فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج
فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج يتساءل عنها البعض؛ حيث اعتقد بعض الناس أن لسورة الضحى فضل خاص لقضاء الحوائج وتيسير الأمور وذلك لقرب سورة الضحى من القلوب لوجود الآيات بها التي تساعد على الطمأنينة وتبعث الأمل في النفوس من جديد وتدعو للبشرى؛ فهل فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج معروفة ومثبتة بدلائل شرعية أم لا؟ هذا ما سنتعرف عليه تفصيلًا من خلال منصة وميض.
فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج
إن للقرآن الكريم أكمله مكانة عظيمة وفوائد لا تعد ولا تحصى فيُستعان به لقضاء الحوائج وتيسير كل أمر عسير؛ نلجأ إلى الله عز وجل به ونتضرع إليه ليشرح صدورنا ويقضي لنا أمورنا؛ نطلب منه الشفاء والهداية والبركة والتيسير كما جاء في الحديث الشريف.
عن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه- قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
(ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآنَ ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي؛ إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزنَه، وأبدله مكانه فرحًا، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلَّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمها )
فهذا الحديث يدل على اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ودعاؤه بأن يجعل القرآن الكريم سببًا في نور القلب وانشراح الصدر وذهاب الهموم والأحزان وهذا دليل على فوائد القرآن الكريم كله لقضاء الحوائج، ولكن هل ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج بشكل خاص؟ الإجابة لا؛ لم يرد أي أحاديث شريفة تتكلم مباشرة عن فضل أو فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج عما غيرها من سور القرآن الكريم.
اقرأ أيضًا: ماهي السورة التي تحقق المستحيل
عن فوائد أخرى وُضعت لسورة الضحى
اعتقد بعض الناس أيضًا وجود فوائد أخرى لسورة الضحى؛ فقيل إن لها فائدة خاصة وفضل للعثور على المفقودات ولمن فقد حاجته ولكن لا صحة لهذا الكلام ولا دليل حيث أنه لم يُذكر في القرآن أو السنة ما يبرهن على فضل سورة الضحى في العثور على المفقودات؛ فكما ذكرنا أن للقرآن كله فوائد ويمكن الاستعانة بقراءته للجوء إلى الله وطلب الحاجات وقضاء الحوائج وليس لسورة بعينها فضل في ذلك عن غيرها.
انتشر معتقد خاطئ أيضًا لدى الناس؛ إن عند تكرار سورة الضحى عدد معين من المرات ثم قول دعاء ثابت بعدها له فضل وآثر كبير؛ فقد ورد أن من قرأ سورة الضحى 40 مرة لمدة 40 يومًا وداوم على ذلك وقام بعدها بقراءة هذا الدعاء “اللهم يا غني يا مغني، أغنني غنى لا أخاف بعده فقرًا، واهدني فإني ضال، وعلمني فإني جاهل” يرسل الله تعالى له من يعلمه الحكمة في النوم واليقظة.
الصحيح أن هذا لم يصح أيضًا ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة، فإن أغلب ما يرد ذكره في خواص وفضل سور من معينة من القرآن مبني على التجارب لا أكثر ويجوز العمل بتلاوة السور ثم الدعاء بعدها بأي دعاء ولكن لا يلزم تكرار السورة بعدد معين أو في وقت معين لأن لم يُحدد هذا من قِبل الشرع لذلك يعتبر من البِدع.
كما ورد أن “من قرأ سورة الضحى 7 مرات عند طلوع الشمس وعند غروبها لم يضع منه ضائع، ولا يهرب له هارب، ولا يسرق له سارق من بيته، ولا يقع في بيته فساد ولا يدخله طاعون؛ وكل طارق او سارق يقرب إلى بيته وسار بليل يجد على بيته سورًا من حديد ولا يجد لمنزله سبيلًا”
هذا أيضًا كما تقدم لم يثبت صحته ولم يصل إلينا كحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز الالتزام بعدد ووقت لقراءة سورة الضحى؛ ولكن قراءة ما تيسر من القرآن في كل وقت وحين للاستفادة ببركته وهداه.
اقرأ أيضًا: كيفية قراءة سورة يس لقضاء الحوائج
أهمية سورة الضحى
أنزل الله تعالى سورة الضحى بمكة المكرمة بعد سورة الفجر؛ عدد آياتها 11 آية وتقع في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف في الحزب الستين؛ ونزلت سورة الضحى على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد فترة صعبة حيث نزلت بعد انقطاع الوحي لفترة وجاءت بالفرج والبشرى أن الله لم يترك نبيه قط.
حيث قال المشركون في فترة انقطاع الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تركه ولم يعد يرسل إليه الوحي بالقرآن وظلوا يستهزأوا كثيرا مما أصاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالحزن الشديد والقلق من انقطاع نزول الوحي إليه ولكن ما كان له إلا أن ينتظر حتى يبعث الله إليه الوحي فهو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم حتى جاء الفرج بسورة الضحى وذلك مما يجعلها من السور القرآنية التي تبث الأمل في الفرح في القلوب.
قد ذكر بعض العلماء مثل بن كثير أن بعد الانتهاء من قراءة سورة الضحى يمكن للمسلم أن يُكبر فرحًا واستبشارًا بسورة الضحى فيقول الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول سورة الضحى بعد انقطاع الوحي حيث قام بالتكبير فرحًا وسرورًا؛ وذلك جائز لجواز الذكر والدعاء بعد قراءة القرآن.
من أهمية سورة الضحى أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأها دائما في صلاة المغرب والعشاء ويأمر أصحابه بقراءة قصار السور من أجل التخفيف عن المصلين؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمره بقراءة تلك السور في صلاة العشاء؛ وسورة الضحى سورة قصيرة ومحببة إلى القلب لما فيها من آيات تبعث السكينة والطمأنينة في النفس.
تعمل أيضًا سورة الضحى على تربية النفس المؤمنة على الصبر والإيمان بأن الابتلاء من سنن الحياة وطبيعتها؛ فابتلى الله الأنبياء والصالحين جميعا ويبتلي الله المؤمنين بعدهم كلٌ حسب درجة إيمانه وما يأتي بعد الصبر والتسليم لأوامر الله إلا الفرج والفرح والعطاء.
من أهمية سورة الضحى ايضًا أنها تبين مكانة النبي الكريمة وشأنه العظيم حيث أن الله اصطفاه على العالمين وحباه بكرمه وعلمه الهدى وخير الصفات واصطفاه بنزول الوحي عن سائر الخلق ومنحه الغنى بعد الفقر وهو صلى الله عليه وسلم الراضي الحكيم الزاهد الذي رُزق من الأخلاق الكريمة ما لا وُهب لأحد غيره.
اقرأ أيضًا: أسرع سورة لقضاء الحاجة
لمحات نورانية من سورة الضحى
سورة الضحى دائمًا ما تذكرنا بما لدينا من النعم وتشعرنا بالامتنان والأمل والاطمئنان بأن لدينا الكثير ولسوف نحصل على الأكثر بفضل الله؛ فقد بدأها الله تعالى بالقسم فأقسم بالضحى فقال “وَٱلضُّحَىٰ“ وقسم الله عز وجل يدل على التأكيد والوجوب؛ “وَٱلَّيۡلِ إِذَا سَجَىٰ “ أي إذا أسدل ستاره غمر الكون بالظلام للاسترخاء والنوم؛ وسبقت الضحى هنا ذكر الليل ليتبن أن مهما أتى الليل بظلامه فهنالك ضحى سيظهر بالنور وسيأتي الفرج بعد الكرب.
ثم يطمأن الله رسوله ويقول في الآية الثالثة “مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ“ فالله لم يترك نبيه أبدا مثلما زعم المشركون؛ “وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ“ وهنا تأكيد إن الآخرة خير وأبقى من الدنيا وهذا ما يعلمه النبي الكريم جيدا وهو بمثابة تذكرة للمؤمنين من بعده باليوم الآخر.
في الآية الخامسة ما يهدى القلب ويطمأن النفس المؤمنة بعطاء ربها حيث قال الله تعالى “وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ” ففي هذه الآية الكريمة تأكيد ليس فقط على عطاء الله الدائم المستمرالذي لا ينتهي؛ ولكن على العطاء حتى الرضا وقد يكون عطاءًا في الدنيا أو الآخرة أو كليهما لأن الله يرزق عباده المؤمنين من الخير ما تقر به الأعين وترضى به الأنفس وتلذ به الأعين.
يأتي في الآيات التالية تذكرة بنعم الله المتعددة المتتالية على رسوله الكريم فيقول الله عز وجل “أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ (6)وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ (7)وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ” فقد آوى الله النبي وهداه وأغناه من فضله وكرمه؛ ونحن أيضا علينا بتذكر نعم الله علينا التي لا تعد ولا تحصى وحمده عليها والإيمان بإن لا شيء يدوم فالله سبحانه وتعالى يغير من حال إلى حال فالله قادر على تحويل المرض لشفاء والفقر لغنى والضلال لهدى؛ فقط علينا اللجوء الصادق إليه ودعاءه.
هنا في نهاية الآيات تأتي دعوة النفوس المؤمنة بامتثال أوامر الله تعالى وشكر نعمه بمعاملة الناس بالحسنى؛ فعلينا دائما أن نحسن كما أحسن الله علينا فيقول الله تعالى “ فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ (9) وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ (10) وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ (11)“وعلينا بالحديث إلى النفس وتذكرتها بنعم الله الكثيرة عليها.
اقرأ أيضًا: سورة لتيسير الأمور وحل المشاكل
تأثير سورة الضحى الروحاني على النفس
سورة الضحى من أكثر السور تأثيرًا على النفس وقربًا إلى القلب فالله عز وجل يخاطب فيها نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم؛ يطمئنه، يبشره بالعطاء، يذكره بنعمه عليه حيث آواه وهو يتيم واعتنى به وعلمه أحسن الخُلق، ويأمره بالإحسان إلى اليتيم والسائل.
وذلك للمؤمنين جميعا وليس للنبي فقط فالقرآن الكريم نزل على النبي لهدى المؤمنين وموعظتهم وتلك السورة العظيمة تجدد حياة القلب وتبث البشرى من جديد؛ فيستبشر بها كل مؤمن ويشعر بأن الله سيعطيه فيرضى كما وعد نبيه الكريم وسيهديه ويغنيه من فضله ويغمره بالنعم بل ويتذكر ما يملك من نعم وإن هنالك من يفقدها من اليتامى والسائلين فعلينا أن نعاملهم بإحسان ولطف.
كما تبين أن سورة الضحى سورة عظيمة ولها أهمية كبيرة وفوائد شتى على المستوى الإيماني والروحاني ولكن لا دلائل بشأن فوائد سورة الضحى لقضاء الحوائج ولا دلائل على قراءتها بعدد معين أو في وقت معين.