حكم حل السحر بسحر مثله
حكم حل السحر بسحر مثله من الأحكام الدينية التي يجب على المسلم أن يتعرف عليها، حيث يشعر بأنه يود الانتقام إن قام أحد الأشخاص بعمل سحر له، اعتقادًا منه أن الأمر أشبه بالقصاص وأنه في تلك الحالة يأخذ حقه فلا يعتبر آثمًا، لذا ومن خلال منصة وميض، سوف نتعرف على دلالات الأمر استنادًا إلى الآيات القرآنية والسنة النبوية المطهرة، عبر الفقرات الآتية.
حكم حل السحر بسحر مثله
الموبقات هي كبائر الإثم التي نهى الله عز وجل عنها، حيث إن من يأتها يكن له النصيب الذي يستحقه من النار على ألا يخرج منها إلا بعد أن يقضي داخلها السنوات العدة كفارة لِما جاء في الأرض من فساد كالسحر، فالسحر من الأمور التي حرمها الله عز وجل، وسوف نتأكد من ذلك من خلال الفقرات المتتالية.
أما عن حكم حل السحر بسحر مثله فقد أتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالإجابة من خلال الحديث الشريف الذي رواه علي بن أبي طالب حيث قال:
“إنَّ اللهَ أوحى إلى نبيٍّ من أنبياءِ بني إسرائيلَ أن قُلْ لأهلِ طاعتي من أمِّتِك لا يتَّكِلوا على أعمالِهم فإنِّي لا أَقاصُّ عبدًا الحسابَ يومَ القيامةِ ثُمَّ أشاءُ أن أُعذِّبَه إلَّا عذَّبْتُه وقُلْ لأهلِ المعاصي من أمَّتِك لا يَلْقُون بأيديهم فإنِّي أغفِرُ الذُّنوبَ العظامَ ولا أُبالِي وإنَّه ليس من أهلِ قريةٍ ولا أهلِ مدينةٍ ولا أرضٍ ولا رجلٍ بخاصَّةٍ ولا امرأةٍ يكونُ لي على ما أُحِبُّ فأكونُ له على ما يُحِبُّ ثُمَّ يتحوَّلُ عمَّا أُحِبُّ إلى ما أكرَهُ إلَّا تحوَّلْتُ له عمَّا يُحِبُّ إلى ما يكرَهُ وإنَّه ليس من أهلِ مدينةٍ ولا أهلِ أرضٍ ولا رجلٍ بخاصَّةٍ ولا امرأةٍ يكونُ لي على ما أكرَهُ ثُمَّ يتحوَّلُ لي عمَّا أكرَهُ إلى ما أُحِبُّ إلَّا تحوَّلْتُ له عمَّا يكرَهُ إلى ما يُحِبُّ ليس منِّي مَن تطيَّر أو تُطُيِّر له أو تكهَّن أو تُكُهِّن له أو سحَر أو سُحِر له إنَّما أنا وخلقي وكلُّ خلقي لي“.
من الحديث السابق علينا أن نعلم أنه لا ينبغي أن يقوم المسلم بفك السحر بسحر مماثل، حيث إن ذلك من الأمور التي حرمها الله عز وجل تحريمًا قطعيًا من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تركها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نعود إليها كلما اختلط علينا الأمر.
اقرأ أيضًا: هل السعي لفك السحر حرام
حكم عمل السحر في الإسلام
السحر من أعظم ما حرم الله عز وجل، كون الساحر يستعين بأي من الأدوات دون الاعتماد على الله -عز وجل- والتوكل عليه رغبة في الوصول إلى ما يريد، وقد قال رسول الله في رواية أبي هريرة:
” أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: اجتَنِبوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ. قيل: يا رَسولَ اللهِ، وما هُنَّ؟ قال: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقَتْلُ النَّفسِ التي حرَّم اللهُ إلَّا بالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليَتيمِ، والتوَلِّي يومَ الزَّحفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ” (صحيح).
الجدير بالذكر أن مجرد الاستعانة بأي من السحرة لطرح سؤال فقط، فإن ذلك الأمر من المحرمات أيضًا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف الذي رواه عمر بن الخطاب حيث قال:
“واعلموا أنَّ اللهَ لا يُزكِّي ثلاثةَ نفرٍ ولا ينظُرُ إليهم، ولا يُقرِّبهم يومَ القيامةِ، ولهم عذابٌ أليمٌ: رجُلٌ أعطى إمامَه صفقةً يُريدُ بها الدُّنيا، فإنْ أصابها وفَّى له، وإنْ لم يُصِبْها لم يُوَفِّ له، ورجُلٌ خرَجَ بسِلْعتِه بعد العصرِ، فَحَلَف بها لقدْ أعطَى بها كذا، فاشتُرِيتْ لقَولِه. وسِبابُ المُسلمِ فُسوقٌ، وقِتالُه كُفرٌ. ولا يحِلُّ لك أنْ تهجُرَ أخاك فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ. ومَن أتى ساحرًا أو كاهنًا أو عرَّافًا، فصدَّقَه بما يقولُ؛ فقد كفَرَ بما أُنْزِلَ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ” (صحيح).
فمن منا يقوى على أن يكون أمام الله -عز وجل- قد خرج من الدين والملة لأمر دنيوي زهيد، من شأنه ألا يجدي النفع، فإن الكون كله بين يدي الله عز وجل، عندما يريد أن يفلح شيءٍ ما، فإنما يقول له كن فيكون، لذا على المسلم ألا يقوم باستعمال العقل الذي منحه الله عز وجل إياه، ليتأكد من أنه ليس هناك من الأمر ما يستحق تلك المجازفة، خاصةً بعد أن تعرفنا على حكم حل السحر بسحر مثله.
اقرأ أيضًا: علامات خروج السحر من الرحم
كيفية فك السحر
في سياق التعرف على حكم حل السحر بسحر مثله علينا أن نعرف أن هناك العديد من السبل التي من شأنها أن تكون سببًا في أن يتم فك السحر بدلًا من أن يسلك المسلم الطرق التي حرمها الله عز وجل، والتي سنتعرف عليها من خلال ما يلي:
1- الرقية الشرعية
الرقية الشرعية من أهم الوسائل التي من الله بها على المسلم، ليس فقط من أجل الانتهاء من السحر، بينما أيضًا من شأنها أن ترفع البلاء وتخلص المسلم من الحسد والحقد، فقد جاءت الرقية بالعديد من الطرق للتنفيذ، إلا أن أهمها ما يلي: أن يقوم المسلم بالاستماع إليها مرارًا وتكرارًا، أو أن يشرب المسلم ماء السدر المغلي بعد أن يقرأ عليه الرقية الشرعية، والتي جاءت على النحو التالي:
- تسمية الله في بداية الأمر.
- قراءة فاتحة الكتاب كاملة.
- قراءة أوائل سورة البقرة.
- قراءة قول الله تعالى في سورة البقرة الآيتين رقم 163، 164: ” وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ“.
- قراءة آية الكرسي على أن يكرر الأمر سبع مرات.
- قراءة الآية رقم 257 من سورة البقرة، وهي قول الله تعالى:” اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ“.
- قراءة خواتيم سورة البقرة.
- سورة آل عمران من السور القرآنية التي من شأنها أن تكون قاضية على السحر بأمر الله، إذ يجدر بالمسلم خلال القيام بالرقية الشرعية أن يقرأ منها الآيات التالية: 1 إلى 5، الآية رقم 18، 26 إلى 28.
- سورة الأعراف الآيات من 54 إلى 56.
- سورة التوبة الآية رقم 14.
- سورة يونس الآيتان رقم 56، 57.
- سورة الجن الآيات من 1 إلى 5.
- قصار السور، والتي تتمثل في سورة الكافرون والمسد، والمعوذتين وسورة الإخلاص على أن يقرأ منهم قدر المستطاع.
2- آيات متنوعة من القرآن الكريم
هناك بعض من الآيات القرآنية التي من الممكن أن يلجأ المسلم إلى قراءتها بشكل يومي أو حفظها عن ظهر قلب من أجل قولها في الصلاة، حتى يمنّ الله -عز وجل- عليه ويشفى من السحر، حيث أتت الآيات على النحو التالي:
“وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ” سورة البقرة الآية رقم 102.
على المسلم أن يعلم أن سورة البقرة من أجمل وأفضل السور القرآنية التي لها عظيم الفضل، وبالنظر إلى الآيات التي جاءت في حكم حل السحر بسحر مثله، نجد أن معظمها من تلك السورة التي تعمل على طرد الشيطان وفك الأسحار، لذا حري به أن يستمع إليها بشكل يومي وأن يحفظ ما تيسر منها، أما عن بقية الآيات فقت أتت على النحو التالي:
- “وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ” سورة الأعرف الآيات من 117 على 122.
- ” فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى” سورة طه الآيات من 67 إلى 69.
نصائح لتجاوز فترة فاعلية السحر
هناك بعض النصائح التي من شأنها أن تعين المسحور على تجاوز الأمر إلى أن يشاء الله رب العالمين أن تنتهي تلك المحنة التي لولا إرادة الله ما كانت، فما الساحر إلا سببًا من الأسباب التي يقودها الله عز وجل إلينا، إما لتكفير ذنب أو رفع درجة من الدرجات عند الله جل في علاه، لذا دعونا نتعرف في سياق تناول حكم حل السحر بسحر مثله على تلك الإرشادات الإسلامية التي أتت على النحو التالي:
1- اليقين بالله
إن الله عز وجل عند ظن عبده به، فإن توكل المسحور على الله، ولم يقنط من رحمته لن يتركه الله دون أن ينقذه من ذلك الأمر، كما عليه أن يتأكد أن يد الله هي العليا، فهو من أراد أن يكون لذلك السحر الأثر، وهو من بيده القضاء عليه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن عباس:
“يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ” (صحيح).
2- عدم الانقطاع عن الطاعات
من شأن الأسحار أن تتسبب في عدم رغبة المسلم في إقامة شعائر الله والامتثال إلى أوامره، كإقامة الصلاة والعمل على الطاعات وما إلى ذلك، لكن على المسلم في تلك الحالة أن يكبح ذلك الشعور ولا يعطي له بالًا، على الرغم من أن الأمر قد يبدو صعبًا في بعض الأحيان، إلا أنه يساعد على التخلص من السحر.
اقرأ أيضًا: دعاء لحرق السحر والانتقام من الساحر
3- قراءة القرآن
بعد أن تعرفنا على حكم حل السحر بسحر مثله، وخلال ذكر كيفية تخطي السحر، ولأنه من الممكن أن يتسبب السحر في بغض المسلم لقراءة القرآن، إلا أنه عليه أن يقاوم ذلك الشعور، وإن لم يستطع فعليه أن يقوم بتشغيله في المنزل قدر المستطاع، فهو شفاء له من كافة أنواع الأذى الذي يكون بفعل الإنسان أو الجان، فلا أقوى من كلمات الله عز وجل في ذلك الأمر.
ينبغي على المسلم أن يتأكد أن أمره كله له خير، فعليه أن يصبر ويحتسب، فيكفيه أن الله عز وجل يؤجره في مصيبته في الدنيا والآخرة وهو من يتولى أمره، وذلك بعد أن أشملنا المعرفة بحكم حل السحر بسحر مثله.