حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد
كثيرًا ما يتساءل الناس عن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد، ويرجع ذلك إلى كون خروج الريح عن غير عمد من ضمن الحالات التي تحدث بشكل مستمر ومتكرر أثناء الصلاة وثنى البطن مع الركوع والسجود، وبسبب تضارب الأقاويل في هذا الصدد قررنا عبر منصة وميض أن نُعرفكم بصحيح حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد.
حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد
بين كون الصلاة لا تجوز بلا طهارة وبين كون الدين الإسلامية الحنيف مبنيًا على رفع الحرج، يكثر ويشيع البحث عن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد، فإطلاق الريح أو ما يُعرف بالتطبل وامتلاء البطن بغازات المعدة هو عملية يتم فيها طرد الغازات الموجودة في الجهاز الهضمي من معدة وأمعاء خارج الجسم عبر فتحة الشرج.
الجدير بالذكر أن انتياب المرء لهذا الشعور ليس له علاقة بوقت معين أو زمان، فمن الممكن أن يحدث ذلك في كل مكان وفي كل وقت سواء عند النوم أو اليقظة، ناهيك عن كون خروج الريح من ضمن مُبطلات الوضوء الثمانية، فهو من ضمن بند الحدث، وتشتمل هذه المبطلات على ما يلي:
- خروج الدم السائل أو القيح بالإضافة إلى التقيؤ.
- غياب العقل والوعي بسبب شرب الخمر وغيرها من الحالات.
- لمس الدبر أو القبل باليد دون حائل من الملابس.
- مس المرأة للرجل بشهوة والعكس، فهذا يُبطل الوضوء.
- من أكل لحم الإبل والجمال عليه الوضوء من جديد كما قال الحبيب المصطفى.
- المشاركة في غسل الميت تُبطل الوضوء.
- الارتداد عن الدين الإسلامي الحنيف مُبطل للوضوء.
- الحدثين الأكبر والأصغر، فالحدث الأكبر يشتمل على ثلاثة أبواب ألا وهي الحيض، النفاس بالإضافة إلى الجنابة، وجميعها يستوجب الغُسل، أما الحدث الأصغر فلا يستوجب الغسل، بل الوضوء فقط، والحدث الأصغر هو خروج أي شيء عبر السبيلين من بول، براز، مذي بالإضافة إلى إطلاق الريح، فما هو حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد؟
الجدير بالذكر أن الأحكام والآراء الواردة في هذا الصدد اختلفت بشدة، كما أن آراء المذاهب تتفاوت بينها وبين بعضها بشكل ملحوظ، فبحسب المذهب المالكي مثلًا جاء حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد بجواز الصلاة في حال ما كان الشخص صاحب مرض.
فعند المالكية تكون الصلاة وقتها بوضوءٍ واحدٍ حتى ينتقض وضوؤه بغير هذا السبب من الأسباب، كما أن بعض الآراء ارتحلت إلى كون المريض بإمكانه تأخير الصلاة ليصلي الظهر والعصر عند أذان العصر حتى لا يراوده شيء، نرى أن كافة الحالات تتحدث عن المريض، لذا يعد حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد بالنسبة لغير المريض هو الوضوء وإعادة الصلاة.
اقرأ أيضًا: حكم خروج الريح أثناء الصلاة هل يبطلها
صور الأحاديث في حكم الحدث الأصغر
كما ذكرنا أعلاه في سبيل توضيح حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد أن خروج الريح يعد من ضمن صور الحدث الأصغر، وهو الحدث الذي ينقض الوضوء ويتمثل في خروج أي شيء من السبيلين الفرج والدبر، ومن صور الأحاديث التي جاء فيها حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد كل ما يلي:
1- لا تُعاد الصلاة إلا عند التأكد والتيقن
في الكثير من الأحداث يخال لنا أن هناك من الحدث ما خرج عند الصلاة على الرغم من عدم التأكد من حدوث ذلك، فاليقين لا يزول بمجرد الشك.
في هذا الشأن جاء حديث يعبر عن أصل إحدى القواعد الفقهية الكبرى والتي بمقدورها أن تغير نهج الحياة ككل، حدثنا البخاري في صحيحه الحامل اسمه عن هذا الحديث، فقال إن راوي الحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه وأرضاه مر بموقفٍ مع الحبيب المصطفى، وجاء في هذا الحديث أو الموقف ما يلي:
“أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلُ الذي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَجِدُ الشَّيْءَ في الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: لا يَنْفَتِلْ – أوْ لا يَنْصَرِفْ – حتَّى يَسْمع صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا”
في هذا الحديث الشريف أعلاه نجد أن الحبيب المصطفى ضرب لنا مثلًا عظيمًا في تساهل هذا الدين ويسره فلم يأت الدين الإسلامي الحنيف إلا لتسهيل العيش والتقليل من حدة الحياة، وفي الحديث أعلاه واحدة من أكثر الأمور التي تشغل بال الكثيرين في كل صلاة تقريبًا، هل ما زلتُ طهورًا؟ أم أن وضوئي قد فسد؟
قطع الهادي البشير والسراج المنير حبل الشك بسكينٍ من يقين، فنص النبي العدنان صراحةً على عدم ترك الصلاة إلا عند التأكد من وقوع الحدث بالفعل، والتأكد من وقع الحدث يكمن في سماع الصوت أو الإحساس بالرائحة.
في هذا الحديث الشريف أعلاه نجد أن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد والتيقن من القيام بذلك هو الوضوء مرة أخرى، مع قطع الصلاة في حال ما تأكدت من وجود ما ينقض وضوءك، وفي هذه الحالة نجد قول سيدنا وشفيعنا محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جاء على لسان أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ ففيه أن الهادي البشير قال:
“لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ قالَ رَجُلٌ مِن حَضْرَمَوْتَ: ما الحَدَثُ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قالَ: فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ”
في هذا الحديث الشريف الذي تم ذكره أعلاه بيان لعدم قبول الصلاة دون وضوء في حال التأكد من وقوع حدث، وذلك يعني أن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد هو أنه لا يجوز، ولا يُستثنى من ذلك إلا الحالات المرضية، ويجوز استخلاف غيرك ليكون الإمام على الصلاة، ومن الممكن أن يُكمل المأمومين الصلاة بشكل فردي.
اقرأ أيضًا: هل خروج الريح يبطل الوضوء
2- إمساك قضاء الحاجة قبل الصلاة غير صحيح
في إطار البحث عن حكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد للوصول إلى أفضل حكم ممكن وجدنا واحدًا من التصرفات الأكثر شيوعًا وانتشارًا، وهذا التصرف هو الامتناع عن قضاء الحاجة إلى حين الانتهاء من الصلاة.
قد يبدو لك هذا الأمر طبيعيًا ولا ضرر فيه، ولكن في الواقع هناك ضرر كبير يعود على من يستخدم هذه الحيلة، وهذا الضرر يتمثل في انعدام الخشوع والتركيز في الصلاة، فيكون المرء معيرًا كل انتباهه للانتهاء من الصلاة والدخول إلى الحمام.
الجدير بالذكر أن إمساك قضاء الحاجة وخاصة البراز من أكثر ما قد يتسبب للأمعاء والمعدة بالانتفاخ وتراكم الغازات، وهذا ينتج عنه في نهاية الأمر إطلاق للريح أثناء الصلاة، ولا قدرة فيه على المنع في الكثير من الأحيان.
في هذا الشأن ورد حديث على لسان السيدة عائشة زوجة الحبيب المصطفى وأم المؤمنين رضي الله عنها، وجاء في هذا الحديث الذي حدثنا به الألباني في صحيح الجامع أن أم المؤمنين سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
” لا صلاةَ بحَضْرَةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأَخْبَثانِ”
في الحديث الشريف أعلاه ورد على لسان السيدة عائشة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كره الصلاة في حضور الأكل، فهذا يُشتته ويجعل ذهنه شاردًا، ومدافعة الأخبثان البول والبراز لها نفس الأثر بالمناسبة، ناهيك عن كونها قد تُصبح أكثر قوة وحدة بين الحين والآخر.
اقرأ أيضًا: ما حكم الصلاة والصوم عند نزول إفرازات قبل الدورة الشهرية
اختصارًا لحكم خروج الريح أثناء الصلاة دون قصد نجد أنه من الواجب على المُصلي أن ينسحب من الصلاة ويخرج منها في التو واللحظة، فلم يأت أي حكم بجواز وجود مثل هذه الحالات دون الوضوء وقطع الصلاة إلا عند الأمراض الهضمية، المعوية بالإضافة إلى القولون.