شعر عن الشوق المتنبي
شعر عن الشوق المتنبي كان معبرًا عن المعنى المقصود في أبيات شعرية تصل إلى وجدان القارئ، فما هو معروف عن المتنبي ابتكاره للمعاني الجديدة، فنال شهرة عالية في الشعر والأدب، ومن أفضل ما تقرأه له أشعاره عن الشوق والهجران، لما فيها من صور مبتكرة، ومن خلال منصة وميض يُمكننا التطرق إلى بعضًا من أشعاره.
شعر عن الشوق المتنبي
أحيانًا ما يكون الغياب كالجمر الذي يتقد به الحب، وفيه نشعر وكأن الوقت لا يُمكنه المرور، تمامًا مثل عدم القدرة على تجاوز الشوق النابع من دواخلنا، والذي يصاحبه بيارق من الرجاء والأمل والخوف والانتظار.. وكثير من الحنين.
من أصعب المشاعر التي لا ينجم عنها إلا الحزن والأسى.. اشتياق أحدهم لآخر وبينهما مسافات أبعد من الوصال، وهما يعلمان أن نهايتهما الهجران، هذا تمامًا ما استفاض المتنبي في التعبير عنه، فقد عكست أشعاره تجاربه بالفعل، لذا كان المعنى هو الأنسب تعبيرًا.. وفيما يلي نعرض بعضًا من أبيات شعر عن الشوق للمتنبي:
منَ الشوقِ والوجدِ المُبَرِّحِ أنَّني
يُمَثَّلُ لي من بعدِ لُقياكَ لُقياكا
سأسلوا لَذيذَ العيشِ بعدك دائماً
وأنسى حياةَ النفسِ من قبلِ أنساكا
مهما حاول أحدهم أن ينسى فقيده، إلا أنه ليس بمقدوره أن يمحو ذكراه من داخله، فهو في صميم القلب، له مشاعر مكنونة تخرج في اشتياق جامح.. ولربما تخرج في بعض الأبيات الشعرية، هكذا كما عبرت أبيات شعر عن الشوق المتنبي.
اقرأ أيضًا: أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس
قصيدة أغالب فيك الشوق للمتنبي
لم يُكتب للحنين أن يختفي يومًا، طالما من فقدناه بداخلنا يحمل المعنى الحقيقي للحب والوفاء، فالشوق له غالب وإن بعُد، فإحساس الشوق هو ما يتملك من أحدهم عند الغياب، يتزامن معه الانتظار والصبر وأمل العودة مجددًا لنيل حلاوة الوصال.
لم يقتصر المتنبي في شعره على أبيات محدودة تعبر عن الشوق والهجران، إنما أفاض علينا بأشعار شتى تحمل تلك المعاني، ومنها القصيدة التالية:
أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ
وَأَعجَبُ مِن ذا الهَجرِ وَالوَصلُ أَعجَبُ
أَما تَغلَطُ الأَيّامُ فيَّ بِأَن أَرى
بَغيضاً تُنائي أَو حَبيباً تُقَرِّبُ
وَلِلَّهِ سَيري ما أَقَلَّ تَإِيَّةً
عَشِيَّةَ شَرقِيَّ الحَدالَي وَغُرَّبُ
عَشِيَّةَ أَحفى الناسِ بي مَن جَفَوتُهُ
وَأَهدى الطَريقَينِ الَّتي أَتَجَنَّبُ
وَكَم لِظَلامِ اللَيلِ عِندَكَ مِن يَدٍ
تُخَبِّرُ أَنَّ المانَوِيَّةَ تَكذِبُ
وَقاكَ رَدى الأَعداءِ تَسري إِلَيهِمُ
وَزارَكَ فيهِ ذو الدَلالِ المُحَجَّبُ
وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ
أُراقِبُ فيهِ الشَمسَ أَيّانَ تَغرُبُ
وَعَيني إِلى أُذنَي أَغَرَّ كَأَنَّهُ
مِنَ اللَيلِ باقٍ بَينَ عَينَيهِ كَوكَبُ
لَهُ فَضلَةٌ عَن جِسمِهِ في إِهابِهِ
تَجيءُ عَلى صَدرٍ رَحيبٍ وَتَذهَبُ
شَقَقتُ بِهِ الظَلماءَ أُدني عِنانَهُ
فَيَطغى وَأُرخيهِ مِراراً فَيَلعَبُ
وَأَصرَعُ أَيَّ الوَحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ
وَأَنزِلُ عَنهُ مِثلَهُ حينَ أَركَبُ
وَما الخَيلُ إِلّا كَالصَديقِ قَليلَةٌ
وَإِن كَثُرَت في عَينِ مَن لا يُجَرِّبُ
إِذا لَم تُشاهِد غَيرَ حُسنِ شِياتِها
وَأَعضائِها فَالحُسنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
لَحا اللَهُ ذي الدُنيا مُناخاً لِراكِبٍ
فَكُلُّ بَعيدِ الهَمِّ فيها مُعَذَّبُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَقولُ قَصيدَةً
فَلا أَشتَكي فيها وَلا أَتَعَتَّبُ
وَبي ما يَذودُ الشِعرَ عَنّي أَقُلُّهُ
وَلَكِنَّ قَلبي يا اِبنَةَ القَومِ قُلَّبُ
وَأَخلاقُ كافورٍ إِذا شِئتُ مَدحَهُ
وَإِن لَم أَشَء تُملي عَلَيَّ وَأَكتُبُ
إِذا تَرَكَ الإِنسانُ أَهلاً وَرائَهُ
وَيَمَّمَ كافوراً فَما يَتَغَرَّبُ
فَتىً يَملَأُ الأَفعالَ رَأياً وَحِكمَةً
وَنادِرَةً أَحيانَ يَرضى وَيَغضَبُ
إِذا ضَرَبَت في الحَربِ بِالسَيفِ كَفُّهُ
تَبَيَّنتَ أَنَّ السَيفَ بِالكَفِّ يَضرِبُ
تَزيدُ عَطاياهُ عَلى اللَبثِ كَثرَةً
وَتَلبَثُ أَمواهُ السَحابِ فَتَنضَبُ
أَبا المِسكِ هَل في الكَأسِ فَضلٌ أَنالُهُ
فَإِنّي أُغَنّي مُنذُ حينٍ وَتَشرَبُ
وَهَبتَ عَلى مِقدارِ كَفّى زَمانِنا
وَنَفسي عَلى مِقدارِ كَفَّيكَ تَطلُبُ
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً
فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ
يُضاحِكُ في ذا العيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ
حِذائي وَأَبكي مَن أُحِبُّ وَأَندُبُ
أَحِنُّ إِلى أَهلي وَأَهوى لِقاءَهُم
وَأَينَ مِنَ المُشتاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ
فَإِن لَم يَكُن إِلّا أَبو المِسكِ أَو هُمُ
فَإِنَّكَ أَحلى في فُؤادي وَأَعذَبُ
وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
يظل الانتظار حتى يأتي من ذاق القلب ويلات الشوق إليه، فلا تزول مرارة هذا الشعور القاسي إلا بالوصال، وكان ذلك المعنى ما عبرت عنه أبيات الشعر عن الشوق للمتنبي.
اقرأ أيضًا: شعر للمتنبي عن الحب
أبيات شعرية للمتنبي عن الشوق والحنين
إنَّ أجمل ما قيل عن الشوق أنه ذلك الشعور العاقل الذي يشوبه شيء من الجنون، فهو ما يدفعك إلى الانتظار رغم استحالة الوصال، وهو ما يجعلك متيقنًا من العودة رغم كثرة القيود.. مدافعًا عن حبك ومشاعرك الجياشة لتخرج إلى من يستحقها، من كان الشوق إليه أنهارًا.
ففي وقت الغياب، نجد في الشوق والحنين الصُحبة، الحنين لما مضى من ذكريات، والشوق هو ما ينتابنا حاليًا ومستقبلًا، كلاهما ذو مرارة لا يعلم بها إلا من يُدركها حقًا، وما كان من الكلمات معبرًا عن تلك المشاعر النبيلة الصادقة إلا بعض أبيات الشعر عن الشوق للمتنبي والتي قال فيها:
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا
وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا
لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى
مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا
بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما
أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا
وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد
أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا
أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها
نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا
أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً
ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا
وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي
فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا
اقرأ أيضًا: شعر عن حب الوطن للمتنبي
إن الشوق هو الدليل الراجح على الحب، فمن نشتاق إليه هو من يستحق أن نعبر عن مشاعرنا الصادقة من أجله، فيأتي الاشتياق على لسان الشعراء في أبيات شعرية تصل إلى وجدان من يعاني من المرارة ذاتها.