أسباب الهجرة الغير شرعية
ما هي أسباب الهجرة الغير شرعية؟ وما المخاطر الناتجة عنها؟ أصبح مصطلح الهجرة الغير شرعية منتشرًا ومألوفًا ومتعارف عليه منذ وقت ليس بقليل، وأول ما يخطر ببال الجميع عند سماع هذا المصطلح ما نشاهده كثيرًا من مشاهد مأساوية لشباب ذهبوا إلى الموت نتيجة لهذا القرار، ونظرًا لما يمثله هذا الموضوع الشائك من أهمية، سنتعرف إلى كل تفاصيله بدقة من خلال منصة وميض.
أسباب الهجرة الغير شرعية
إن الهجرة الغير شرعية تعد ظاهرة معروفة وواسعة الانتشار منذ سنوات طويلة، ويمكن رصد بدء ظهور هذه القضية من القرن العشرين تقريبًا، إلا أنها زادت وتفاقمت كثيرًا خلال القرن الحادي والعشرين بدءًا من الألفية الجديدة.
أما عن تعريف الهجرة الغير شرعية فهو عبارة عن هجرة الشخص من بلده قاصدًا بلدًا آخر ولكن في السر، بعيدًا عن الإطار الرسمي والقانوني لكلا الدولتين، مما يعد اختراقًا وتعدٍ على القوانين والقواعد السياسية والأمنية الخاصة بالدول كلها، حيث إن دخول هؤلاء المهاجرين يكون من دون تأشيرة للدخول.
تلك الهجرات العشوائية تكون رحلات غير منظمة محفوفة بالمخاطر وتكون إما فردية أو جماعية في أعداد صغيرة أو كبيرة، أما بالنسبة إلى أسباب الهجرة الغير شرعية فهي متعددة، وتصنف كل منها على حدا كالآتي:
1ـ أسباب سياسية وأمنية
إن الحروب والنزاعات التي تحدث على أراضي الدولة، تدفع أعدادًا كبيرة من السكان إلى اللجوء للهجرة الغير شرعية، وذلك للكثير من الدوافع منها الخوف من القتل أو اغتصاب الأملاك أو أي شيء من الأمور المتعارف عليها التي تنتج عن ويلات الحروب.
الصراع السياسي بين القوى الدولية من الداخل أو الخارج ينتج عنها اتخاذ الكثير والكثير من الشباب قرار الهجرة الغير شرعية، ومن تلك الصراعات: انطلاق المظاهرات، والاحتجاجات في الشوارع، وتوقف الحياة العامة، وارتفاع الأسعار وانتشار البطالة.
على سبيل المثال نرى أن الجمهورية العربية السورية التي كانت ذات يوم من أغنى الدول العربية على الإطلاق، وأكثرها استقرارًا وغنى بالموارد الطبيعية والبشرية، أصبحت منذ عام 2013م حلبة وميدانًا للصراع السياسي والأمني الدامي.
أدى ذلك إلى تدمير معالم سوريا بالكامل وتوقف الحياة فيها من شتى النواحي، بالإضافة إلى مقتل مئات الآلاف ولن نغالي في القول إذا قولنا إن هذا الصراع أسفر عن مقتل الملايين من أبناء الشعب السوري.
هذا الشعب منذ ذلك العام وحتى ساعتنا هذه لا يزال يعاني من التشريد والضياع على حدود الدول كلاجئين، يلقون الأهوال أو يلقون مصرعهم في طريق الهجرة الشرعية من النيران التي اندلعت في بلادهم، هاربين إلى بلاد أخرى ربما لا يعرفونها ولكنهم يعرفون فقط أنهم يهربون من الموت الذي يلاحقهم.
مثال آخر على أسباب الهجرة الغير شرعية سياسيًا وأمنيًا، نجد أن دولة العراق أيضًا منذ أن بدأت بها الفت الطائفية والمذهبية واندلعت الحروب في كل أنحاء البلاد، بدأ السكان يسعون جميعهم إلى الهروب عن طريق الهجرة الغير شرعية إلى تركيا أو إيران وغيرها من الدول الأخرى.
نتيجة لذلك عانى ولا يزال يعاني الشعب العراقي من موت الكثير من الأشخاص الذين يلقون حتفهم، وهم في طريقهم إلى الدول التي يتوجهون إليها بعدما أصبحت بلادهم هشيمًا تذروه الرياح نتيجة الصراع السياسي والأمني المشتعل في الأراضي العراقية بشكل كامل.
اقرأ أيضًا: متى يسمح بالسفر من السعودية
2ـ أسباب اقتصادية ومالية
يعتبر سوء الحالة الاقتصادية والمادية في أي دولة من أشهر دوافع وأيضًا أسباب الهجرة الغير شرعية انتشارًا وذيوعًا، إذ يعد الفقر وضيق العيش وسوء الأوضاع المالية في البلد سببًا بديهيًا يدفع مئات بل آلاف من الأشخاص إلى اللجوء للهجرة الغير شرعية لبلاد أخرى بحثًا عن الرزق وكسبًا للقمة العيش.
في ظل ارتفاع الأسعار وقلة الدخل الفردي يعاني المواطن في أي مكان بالعالم، من الحرمان شبه التام حتى من أساسيات المعيشة اليومية، التي تغنيهم عن سؤال الغير حتى وإن كان المستوى المعيشي غير متوسط حتى.
يعاني الشاب في هذا الزمن من تحمل مسؤولية ضخمة بطبيعة الحال ويتحملها أي رجل، ألا وهي تولي مسؤولية الإنفاق على المنزل إذا كان الوالد متوفى أو عاجزًا عن العمل أو هجر الأسرة أو أي من تلك الظروف المشابهة.
كما يعاني من مشكلة عدم القدرة على سداد حاجاته الشخصية والتزاماته الخاصة إلى جانب تكاليف الزواج الباهظة التي يفرضها المجتمع العربي، كل ذلك أصبح حملًا ثقيلًا فوق ثقله لارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة عملة الدولة في السوق العالمي للعملات.
مما يجعلها لا تساوي الكثير مقابل السلع التي يتم شراؤها بها، فيضطر المواطن إلى دفع الكثير من المال لشراء منتج واحد، نفس الأمر ينطبق على كل الاحتياجات اليومية للفرد، حتى إذا أراد أن يسافر إلى أي دولة لكي يعمل في الخارج ويكسب بالعملة الصعبة.
يحتاج السفر إلى مبالغ كبيرة جدًا من المال وهذا ليس من السهل توفيره، فلا يعد أمام المواطن حلًا سوى السفر عن طريق الهجرة الغير شرعية دون النظر إلى مخاطرها أو العواقب التي قد تنتج عنها.
3ـ أسباب اجتماعية
قد يكون الشخص الذي اضطر إلى الهجرة بالطريقة الغير شرعية اتخذ هذا القرار نتيجة العوامل المجتمعية المختلفة، مثل طبيعة الثقافة السائدة في المجتمع والسلوكيات والأخلاقيات التي تؤثر بالسلب على ارتياح الشخص في حياته.
نذكر من العوامل الاجتماعية مشكلة التعليم المتأخر السائدة في كثير من البلدان مثل مصر، قد يضطر أهل الطالب إلى الهجرة الغير شرعية لكي ينقذوا أولادهم من تردي المستوى التعليمي، الذي ينفقون عليه أموالًا كثيرة ولكن من دون فائدة تذكر، فيصبح الفشل على الصعيد المادي والتعليمي أيضًا.
كما نذكر أيضًا مشكلة البطالة التي تعد أزمة جيل بالكامل، فنقص فرص العمل وتطبيق نظام الاحتكار في الوظائف من شأنه أن يحول حياة الفرد إلى جحيم، فبدلًا من أن يضطر إلى الهجرة الغير شرعية، يختار أن ينتحر وفي كلتا الحالتين سيخسر حياته.
يقصد باحتكار فرص العمل هنا هو أنها مقتصرة فقط على فئة معينة من الناس، بمؤهلات محددة ومعايير لا تنطبق على غالبية الناس، مثل طلبهم تقدير معين في مرحلة تعليمية محددة.
سبق وأشرنا إلى تردي المستوى التعليمي الذي ينتج عنه البطالة، وبذلك يمكننا القول بأن الأسباب الاجتماعية للهجرة الغير شرعية سلم تدريجي وكل سبب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسبب الآخر.
4ـ أسباب دينية وعقائدية
إن عدم التسامح الديني وانتشار الخلافات والنزاعات المذهبية من شأنه أن يشعل حروبًا لا نهاية لها في أي بلد بالعالم، لأن الشخص عندما يحرم من ممارسة شعائره الدينية أو حتى أن يعيش بدينه ومذهبه دون أن يتعدى عليه أحد لمجرد أنه مختلف عنه في الدين.
يفكر إما في الارتداد عنه واتباع دين الغير بالرغم من كونه لا يريده، لكي يتمكن فقط من العيش في هدوء وسلام، إما أن يضطر إلى الهجرة الغير شرعية لأنه لا يقوى على تحمل نفقات السفر إلى الخارج والإقامة مع عائلته في دولة غريبة بتكاليف مرتفعة.
تعد الفتن الطائفية وغياب التسامح الديني من أقدم أسباب الهجرة الغير شرعية على الإطلاق، حيث تشهد صفحات التاريخ على أن الكثير من الدول والحضارات القديمة شهدت صراعات دينية ومذهبية تحولت بين عشية وضحاها إلى حروب ضروس أودت بحياة الآلاف من الناس.
من نجا منهم اضطر إلى الهجرة الغير شرعية التي كانت تتمثل في التسلل عبر الحدود خلسة آنذاك، وكانوا في حالة العثور عليهم يقتلونهم أو يجبرونهم على العمل بالسخرة أو يبيعونهم في أسواق العبيد.
5ـ أسباب نفسية وشخصية
قد يكون السبب وراء الهجرة الغير شرعية بالنسبة إلى الفرد نفسيًا وشخصيًا يتعلق به ولا يعرفه غيره، ربما يمر بحالة نفسية سيئة منذ وقت طويل نتيجة الشعور بالعجز والضعف وقلة الحيلة، والدخول في حالة من الاكتئاب وعدم القدرة على الخروج إلى المجتمع والناس ومواجهة التحديات التي يواجهها أي إنسان في حياته.
حيث يظهر له المستقبل بمظهر معتم الك الظلام وخاصةً إذا كان يعاني من غياب الدعم النفسي من الأصدقاء والمعارف عامةً ومن الأهل خاصةً.
يبدأ هنا في الشعور بالوحدة والتمرد في نفسه على الواقع المرير الذي يعيش فيه، ولا فرصة أمامه للسفر إلى الخارج لكي يجرب حظه في دولة أخرى لعدم كافية الأموال، وهنا لا وسيلة أمامه لتحقيق هذا الهدف غير الهجرة الغير شرعية.
اقرأ أيضًا: الهجرة إلى كندا من السعودية
مخاطر الهجرة الشرعية
بعد التعرف إلى كل أسباب الهجرة الغير شرعية تجدر الإشارة إلى المخاطر التي قد تنتج عنها، وتلك المخاطر تنقسم إلى:
1ـ مخاطر فردية
يقصد بهذه المخاطر تلك الأضرار التي تقع على الشخص المهاجر عن طريق غير شرعي بعد أن يقدم على قراره ذلك، وتلك المخاطر تتلخص في:
- الوقوع في يد سلطات الحدود في إحدى الدولتين والترحيل للوطن من أجل السجن والمحاكمة.
- التعرض لخطر الموت غرقًا أو قتلًا.
- عدم وجود فرصة عمل والتشرد في شوارع البلاد الغريبة.
- الوقوع كرهينة في أيدي القراصنة أو تجار العبيد.
- التعرض للخطف وطلب فدية كبيرة إما القتل.
- الإصابة بإحدى الأمراض أو الأوبئة القاتلة.
- الموت قبل الوصول إلى جهة الدولة المراد الوصول إليها.
اقرأ أيضًا: قصاصة في موضوع الهجرة السرية
2ـ مخاطر قومية
عندما تقرر فئات كبيرة وكثيرة العدد من شباب وكوادر الدولة أن تهاجر عن طريق غير شرعي، فإن هذا ينتج عنه الكوارث الآتية:
- نقص في الأيدي العاملة.
- انخفاض معدلات الدخل القومي.
- خسارة خبرات وطاقات الشباب المهاجرين.
- إفلاس وخسارة وفشل الكثير من المشاريع القومية.
- الانفلات الأمني.
- زيادة معدلات الهجرة الغير شرعية.
- انتشار معدلات الجريمة.
مع الأسف في كل يوم تتجدد أسباب الهجرة الغير شرعية نتيجة لسوء الأوضاع والتغيرات السلبية التي تحدث في كل دولة، وطالما لم يتم ضبط تلك الأوضاع لن تكون السيطرة على آفة الهجرة الغير شرعية ممكنة.