الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله
إن الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله أمر يجهله البعض، فأكثر الناس يعتقدون أنه لا يوجد أي فرق بين العبارتين، ولكن هذا غير صحيح، فالله -سبحانه وتعالى- قد ذكر إن شاء الله في بعض آياته وذكر بإذن الله في بعض الآيات الأخرى، وتلك الآيات لها تفسيرات مختلفة عن بعضها، وسوف نعرف الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله من خلال منصة وميض.
الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله
سوف نتعرف على الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله من خلال بعض الأمثلة، حيث إن الجمل التي تذكر فيها إن شاء الله يكون المقصود أنها سوف تحدث في الفترة القادمة من الزمن فإذا أراد الشخص أن يعبر عن شيء ينوي أن يفعله في الفترة القادمة يقول إن شاء الله، فعلى سبيل المثال:
- إن شاء الله سوف أذهب غدًا لزيارة قريبي في المشفى.
- إن شاء الله سوف أكون قدوة يُحتذى بها في المستقبل.
- سوف أربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة أن شاء الله.
- سوف أقوم بباقي مهام اليوم غدًا إن شاء الله.
بينما الجمل التي تذكر فيها بإذن الله، فتكون كناية عن قدرة ومشيئة الله -عز وجل- ولكن في الفترة السابقة من الزمن والتي انقضت بالفعل بإذن الله ومشيئته، وأحيانًا تذكر في زمن المضارع، فعلى سبيل المثال:
- نحن قمنا بتحديث العمل وارتفعت أسهمنا في البورصة وذلك بإذن الله.
- أصبحت بصحة جيدة وذلك بإذن الله.
- أستطيع القيام ببرمجة البرامج بإذن الله.
- كم من مرة انتصرت على أعدائي بإذن الله.
اقرأ أيضًا: هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم
متى ذكرت إن شاء الله في القرآن
إن القرآن هو إعجاز الأمة الإسلامية وبه الإعجاز العلمي والإعجاز اللغوي وهو دال على استخدام إن شاء الله في حالة نية حدوث شيء في الفترة القادمة من الزمن، ومن أمثلة آيات الله التي تدل على ذلك:
- قول -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) سورة الكهف آية 23.
هنا يوضح الله -جل جلاله – وجوب تقديم المشيئة قبل القول بأنه سيتم القيام بأي عمل، حيث إن الله قادر على تغيير خطط الإنسان بوضع أحداث غير متوقعة له في منتصف الطريق.
أيضًا حتى لا يقع الإنسان في الكذب حيث يمكن أن يقوم بوعد أحدهم أنه سوف يقابله في الغد ثم يمرض ولا يقدر على الذهاب لمقابلته فهنا يعد هذا كذب، أما إذا قال الشخص إن شاء الله سوف أقابلك غدًا فهنا الأمر متروك لإرادة الله عز وجل.
- قوله – سبحانه تعالى-: (قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ ٱلْبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ) (البقرة – 70).
في بني إسرائيل عندما قتل شخص وأرادوا معرفة القاتل، ذهبوا للاستعانة بسيدنا موسى حتى يدلهم على القاتل، فطلب منهم سيدنا موسى أن يقوموا بذبح بقرة ويضربوا جزء منها بالشخص المقتول فيحيا ويعترف على القاتل.
لكن بني إسرائيل قد احتاروا في اختيار البقرة فذهبوا إلى نبينا موسى -عليه السلام – ليخبروه أن يبين الله لهم صفات هذه البقرة حتى يهتدوا وهذه كناية عن الهداية في الفترة القادمة من الزمن ولذلك استخدموا إن شاء الله وليس بإذن الله.
- قوله -سبحانه تعالى-: (قَالَ إِنِّىٓ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَـٰتَيْنِ عَلَىٰٓ أَن تَأْجُرَنِى ثَمَـٰنِىَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ) (القصص – 27).
هنا عرض الرجل كبير السن على نبينا موسى -عليه السلام- بأن يتأهل لأحد ابنتيه ويقوم برعي تجارته لمدة 96شهرًا وأنه لا يريد أن يُكثر عليه بجعلهم 120 شهرًا، ويعطيه وعد بأنه سيكون له خير الصحبة ومن الأشخاص الطيبين وذلك لما هو آت في المستقبل ولذلك استخدم عبارة إن شاء الله وليس بإذن الله.
- قول الله -سبحانه وتعالى-: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِين) (الصافات – 102).
شاهد نبي الله إبراهيم في الحلم أنه يقوم بقتل ولده وتُعد أحلام الأنبياء أوامر من الله يجب أن تنفذ، فذهب نبي الله إبراهيم إلى ولده ليخبره بما حدث، فقال له نبي الله إسماعيل –عليه السلام- أن يفعل ما طلب الله منه وأنه سيكون شخص حليم وهذا فيما هو قادم، أي في المستقبل لذلك استخدم عبارة إن شاء الله، وهنا يتجلى الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله.
- قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [يوسف: 99].
عندما جاء والدي سيدنا يوسف -عليه السلام- إلى قصره قال لهم أن يدخلوا مصر بأمان وبدون خوف وهذه كناية عن المستقبل حيث إنهم في المستقبل آمنين وغير مخوفين ولهذا استخدم عبارة إن شاء الله.
- قول الله تعالى: (قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا وَلَآ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا) (الكهف – 69).
هنا سيدنا موسى -عليه السلام- قام بوعد الخضر بأنه سوف يكون مطيعًا له، وشخص حليم على ما لا يستطيع أن يدركه أو يفهمه وقدم المشيئة على ذلك، كناية عما سوف يحدث في المستقبل.
اقرأ أيضًا: حسبنا الله ونعم الوكيل 7000 مرة
متى ذكرت بإذن الله في القرآن
كما ذكرنا أنه سوف يتم توضيح الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله بالدليل من خلال القرآن، ومن أمثلة آيات الله -عز وجل- الدالة على ذلك:
- قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) (النساء:64).
هنا يقول الله -عز وجل- أنه يرسل الرسل ليرشدوا الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد ولذلك على الناس تلبية ما يمليه عليهم الأنبياء، ولكن الله يوضح أن ذلك لم يتم إلا بقضاء وإرادة منه لذلك فإن هذا كناية عما حدث في الماضي مع باقي الأنبياء السابقين لمحمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- ومعه أيضًا، لذلك استخدم المولى -عز وجل- عبارة بإذن الله وليس إن شاء الله.
- قال الله تعالى: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (البقرة – 97).
هنا يوجه الله تعالى رسالة إلى محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- للرد على اليهود الذين يكرهون نبي الله جبريل، بأن جبريل هو الذي نزل بالوحي إليه، ولأن هذا قد حدث فيما مضى فإن الله استخدم عبار بإذن الله.
- قول الله تعالى: “فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ” سورة البقرة آية:٢٤٩.
اختبر الله جنود طالوت في طاعة أوامره ولكن كثيرًا منهم قد تولوا عن إجابة أمر الله، وهنا يقول الله لمن أطاعوا أوامره المؤمنات بلقائه ومؤمنون باليوم الآخر أنه في الماضي كانت هناك قلة من الناس ولكنهم مؤمنون انتصروا على عدد كبير من الناس وذلك بقضاء الله وإرادته، لأن هذا حدث في الماضي اختار الله عبارة بإذن الله وليس إن شاء الله وبذلك يتضح الفرق بين إن شاء الله وبإذن الله أكثر فأكثر.
- قول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) (يونس – 100).
هنا يوضح الله -عز وجل- بأن الإيمان بالله من العباد لا يكون إلا بإرادته وقضائه وبرحمة منه، واستخدم عبارة بإذن الله لأن الآية كناية عن الفترة الزمنية السابقة والحالية.
اقرأ أيضًا: حكم نسبة النعم لغير الله
في المجمل ليس على الشخص أي ذنب إذا استبدل إن شاء الله بإذن الله أو العكس، ولكن يجب أن نتخذ عبرة لنا في إعجاز القرآن الكريم في اللغة.