حكم الدعاء على النفس بالموت
حكم الدعاء على النفس بالموت هل هو حلال أم أنه من الأمور التي حرمها الله تعالى؟ فهناك العديد من الناس الذين عندما يقعون في ضائقةٍ ما أو يبتليهم الله تعالى لا يكون لديهم الصبر الكافي الذي يمكنهم من تحمل هذا الابتلاء، فيبدأ الشخص في السب والدعاء على نفسه بالموت، لذا سنعرض لكم من خلال منصة وميض حكم الدعاء على النفس بالموت.
حكم الدعاء على النفس بالموت
في الكثير من الأحيان عندما يمر الشخص بفترة صعبة من الضغوطات التي يتعرض لها في الحياة، يبدأ في الشعور بأنه يكره هذه الحياة التي يعيشها والتي تتسبب له في الكثير من المعاناة والألم، فيلجأ إلى الدعاء على نفسه بالموت ويتمنى لو أن هذه الحياة تنتهي لكي يشعر بالراحة، لكن هذا الأمر يعكس مدى صبر المؤمن عندما يضع الله الابتلاءات في طريقه.
لكن السؤال هنا ما هو حكم الدعاء على النفس بالموت، وهل هناك من الدين ما نهى عن مثل هذا الأمر، والإجابة هي أن الإسلام قد نهى عن أن يدعو المرء على نفسه بالموت في حال مسه الضر، كما أن هناك من الأحاديث الشريفة ما ورد في مثل هذا الأمر، وذلك حين قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ “لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به، فإنْ كانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي ما كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي. وفي روايةٍ: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، بمِثْلِهِ غيرَ أنَّه قالَ: مِن ضُرٍّ أصابَهُ” [رواه أنس بن مالك بإسنادٍ صحيح]
في هذا الحديث ينهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلم من أن يدعو على نفسه بالموت إذا أصابه الضر في الدنيا مهما كبُر البلاء وعًظُم، فبدلًا من ذلك يجب أن يدعو الله تعالى أن يبقيه على قيد الحياة ما دام في الحياة الخير والرزق له ولدينه، إما أن يتوفاه في حال كانت الوفاة هي الخير الذي كتبه الله تعالى له وهذا الأمر لا يعلمه سواه تعالى علام الغيوب.
أما أن يقول المرء ليتني أموت أو يتمنى أن تنتهي حياته بسبب هذا البلاء فهذا الأمر لا يجوز نهائيًا، وبدلًا من الدعاء على النفس من الممكن أن يدعو المسلم ربه بأن يصلح له الحال ويرفع عنه البلاء أو يرزقه الصبر الكافي لتحمل هذا البلاء، كما يجب العلم أن الصبر على المصاعب والابتلاءات التي تصيب المسلم من أكثر الأمور التي تكفر عن المُبتلى العديد من الذنوب التي كان قد ارتكبها، كما أن للصبر على البلاء في حد ذاته أجر عظيم لصاحبه.
اقرأ أيضًا: هل وسواس الموت ابتلاء من الله
هل الدعاء على النفس مستجاب؟
هل عندما يدعو الشخص على نفسه بالموت أو يتمنى أن يتوفاه الله هي من الأدعية التي يسمع لها الله تعالى ويستجيب لها؟ فهذا الأمر لا يعلمه إلا الله، فإذا كانت الاستجابة أم لا فهو أمر بيده وحده، لكن الثابت هنا هو النهي التام من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الدعاء على كلًا من النفس والمال والولد والخدم، وذلك استنادًا إلى ما ورد في أحد الأحاديث الشريفة التي نُقلت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فقد قال: “لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ؛ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ” [رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح]
هل الدعاء على الآخرين بالموت حرام؟
كما يدعو المرء على نفسه في الكثير من الحالات، فقد يتملكه الغضب من الآخرين ويصل به الأمر إلى أن يدعو على الآخرين، وبشأن ما إذا كان هذا الأمر حلال أم لا فهناك العديد من الأقاويل التي وردت في هذا الأمر، أحد الآراء قالت إن الدعاء على الآخرين حرام ولا يجب أن يدعو الشخص على غيره بالموت.
أما الرأي الآخر فيقول إنه في حال دعا أحدهم على شخصٍ آخر من باب اللغو ولم يكن مدركًا أو واعيًا لما يقوله في ساعة الغضب، ففي هذه الحالة يتجاوز الله تعالى عن هذا الأمر، في هذه الحالة كل ما يجب على الشخص فعله هو التراجع عن دعائه وأن يكثر من الاستغفار ويحاول أن يدعو لهذا الشخص بكل ما هو خير.
اقرأ أيضًا: قصص المتعافين من وسواس الموت
هل الدعاء على شخصٍ آخر بالموت يستجاب؟
أمر استجابة الدعاء على شخص آخر بالموت أو بأي أمر سيئ هو أمرٌ متروك إلى الله تعالى عالم الغيب مستجيب الدعاء، ولكن هناك أحد الأقاويل التي رأت أن الدعاء يؤخر قدر صاحبه، ففي حال الدعاء لشخص بأن يطول عمره فيستجيب الله له، أما في حال الدعاء على الشخص بالموت وقرب الأجل فلا يستجيب الله لمثل هذا الدعاء، فالدعاء يؤخر الأجل ولا يقدمه فالله تعالى رحيمٌ بعباده والله تعالى أعلى وأعلم.
اقرأ أيضًا: هل الخوف من الموت دليل على قربه
طريقة التوقف عن الدعاء على النفس أو الغير بالموت
في حال اعتاد الشخص في المواقف الصعبة بالدعاء على نفسه بالموت أو في حالة الغضب أن يدعو على غيره، فمن الممكن أن يحاول التراجع عن هذه العادة السيئة بالعديد من الطرق، والأمر يستلزم النية الصادقة لمحاولة الابتعاد عن مثل هذه العادة، ومن الممكن فعل ذلك عن طريق:
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الذي يولد الغضب وعدم الصبر بداخل النفس.
- الإكثار من الاستغفار، ومن الأفضل أن يكون ذلك بالنص التالي: “اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”
- العلم أن الصبر على البلاء من الأمور التي يكافئ الله بها عبده ويكفر عنه الكثير من الذنوب.
- استبدال الدعاء على النفس بالدعاء الذي سبق ذكره، فيقول المسلم اللهم أمِتني إن كان الموت خيرًا لي وأحيني ما دامت الحياة خيرًا لي.
- العلم أن الله تعالى إذا أحب عبده ابتلاه.
- أن يوقن المُسلم أن أفضل الناس عند الله من يملكون أنفسهم وقت الغضب.
لذا في حال الشعور بالغضب أو التعرض لأي موقف صعب في الحياة، فيجب تذكر هذه النقاط جيدًا ومع مرور الوقت ستزول عادة الدعاء على النفس بالموت والتي سبق وعرفنا أنه أمر نهى عنه الدين في إطار الحديث عن حكم الدعاء على النفس بالموت.
الدعاء على النفس بالموت من أكثر الأمور السلبية التي قد يعتاد عليها الفرد المُسلم، لذا في حال مرَّ المُسلم بالابتلاء، فكل ما عليه فعله هو الصبر والعلم أن الله تعالى لا يعطي لعباده الابتلاء دون غرضٍ محدد مثل اختبار صبرهم أو أنه يريد أن يغفر لهم الذنوب ويبدلها بالحسنات جزاء صبرهم هذا.