آيات قرآنية عن الأمل والطموح
آيات قرآنية عن الأمل والطموح هي من أجمل وأكثر ما يمكن أن نصادفه في صفحات كتاب الله، فإن الإنسان كثيرًا ما يكون في أمس الحاجة إلى ما يقوي قلبه ويعزز الأمل في كل شيء لديه.
سنقدم عبر منصة وميض نماذج من آيات قرآنية عن الأمل والطموح والتي من شأنها أن تغير مجرى ومسار حياة الإنسان اليائس إلى أفق جديد أكثر إشراقًا.
آيات قرآنية عن الأمل والطموح
إن الحديث حول آيات قرآنية عن الأمل والطموح لا يسهل اختصاره أو ذكره بشيء من الإيجاز، وذلك لأن كل آية من آيات كتاب الله العزيز تبعث على الشعور بالأمل والأمان والطمأنينة، وتولد لدى المسلم شعورًا دائمًا وقويًا بأنه ليس وحيدًا مهما كان ذلك حقيقًا فآيات الله تخاطب المسلم وتجعله يشعر أنها نزلت من أجله وتعنيه هو.
قال الله تعالى ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [سورة الشرح]
ما الذي يمكن أن يفقد الإنسان للأمل ويجعله يتنازل عن طموحاته وأهدافه في الحياة بعد قراءته لتلك الآيات الكريمة، فإن الله يقول لعبده ألم ننور لك صدرك ونجعله رحبًا وغفرنا لك ذنوبك التي أثقلت كاهلك.
فما الذي يدعوك إلى التشاؤم بعد كل تلك النعم، اصبر فإن اليسر هو محطة ما بعد كل عسر، فإذا فرغت من أعباء ومشقة الدنيا انصب على العبادة وأكثر من الدعاء إلى الله بعد أن تنهي صلاتك وعبادتك.
قال الله تعالى ﴿مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة آل عمران، الآية رقم 110]
إن تلك الآية وحدها كفيلة بأن تبعث على الشعور بالأمل والأمان وزوال الخوف من الغد، فما يغني الإنسان عن هذه الدنيا بأسرها غير كونه من القلة المؤمنة بالله الذين وعدهم الله بجناته لتكون تحت أقدامهم.
قال تعالى ﴿مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [سورة آل عمران، الآية رقم 75]
إن تلك الآية الكريمة يخبر الله بها الإنسان الفاقد للأمل ببساطة أن الدنيا لا تزال بخير، وإن كل ما يؤده اليوم من خير واعتقد أنه ذهب مع الريح هو لا يزال موجود ومحفوظ له في خير مكان وسوف يرد إليه أضعافًا مضاعفة في المستقبل.
اقرأ أيضًا: آيات تجعل الزوج يسمع كلام زوجته
آيات من القرآن تبعث على الأمل
إن أكثر آيات قرآنية عن الأمل والطموح قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في أسوأ الظروف التي مر بها، وقل لليائس الفاقد للأمل بأنه مهما عانى في حياته فلن تكون حياته أتعس مما مر به النبي من مشقة طوال حياته من المهد إلى اللحد.
قال الله تعالى ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [سورة النور، الآية رقم 17]
إن تلك الآية كفيلة بأن تطمئن قلب المؤمن الفاقد للأمل وهي من أجمل ما انزل من آيات قرآنية عن الأمل والطموح، فما الذي يدعو المؤمن لليأس وفقدان الأمل بعد ان أحبه الله ولولا حب الله له لما وعظه هو على وجه التحديد لكي يقيه شر عذاب الآخرة، فلا فوز في الدنيا ولا في الآخرة للعبد خير من فوره بحب الله له.
قال الله تعالى ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة المائدة، الآية رقم 52]
إن الإنسان قد يفقد الأمل أو يتنازل عن طموحاته التي لطالما كان يسعى إليها بسبب تعرضه إلى الإحباط، وتطمئنه هذه الآية الكريمة بألا ييأس فما أحاط به من سوء من قبل بسبب ظلم من قبل أحد الناس سوف يرد عليهم وسوف يبشره الله بنصر مبين.
قال تعالى ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ [سورة آل عمران، الآية رقم 26]
إذا ما مس الإنسان حالة من اليأس أو الضياع وغياب الطموح أو فقدان الشغف بها، فإن تلك الآية تثبت فؤاده وتقوي من عزيمته كثيرًا وتؤكد عليه بأن الأمر كله بيد الله، وكل ما هو بيد الله لا يضيع ولا يزول وعنده الخير كله عاجله وآجله.
القرآن الكريم وآمال الإنسان
إن كل ما ورد من آيات قرآنية عن الأمل والطموح في القرآن الكريم ما نزلت إلا لتربت على قلب العبد وتؤازره في أي محنة يمر بها في حياته، فالله لما جعل القرآن شفاءً لصدور العالمين لم يكن ذلك هباءً بل كان في محله وموضعه الصحيح ليدرك الإنسان أن أقوى ما يمكن أن يعتصم به حين ضعفه ويأسه هو حبل الله فقط.
يقول الله تعالى ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [سورة الحجرات، الآية رقم 17]
تلك الآية تذكر الإنسان دومًا بأن كونه مسلمًا مؤمنًا بالله موحدًا ليس مجرد مصادفة أو قدر محتوم، وإنما تلك نعمة من الله يمن بها على من يشاء من عباده لتكون لهم عونًا ونصرة حين الضعف، ومن أنعم الله عليه بنعمة الإيمان ليس عليه أن يخشى شيئًا في هذه الحياة أبدًا.
قوله تعالى: ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ [سورة المرسلات، الآية رقم 14]
وقول الحق سبحانه وتعالى (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾ [سورة النبأ، الآية رقم 17]
إن تلك الآيات الجميلة من شأنها أن تزيل الهم عن واليأس عن قلب العبد اليائس الذي واجه صدمة رأى أنها قوضت طموحاته، ويخبر الله عبده من خلال تلك الآيات بأنه لكل أجل كتابه والنهاية التي يحسبها نهاية قد تكون بداية حقيقة له، مليئة بالخير الذي أعده الله له تعويضًا عما عاناه من يأس وانطفاء في حياته.
قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [سورة العنكبوت، الآية رقم 2]
وقوله الحق سبحانه وتعالى (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ) [سورة القيامة، الآيات 36: 40]
إن هذه الآيات من أجمل آيات قرآنية عن الأمل والطموح على الإطلاق، فهي تقول وباللفظ الصريح أن الله لن يتركك إنه لم يخلقك عبثًا، وهو قادر على إحياء الأمل الذي مات في قلبك فهو القادر على إحياء الموتى من قبورهم.
اقرأ أيضًا: آية قرآنية لجلب الحبيب في نفس اليوم
الأمل في القرآن الكريم
إن كل ما نزل من آيات قرآنية عن الأمل والطموح كان في موضعه السليم، فإن كل ما في القرآن الكريم يدعو إلى الأمل والقرآن في حد ذاته أمل كبير للإنسانية بأكملها، وفيه تقوية للإنسان وتقويمًا له وفيه شفاء غيظ قلبه وذهابًا ليأسه وفيه من الطاقة على التحمل والاستمرار والمثابرة ما لا يعد ولا يحصى.
قال الله تعالى ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون﴾
[سورة العنكبوت، الآية رقم 41]
إن تلك الآية توضح وبشدة مصير من يلجأ إلى غير الله أو يحتمي بسواه ولا يتخذه ملاذًا أول له، وشبه الله من يلجأ إلى سواه ويحتمي به بالعنكبوت الذي يتخذ من شبكه الواهن الضعيف ظانًا بأنه سوف يحميه من أي خطر أو شر، ومصير من يفعل ذلك هو اليأس والفشل في حياته لا محالة.
قال الله تعالى (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) [سورة الطلاق، الآية رقم 1]
إن هذه الآية تبعث على الشعور بالراحة والاطمئنان الشديدين لدى الإنسان في حالة يأسه من أمر ما كان يسعى إليه، وهي تهون عليه بدروها بقول الله فيها أنك لا تعرف ما الذي قد يحدث فيما بعد، لعل ما اعتقد أنه ضاع منك سيسبب الله الأسباب من أجلك لكي يعود إليك مرة أخرى فيطمئن قلبك وتقر عينك به.
قال الله تعالى (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [سورة الطلاق، الآية رقم 7]
إن الله يبشر كل من يمر بحالة من اليأس أو الضعف في حياته بأن كل مر سيمر على خير حتى ولو بعد حين، فإن رحمة الله بنا في هذه الدنيا قضت بأن بع كل عسر يسر مهما طال على العبد الأمد.
الأمل والصبر في القرآن
إن من أهم ما يجب ذكره في إطار ذكر بعض من آيات قرآنية عن الأمل والطموح أن الأمل يحتاج معه إلى صبر جميل، فلا أمل في شيء ما من دون أن تكون لدى الإنسان قدرة كبيرة من أجل الصبر على مصاعبه.
قال تعالى (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [سورة يوسف، الآية رقم 87]
إن سورة يوسف حافلة بالكثير من آيات قرآنية عن الأمل والطموح وفي الحقيقة إن وصف الله لهذه السورة بأنها أحسن القصص كان في محله، فلا يوجد على الأرض من عانى مما عاناه أنبياء الله وخاصةً نبي الله يعقوب وولده يوسف عليهما السلام.
أهم ما يجب لفت الانتباه إليه في هذه السورة هو أن الله لا يفرق بين عباده فكما يبتلينا نحن بشيء من الخوف والحزن، كان أيضًا يبتلي عباده من الأنبياء فيما ما مضى أشد ابتلاءً مما قد نعاني منه يومًا.
قول الله تعالى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [سورة الزمر، الآية رقم 53]
لا يشترط أن تكون حالة اليأس وانهيار الطموح بسبب أمر دنيوي كالعمل أو علاقة عاطفية أو حالة مادية فقط، لأن الإنسان قد يصل إلى حالة اليأس من رحمة الله له وغفرانه لذنوبه لكثرة ما ارتكبه من معاصٍ وآثام أثقلت كاهله كثيرًا، وفي تلك الآية الكريمة يربت الله على قلب عبده في هذه الحالة ويخبره بأنه كتب على نفسه الرحمة على عباده، ومهما ارتكبوا من ذنوب عظيمة فأنا بغفرانها كفيل.
قال تعالى ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
[سورة يوسف، الآية رقم 83]
في تلك الآية الجميلة كانت الهموم والأحزان كالغيمة السوداء التي خيمت على قلب نبي الله يعقوب عليه السلام، والتي كان يشكو بثه وحزنه إلى الله آنذاك لفقدانه ثلاثة من أبنائه منهم سيدنا يوسف عليه السلام وأخيه.
مرورًا بتلك التجربة القاتلة لا يمكن أن نقارن أنفسنا أبدًا مهما واجهنا في الحياة من متاعب بما عاناه النبي يعقوب، ولكنه بالرغم من ذلك تمسك بحبل الله ووثق من رحمته على أمل أن يجمعه بأولاده جميعهم.
اقرأ أيضًا: آيات وأحاديث عن التسامح
الإيمان مفتاح الأمل من عند الله
كما ذكرنا في آيات قرآنية عن الأمل والطموح أن الأمل في حاجة إلى الصبر يجب أن نوضح أن الأمل والطموحات تحتاج إلى إيمان عميق بالله، فكيف يعيش الإنسان على أمل ما من دون أن يكون مؤمنًا بأن الله وحده هو من يستطيع أن يحقق له ما يرجوه؟
قال الله تعالى ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [سورة يوسف، الآية رقم 87]
إن تلك الآية الجميلة تؤكد على مدى صدق إيمان نبي الله يعقوب وذلك ليس غريبًا أبدًا، فإن سيدنا يعقوب عليه السلام قبل أن يكون نبيًا هو بشر في المقام الأول وكان بالرغم من النوازل التي أحلت به، إلا أنه كان مؤمنًا بأن الله سوف يجمع شتات شمله مرة أخرى بالرغم من الظروف التي باتت واضحة الاستحالة أمامه.
قال الله تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ [سورة الأنبياء، الآيات رقم 83، 84]
إن قصة سيدنا أيوب عليه السلام تعد نكالًا لكل من يأس وتنازل عن طموحه في الحياة، فإذا بحث أي منا عن آيات قرآنية عن الأمل والطموح لوجد أن تجربة أيوب عليه السلام من أبرز ما يمكن الاعتبار منها، فالله قد أمتحنه في ماله وولده وصحته وكل ما فيه تقريبًا، ولكنه بالرغم من ثقل ذلك كله آمن بأن الله قادر على أن يرد إليه كل ما ابتلاه بحرمانه منه.
قال الله تعالى (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران، الآيات رقم 139،140]
أن يؤمن الإنسان بأن الله لن يخذله مهما حصل هو خير ما يبعث على الأمل والإيمان بأن الأمل والطموح يبقى بالله ويزولان من دونه، وإذا ظن الإنسان ذات مرة بأن ما تعرض له من ظلم أو خيانة أو يأس أو ضياع في الدنيا بسبب شخص أو أمر ما قد ضاع إلى الأبد، فإن الله يخيب هذا الظن السيء لعبده ويبشره بأن الأيام سوف تدور كالدائرة وترجع إليه مرة أخرى فيأخذ على ذي حق حقه.
أمثلة من القرآن على الأمل والطموح
إن الأمل والطموح جزء لا يتجزأ عن طبيعة القرآن الكريم فالله لم ينزل هذا الكتاب على البشر إلا ليكون لهم أملًا في كل شيء في الحياة الدنيا وفي الآخرة أيضًا.
قال الله تعالى (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران، الآية رقم 133]
إن هذه الآية من أجمل آيات قرآنية عن الأمل والطموح على الإطلاق فليس هناك ما يبعث على الأمل والتمسك بالطموح أكبر من المسارعة في فعل الخيرات خالصة لوجه الله، وذلك كله على أمل أن يفوز الإنسان في نهاية المطاف بالجنة التي وعده الله بها لإيمانه التام بأن الدار الأخرة هي خير وأبقى.
قال الله تعالى (إن ينصركم الله فلا غالب لكم ۖ وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [سورة آل عمران، الآية رقم 160]
إن تلك الآية تبشر المؤمن الذي يعاني من اليأس أو الخوف من ضياع طموحه بأنه كلما استمسك بحبل الله فلن يسقط ولن يتهاوى أو يهزم، فإن الله ينصر من اعتصم به وينجيه من السقوط في المآزق والمحن ولا يجعله فريسة لليأس.
(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلىٰ وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم)[سورة التوبة، الآية رقم 40]
إن ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أجمل ما ورد ضمن آيات قرآنية عن الامل والطموح، فبالرغم من أنهما كانا محاطين بالشرور من كل حدب وصوب إلا أنهما كانا يطمئنان بعضهما البعض، ويمد كل منهم الآخر بنور الأمل من عند الله بأن كل شيء سيكون على ما يرام طالما كان توكلهم على الله، ولا شيء في الدنيا يحدث لنا يمكن تشبيهه بتلك التجربة العصيبة التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته.
اقرأ أيضًا: الرقية الشرعية للعين والحسد والسحر والرزق مكتوبة
أمثلة على الأمل عند الأنبياء
إن أنبياء الله جميعهم عانوا أشد المعاناة في حياتهم ولقد كان الله يمتحنهم بأشد المحن على طول حياتهم، لكي يكونوا لمن بعدهم آية يعتبرون منها وليكون لكل منهم آيات قرآنية عن الأمل والطموح يحتذى بها.
قال الله تعالى (وزكريا إذ نادىٰ ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، فاستجبنا له ووهبنا له يحيىٰ وأصلحنا له زوجه، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا، وكانوا لنا خاشعين) [سورة الأنبياء، الآيات رقم 89، 90]
إن شر ما يمكن أن يمتحن به الإنسان في حياته ويجعله يشعر بضياع الأمل إلى الأبد هو حرمانه من الإنجاب ومن التمتع بغريزة الأمومة أو الأبوة، وهذا ما عانى منه نبي الله زكريا عليه السلام طيلة حياته منذ شبابه وحتى شيبته.
لكنه بالرغم من طول العهد على تلك المعاناة إلا أنه لم يفقد الأمل ولم يكف عن الدعاء إلى الله لكي يرزقه من نسله ذرية صالحة وقد كانت إجابة الدعاء هي رزق الله له بنبي من نسله وهو يحيى عليه السلام.
ولأن بحثنا عن آيات قرآنية عن الأمل والطموح لوجدنا أن قصة زكريا عليه السلام مع زوجته العقيم من أجمل الأمثلة التي يحتذى بها في الصبر والأمل.
(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادىٰ في الظلمات أن لا إلٰه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين* فاستجبنا له ونجيناه من الغم ۚ وكذٰلك ننجي المؤمنين) [سورة الأنبياء، الآيات رقم 87، 88]
إن لا شيء يدعو إلى اليأس وفقدان الأمل في كل شيء أكبر من محنة نبي الله يونس عليه السلام الذي ابتلعه الحوت فعانى من ظلمات بطن الحوت تحت ظلمات البحر، وكان ذلك عندما يأس وفقد الأمل وفقد طموحه في هداية قومه فضيع نفسه حينها.
لكنه ما أن تذكر الله وناداه من تحت كل تلك الظلمات وبالرغم من إثمه هذا، إلا أن الله سمعه ولبى دعائه وعلمه من هذا الدرس بأن الأمل الحي يبقى في الإيمان بالله.
ختامًا فقد ورد في صحيح البخاري ومُسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل