حكم سفر المرأة بدون محرم
ما حكم سفر المرأة بدون محرم؟ وما رأي أبي حنيفة في ذلك؟ حيث اهتمت الشريعة الإسلامية بالمرأة في كافة الأمور ومنها السفر بدون محرم، لكن اختلف العلماء في هذه المسألة نظرًا لاختلاف وسائل السفر منذ القدم وإلى العصر الحالي، لِذا سنتطرق من خلال منصة وميض إلى حكم سفر المرأة بدون محرم فيما يلي.
حكم سفر المرأة بدون محرم
أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه المسألة أن المرأة يجب أن تُسافر بصحبة محرم سواء زوجها أو أخيها، فقال النبي في حديثه الشريف: (لا يَحِلُّ لِإمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ).
اشتراط النبي هذا ليس لتفضيل الرجل على المرأة بل لحمايتها والمحافظة عليها، لكن نظرًا لاختلاف طبيعة السفر بين الوسائل القديمة والحديثة فاختُلف في هذا الحكم، فقديمًا كان السفر باستخدام الحيوانات كالجمال والبغال والخيل في البر.
أما السفر البحري كان من خلال السفن مع الأخذ في الحسبان وحشة الطرق، وافتقار الصحراء إلى عوامل الحياة، هذا فضلًا عن المخاطر والحيوانات المفترسة، كل هذا جعل السفر على الرجال فضلًا عن النساء مما وجب اشتراط أن يكون مع المرأة زوجها أو أبيها أو أخيها لحمايتها من مخاطر السفر.
كل هذا بالطبع اختلف في الوقت الحالي بعد تطور وسائل النقل والمواصلات فأصبح بإمكاننا السفر بالطائرات التي تعبر القارات خلال بضع ساعات في رحلة آمنة مريحة، مما أحدث كثير من الجدل حول موضوع حكم سفر المرأة بدون محرم، ونوضح الآراء المُتعلقة بحكم السفر فيما يلي:
1- حجة الفريق المؤيد لسفر المرأة مع محرم
التطور العلمي احدث جدلًا حول موضوع حكم سفر المرأة مع محرم، لكن الفريق الأول يرى أن التطور العلمي واختلاف أحوال السفر بين القديم والحديث لن يجعل أحكام الرسول تختلف، فشرط السفر مع محرم لازمًا، لكن بعض فقهاء الشافعية مثل الحسن البصري رأوا أن اشتراط الزواج ليكون محرم للمرأة في السفر.
لذا يجب النظر حول ملابسات الموضوع، فإذا كانت المرأة ستُسافر في طريق آمن كل المخاطر فيه واردة الحدوث حتى وإن كان معها المحرم مثل وقوع حادثة في الطريق يجوز السفر وحدها إذا أمنت الطريق، واستدلوا فقهاء الشافعية في رأيهم بحديث عدي بن حاتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما رواه الإمام البخاري عن عدى بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي، صلى الله عليه وسلم، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: «يا عدي، هل رأيت الحيرة؟». قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: «فإن طالت بك حياة لَتَرَيَنَّ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا الله»، يُقصد من الحديث أنه يُمكن للمرأة السفر دون محرم مادامت أمنت الطريق.
أما في صحيح مسلم في كلام جامع نافع ننقله، قال رحمه الله، قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم”، يوضح أنه لا يحل للمرأة أن تسافر ثلاث أيام دون محرم.
اقرأ أيضًا: حكم كلام الحب بين المخطوبين
2- حجة الفريق المؤيد لسفر المرأة بدون محرم
أوضح هذا الفريق أن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- السابق الذي استدل به الفريق المؤيد لسفر المرأة مع محرم كان يتحدث على زمانهم وليس زمننا هذا، والدليل أنه يوجد الكثير من النساء في زمننا هذا قائدات للطائرات المدنية والحربية مما يستلزم سفرها وحدها إلى مدن بعيدة بدون محرم.
3– رأي فقهاء المذهب الحنفي
رأي جميع فقهاء المذهب الحنفي أنه حرام على المرأة أن تسافر دون محرم في أي سفر طال عن 3 أيام، عملًا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- “لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم” والمحرم هو كل شخص لا يحل له نكاحها.
كما أكدوا أنه يجب السير على كلام رسول الله في أي زمان وأي مكان مهما كان السفر فيه سهل، سواء كان السفر سبب السفر واجب كالحج أو تطوع كالدراسة أو مباح كالعمل.
اقرأ أيضًا: حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت
4– رأي فقهاء المذهب المالكي
أقر فقهاء المذهب المالكي أنه في حالة كان سفر المرأة يزيد عن يوم وليلة لا ينبغي لها السفر، وإن قل السفر عن هذا يجوز لها السفر دون محرم وأرجعوا حجتهم إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ).
5– رأي دكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
بالنسبة لرأي الإمام الكبير أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين في حكم سفر المرأة بدون محرم، حيث صرح أنه منذ العصر الأول من الإسلام أباح المذهب المالكي سفر المرأة بدون محرم طالما كانت مع صحبه تأمنها أو وسيلة سفر آمنه.
كما أشار وأكد أنه قديمًا لم يكن يُسمح للمرأة السفر إلا برفقة أحد من محارمها، وذلك لأن السفر وحدها في الأيام القديمة أمر خادش للمروءة والشرف، لأنها من الممكن وبكل سهولة أن تتعرض للسرقة أو الاختطاف أو الاغتصاب في الصحراء.
لكن نظرًا لتغير الأزمان وتبدل الأحوال بين الزمن القديم وزمننا هذا كان لابُد من اجتهاد شرعي وفقهي ينص على أنه من الطبيعي أن تسافر المرأة دون محرم، وفي هذه المسألة أضاف الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أنه أصبح للمرأة نصيب كبير جدًا في الاجتهادات الشرعية والفقهية.
اقرأ أيضًا: حكم خروج المرأة بعد وفاة زوجها وتعرف على ضوابطها الشرعية
حكم سفر المرأة بدون محرم للحج
جعل الإسلام لسفر المرأة أحكام على خلاف الرجل الذي يمكنه السفر دون أي أحكام او قواعد، وإن دلّ هذا على شيء دلّ على أهمية المرأة في الإسلام، حيث جعل الرجل حارسًا لها في السفر.
أجاز الإسلام خروج المرأة وسفرها دون محرم طالما اضطرت على فعل هذا مثلًا أن تهرب من بلاد الكفر بدينها أما الخلاف الحادث بين فقهاء الدين هو حكم خروج المرأة بدون محرم رغبةً في الحج والعبادة أو السفر للدراسة، أما بالنسبة للترفيه يرى فقهاء الدين أنه يحرم على المرأة السفر بلا محرم في حالة كان السفر لمدة 3 أيام وأكثر في مكان بعيد عن الوطن.
السفر بالطائرة أو الوسائل الحديثة عمتًا أصبحت آمنة وأسرع وقتًا وبالتالي سيكون فيه حفاظًا على المرأة، لِذا أجاز جميع الفقهاء وعلماء الدين سفر المرأة للحج بدون محرم، بشرط أن تحصل على إذن والدها أو المحرم المسئول عنها، ويصعب على محارمها الذهاب معها وأنها تسافر مع مجموعة من النساء الأمينات وأن تكون ملتزمة بالحشمة وآداب وتعاليم الدين.
لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة أي أدلة تدل على وجوب وجود محرم عند خروج المرأة من المنزل، إلا في حالة سفرها خارج البلاد لقضاء حاجة مهمة إن أمنت الطريق.