القدرات الإجتماعية عن طريق تشجيع الطفل عن التعبير عن نفسه ومنحه الثقة بالنفس، عبر المناقشات المستمرة معه.
فتذكر أن الطفل ليس شيء مملوك لك إنما هو كيان له عقل مفكر وقلب نابض، وأن كل ما ستزرعه اليوم ستحصده غدًا على هيئة شخص سوي، مثقف ومؤثر في الحياة.
4- تقديم الحماية والأمان
الأب هو مصدر الحماية ليس للطفل فقط بل للأسرة كلها، فتخيل معنا إذا نشأت بمكان خالٍ من الحماية كيف ستشعر، وكيف ستتعامل مع الناس والأزمات.
هذا ما يخلقه غياب الأب ودوره في تربية الأبناء شخص مهزوز ضعيف وخائف من كل ما يحيطه، غير قادر على الوثوق بالأشخاص.
لكن التواجد المستمر يُشعر الطفل أنه خليفة هذا البطل الخارق، فكم من مرة أصبح الطفل شجاع وأقدم على مواجهة مخاوفه ككلب كبير مثلًا عندما نظر إلى الخلف ووجده أبيه، هذا الوجود السحري الذي يجعل من طفل عمره عدة سنوات شخص شجاع وكبير أقرب ما يكون إلى الأبطال الخارقين ومنها ننتقل إلى النقطة التالية.
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع الطفل الذي يريد كل شيء
5- تقديم الصورة الذاتية
عندما يأتي الطفل إلى هذه الحياة تبدأ رحلة اكتشاف الذات في بداية الأمر يحدد جنسه هو يشبه الأم أم الأب، وعندما يستطيع أن يفعل هذا يبدأ في محاكة الذي يشبه ويكون شبه صورة ذاتية.
إلى أن يأتي دور الوالدين في تقديم الصورة الذاتية الكاملة فإذا رأى الأب أن الطفل خائف وجبان ستكون تلك النظرة التي يرى بها نفسه.
أما إذا رأيته شجاع وقادر على إنجاز المهام ستظل الثقة بالنفس هي صفته المميزة، فاحرص على انتقاء الكلمات المشجعة وتجنب المقارنة بينه وبين الأطفال الآخرين، ولا تستخدم العنف أو الضرب كلغة التواصل بينكما.
بل شجعه على حماية حقوقه في التعبير عن نفسه وحقه في تسجيل الاعتراض بشكل مهذب وواعٍ، وكذلك معرفة كيف يحمي نفسه وجسده مما ينقلنا إلى الدور التالي من أدوار الأب في تربية الأطفال
6- تعليم الطفل الدفاع عن نفسه
حالات التحرش بالأطفال في ازدياد يومًا بعد يوم، والأفلام الإباحية التي تتعلق بالأطفال أكبر دليل على هذه الظاهرة المتفشية التي يجب أن نحمي أطفالنا منها.
على الرغم من أن بعض الآباء والأمهات قد يشعرون بالحرج عندما يتحدثون عن التوعية الجنسية وتعريف الأطفال عن جسدهم بما يتماشى مع أعمارهم، لكن تلك التوعية ضرورة قصوى.
يأتي دور الأب هنا في تعليم الطفل كيف يحمي خصوصية جسده فيمكنك لعب لعبة بسيطة مع طفلك مثلًا هيا اجعلني أرى إذا أراد أحد الأشخاص أن يأخذك بعيدًا كيف ستتعامل، لا هذا الصراخ بسيط هيا تحتاج إلى صوت أعلى.
بالتالي سيكون التصرف حاضر في ذهن الطفل إذا تعرض إلى أي من تلك المواقف، وسيتمتع بالشجاعة الكافية ليأتي ويسرد لك القصة إذا حدث أي شيء خارج عن المألوف معه.
كما أن التوعية عن مناطق الجسد الحساسة ومعرفة أن تلك الأعضاء مكرمة لا يجب المساس بها، قد يكون عن طريق الصور الكاريكاتيرية.
أو الفيديوهات المخصصة لسن الطفل، وتذكر يجب أن تكون أنت مصدر المعرفة عن هذه الأشياء، وأشبع فضوله وجاوب على جميع الأسئلة التي يطرحها دون الشعور بالخجل؛ لأن هذا يصدر له أن تلك الموضوعات مريبة.
7- تقديم الدعم والمساندة
قد يخيل لك أن عالم الأطفال خالٍ من المشكلات ولكن هذا الاعتقاد خاطئ بالمرة، ولكي تتأكد من هذا تذكر حينما رفض أحد الأشخاص مشاركة اللعب معك وكيف كان حالك حينها.
نفس الحال مع الأطفال فهم مقبلون على عالم جديد لا يعرفون كيفية التعامل وسير الأمور، قد يشعرون بالرفض والفشل فعليك أن تكون أنت الداعم فتلك المواقف.
سواء عن طريق تقديم النصيحة العملية أو الدعم النفسي وتأكيد القدر على تكوين العلاقات وتأييد القيمة الذاتية له، وليس في هذا العمر فقط بل عندما يكبر الأطفال ويصلون إلى عمر المراهقة.
قد يأتي أول خذلان من صديق أو أول شعور بخفقان القلب فيجب عليك أن تكون حاضرًا، ومتفهم للمشاعر ولا تقدم الحكم عليهم أو النصيحة المجردة إذا كان هذا بعيد عن احتياجاتهم.
لا يقتصر تقديم الدعم هنا ولكن من مظاهره أيضًا كاحترام رغباتهم عندما تكون على عكس رغباتنا وتوقعاتنا منهم، فنحن لم ننجبهم ليحققوا الأحلام التي عجزنا عن تحقيقها، بل هم يمتلكون حلمهم الخاص وعلينا تقديم الدعم في طريق الوصول إليه فقط.
اقرأ أيضًا: تمارين للتخلص من الخجل
8- يساهم في بناء الشخصية
أول قدوة في حياة الطفل هما الوالدين فيظهر العديد من صفاتهم على شخصيات الأبناء، في البداية يتعمدون الأطفال صنع هذا.
لكن مع مرور الوقت تنطبع الصفات بشكل لا إرادي فيما يعرف في علم النفس باسم الولاء الخفي، فاحرص على أن يكون الأثر الذي ستتركه طيب عندما ينظر طفلك الكبير ويعرف أن تلك الصفة هي منك.
على الرغم من أن المجتمعات العربية جعلت التربية عملية قاصرة على الأم فقط، لكن هذا المبدأ أخرج أجيال تحتاج إعادة التأهيل من جديد فإذا كنت أب فاعرف أن دورك كبير، وأن أطفالك في احتياج لك.