حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته
حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته من الأحكام الدينية التي يجب أن نسلط الضوء عليها بعد أن انتشرت الفاحشة وتعددت وسائل الخيانة الزوجية في الآونة الأخيرة، فكثير منا قد يتعرض لموقف معرفة خيانة إحدى الزوجات، ولا يدري ما ينبغي عليه القيام به، أيخبر الزوج أم يستر الأمر، لذا سوف نتعرف على الجواب الصحيح لحكم إخبار الزوج بخيانة زوجته بشيء من التفصيل عبر منصة وميض.
حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته
نعلم جيدًا أن خيانة الزوج لزوجها أمرًا مؤسفًا، فهي بذلك تقع في إثم مبين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الجوعِ، فإنَّهُ بئس الضجيعُ، ومن الخيانةِ، فإنها بئستِ البطانةُ” (صحيح).
إلا أنه لا يجب على المسلم إن تأكد من أن زوجة رجل ما تخونه أن يقوم بإخباره، حتى وإن كان لديه الكثير من الأدلة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية الحسين بن علي بن أبي طالب:
“من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعْنيه وفي روايةٍ إنَّ من حسنِ إسلامِ المرءِ قلَّةَ الكلامِ فيما لا يَعْنيه” (صحيح).
كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في رواية أبو ثعلبة الخشني: “سأَلْتُ أبا ثَعْلَبةَ الخُشَنيَّ قُلْتُ: كيف تصنَعُ في هذه الآيةِ؟ قال: أيُّ آيةٍ؟ قُلْتُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، فقال لي: أمَا واللهِ لقدْ سأَلْتَ عنها خَبيرًا، سأَلْتُ عنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: بلِ ائْتَمِروا بالمعروفِ، وتناهَوْا عنِ المُنكَرِ، حتى إذا رأيْتَ شُحًّا مُطاعًا، وهَوًى مُتَّبَعًا، ودُنْيا مُؤْثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأْيٍ برأْيِهِ، ورأيْتَ أمرًا لا بُدَّ لكَ منه، فعليكَ بنفْسِكَ، وإيَّاكَ وأمْرَ العَوامِّ، فإنَّ مِن ورائِكم أيَّامَ الصَّبرِ، صَبْرٌ فيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ على الجَمْرِ، للعامِلِ منكم يَومَئِذٍ كأجْرِ خَمسينَ رجُلًا يعمَلونَ مِثْلَ عمَلِهِ“.
كما أنه في تلك الحالة يكون مساعدًا على الفتنة، والتي قال الله عز وجل عنها أنها أشد من القتل، فإن رأى المسلم أو سمع أن زوجة فلان من شأنها أن تخونه، عليه أن يعرض عن الحديث حتى لا يقع في إثم الغيبة والنميمة، وحتى لا تسول له نفسه التحدث إلى الزوج والوقوع في إثم الفتنة.
اقرأ أيضًا: 10 علامات تدل على خيانة الزوجة
متى ينبغي الإفصاح عن خيانة الزوجة؟
في سياق التعرف على حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته نجد أنه هناك حالة واحدة من الممكن أن يكون فيها الإفصاح عن خيانة الزوجة أمرًا ضروريًا، بل إن في تلك الحالة يعد السكوت محرمًا، وهو أن يطلب من يعلم بذلك الأمر للشهادة بعد أن انفضح أمرها.
على أن يكون قد رأى الخيانة بعينه ولديه الدليل القاطع، فقد قال الله تعالى في سورة النور الآية رقم 4: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وأولَئك هُمُ الْفَاسِقُونَ“.
فحين يتيقن الزوج من خيانة زوجته له ويود أن تقوم العدالة بأخذ حقه له، فعليه أن يأتي بأربعة شهود على الواقعة، في تلك الحالة إن طولب من يعلم بالأمر فعليه الشهادة، وأن يتجنب قول الزور حتى لا يقع في إثم قد نهى الله عنه من خلال الآيات القرآنية، حيث قال جل في علاه في سورة الحج الآية رقم 30:
“ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)”
اقرأ أيضًا: متى يخاف الرجل من فقدان زوجته
ما الذي يمكنه أن يفعله من علم بالخيانة؟
من الممكن أن يظن المسلم أن حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته من شأنه أن يجعله مكتوف الأيدي كونه قد طلب منه ألا يتدخل فيما لا يعنيه من أجل ألا يكون هناك خراب لبيت مسلم من الممكن أن يستمر إن تابت المرأة وأصلحت ما بينها وبين ربها، فقد قال الله عز وجل في سورة الشورى الآية رقم 25:
“وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)“.
إلا أن هناك سبلًا من شأنها أن تكون تدخلًا فعالًا منه من أجل إصلاح الأمر، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف برواية أبو سعيد الخدري:
“أَوَّلُ مَن بَدَأَ بالخُطْبَةِ يَومَ العِيدِ قَبْلَ الصَّلاةِ مَرْوانُ. فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ، فقالَ: الصَّلاةُ قَبْلَ الخُطْبَةِ، فقالَ: قدْ تُرِكَ ما هُنالِكَ، فقالَ أبو سَعِيدٍ: أمَّا هذا فقَدْ قَضَى ما عليه سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ” (صحيح).
لذا سوف نتعرف من خلال ما يلي عن الطرق التي من الممكن أن تكون حلًا جيدًا لإيقاف خيانة الزوجة لزوجها، والتي تتمثل فيما يلي:
1- التحدث مع الزوجة
من الممكن أن يقوم من علم بأن تلك المرأة من شأنها أن تخون زوجها ولا يرغب في أن يقع في حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته أن يتحدث معها إن سنحت له الفرصة في ذلك.
فيستخدم معها في بداية الأمر النصح والإرشاد، ويخبرها بعاقبة الأمر الذي تقوم به، وذلك امتثالًا لقول الله عز وجل في سورة النحل الآية رقم 125:
“أدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ“.
فإن لم يجد منها الاستجابة، فإنه من الممكن أن يهددها بالشكل المباشر أنه سوف يخبر زوجها بما تقوم به، ففي تلك الحالة لا شك أنها سوف تتراجع عما تفعل خوفًا من الفضيحة التي تظن أنه سوف يكون المتسبب بها.
اقرأ أيضًا: كيف أتعامل مع خيانة زوجي ناعمه الهاشمي
2- التحذير بطريق غير مباشر
إن لم يكن هناك سبيل لأن يتواصل من علم بأمر الخيانة مع الزوجة لنصحها بالابتعاد عن ذلك الطريق من أجل تغيير المنكر والخوف على بيوت المسلمين، فإنه من الممكن أن يقوم بتحذيرها من إخبار زوجها دون أن يفصح عن هويته باستعمال حساب من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي المزيفة.
لربما يكون ذلك سببًا في عدلها عن الأمر، ولا ننسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية سهل بن سعد الساعدي، والذي كان في هداية الكفار إلى الإسلام، فما بال من يهدي امرأة للتراجع عن خيانة زوجها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، قالَ: فَباتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أيُّهُمْ يُعْطاها، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطاها، فقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ. فقالوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فأرْسِلُوا إلَيْهِ فَأْتُونِي بهِ. فَلَمَّا جاءَ بَصَقَ في عَيْنَيْهِ ودَعا له، فَبَرَأَ حتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وجَعٌ، فأعْطاهُ الرَّايَةَ، فقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُقاتِلُهُمْ حتَّى يَكونُوا مِثْلَنا؟ فقالَ: انْفُذْ علَى رِسْلِكَ حتَّى تَنْزِلَ بساحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَواللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ” (صحيح).
ينبغي على الزوجة بنفسها في حال الخيانة لزوجها أن تعود إلى ربها وتعلم أنها تقوم بإثم مبين، وأولى بها أن تخاف من خالقها قبل زوجها.