الفرق بين الثقة بالنفس والغرور
قد لا يبدو الفرق بين الثقة بالنفس والغرور واضحًا بالشكل الكافي، والخلط بين هذين السلوكين يعتبر أمرًا شائعًا للغاية، ففي الكثير من الأحيان نتعرف إلى بعض الأشخاص في حياتنا اليومية ويكون تفكيرنا لماذا يتعاملون بهذا الشكل؟ فتقدير ومعرفة ما إذا كان الشخص واثقًا بنفسه أو مغرور لا يعد أمرًا بسيطًا، ومن خلال منصة وميض سنستعرض لكم الفرق بين الثقة بالنفس والغرور.
الفرق بين الثقة بالنفس والغرور
ما يجمع الثقة بالنفس والشعور بالغرور هو أن كلاهما من المشاعر الإنسانية التي تُصيب البشر، وتتسبب في تغير سلوكهم بشكلٍ جيد وإيجابي أو على النقيض تمامًا فيكون الأثر الناجم عن الشعورين السابق ذكرهما أعلاه سلبيين ويؤثران على طريقة تعامل الشخص بالسلب على كل من يتعامل مع هذا الشخص، ولكن ما هي وسيلة معرفة الفرق بين الثقة بالنفس والغرور؟
الجدير بالذكر أن الثقة والغرور من الصفات والخصال المتقاربة، ولكنهما قابلين للتطور والتحور من صيغة أخرى، فالغرور قد يُصبح ثقة بالنفس، والثقة بالنفس كثيرًا ما تُمسي من صور الغرور، وفي سبيل التعرف على الفارق بين الثقة بالنفس والغرور علينا في بداية الأمر أن نقوم بمعرفة تفسير ومعنى كُلًا من الثقة والغرور.
الثقة بالنفس من الخصال المحمودة التي لا عيب فيها، فالثقة بالنفس وليدة المعرفة ونتاج التعلم والإدراك، ففي حال ما كُنت تعلم أمورًا في وظيفتك أكثر من أقرانك، فهذا سيعمل على تعزيز ثقتك بنفسك وجعلك مرجعًا لهم في كل كبيرةٍ وصغيرة.
الجدير بالذكر أن الثقة بالنفس دائمًا ما تدفع صاحبها للأمام وتجعله يبلغ مراتب أعلى فأعلى فيما يخص الأمور الوظيفية المهنية وغيرها من الجوانب الحياتية، يمكن وصف الثقة في أبواب وتخصصات علم النفس بكونها إيمان بالقدرات والإمكانيات التي يحتاز عليها المرء الواثق بنفسه.
أما فيما يخص الغرور أو ما يُعرف بالغطرسة فإن هذا الشعور يأتي على الجانب الآخر للنهر الذي يقف شعور الثقة بالنفس على ضفته، فالجدير بالذكر أن تعزيز احترام النفس والثقة فيها من الأمور الطيبة والواجبة بين الحين والآخر، ولكن الإفراط في هذا الأمر يولد شعور الغطرسة، والغطرسة في أساس الأمر ناجمة عن الثقة الزائدة المصحوبة بالجهل.
على الرغم من كون الغطرسة والثقة بالنفس من المشاعر البشرية المتشابهة للغاية، إلا أن هناك بعض الخصائص التي يمكن من خلالها تحديد الفرق بين الثقة بالنفس والغرور ومعرفته.
الجدير بالذكر أن هذين المُحركين اللذين يعملان على التحكم في طريقة تعبير الشخص عن شعوره لا يُمكن أن يظهران إلا بالتعبير عما يدور في خاطر صاحب هذه الخصلة أو تلك، ومن الممكن تحديد الفرق بين الثقة بالنفس والغرور بشكل ظاهري أو مبسط من خلال بعض العلامات، وسنستعرضها لكم فيما يلي من سطور مقالنا هذا.
اقرأ أيضًا: حركات اليدين في علم النفس
1- الثقة بالنفس مُلازمة للإيجابية والقناعة
الشخص الواثق بنفسه دائمًا ما يتجاهل آراء الآخرين فيه، فلا يهتم لرأي أحدهم، ولا يحتاج إلى مصدر يستمد ثقته منه، فالثقة نابعة من القلب لمن يمتاز بثقة النفس، والجدير بالذكر أن من يثقون في نفسهم لا يسعون إلى أن يكونوا الأفضل في كل شيء، ولكن هدفهم الأول والأساسي هو تأدية أعمالهم بأفضل طريقة ممكن.
2- التكبر نتاج المخاوف من النقد
يسعى الكثير من البشر إلى محاولة إخفاء خوفهم من الانتقادات عن طريق التعامل بغطرسة وتكبر، ففي حال ما قمت بتقديم نصيحة ما لأحدٍ من المتغطرسين ففي غالب الأحيان سيقابل هذه النصيحة بكلمة أنا أعرف ذلك أو قول أنا لم أقم بطلب نصيحتك، والجدير بالذكر أن المتغطرسين دائمًا مايحاولون التقليل من الآخرين في سبيل التميز بأسهل شكل ممكن.
التغطرس قد يجعل المرء يبدو وكأنه متفوق على أقرانه من الجوانب المهنية، العقلية وغيرها من الأمور، ويرجع ذلك إلى محاولتهم لمحاكاة الثقة الزائفة بالنفس، والجدير بالذكر أن المتغطرسين والمغرورين من أكثر الناس الذين يهتمون بنظرة الغير لهم.
كما أن اعتقاد الآخرين عنهم ومدحهم لخصالهم من الأمور التي من دورها أن تُشكل محور الدنيا، والجانب الخاص بانتقادات وآراء الآخرين من أكثر الأمور التي يمكنكم من خلالها ملاحظة الفرق بين الثقة بالنفس والغرور.
3- الاعتراف بالخطأ من فضائل الثقة بالنفس
من أكثر خصال الأشخاص الواثقين في أنفسهم تميزًا هو قدرتهم على الاعتراف بالخطأ بكل سلام نفسي وتصالح مع الذات، فلا يخشى من يتميز بثقة النفس لوم اللائمين، فالواثق دائمًا ما يكون عاقل ومُلم بكافة خصاله وعيوبه، ويكون مُدرك بشكل تام وكامل لما يقوم به من أفعال، فإن أخطأ يعلم ذلك، ويعتذرعنه قبل تلقي اللوم والعتاب حتى.
اقرأ أيضًا: ما هو اضطراب ثنائي القطب
4- الإنكار لا يُفيد أعتى المغرورين
من الأمور التي تعمل على توضيح الفرق بين الثقة بالنفس والغرور بشكل بيِّن هو الاعتراف بالخطأ والإنكار، فكما رأينا أعلاه يُفضل الواثقون بأنفسهم الإقرار بالخطأ حتى قبل تلقي اللوم، فلا يحب الواثقون من أنفسهم الكذب والخداع، أما المغرورين لا تسمح لهم كرامتهم بالاعتذار أو الاعتراف بما بدر منهم حتى وإن احتاز من يلومهم على الإثباتات.
في غالب الأحيان يُفضل المتكبرون والمتغطرسون إلقاء اللوم على غيرهم في القيام بالأخطاء التي ارتكبوها بأنفسهم فالاعتراف والإخطاء بالنسبة لهم مُعيب، وهذا الأمر يمكن استخدامه في توضيح الفرق بين الثقة بالنفس والغرور، فالواثق من نفسه لا يخشى لومة لائم عندما يُخطأ أو عندما يُصيب، والجدير بالذكر أن الطاولة دائمًا ما تنقلب على المغرورين فما أكثر المواقف التي يُقلب فيها المتغطرسون كفوفهم ندمًا.
5- من يثق بنفسه يصلح للعمل الجماعي
الواثقون دائمًا ما يحاولون تطويع قدراتهم ونقاط قوتهم لمصلحة الفريق فالواحد للكل والكل للواحد هو المبدأ الأول للعمل، والجدير بالذكر أن أصحاب القدرات التي تعزز ثقتهم بنفسهم دائمًا ما يُبادرون للتحكم في زمام الأمور، وهذه الرغبة في السيطرة نابعة عن علم ومعرفة بالإضافة إلى الكثير من الخبرات والمهارات التي من دورها أن تجعل موقف الفرد أقوى وسط المجموعة.
من أكثر ما يجعل الواثقون بنفسهم شركاء عمل مميزين هو قدرتهم على العمل ضمن مجموعة وتقبل الاقتراحات بشكل علني، بالإضافة إلى كونهم لا يخشون طلب يد العون أو المساعدة في الأمور الصعبة لعلمهم أن هذا لمصلحة الفريق والتي ستعود بدورها عليهم بالخير.
كما أنهم لا يرون أن طلب العون وسماع الآراء قد يقللان من مكانتهم لدى باقي الشركاء والزملاء حتى وإن كانوا مدراء ورؤساء للعمل، فهذا الأمر لا يزيد الواثقين في أنفسهم إلا وقارًا واحترامًا.
6- لا يتنازل المتغطرس للعمل ضمن فريق
لا يمتاز المتغطرسون بكونهم مميزين في العمل الجماعي، فهم دائمًا ما يُفضلون التعامل كما لو أن الجميع يعمل على خدمتهم ولمصلحتهم الشخصية فقط لا غير.
الجدير بالذكر أن عدم قدرة المتغطرس على العمل في فريق سيتسبب في كونه من المدراء السيئين والقادة الفاشلين في غالب الأحيان على عكس الواثقين من أنفسهم فتشكيلهم لقائدين ممتازين يوضح نقطة من نقط الفرق بين الثقة والغرور الذي يفصل بينهما خيط حريرة رفيع للغاية.
اقرأ أيضًا: أسباب اضطراب الكلام عند الكبار
الثقة بالنفس والغطرسة بين الخيال والواقع
دائمًا ما يُقال إن الأشخاص الذين يثقون في أنفسهم يعيشون في الواقع ويتخذون خطوات إيجابية في محاولة للوصول إلى الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، فعلى الرغم من كون المواقف جديدة وغير مألوفة إلا أن الواثقين في أنفسهم سيكونون دائمًا على ما يُرام بسبب كثرة التجارب التي مروا بها وتعلموا منها، بالإضافة إلى خبراتهم وقدراتهم على حل المشاكل.
أما فيما يخص التغطرس فنجد أن أصحاب هذه الخصلة لا يمتازون بمرونة في التعامل ومرونة في الارتداد في المواقف التي يجب فيها الارتداد وتجنب الصدامات، والغطرسة دائمًا ما تودي بصاحبها إلى التهلكة بسبب رغبته في تحقيق بعض الأحلام الخيالية بعيدًا عن معطيات أرض الواقع وحياة اليقظة.
بعد أن تعرفنا إلى الفرق بين الثقة بالنفس والغرور بشكل موسع بعض الشيء وجب التنويه إلى أن هناك بعض الوسائل التي يمكن من خلالها التعامل مع المتغطرس، ومن أمثلة هذه الطرق القيام بإعادة تخصيص المهام لتكون وظيفة المتغطرس فردية فهي الوظائف التي يبدع فيها المتغطرسون.