هل روح الميت تنزل يوم الخميس

هل روح الميت تنزل يوم الخميس؟ وهل ينتظر من يزوره آنذاك ويشعر به؟ وهل الميت يشتاق إلى أهله؟ وماذا عن زيارة القبور وحكمها؟ أسئلة يريد معرفة إجابتها كل من فقد عزيز لديه ويود زيارته ويشتاق إليه؛ أسئلة قد أوجدها الشعور بالفقد والحزن على المتوفي؛ فهل روح الميت تنزل يوم الخميس حقا لترى زائريه؟! هذا ما سنستفيض في شرحه وذكر دلائله من خلال منصة وميض.

هل روح الميت تنزل يوم الخميس

الموت هو الحقيقة المطلقة في هذا الكون ولكن المسائل المتعلقة بهذه الحقيقة من الأمور الغيبية ولا نعلم عنها إلا قليلا جدا؛ ذلك لأن بعد خروج الروح وانفصالها عن الجسد ينتقل الإنسان إلى حياة البرزخ؛ وعالم البرزخ هو الحياة الانتقالية بين الدنيا والآخرة والوقت من يوم الموت ليوم البعث هو حياة الإنسان في البرزخ.

كل إنسان يعلم أنه سيموت يوما ما وكل منا لديه أيضا شخص عزيز لديه قد رحل وهذا ما يجعل الناس أكثر بحثا وتنقيبًا عن الأمور المتعلقة بالموت وأحوال الميت في القبر ويتساءلون كثيرا هل روح الميت تنزل يوم الخميس؟ يقال إنها تنزل يوم الخميس من العصر إلى ظهر يوم السبت من كل أسبوع وترى زائريها.

ذلك بسبب المعتقدات الشائعة المرتبطة بزيارة الميت في أول يوم خميس له بالقبر ثم عمل الأربعين له اعتقادًا بأن روح الميت تظل في بيته لمدة أربعين يوما؛ فما الصحيح الذي ورد كحقائق في تلك الأمور المتعلقة بالموت؟ وهل روح الميت تنزل يوم الخميس حقا فترى زائريها وترد عليهم الحديث؟

قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل أيام زيارة الميت يوم الجمعة ويوم قبله ويوم بعده؛ كذلك ورد عن أئمة المذاهب الأربعة آراء في تحديد أفضل أوقات لزيارة القبور وكانت كالتالي:

رأى مذهب الحنفية أن أفضل أوقات زيارة القبور يوم الجمعة واليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، ورأي المذهب المالكي يرجح الوقت من عصر يوم الخميس وحتى شروق شمس يوم السبت، أما عن المذهب الشافعي فيفضل كذلك الوقت من عصر يوم الخميس وحتى صباح يوم السبت والمذهب الحنبلي يختص يوم الجمعة فقط من بعد الفجر وحتى طلوع الشمس، وقيل لا تفضل الزيارة في يوم عن الآخر.

هذا ما ورد في باب أفضل الأوقات لزيارة القبور؛ ولكن يبقى السؤال الأساسي للموضوع وهو هل روح الميت تنزل يوم الخميس؟ وورد في الرد على هذا السؤال أن الأرواح تنزل يوم الخميس؛ من عصر يوم الخميس إلى ظهر يوم السبت من كل أسبوع وتتلاقى في البرزخ وتتحدث.

بل قيل إن لديها نافذة، مثل التلفاز تُفتح لها تلقائيا في ذلك الوقت ويرى منها الميت من يزوره كأنه ظهر أمامه في الكاميرا؛ ولكن لا شيء مؤكد في هذا الباب حيث لم يرد ذكره في الكتاب أو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولكن ورد فقط في كتب التراث.

بعض التابعين ذكروه أيضا ولم يعقبوا عليه مثل ابن القيم في كتاب “زاد المعاد” حيث ذكر أن الموتى تدنو أرواحهم في قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلمون عليهم وذكر كذلك في كتابه “الروح” بعض من المنامات والآثار التي تفيد ذلك ولكن لم يعقب عليها.

أيضًا ذكر هذا الإمام القرطبي في كتاب “التذكرة” حيث قال “إن للروح اتصال بعد عصر يوم الخميس وحتى فجر يوم السبت؛ فكأن هناك تلفزيونا تفتحه الروح للاتصال بزائري القبر فيرى فيه زائريه ويرى فيه كل من يذهب إليه” ولكن لا نستطيع أن نصدق أو ننكر في تلك الأحاديث وغير ملزمين أيضا باعتقادها وذلك لعدم وجود ما يكفي من الدلائل بشأنها.

أما عن إحساس الميت بزائريه فقد روى ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) فذلك دليل على إحساس الميت بمن يزوره بل ورّد السلام عليه أيضا ولكن لم يُحدد وقت لذلك أو يوم بعينه مثل الخميس لتنزل فيه الروح دونًا عن غيره.

اقرأ أيضًاهل روح الميت تزور بيته

حكم زيارة القبور

حكم زيارة القبور أنها مستحبة للعظة والاعتبار بمآل الحياة الدنيا وحتى يلين القلب ولتذكُر الموت وأهوال الآخرة وأيضا الدعاء للموتى؛ أما للنساء فهي مكروهة لما قد يصدر من النساء من مخالفات للشريعة والاعتراض على القدر بالنواح والصراخ وتجديد مظاهر الحزن والجزع؛ ولكن إذا التزمت المرأة بآداب زيارة القبور جاز لها ذلك مثل الرجال بقصد الإحسان إلى الميت بالدعاء والاعتبار وتهذيب النفس والعظة.

دليل جواز زيارة القبور ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمد – صلى الله عليه وسلم – في زيارة قبر آمنة فزوروها فإنها تذكر الآخرة»، وأخرجه مسلم وأبو داود والحاكم، وفي حديث آخر أخرجه الحاكم: «فزوروا القبور فإنها تذكر الموت».

اقرأ أيضًاهل روح الميت تبقى في البيت

هل يشعر الميت بزيارة أهله؟

اختلفت المذاهب حول شعور الميت بمن يزوره وذكر عدد من العلماء أن الميت قد يشعر بمن يزوره وهذا يرجع لما قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزور قبور شهداء غزوة أٌحُد مرة بالعام ويسلم عليهم، ويزور قبور أهل بقيع الغرقى بالمدينة ويسلم عليهم ويدعو لهم ويقول ” السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية”.

كانت السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه؛ وفي ذلك ما يدل على شعور الميت بزيارة أهله خاصة أنه ورد رجوع روحه إليه ليرد السلام على من ألقى عليه السلام من معارفه وزائريه.

اقرأ أيضًاهل يجوز النوم بجانب الميت

هل روح الميت تزور بيته؟

تبقى الروح لغزا وسرًا لا يعلم أحد عنه شيء؛ وتعد الروح غيبًا بكل ما يتعلق بها فإذا مات الإنسان انقطع عمله من الحياة وصعدت الروح إلى باريها فلا تعود روحه لبيته ولا لأهله ولا يعلم عنهم شيئا وهم كذلك لا يعلمون؛ والروح لا تظل في البيت لمدة أربعين يوما كما قيل ولكن هذه خرافة لا أصل لها.

 

لكن هناك طرق للاتصال بين الأموات والأحياء لا شك؛ ليست بعودة الروح ولكن عن طريق الأحلام والرؤى والتي منها ما هو حق ومنها ما هو من الشيطان أو حديث النفس؛ فالرؤيا لها شروط وأحوال تتعلق بصدقها وصدق الرائي وقدرته على التعبير والتذكر؛ وإذا كانت الرؤية حق واستوفت شروطها فتكون وسيلة اتصال بين الميت والحي.

ضمن طرق الاتصال الأخرى الدعاء للميت والتصدق عنه؛ فكما جاء في الحديث الشريف “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

فيظل الاتصال عن طريق الدعوات والصدقات؛ وليس شرطًا أن تكون عند زيارة القبر ولكن تصل الدعوات حيثما كنت؛ وورد أيضا أن الميت يعرف الذي دعا له ويستبشر به لأن الدعوات تذهب للميت كأنها هدية مغلفة ومكتوب عليها اسم الداعي له.

يبدو أن الأمور المتعلقة بالموت والروح وحالة المتوفي في حياة البرزخ ستظل موضع تساؤل دائم ولا إجابات قاطعة لتلك الأمور الغيبية الشائكة فالله تعالى أعلى وأعلم.

شاركنا أفكارك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.