الفرق بين السور المكية والمدنية
الفرق بين السور المكية والمدنية كبير، اِجتهِدَ الكثير من علماء الدين في معرفة الفرق بين الآيات المكية والمدنية لتوضيح التفسيرات بشكل أكبر، كما يوجد لها عدة فوائد أخرى اكتشفها العلماء في فترة بحثهم، لذا سوف نتعرف بشكل مفصل من خلال منصة وميض على الفرق بين السور المكية والمدنية، وذلك عبر السطور القادمة.
الفرق بين السور المكية والمدنية
توجد عدة اختلافات في السور القرآنية، حيث يوجد بها نوعان السور المكية والسور المدنية التي تختلف في عدد الآيات في السورة أو طول الآيات وغيرها من الأمور التي تميز المدني عن المكي، والتي سوف نتعرف عليها من خلال الفقرات الآتية:
1- اختلاف العدد
في صدد عرضنا الفرق بين السور المكية والمدنية، فيوجد اختلاف في السور المدنية عن السور المكية في عدد الآيات، حيث إن عدد السور المكية 82 سورة بينما عدد السور المدنية 20 سورة.
كما هناك بعض السور التي اختلف العلماء في كونها مكية أو مدنية فبعضهم قال إنها مدنية والآخر قال إنها مكية وعددها 12 سورة، وقد قيل إنها 13 سورة وهي تشمل الآتي:
سورة الفاتحة – سورة المطففين – سورة الناس – سورة الإخلاص – سورة الفلق – سورة التغابن – سورة الرحمن – سورة الرعد – سورة الصف – سورة الزلزلة – سورة البينة وسورة القدر.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع سورة النور للمس
2- طول الآيات
استكمالًا لتعرفنا على الفرق بين السور المكية والمدنية، نوضح أنه تتميز السور المدنية بوجود بها التفسير الكبير والطول في الآيات بينما تتميز الآيات المكية بإيجازها وبلاغتها، حيث إنها نزلت في مكة التي يتميز أهلها (أهل قريش) بأنهم أهل الشعر والبلاغة فجاء القرآن وآياته المكية تخاطبهم بطريقتهم ليسهل عليهم فهم الآيات وحفظها.
السور المكية تتسم بالقصر والإيجاز حيث إن العرب القرشيين كانوا أفصح أهل العرب وكانوا يتسمون بالبلاغة والفصاحة وهي جاءت لتخاطبهم هم والناس أجمعين.
أما الآيات المدنية فهي تتسم بالإطالة والشرح المفسر حيث إن اليهود افتروا على الدين في الكثير من الأمور، الأمر الذي أدى إلى نزول الآيات بشكل مفصل وطويل للرد على كل ما قالوا ضد الدين الإسلامي كما أنهم لم يتميزوا بالبلاغة وقوة الفصاحة مثل العرب القرشيين.
3- شكل الخطاب
يتنوع شكل الخطاب بين السور المكية والسور المدنية، فالسور المدنية نزلت آياتها في المدينة ولذلك تختلف في طريقة خطابها عن الآيات المكية، وتعد من آيات الأحكام التي تتميز بالطول والشرح الموضح، ويعد أسلوب النداء أكثر الأساليب استخدامًا فيها مثل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).
أما عن السور المكية، فيتميز الخطاب بالعديد من الأمور وهي تشمل الآتي:
- يكثر القسم في الخطاب المكي للترهيب كما أنه يتميز بقوة المتانة والبلاغة.
- الآيات المكية هي الآيات التي وجدت فيها السجدة ولكنها لن تظهر في المدنية.
- الكثير من السور التي بدأت بالحروف المقطعة تكون في أصلها مكية ولكن البقرة وآل عمران يستثنوا من ذلك حيث إنهم مكيين وبدأوا بالحروف المقطعة ولكنهم مدنيين.
- لفظ (كلا) لا يوجد إلا بالآيات المكية لِما يدل عليه من وعيد وترهيب لأهل قريش حيث إنهم كانوا يفعلون الكثير من الأمور الخاطئة وهم على علم بأنها خطأ.
- وجهت الآيات المكية للناس أجمعين وليس لفئه معينة من البشر مثل: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا).
4- تعريفات السور المكية والمدنية
في إطار الفرق بين السور المكية والمدنية نذكر أنه توجد ثلاثة تعريفات وضعها علماء الدين في تعريف السور المكية والمدنية منها ما أثبتوا صحته ومنها ما توجد به مجادلة وهي تشمل الآتي:
- التعريف الأول: السور المكية هي السور التي نزلت قبل الهجرة، والسور المدنية هي السور التي نزلت بعد الهجرة إلى المدينة.
- التعريف الثاني: السور التي خاطب فيها الله أهل مكة فهي سور مكية أما السور التي خاطب فيها سبحانه أهل المدينة فهي سور مدنية ولكن هذا التعريف يوجد به خطأ حيث إن هناك سور يخاطب بها الله النبي.
- التعريف الثالث: السور النازلة في المدينة سور مدنية بينما السور التي نزلت في مكة فهي سور مكية ولكنه أيضًا به خطأ حيث إن هناك بعض السور نزلت في مدينة تبوك وأخرى نزلت في مدينة بيت المقدس.
5- موضوعات السور
اشتملت كلٍ من الآيات المكية والآيات المدنية على العديد من الموضوعات التي تختلف من حيث الموجه له الكلام وهذا يتمثل في النقاط التالية:
أولًا: موضوعات السور المكية
تتكلم السور المكية عن موضوعات معينة من خلال آياتها وهي تشمل الآتي:
- قصص وحكايات الرسل الذين نُزلوا عليهم.
- الرد على حجج أهل قريش ونفيها.
- إذا كانت الآيات تحتوي على قصة سيدنا آدم والشيطان فإنها تعد من السور المكية ما عدا سورة البقرة.
- تعريف العرب والناس أجمعين على أصول الدين والأخلاق التي يتحلى بها المسلمين.
- اِعتمدت على توضيح العقيدة من إثبات وجود اليوم الآخر وأن الله واحد أحد كما أتت لتبين أصول الإيمان.
ثانيًا: موضوعات السور المدنية
مازلنا نتعرف على الفرق بين السور المكية والمدنية، وتختلف الموضوعات في السور المدنية عن المكية وهي تشمل التالي:
- توضيح من هم المنافقين وما هي الأحوال التي يتواجدوا عليها كما يوجد الكثير من النقاشات لهم.
- تبين الأحكام التشريعية في الدين الإسلامي.
- ذكرت السور المكية الجهاد وبينت ما هي أحكامه وما هي المعاهدات التي قامت من خلاله.
- مجادلة مع الأديان الأخرى مثل اليهودية والمسيحية.
6- مكان النزول
يتفق علماء الدين أن السور المكية هي السور التي نزلت في مكة المكرمة وتشمل أيضًا السور التي نزلت قبل هجرة النبي إلى المدينة المنورة حتى إذا كانت خارج مكة، بينما نزلت السور المدنية في المدينة وتشمل أيضًا السور التي نزلت بعد هجرة النبي لها.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة الأعلى بهذا الاسم
كيفية التفرقة بين المكي والمدني
حدد علماء الدين بعض الطرق تساعد المرء الوصول إلى الفرق بين السور المكية والسور المدنية، وهي تتمثل فيما يلي:
أولًا: طريقة الاجتهاد
بحث علماء الدين بشكل كبير في السور المكية والسور المدنية حتى استطاعوا معرفة ما الذي يميز السور المكية وما خصائصها وما الذي يميز السور المدنية والخصائص الموجودة بها ولكنهم اختلفوا في بعض السور في كونها مدنية أم مكية، وبذلك استطاعوا بالاجتهاد معرفة السور المكية من خلال مطابقتها بخصائصها والسور المدنية كذلك.
ثانيًا: التناقل بالسمع
تتبع العلماء رواية الصحابة الذين عاصروا فترة نزول الآيات وفترة الوحي كما تتبعوا التابعين الذين تعلموا من الصحابة ومن خلال هذا تم معرفة الآيات المكية والآيات المدنية، وتوجد رواية قالها الإمام مسلم عن سعيد ابن جبير حيث قال:
إنه سأل ابن عباس (هل توجد توبة لمن قتل نفس بشرية متعمدًا) فقال لي (لا) فتلوت على آية نزلت في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا) وتعتبر هذا الآية مدنية وقد نسخت هذه الآية بآية أخرى مدنية (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ).
اقرأ أيضًا: فوائد قراءة سورة يس كل يوم
فوائد التفرقة بين المكي والمدني
تتعدد الفوائد في معرفة الفرق بين الآيات المكية والمدنية، وتشكلت على النحو التالي:
- برهنة اهتمام المسلمين والعلماء بالقرآن الكريم وموعد نزول الآيات بالأخص التوقيت الزمني والتوقيت المكاني.
- معرفة التفسير الصحيح للآيات من خلال الأحداث وربطها بمكان النزول وموعده حتى لا يحدث أي خطا في فهم الآيات.
- كذلك معرفة ما هي الآيات الناسخة والآيات المنسوخة للتفرقة بين الأحكام التشريعية في القرآن حيث إن الآيات المنسوخة هي الآيات التي نزلت أولًا بأحكام معينة ثم بعد ذلك تم نسخ تلك الأحكام بآيات أخرى في وقت آخر.
أعتمد علماء الدين الكثير من الخصائص التي تفرق بين السور المكية والسور المدنية لتعليم الناس ومعرفة التفسير الصحيح للآيات.