وفاة عائشة رضي الله عنها
في أي عام كانت وفاة عائشة رضي الله عنها؟ وأين تم دفنها؟ إنها عائشة بنت عبد الله بن أبي قحافة بن عثمان بن عامر بن كعب بن كنانة، ثالث زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، والوحيدة التي تزوجها وهي بِكر ومرت بابتلاءات ومحن كثيرة قبل وبعد الهجرة، فقد ذكرت حادثة الأفك بالقرآن تخليدًا لتبرأتها، وسنذكر متى توفت وكيف كانت حياتها من خلال منصة وميض.
وفاة عائشة رضي الله عنها
في ليلة يوم 17 من رمضان الموافق يوم ثلاثاء بالعام الثامن والخمسون للهجرة و678م توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، وذلك بمرض أصابها عن عُمر 67 عام، وتزامن هذا مع إمارة معاوية بن أبي سفيان.
صلى عليها أبو هريرة الذي بات وليًا وقتها ثم دفنت، ووصت أن يتم دفنها في البقيع مع زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، ونزلها القبر أبناء أخيها القاسم بن محمد بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم جميعًا.
اقرأ أيضًا: كم كان عمر الرسول عندما تزوج عائشة
نشأة عائشة رضي الله عنها
بعد التعرف عن وفاة عائشة رضي الله عنها سنتحدث عن جزء من نشأتها، فهي ابنة أبي بكر الصديق وزوجته أم رومان التي كانت زوجة لأحد أصدقائه بالجاهلية، وهو عبد الله بن حارث بن سخبرة، وحينما توفى صديقه قرر الزواج منها لحماية بيت صديقه.
وضعت له عائشة وكانت ولدتها أم رومان، وأعلنت إسلامها مع أبي بكر وهاجرت معه، ويقال على لسان الرسول الكريم من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فينظر إلى أم رومان.
لا يمكننا المعرفة بدقة عن ميقات ولادة عائشة رضي الله عنها ولكن يعتقد أنها ولدت في السنة الحادية عشر أو الثانية عشر من الهجرة، وكانت توصف بأنها بيضاء طويلة ونحيفة في صباها، يقال إنها أخذت عن أبيها بعض الصفات كلون بشرته وذكائه وحدة طباعه وكرمه فالضيق والفرج فقد قال عروة بن الزبير:
“رأيت عائشة تتصدق بسبعين ألفًا وإنها لترقع جانب درعها”، ويحكي عن الرسول أنه كان في سفر ومعه من زوجاته عائشة وتقول: “فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملتُ اللحم سابقته فسبقني”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “هذه بتلك السبقة”.
كما روي عنها في موقعة الجمل التي وقعت بالبصرة عام 36هـ أنها كانت تتحدث للجنود ممن هودجها في ساحة الحرب فينصتون لحديثها، وفي طفولتها كان الإسلام يتعرض لأشد أنواع القسوة وعانى المسلمون كثيرًا من الأذى.
زواج عائشة من الرسول صلى الله عليه وسلم
بعد أن ذكرنا متى كانت وفاة عائشة رضي الله عنها سنتكلم عن وقت زواجها من محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت عائشة رضي الله عنها في طفولتها كثيرة اللعب والحركة، وحين كانت في السابعة من عمرها تمت خطبتها للنبي صلى الله عليه وسلم، والزواج تم في التاسعة من عُمرها.
قالت عائشة رضي الله عنها: “تزوجني رسول الله وكنت ألعب بالبنات وكُن جواري يأتينني، فإذا رأين رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ينقمعن منه وكان النبي يسر بهن إلى”.
“لما ماتت خديجة جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله، ألا تتزوج؟ قال: ومن؟ قالت: إن شئت بكرًا وإن شئت ثيبًا؟ قال: مَن البكر ومَن الثيب؟ قالت: أما البكر فعائشة بنت أحب خلق الله إليك، وأما الثيب فسودة بنت زمعة، وقد آمنت بك واتبعتك. فقال: أذكريهما علي، قالت: فأتيت أم رومان فقلت: يا أم رومان، ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: رسول الله يذكر عائشة، قالت: انتظري فإن أبا بكر آت. فجاء أبو بكر فذكرت ذلك له فقال لها: قولي لرسول الله فليأت فجاء فملكها، ثم قالت عائشة: فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة ومعي صواحبي، فصرخت بي فأتيتها وما أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي فأوقفتني على الباب، فقلت: هه هه حتى ذهب نفسي، فأدخلتني بيتًا فإذا نسوة من الأنصار فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر”.
اقرأ أيضًا: صفات السيدة عائشة رضي الله عنها
حادثة الإفك
تبقى حادثة الإفك التي صانت الحق حتى بعد وفاة عائشة رضي الله عنها، حيث خرجت عائشة مع الرسول بغزوة بني المطلق في شهر شعبان بالسنة السادسة من الهجرة، وانتهت تلك الغزوة بفوز المسلمين وتراجع المشركين وقد اعتاد الرسول أخذ زوجة من زوجاته بحسب قرعة يجريها كل غزوة.
كان قدر عائشة الخروج لهذه الغزوة وقد نزلت آيات الحجاب قبل ذلك لقوله:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].
فلما انتهت الغزوة أراد الرسول الاستراحة في الطريق للعودة وبهذه الفترة أضاعت عائشة أم المؤمنين عقد لها تحبه فخرجت تبحث عنه وكانت خفيفة الوزن حينها.
حينما رفعوا الهودج لإكمال مسيرتهم لم يلاحظوا غيابها، وحينما عادت للمكان الذي كانوا فيه لم تجد أحد فجلست تنتظر أن يُلاحظون غيابها ويعود أحد لأخذها.
كان المعتاد أن يبقى في آخر القافلة رجل ينتبه للطريق من بعدها كي يُعيد الأشياء إذا وجد شيء، وكان اسمه صفوان بن معطل لما، وصل لعائشة كانت تبكي فسألها عما حدث فأخبرته فحملها على بعيره وإلى أن أعادها للرسول الذي لاحظ غيابها وافتقدها.
ثم بدء المنافقون وعلى رأسهم مسطح بن أثاثة ابن خالة أبيها والذي كان أبي بكر ينفق عليه بنشر الأكاذيب والفتن عن عائشة، مما أغضب أبيها وجعله يمتنع عن منحه النفقة فنزلت آية قرانية تنهي عن ذلك.
في ذلك الوقت كانت عائشة رضي الله عنها قد مرضت مرض شديد ولزمت السرير فلم تعي أيان من هذا، وبيوم خرجت لقضاء حاجة لها فقابلت أم مسطح التي تعثرت على الأرض، فقالت: تعس مسطح.
فعجبت عائشة من قولها كيف تقول مثل هذا على من حضر بدر؟ فأخبرتها بما يُشاع عنها، رجعت دون قضاء حاجتها ولما تأكدت ذهبت لأمها فحكت لها كل شيء، فأغمى عليها من الصدمة وحزنت بعدها بشدة ومرضت من الحزن.
لم يتخذ النبي أي رد فعل في انتظار الوحي الذي تأخر كثيرًا، حتى أنه استشار على بن أبي طالب فأخبره أن النساء كثيرات غيرها، وسأل أسامة فأخبره بالثبات على حالِه لحين يُفصل الله بوحيه بالأمر، وسأل إحدى زوجاته فأخبرته بطيب الكلام عن عائشة، فسأل عائشة نفسها فلم تجيب غير بآية قرآنية: “فصبرٍ جميل”
حتى نزلت الآية التي تبرأها في سورة النور الآية 11:
“إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ ٱمْرِئٍۢ مِّنْهُم مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلْإِثْمِ ۚ وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُۥ مِنْهُمْ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
صفات أم المؤمنين
بعد أن عرفنا كيف حدثت وفاة عائشة رضي الله عنها، فماذا ننتظر من بنت صحابي وزوجة الرسول الكريم الذي قال أنما أوتيت لأتمم مكارم الأخلاق غير السيرة العطرة والفضائل الجميلة؟ ومن أهم ما اختصت به عائشة رضي الله عنها ما يأتي:
1- غزيرة العلم
تعتبر من أفقه المسلمين بأمور دينهم وأغزهم علمًا، حيث إنها روت عن الرسول ما يزيد عن 2200 حديث، وقيل عنها على لسان أبي موسى الأشعري: “ما أشكَل علينا أصحابَ رسولِ اللهِ حديثٌ قطُّ فسأَلْنا عائشةَ إلَّا وجَدْنا عندَها منه عِلْمًا”.
اقرأ أيضًا: ما معنى اسم عائشة وصفات حامل هذا الاسم
2- الزهد والسخاء
كما ذكرنا أنفًا فقد كانت بالجود كأبيها وزوجها محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت لا تتصدق بدرهم أو دينار إلا وعطرته كي يفرح به الفقير.
3- الصبر عند الشدائد
فقد تم ابتلائها بشيءٍ عظيم فصبرت واحتسبت ولم تقل شيء تدافع به عن نفسها سوى: “فصبرً جَمِيِل وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ”
اقرأ أيضًا: حديث الرسول عن اختيار الزوجة
4- حياء أم المؤمنين
عُرف عن عائشة رضي الله عنها كغيرها من الصحابة العظام صفة الحياء، فقالت: (كنت أدخل بيتي، الذي دُفِنَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي، فأقول إنَّما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفِنَ عمر معهم، فوالله ما دخلت إلَّا وأنا مَشْدُودَةٌ عليَّ ثيابي؛ حَيَاءً مِن عمر)، وبقي هذا الحال حتى وفاة عائشة رضي الله عنها.
كانت عائشة -رضي الله عنها- من أعلم الناس بالدين من فقه وتفسير وحديث، حيث كانت تسأل النبي كثيرًا، وكانت كثيرة الحفظ، وروت الكثير من الأحاديث عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.