حديث عن العفو عند المقدرة
حديث عن العفو عند المقدرة يبين عظمة أجر تلك الصفة، فإن العفو من أهم الصفات التي أمرنا بها الله ـ عز وجل ـ في كتابه العظيم كما حثّنا رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن العفو في أحاديثه الشريفة.
فالعفو عمن أساء لك ليس ضعفًا منك ولكن هي القوة في حد ذاتها حتى وإن كنت قادرًا على رد حقك بالقوة، وهذا ما سوف نوضحه من خلال عرض حديث عن العفو عند المقدرة عبر منصة وميض.
حديث عن العفو عند المقدرة
العفو عند المقدرة هو أن يكون الإنسان متعرض للأذى والضرر من الآخرين ويستطيع أن يرد هذا الأذى بأذى أشد منه، ولكن يفضل أن يعمل بتعاليم الإسلام وهو العفو رغم القدرة على رد الحق من الآخرين.
فالعفو عن الآخرين وإن كنت تستطيع رد الحق من تعاليم الإسلام السمحة التي أمرنا بها الله في كتابه العزيز في قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم:
” وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ” [سورة الحجر: الآية 85].
إن أكثر من تعرض للإيذاء من أقرب الناس له هو رسولنا الكريم حين كان يدعو إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام، فكان رد المشركين عليه هو التعذيب والمحاولات العديدة لقتله، ولكن الرسول كان ما دائمًا يعفو عنهم ويبدأ بالتسامح، وفيما يلي أفضل حديث يدل على مثل العفو رقم القدرة.
فذات مرة تعرض الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في غزوة أحد لأذى المشركين وعندما أرسل الله جبريل ليجعل الرسول يأخذ حقه منه عفا عنهم كما جاء في الحديث الشريف:
عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ” أنَّها قالَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ.
فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا” [صحيح البخاري].
اقرأ أيضًا: اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي
أحاديث نبوية تنهى عن رد الأذى بالأذى
إن العفو عن المقدرة يزيد الشخص عند الله مكانة وعز ورفعة في درجات الجنة، لأنه يترك حقه للقوى الجبار ليأتيه به على أكمل وجه يوم القيامة؛ وأهم حديث عن العفو عند المقدرة ما ذكر في حديث رسولنا الكريم:
عن عبدالرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ” ثلاثٌ أُقسِمُ عليهِنَّ : ما نقَصَ مالٌ قطُّ من صدقةٍ ، فتصدَّقُوا ، ولا عَفَا رجلٌ عن مَظلمةٍ ظُلِمَها إلا زادَهُ اللهُ تعالَى بِها عِزًّا ، فاعفُوا يزِدْكمُ اللهُ عِزًّا ، ولا فتَحَ رجلٌ على نفسِهِ بابَ مَسألةٍ يَسألُ الناسَ إلا فتَحَ اللهُ عليه بابَ فقْرٍ” [صحيح مسند].
مع التحدث عن حديث عن العفو عند المقدرة نري أن الرسول يأمرنا ويحثّنا على ألا يضمر الإنسان لأخيه الإنسان الشر والحقد والحسد وأن يعفو عنه ولا يرتب له لرد الشر أو الإساءة، إن العفو وحمل الخير للآخرين من تعاليم ديننا السمحة.
فكما جاء في حديث رسولنا الكريم
عن أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال “ لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ” [صحيح مسلم].
اقرأ أيضًا: مقولات عمر بن الخطاب عن العفو والتواضع والعمل
طلب المغفرة للمسيء
حثّنا رسولنا الكريم على عدم رد الأذى إلا لو كان لرفع راية الله وإعلاء كلمته وحماية دين الإسلام، حيث كان الرسول يرد الأذى بالأذى لمن يقفوا في وجه نشر الدين الإسلامي كما جاء في غزوة أحد.
فعلى الرغم تعرض الرسول لإزاء المشركين ولكن طلب لهم العفو من الله وأنه قد سامحهم وطلب من الله أن يسامحهم كما جاء في الحديث الشريف علي لسان:
عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال ” كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ”. [صحيح البخاري].
إن العفو ليس مقتصر على الصفح عمن آذانا ولكن أيضًا بتقديم العون والمساعدة له لإثبات أنك كنت قادرًا على رد الإساءة له، ولكن أنت الأفضل لتعلى مقامات عند الله كما جاء على لسان عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
“ يا عُقبةُ! صِلْ مَن قطعَك، وأعطِ مَن حرمَك، واعفُ عمَّنْ ظلمَكَ” [صحيح مسند].
فالعفو عند المقدرة يجب أن يكون بين جميع الناس خاصة بين رئيس العمل والعامل السيد والخادم، الراعي والرعية، فذات مرة جاء رجل إلى الرسول ليسأله متي يعفو عن عبد لديه فأمر الرسول بالعفو عنه دائمًا كما جاء في الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال “ جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً. [صحيح مسند].
اقرأ أيضًا: دعاء تيسير الامور والرزق مجرب
إن المسلم السوي هو من يتقلد بتعاليم الدين والسنة النبوية، فليس من المستحب أن يكون رسولنا الكريم هو أول من يعفو عن الناس ونحن نرد الإساءة بالإساءة، لذلك علينا التحلي بالعفو والتسامح حتى نكون مرتفعين الشأن عند الله عز وجل.