الفرق بين الصلح والتنازل
قد لا تعد معرفة الفرق بين الصلح والتنازل أمرًا سهلًا أو بسيطًا في الكثير من الحالات، ودائمًا ما ينصح خبراء القانون الجنائي بالنظر إلى أطراف العلاقة التصالحية، ومن خلال دراسة الحالتين يمكن التعرف بشكل بسيط وسلس للغاية على الفرق بين الصلح والتنازل، وعبر منصة وميض سنحاول توضيح هذا الفرق لمن يختلط عليه الأمر.
الفرق بين الصلح والتنازل
ارتكاب الجرائم هو من الأمور التي يُعاقب فيها المجرم والجاني بأمرٍ نافذٍ من المحاكم المختصة لرد حق المجتمع والمجني عليه في محاولة لتحقيق السلام والأمن في المجتمع، ولكن هناك بعض الجرائم التي من الممكن أن تنتهي بطرق أخرى غير الحبس والغرامات.
هناك أنواع وصور من الجرائم لا تُشرع فيها ملاحقة الهيئة المختصة للجناة ومرتكبي الجرائم بأمر النيابة العامة كما هو الحال في القضايا الجنائية الأخرى، ويُترك في هذه القضايا الحرية التامة للمجني عليه في اتخاذ القرار الذي يراه مناسبًا.
الجدير بالذكر أنه ليس للجاني أي قدرة على التغيير في إرادة المجني عليه بالإجبار في حال ما رغب المجني عليه الاستمرار واستكمال الإجراءات القاضية خاصته، كما أنه في حال ما رغب الجاني الاستمرار في الإجراءات لإثبات براءته يستطيع المجني عليه إيقاف القضية برمتها.
فالمجني عليه هو الآمر الناهي في بعض القضايا وله الخيار الأول والأخير في انقضائها أو استمرارها، هذه الجرائم والقضايا من الممكن أن تنتهي بالصلح بين الطرفين أو بتنازل المجني عليه عن القضية، فما هو الفرق بين الصلح والتنازل؟
يمكن معرفة الفرق بين الصلح والتنازل بالاطلاع على أطراف العلاقة القضائية كما ذكرنا أعلاه، ولكن ماذا يعني ذلك؟ ذلك يعني أنه عليك النظر إلى طرفي الصراع، فإن كان الطرفي العلاقة يشملان كل من الجاني والمجني عليه أو وكيله سُميت هذه العلاقة صلحًا.
أما في حال ما كان الطرفان يتمثلان في الجهة الإدارية والمجني عليه فنكون أمام حالة تنازل عن القضية، والجدير بالذكر أن هناك وجه شبه بينهما يتمثل في كون كلًا منهما اختياري وليس إجباري.
لكن ما يشكل الفرق بين التصالح والتنازل بشكل شاسع هو كون التنازل عن الشكوى والقضية يستتبعه تنازل عن الحق الجنائي فقط، ولا يسقط جراءه الحق المدني إلا إذا تم التصريح علانية من المجني عليه بذلك، ويحق حينها للمجني عليه طلب التعويض عما لحق به من أضرار جراء أفعال الجاني.
أما تصالح الشاكي مع الجاني يضمن التنازل عن كلا الحقين الجنائي والمدني ولا يجوز له حينها المطالبة بأي تعويض عما لحق به من أضرار فالصلح يعتبر بمثابة حكم نهائي ببراءة المجني عليه، فيتنافى مبدأ التعويض عن الضرر مع براءة المتهم بشكل تام.
اقرأ أيضًا: كيف أرفع قضية طلاق إلكتروني
هل الصلح يشمل جميع الجرائم؟
في الواقع لا يشمل الصلح كافة الجرائم التي يعاقب عليها القانون، ولكن هناك بعض الجرائم التي قد يلجأ فيها الأطراف المختلفة إلى الصلح، وتنقسم هذه الجرائم إلى شقين هما الجنح والمخالفات، وتشتمل هذه الجرائم على كل ما يلي:
- القتل الغير عمد من الجنح التي يصلح فيها الصلح طبقًا للفقرتين الأولى والثانية من المادة 238
- النصب من الجنح التي يمكن فيها الصلح في حال ما استقر الطرفين على ذلك وأعاد الجاني للمجني عليه ما نصب عليه فيه، وإمكانية التصالح في هذه الجنحة جائزة تبعًا لنص المادة رقم 336
- انتهاك حرمة ملك الغير من الجنح القابلة للصلح كما ورد في نصوص المواد 370، 371، 373
- خيانة الأمانة في ورقة موقعة على بياض تندرج ضمن الجنح التي يصلح فيها الصلح تبعًا للمادة رقم 340
- المشاجرة والإيذاء الخفيف من صور المخالفات التي يجوز فيها الصلح استنادًا للمادة رقم 377 البند رقم 9
- السب غير العلني من المخالفات التي يجوز فيها الصلح وهو ما جاء في نص البند التاسع للمادة رقم 378
- الدخول والمرور في الأراضي المزروعة من صور المخالفات التي قد تحل بالصلح وهذا ورد في البند الرابع من المادة رقم 378
- التسبب في موت البهائم والدواب بإهمال مخالفة يمكن حلها بالصلح كما جاء في البند السابع من المادة رقم 378
- إتلاف منقول بإهمال من صور المواد التي يجوز حلها بالصلح تبعًا للبند الرابع من المادة رقم 378
اقرأ أيضًا: استعلام عن قضية في المحكمة الإدارية بأكثر من طريقة
نصوص مواد التصالح والتنازل في قانون الجنايات
بعد أن قمنا بتعريفكم إلى الفرق بين الصلح والتنازل بالإضافة إلى القضايا والجرائم التي يجوز فيها الصلح سنقوم باستعراض النصوص التي جاء فيها كل ما يخص التصالح والتنازل في القانون المدني الخاص بجمهورية مصر العربية، حيث إن التنازل والتصالح كلًا منهما ورد فيما يلي:
الصلح في المادة رقم 18 مكرر أ في قانون الإجراءات الجنائية
جاء في نص هذه المادة القوانين الخاصة بالصلح وإثباته، واشتمل نص هذه المادة على ما يلي:
“للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في المواد 238 (الفقرتان الأولى والثانية) و241 (الفقرتان الأولى والثانية) و242 (الفقرات الأولى والثانية والثالثة)”
“بالإضافة إلى نص المادة 244 (الفقرتان الأولى والثانية) و265 و321 مكرراً و323، و323 مكرراً، و323 مكرراً “أولاً” و324 مكرراً و336 و340 و341 و342 و354 و358 و360 و361 (الفقرتان الأولى والثانية) و369 و370 و371 و373 و377 (البند 9) و378 البنود (6، 7، 9) و379 (البند 4) من قانون العقوبات، وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون”
“يجوز للمتهم أو وكيله إثبات الصلح المشار إليه في الفقرة السابقة، ويجوز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى، وبعد صيرورة الحكم باتاً، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة“
الجدير بالذكر أن الفقرة الأخيرة من نص المادة والذي اختص بعد تأثير الصلح على حقوق المضرور يعني أن الحق الجنائي فقط هو ما يسقط دونًا عن الحق المدني كما ذكرنا أعلاه في محاولة توضيح الفرق بين الصلح والتنازل.
اقرأ أيضًا: صيغة دعوى طلاق للضرر من الزوجة
نص المادة العاشرة في القوانين الجنائية الخاص بالتنازل
جاء في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لعام 1950 بعض البنود التي تختص بشروط التنازل المنصوص عليها، بالإضافة إلى الحالات التي يتوفى فيها الشاكي وحالات تعدد المجني عليهم، وجاء نص هذه المادة على الشكل التالي:
“لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة وللمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات وفي الجرائم المنصوص عليها في المواد 303 و306 و307 و308 من القانون المذكور إذا كان موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل“
“وفي حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحاً إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين، وإذا توفى الشاكي، فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا، فلكل واحد من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى“
هذه المادة كانت الفيصل في الكثير من الحالات الخاصة بالتنازل، فالحالات التي يكون فيها المجني عليهم متعددين لا يصح التنازل إلا بموافقة المجني عليهم جميعهم، كما أن التنازل عن الحق عند أحد المتهمين يعني التنازل عن القضية كاملة، كما أن الدعوى لا تورث بوفاة الشاكي إلا في حالات الزنا، ولانقضاء الدعوى وسقوطها يجب على الأبناء كافة التنازل حينها.
بعد أن قمنا بتوضيح الفرق بين الصلح والتنازل وذكر المواد والقضايا الخاصة بكل جريمة وجب التنويه إلى كون وجود بعض المواد التي يكون فيها الصلح مشروطًا مثل حالات الاغتصاب والخطف، فمن شروط الصلح أن يتزوج الخاطف والمغتصب الفتاة.