حكم الرجوع في الصلح
حكم الرجوع في الصلح تم ذكره في النصوص القانونية لإرشاد الراغبين في التراجع عن عقد الصلح إلى ما هو جائز شرعًا وقانونًا، فمن خلال منصة وميض سوف نوضح لكم بالتفصيل حكم الرجوع في الصلح، وكذلك سوف نذكر لكم أهم الشروط التي يجب توافرها لإجراء الصلح.
حكم الرجوع في الصلح
قامت وزارة العدل بإطلاق فكرة عقد الصلح لكي يتم حسم النزاع القائم بين أي طرفين أو النازع المتوقع أن يقوم، حيث ينص ذلك العقد بتنازل كل طرف منهما عن الجزء الذي يدعيه لنفسه دون حق، أو يقوم بإعطائه مالًا بدلًا منه معينًا.
كما أوضحت بأن عقد الصلح ملزم بواسطة أطرافه كباقي العقود، وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض الأشخاص الذين يعترضون على الحكم القضائي للصلح ويلجؤون إلى التراجع عنه، فما هو حكم الرجوع في الصلح؟
في حقيقة الأمر لقد أوضحت وزارة العدل أيضًا أنه لا يجوز على أي طرف أن يرجع في الصلح بعد إبرام عقد الصلح مع استيفاء الشروط الشرعية حتى ولو كان باتفاق الطرفين، أما في حالة عدم إبرامه فقد يجوز الرجوع.
كما أن الفقهاء أشاروا إلى أن الفقيه شهاب الدين النفراوي قال عند شرحه لرسالة ابن أبي زيد “وإذا وقع الصلح مستوفيا لشروطه كان لازما ولا يجوز تعقبه. أي نقضه. أما إن كان الصلح مخالفا للشرع، فإنه يكون فاسدا، ومن ثم فإنه ينقض“.
ذلك لعموم قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- كما روى عمرو بن عوف المزني عنه “الصُّلْحٌ جائزٌ بَيْنَ المُسلِمينَ، إلَّا صُلْحًا حرَّم حلالًا، أو أحَلَّ حرامًا“.
اقرأ أيضًا: في حالة رفض الزوج الطلاق
شروط عقد الصلح
بعد أن تعرفنا بوضوح إلى حكم الرجوع في الصلح، فإننا سوف نذكر لكم فيما يلي أبرز الشروط التي ينبغي توافرها لكي يتم إجراء عقد الصلح، ولكي يكون الصلح صحيحًا:
- التكليف، ويقصد بهذا الشرط أن يكون أطراف النزاع عاقلين وبالغين، فلا يجوز إبرام عقد الصلح في حالة إن كان هناك طرف صبي حتى وإن كان مميزًا، أو في حالة وجود طرف مجنون.
ففي هذين الحالتين يكون الشخص تصرفاته غير معتبرة شرعًا، كما يكون عقد الصلح هنا باطلًا.
- عدم وجود ضرر ظاهر، ففي حالة إن كان الصلح تم بواسطة ولي الصغير عنه، فهنا يُشترط أن يكون الصلح قائمًا دون التسبب في ضرر مالي أو مادي للصبي.
- أن يُبرم عقد الصلح عن مرضاة، فهو يطلق عليه عقد مرضاةٍ.
- لا يجوز إجراء الصلح الحرام، ويقصد بذلك الأمر هو الصلح عن الدين الشرعي بواسطة تناول الخمر أو الخنزير.
- أن يكون الصلح ليس محرمًا لحلالًا ولا محلًا لحرمًا كما أسلفنا الذكر في حديث النبي محمد – صلى الله عليه وسلم-، فإن حدث غير ذلك يكون عقد الصلح مناقض للشريعة الإسلامية وباطلًا.
- يجب أن يخلو عقد الصلح من الغرر أو الجهالة، ففي حالة إن كان هناك طرفًا ظالمًا ومعتدي في خصومته وقام المظلوم بالتنازل له عن حقه، فهنا يكون هو أيضًا ظالمًا، ويبطل العقد.
- لا يمكن إسقاط حق الله، في حالة إن كان النزاع في حق من حقوق الله على سبيل المثال الزنا والسرقة فهنا لا يجوز الصلح أو الشفاعة، كما لا يجوز للمظلوم التنازل، فحقوق الله تعالى لا تسقط.
فلقد روت عائشة أم المؤمنين عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “ أتشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللهِ. ثم قام فخطب، فقال: إنما هلك الذين قبلَكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهمُ الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، وأيمُ اللهِ لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها“.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث
فوائد الصلح
للصلح الكثير من الفوائد التي تعم على الأطراف المتنازعين وعلى المجتمع أيضًا، حيث إننا سوف نشير إليها بوضوح لكم في النقاط التالية:
- يساهم الصلح في حلول المحبة إلى جانب الألفة في النفوس بعد فترة دامت من القطيعة وبناء العداوة والكراهية.
- يغرس الصلح أيضًا في النفوس الفضيلة، ومن أهم الفضائل التي يغرسها هي العفو والمغفرة.
- يتم الحصول على الأجر والثواب واكتساب الحسنات.
- تستقيم الحياة الاجتماعية، ويتم التفرغ للعمل المثمرة دون الانشغال بما يتسبب في الشعور بالضيق لا سيما سلب الحقوق.
- تطمئن القلوب وتسعد، ويتم الحصول على الراحة النفسية وخلو النفوس من الغل والحقد.
اقرأ أيضًا: حكم من تسبب في طلاق زوجين
آيات قرآنية عن الصلح
سوف نبين لكم فيما يلي مجموعة من الآيات القرآنية التي توضح أهمية الصلح:
- قال تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات، 9].
- قال تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء، 128].
- قال تعالى (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء، 114].
- قال تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران، 104].
لا يجوز التراجع عن عقد الصلح في حالة إبرامه طالما كان هذا العقد لم يخالف المبادئ الشرعية، وهذا ما أشارت إليه وزارة العدل في النصوص القانونية المخصصة لرفع الخلاف.