حكم صيام العشر من ذي الحجة
ما حكم صيام العشر من ذي الحجة؟ وما الأعمال المُستحبة في هذه الأيام؟ تُعد العشر الأواخر من ذي الحجة من الأيام العظيمة ولها فضل كبير، وهي من الأيام التي يقوم المسلمون بالتفرغ التام لعبادة الله عز وجل خاصةً يوم عرفة، لِما فيها من استجابة دعوات ورحمات تتنزل من عند الله فيكثرون فيها لأفعال الخير، وللأهمية الكبيرة لهذه الأيام سوف نتطرق من خلال منصة وميض على حكم صيام العشر من ذي الحجة في الفقرات القادمة.
حكم صيام العشر من ذي الحجة
اختلف الفقهاء حول حكم صيام العشر من ذي الحجة فمنهم من يقول إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم هذه الأيام مستندًا بأحاديث ضعيفة، ومنهم من يقول إنه لم يقوم بالصيام إلا يوم عرفة فقط ولم يكن فرضًا بل كان استحباب الصيام في يوم عظيم كهذا عند الله، وبذلك يكون أجمع الكثير من الفقهاء على أنه عدم ورود حديث صحيح حول حكم صيام العشر من ذي الحجة.
أما عن صيام عيد الأضحى فهو منهي عنه، وقد حرم الله الصيام في الأعياد بصفة عامة، فقط الأيام الأولى من شهر ذي الحجة من الأيام المحببة لدى المسلمين حيث يكثرون فيها من فعل الخيرات والتقرب إلى الله بالعبادات والأعمال الصالحة خاصةً الصيام والدعاء لِما ورد في ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ﴾.
من ضمن العشر الأواخر من ذي الحجة هو يوم عرفة الذي له أهمية خاصة عند الله والمسلمون، هو من أفضل أيام السنة بعد شهر رمضان الكريم، والذي يأتي بعده يوم عيد الأضحى وفيه يذبح المسلمون الأضحية تقرُبًا إلى الله، وفضل هذه الأيام عظيم عند الله لاجتماع أفضل العبادات فيه من صوم وصلاة وقراءة قرآن وصدقة وذِكر الله وختامًا بالأضحية في أواخر هذه الأيام.
اقرأ أيضًا: دعاء نية الصيام شهر رمضان
الأعمال المستحبة في أيام العشر من ذي الحجة
بعد التطرق على حكم صيام العشر من ذي الحجة، نذكر أفضل الأعمال المُستحبة للمسلمين خلال هذه الأيام، حيث إن فضل العبادات في هذه الأيام كبير عند الله، ومن أهمها الصوم لأن الصوم من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد الصالح إلى ربه وربما يكون أجر الصيام مضاعف في هذه الأيام خاصةً يوم عرفة لَما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في استحباب صوم هذه الأيام:
عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ”.
ثم ذِكر الله باستمرار، وأهم هذه العبادات من تكبير وتحميد وتهليل، لِما جاء في الحديث الشريف في فضل تلك الأيام خاصةً في ذكر الله تعالى: عن عبد الله بن عمر أن النبي محمد قال: “ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللَّهِ ولا أحِبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من أيَّامِ عشرِ ذي الحِجَّةِ فأَكثِروا فيهنَّ منَ التَّسبيحِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ والتَّهليلِ”.
يأتي بعد ذلك الحج الذي يكون في هذه الأيام فقط دون غيرها، حيث إن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام لِمن يستطيع من المسلمين ثوابه عظيم عند الله ويغفر الله فيه لكل من يحج إلى بيته كأنه ولد من جديد لا ذنب له حتى إذا مات العبد وهو في الحج دخل الجنة.
كما قال نبينا الكريم عن فضل الحجة في هذه الأيام: “من حج الله فلم یرفث ولم یُفسق خرج كیوم ولدته أمه”، أما عن الأضحية لها أهمية خاصة عند المسلمين والتي تكون في آخر أيام ذي الحجة ولا يجب أن تكون قبل ذلك، فهي من العبادات التي يتقرب بها العبد المسلم إلى الله ليغفر له ذنوبه ويُشكره على نعمته عليه وعلى نعمة الإسلام بوجه خاص.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الصيام المتقطع
فضل العبادات في يوم عرفة
إن يوم عرفة من الأيام التي تنزل فيها خيرات وبركات من الله على المسلمين، وهو يوم تشهد فيه الملائكة على أعمال عباد الله، ولهذا اليوم أهمية خاصة وفضل عظيم عند الله والمسلمين، ونوضح في الآتي فضل يوم عرفة لأداء العبادات، ومكانة العباد عند الله:
- إنه أحد أيام الأشهر الحرم وهو شهر ذي الحجة التي تكثر فيه العبادات والأعمال الصالحة.
- يوم من الأيام العشر التي أقسم الله بها في كتابه الكريم على فضلها وثوابها الكبير.
- قال الرسول -صلى الله عليه- وسلم عن فضل يوم عرفة لِما فيه من عبادات كثيرة وعظيمة أنه أفضل يوم يفعل فيه العبد المسلم الخيرات والصالحات حتى أنه أفضل من الجهاد في سبيل الله.
- فضل العبادات عظيم في هذا اليوم لأن الله أنزل في ذلك اليوم آياته الكريمة في سورة المائدة آية 5 قوله تعالى:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا).
- الصوم في يوم عرفة من أجمل العبادات التي حث النبي على فضلها لأنه يُكفر سابقة وسنة آتيه، ولكن الصيام في ذلك اليوم لا يجوز على الحجاج لِما فيه من مشقة وإجهاد عليهم.
- الدعاء في يوم عرفة من العبادات التي يكثر منها المسلمون لأن الله يستجيب لكل دعوة يدعوها العبد في ذلك اليوم دون غيره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية الدعاء في هذا اليوم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”.
- كثرة العتق من النيران في ذلك اليوم، فاحرص على أن تكون أول العباد.
اقرأ أيضًا: النوم على جنابة في رمضان
فضل الصوم
على الرغم من عدم ورود حديث صحيح يوضح حكم صيام العشر من ذي الحجة إلا أن الصوم بصفة عامة قد ورِد فيه الكثير من الأحاديث والأدعية التي تدُل على عظم أجره عند الله تعالى، فهي العبادة الوحيدة الذي يُجزي الله به العبد المسلم بنفسه ويضاعف له في أجرها لأنه يمتنع عن تناول الطعام والشراب، ويحفظ نظره وفرجه عن الشهوات من أجل إرضاء الله تعالى.
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ، قال اللهُ تعالى إِلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لِي، وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي، وللصائمِ فرْحتانِ: فرحةٌ عند فِطرِه، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه، ولَخَلُوفُ فمِ الصائمِ، أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المِسكِ”
من فضل الصوم أيضًا أنه يدخل العبد الجنة ويبعده عن النار لأنه يحد من شهواته التي تقوده إلى الأفعال المحرمة، وهناك باب في الجنة يسمى الريان يدخل منه الصائمون فقط، كما أن الصيام في شهر رمضان المبارك له أجر عظيم عند الله لأنه يكون صيام فرض وليس صيام سُنة كالصيام في العشر من ذي الحجة في العبادة المفروضة أفضل من عبادة النوافل.
الصوم يكفر الذنوب والخطايا التي يفعلها الإنسان وبه يتقرب إلى الله، وهو سبب من أسباب استجابة الدعاء لأن الصائم عند إفطاره دعوة لا تُرد، ويأتي الصوم مع العبد يوم القيامة ليشفع له فيقول لله يا ربي إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، فيشفع الله له بسبب صيامه.
أما عن صيام التطوع وهو صيام يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع يُبعد به الله وجه العبد عن النار سبعين خريفًا، فضلًا عن صيام الأيام البيض والست من شوال التي كان يُحافظ عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لِما فيها من ثواب عظيم وتقرب إلى الله.
الصوم في أيام العشر من ذي الحجة فضل عظيم عند الله فهو من العبادات التي تُقرب العبد من الله ويكفر بها سيئاته وتشفع له يوم القيامة خاصةً صوم يوم عرفة.