حكم الكلام الفاحش بين الزوجين
حكم الكلام الفاحش بين الزوجين من أهم الأحكام الدينية التي يجب على كل من الرجل والمرأة معرفتها، حتى لا يقعا في حد من حدود الله الذي من شأنه أن يمطر عليهما من السيئات ما يتسبب في سخط الله عليهما، لذا ومن خلال منصة وميض، سوف نتعرف على حكم الدين في الكلام الفاحش بين الأزواج.
حكم الكلام الفاحش بين الزوجين
من المعروف أن كل كلمة من الكلمات التي ينطق بها المسلم، فإنها تسجل في صحيفته، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة ق الآيتين رقم 17، 18:
“إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ“.
لذا يجدر بالمسلم أن يكون حسن اللسان لا ينطق إلا خيرًا ولا يسب ولا يشتم، فإن ذلك ليس من شيم الإسلام أو الإيمان، إلا أن الأمر من شأنه أن يختلف حال الزواج، حيث إنه في بعض الأوقات يود الزوج أن يتبادل مع زوجته فاحش القول، دون أن يعرف ما حكم الكلام الفاحش بين الزوجين.
إلا أن علماء الدين الإسلامي قد أقروا أن الأمر من شأنه ألا يكون محرمًا تبعًا لقول الله تعالى في سورة البقرة الآية رقم 187:
“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ“.
الرفث هنا هو الجماع أو يقصد به فاحش القول أثناء العلاقة الحميمة، إلا أن الكلام البذيء بوجه عام من شأنه أن يكون مكروهًا، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن مسعود: “ليس المؤمنُ بالطَّعانِ ولا اللَّعانِ ولا البذيءِ ولا الفاحشِ” (صحيح).
بذلك نكون تعرفنا على حكم الكلام الفاحش بين الزوجين في الأصل العام، إلا أن هناك الكثير من الأحكام المتعلقة بذلك الأمر، والتي سنتعرف عليها من خلال الفقرات التالية.
في بعض الأوقات يلجأ الزوجين إلى قول الكلمات المخلة بالأدب من أجل الاستمتاع الحميمي، حيث يشرع الزوج في التحدث إلى الزوجة على أنها باغية، كأن يسبها أو يذكر أعضاء جسدها بطريقة فاحشة، وكذلك الأمر لديها.
ففي تلك الحالة فإنه من المباح أن يكون ذلك بين الزوجين، إن كان سببًا في أن يصلا إلى الإشباع الجنسي الكامل، إلا أنه في حالة أن كان الزوج من المتاح له أن يصل إلى أقصى درجة من النشوة الجنسية دون أن يقول تلك الكلمات، فمن شأنه أن يتركها من باب أولى.
حيث استند علماء الدين الإسلامي إلى تلك الآية التي من شأنها أن تدل أنه للرجل أن يقضي وطرًا من زوجته على النحو الذي يحلو له ما لم يقوم بأي من الأمور التي نهى الله عنها، حيث قال الله تعالى في سورة الأعراف الآية رقم 189:
“هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ“.
اقرأ أيضًا: حكم الخيال الجنسي لغير المتزوجين
حكم بذيء القول بين الأزواج في نهار رمضان
في إطار التعرف على حكم الكلام الفاحش بين الزوجين، علينا أن نعلم أن ذلك الأمر من شأنه أن يكون محرم في نهار رمضان، فالله -عز وجل- قد حرم على المسلم أن يتناول الأطعمة أو أن يجامع زوجته، كذلك قد حرم على كل منهما أن يتفوها بأي من الألفاظ التي من شأنها أن تفسد الصوم.
حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إِلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فلا يَرْفُثْ يَومَئذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَومَ القِيَامَةِ، مِن رِيحِ المِسْكِ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ” (صحيح).
لذا على الزوجين أن يكونا أكثر حرصًا على أن يتقبل الله منهما صيامهما، بحيث لا يعملا على التحدث بتلك الطريقة التي من شأنها أن تفسد الصوم من ناحية، كما تعمل على إثارة كل منهما من الناحية الأخرى، وهو الأمر الذي قد يتسبب في حدوث الجماع في نهار رمضان.
الجدير بالذكر أنه في تلك الحالة لا يكفر عن ذلك الأمر سوى الصيام شهرين متتاليين أو إطعام 60 مسكين أو عتق رقبة، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“أنَّ رَجُلًا وَقَعَ بامْرَأَتِهِ في رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟ قالَ: لَا، قالَ: وَهلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟ قالَ: لَا، قالَ: فأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا. [وفي رواية]: أنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ، فأمَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بعِتْقِ رَقَبَةٍ” (صحيح).
اقرأ أيضًا: ما حكم الرجل الذي يغتسل من الجنابة ويرتدى نفس ملابسه مرة أخرى؟
حكم فاحش القول بين الزوجين في الهاتف
يجب على المسلم أن يعرف في إطار تناول حكم الكلام الفاحش بين الزوجين، أن الأمر لا يعني إهانة الزوجة أو تعمد سبها مما يؤذيها، حيث إن ذلك بالقطع من الأمور غير الجائزة، كذلك على المسلم أن يعلم أن كل كلمة من شأنه أن يتفوه بها فإنها تكتب ومن شأنها أن تكون سببًا في أي يكون مأواه جهنم وبئس المصير.
حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن عمر:
“أيُّها الناسُ إنَّكُمْ ميتونَ وإلى اللهِ صائرونَ فرحمَ اللهُ عبدًا تكلَّمَ فغنِمَ أوْ سكَتَ فسلِمَ إنَّ اللسانَ أملَكُ شيءٍ للإنسانِ ألا وإنَّ كلامَ العبدِ كلَّهُ عليهِ لا لَهُ إلا ذِكرَ اللهِ تعالَى أوْ أمرًا بمعروفٍ أوْ نهيًا عنْ منكرٍ أوْ إصلاحًا بينَ المؤمنينَ…
… فقال لهُ معاذُ بنُ جبلٍ يا رسولَ اللهِ أنؤاخذُ بِمَا نتكلمُ بِهِ قال وهلْ يكبُّ الناسَ على مناخرِهمْ في النارِ إلا حصائدُ ألسنتِهِمْ فمَنْ أرادَ السلامةَ فليحفظْ ما جَرى بِهِ لسانُهُ وليحرسْ ما انطوَتْ عليهِ جنانُهُ وليُحسنْ عملَهُ وليقصرْ أملَهُ ثمَّ لمْ تمضِ أيامٌ حتَّى نزلَتْ هذهِ الآيةُ {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ” (صحيح).
أما عن حكم تحدث الرجل مع زوجته في الهاتف على أن يكون الأمر لا يخرج عن الكلام الفاحش، فإنه من المكروهات، كون الهاتف من الوسائل غير الآمنة لهذا، كما أن ذلك مدعاة إلى ممارسة العادة السرية إن كان الزوج مسافرًا، وذلك إثر الشعور الحميمي الذي يشعر به كل منهما.
اقرأ أيضًا: حكم المشي في المنزل بدون ملابس
لذا على الرجل وزوجته أن يتقيا الله في أنفسهما، وألا يتجاوزا حدود الله عز وجل، كما يستمتعا بما أحل الله لهما، فيربحان في الدارين الأولى والآخرة.