تجارب شخصية في الحياة

تجارب شخصية في الحياة للتعلم من أخطاء الآخرين، يقال إن علينا أن نتعلم من أخطاء الغير، ولكن الواقع أننا لا نتعلم إلا من أخطائنا، ربما السبب وراء ذلك هو أهمية التجربة الشخصية وخصوصيتها، ودورها في اكتشاف الذات والتعرف على القدرات التي لا تخرج إلا في الوقت الصعب، وهذا ما نعرفكم به عبر موقع وميض.

تجارب شخصية في الحياة

مهما قرأ الإنسان عن تجارب الآخرين وعثراتهم فإنه لا يستطيع الحصول على نفس العظة إلا عندما يخوض التجربة بنفسه، ورغم ذلك فإن بعض القصص الملهمة قد تكون نقطة تحول في حياة البعض.

1- قصة شخصية عن الأمل

يعتقد البعض أن العثرات ترد المرء إلى نقطة الصفر وتحول بينه وين أي إنجاز بل وتسلب منه ما وصل إليه بالفعل، ولكنني أستطيع أن أحكي في هذا الصدد قصة مؤثرة في حياتي كانت هي محور بناء شخصيتي الحالية.

في البداية كنت أحلم ببدء مشروعي الخاص في المجال الذي أحبه، وكنت شابًا أرعنًا يملؤه الحماس والجسارة، وجلست أخطط أسبوعًا وسحب ما لي من مدخرات وتركت وظيفتي حتى أتفرغ للعمل في المشروع.

استقريت على المكان ووقعت عقد الإيجار وفي غضون ثلاثة أيام كنت قد نجحت في تحصيل كافة التجهيزات التي يحتاجها المشروع للعمل بأعلى كفاءة، وبعد الاتفاق مع المورد ودفع مستحقات الشحنة الأولى شعرت أن حلمي على شفا التحقق.

الذي لم أحسبه على الورق هو المدة التي يحتاجها المشروع حتى يدر أول عائد له، فقد مر الشهر الأول وأنا أعمل بأقصى طاقتي ولكن ما أخذه من ماله كان ينفق كله على الدفعات القادمة التي أحصل عليها من المورد.

لم يسيطر عليّ الشعور السلبي تمامًا فقد كنت منتظرًا لمجهودي أن يثمر، وكان الأولى بالطبع أن أقوم بدراسة جدوى مالية حقيقية بدلًا من بضعة شخابيط على الورق، ولكن الوقت كان قد فات، فقد جاءني مسؤول الضرائب وأخبرني بأن المبلغ المستحق عليّ هو كذا ويجب الاستحقاق في نهاية الأسبوع بحد أقصى، وهذه هي الضريبة القانونية بعد عمل المكان لثلاثة أشهر.

كان المبلغ كفيلًا بإيقاف المشروع لأنه سيفضي إلى خسائر تدريجية على المدى البعيد، وذلك تبين لي خطورة ما أنا مقبل عليه، فتصرفت في أصول المشروع وبعتها بنفس السعر، وأوقفت الإيجار.

كانت الخسارة الحقيقية هو مجهودي وآمالي التي بذلتها بلا طائل لثلاثة أشهر، ولكن تعلمت أن أبذل ما يماثله من مجهود في التخطيط والتفكير والتحليل، وهو ما أنجح المشروع بعد عدة سنوات من إيقافه، حيث استعملت خبرتي وتعلمت من أخطائي، وكانت هذه أهم تجارب شخصية في الحياة أمر بها.

اقرأ أيضًا: أجمل ماقيل عن الحياة والأمل

2- قصتي الملهمة مع الخوف

كنت في الثامنة عندما قرر أبي أن أذهب إلى المدرسة منذ اليوم لوحدي، فهي ليست بالبعيدة ولا يفرق بينها وبين البيت أي طرق موحشة أو عصية على المسير بدون رفيق، وكنت قد تعودت أن يقلي أخي الأكبر كل يوم للمدرسة ثم يتجه هو إلى مدرسته المجاورة.

ذات يوم استيقظ أخي ووجد نفسه مريضًا لا يقدر على شيء، وعندها رأى أبي أنني كبرت بما يكفي حتى أسير بمفردي إلى المدرسة كل يوم بدلًا من الاتكال على ابنه الأكبر.

لم أكن أخف السير وحدي بتاتًا، فلقد تعودت على اللعب مع الأقران في الشارع المجاور، ولكن يحف الطريق إلى مدرسة أحد بواعث الرعب التي لا تضارعها أوصالي إذا سرت فيها، فكان في منتصف الطريق بؤرة لتجمع الكلاب الضالة.

عندما تسير في الصباح الباكر إلى المدرسة، وترى نور القمر في السماء لم يأفل بعد، فإن عدد الأشخاص في الطرقات يخفت، وعدد الكلاب التي تكون في ساعة نشاطها يزيد، وكان أشد ما يرعبني في هذه المرحلة من عمري أن ألقى كلبًا أو كلبين فينبحان عليّ.

كنت أسمع أيضًا أن عضة الكلب أسوء من نباحه، وأن العضة الواحدة إن لم تقتل طفلًا في الثامنة فستلقي به في المستشفى ليواجه مصيره مع ما يربو عن العشرين حقنة، فكان أمر الأب بذهابي إلى المدرسة منفردًا بمثابة حكم بالنفي.

كنت أعلم أني في طريقي لمقابلة مصيري المحتوم، حيث لا فائدة من التعلل بوجود كلاب في طريقي، كان أبي شديدًا بحيث لم يكن ليرى في شكواي إلا تأففًا وتهربًا من الذهاب للمدرسة.

لذلك كان يتوجب عليّ بذل التضحيات، فقد سرت للبقعة التي سأواجه فيها مصيري حاملًا قلبي في كف، وكيس السندوتشات العتيد في الأخرى، وما إن برز الكلب الأول حتى ألقيت له من ذعري الكيس كله.

لم تمر ثواني حتى انقلب خوفي بهجة، وسرت في أوصالي الراحة، فقد تجمع الكلاب حول طعامي وأكلوه بنهم، والتمست في أعينهم نظرة الرضا، حتى أني تقربت منهم ولعبت معهم، وشعرت أن خوفي من هذه الكلاب المقهورة إنما هو تجني عليهم وظلمًا يحيق بهم من الناس.

اقرأ أيضًا: كيفية تطوير الذات وتقوية الشخصية

كيفية التعلم من التجارب الشخصية

لا قدرة للإنسان على فهم العالم حوله أو تكوين رغبة وإرادة تجاهه إلا من خلال تجارب شخصية في الحياة، والناس في ذلك منقسمون، فمنهم من لا تجارب له ولا يحب أن يخوض تجارب جديدة، مثله كمثل السفينة الراسية على الشاطئ ترفض الخوض في لجة البحر.

نوع آخر من البشر يسبح في السماء كجرم تائه لا يعلم ما هو مقبل عليه ولكنه يطلبه ويغالي في طلبه، والبشر على اختلافهم في التعلم من التجربة أربعة أصناف:

  • شخص يعيش في التجربة يؤثر فيها وتؤثر هي عليه، فهو يستفيد منها ويتطور على إثرها.
  • شخص يبادر إلى التعلم من زلات الآخرين فهو يطور نفسه بدون الوقوع في الخطأ.
  • شخص يعيش تجربته الشخصية ولا يتعلم منها ولا يستفيد من تجارب غيره وعظاتهم، فهو يكرر خطأه مرة بعد أخرى.
  • شخص لا يملك تجارب ولا يطلبها، فهو يطلب الأمان والسكينة.

اقرأ أيضًا: اختبارات تحليل الشخصية دقيق جدًا

أهمية التجربة الشخصية في تشكيل الشخصية

التجربة إذن ضرورة حيوية لا مناص منها، فالحياة إذا كانت مدرسة فالتجارب هي دروسها، أما الدروس الناجحة منها فلها عدة شروط يجب عليها أن تتحقق حتى ينتفع منها الإنسان، وتكمن فيها أهمية تجارب شخصية في الحياة بالنسبة للإنسان.

  • النجاح -مثلًا- تجربة شخصية في الأول والأخير، ولذلك فلا يوجد سبيل واحد يفضي إلى النجاح أو إلى أي شيء آخر بعينه، فيجب الاستفادة من مختلف المنابع.
  • عند المرور بالتجربة عليك الانغماس فيها بمشاعرك وأفكارك وسلوكك، فالتجربة الناجحة هي تجربة صادقة يعيشها المرء بكل جوارحه، أما أنصاف التجربة فلا تغير إلا قليلًا.
  • خوض التجربة الناجحة مقرون باستعدادات شخصية، فالذكاء العاطفي يأتي من خوض تجارب عاطفية، وخوض التجارب العاطفية بشكل سليم لا يأتي بدون ذكاء عاطفي، فالاستعدادات مقرونة بحلقة دائرية من المسببات.
  • الحل هو تحويل التجربة إلى استعدادات، وذلك بأن نتعلم كيف نستخلص من التجربة ما هو جوهري ومجرد، ومن ثم تطبيقه على أنفسنا، فهنا تتحول التجربة إلى استعداد ذاتي لتجارب أخرى.
  • التجربة السليمة هي التي يأتي بعدها التأمل السليم، وبدون التأمل فلا يمكن استخلاص دروس سليمة للمستقبل.

لا يتم الاستفادة من التجارب إلا عبر الاستعدادات والمقومات التي تكمن في شخصيتنا، ومن خلال الاطلاع على تجارب شخصية في الحياة للآخرين نستطيع بناء استعدادات ذاتية والإقبال على المزيد من التجارب النافعة.

شاركنا أفكارك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.