الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة
ما الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة؟ وما هي كفارة اليمين؟ يُعد اليمين هو الحلف على فعل شيء ما أو تركه بصيغة مُعينة، وتتعدد أنواع اليمين بين يمين مُنعقد، يمين لغو، يمين غموس، وهو من الأمور المشروعة في الإسلام ولكن بشروط خاصة، فهناك بعض أنواع اليمين غير الجائزة، ويُمكن التعرف على المزيد من المعلومات الخاصة بأنواع اليمين والفرق بينها من خلال منصة وميض.
الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة
يُعتبر اليمين هو أخذ الإنسان عهد على نفسه لتحقيق أمر ما أو تركه، والتي تكون لها صيغة مُعينة وهي ذكر اسم الله ثم ذكر الأمر الذي حلف لفعله، وسُمي يمينًا حيث إن العرب كانوا إذا حلف بعضهم يضرب كل منهم الآخر على يمين صاحبه، وهو أمر مشروع ولكنه يتطلب بعض الشروط والأحكام المُعينة من أجل صحته.
هُناك العديد من أنواع اليمين حيث قام العلماء بتقسيم اليمين إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي يمين الغموس ويمين اللغو واليمين المنعقدة، وهُناك العديد من التساؤلات حول ما هو الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة؟
يُمكن بعد التعرف على بعض التفاصيل الخاصة بكل منهما بشكل مُنفصل استخراج الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة، الأمر الذي سنتناوله خلال سطور موضوعنا.
1- اليمين الغموس
يُعتبر اليمين الغموس أحد أنواع اليمين وهو من الأيمان المُحرمة التي يجب على المسلم تجنبها حيث إنها عبارة عن الحلف الكاذب على أحد الأمور ويكون فيها الإنسان على دراية بكذبه، والذي يلجأ إليها بعض الناس من أجل الحصول على حق الآخرين والأموال المُحرمة، ومن صور اليمين الغموس كأن يحلف أنه فعل أمر ما ولم يفعله.
تعود تسمية اليمين بالغموس حيث إنه يكون السبب في تغمس الحالف بالذنوب والآثام التي تؤدي إلى دخول النار، حيث إنه من المعاصي التي يجب على المُسلم تجنبها، فهو أحد أشكال الحلف بالله كذبًا بالإضافة إلى الإثم الذي يعود على صاحب اليمين، كما أنه يُصبح من العادات التي يتطبع بها الإنسان دون إرادة منه.
كما أجمع أهل العلم أنه من الكبائر فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تدل على ذلك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ “، كما أنه من الأيمان التي اختلف العلماء على حكم الكفارة والأمر الأرجح أنه لا تُجزئ فيه الكفارة.
تعددت المذاهب في كفارة اليمين الغموس حيث يرى المالكية والحنفية والحنابلة أن كفارة اليمين الغموس تكون بالتوبة حيث إنه من الكبائر التي لا يُمكن محوها بالكفارة ولكن يُمكن التكفير عنها من خلال التوبة الصادقة وعدم العودة إلى اليمين الغموس مرة أخرى، كما اتفق على هذا الرأي مُعظم العُلماء.
يرى الشافعية أن اليمين الغموس يُجزئ فيه الكفارة فقد استندوا في حكمهم على قول الله تعالى: “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
حيث يرون أن خاتمة الآية تدل على أنها كفارة جميع أنواع اليمين.
اقرأ ايضًا: عقوبة حلف اليمين الكاذب في المحكمة
2- اليمين المنعقدة
يُعتبر اليمين المُنعقد هو الذي يقوم به الإنسان عند الخلف على فعل أمر ما أو تركه في المُستقبل، كأن يحلف أن يقوم بزيارة شخص ما في المستقبل ويشترط لتحقق اليمين المُنعقدة توافر بعض الشروط في الحالف حيث يجب أن يكون بالغ، عاقل، قاصد اليمين، أن يكون الحلف على أمر مُمكن عقلًا.
يُعد هذا اليمين مُنعقدًا في ذمته حتى الوفاء به ولا يجوز له الحنث به خاصًة إذا كان الحلف على أمر فيه خير للحالف، إلا في حالة استثناء الحلف بقول إن شاء الله، أما في حالة الحلف على أمر فيه شر له فيجب حينها الحنث باليمين والتكفير عنه، كأن يحلف ألا يُصلي.
اتفق العُلماء على أن اليمين المُنعقدة يجزئ فيها الكفارة حيث جاء الدليل عليها واضحًا في القُرآن الكريم في قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا).
فيجب عند حنث اليمين المُنعقدة التكفير عنه من خلال إطعام عشرة مساكين بشرط أن يكون الطعام مما تسمح به حالته المادية وأن يكون الطعام غالبًا في البلد، أو كسوة عشرة مساكين أيضًا أو تحرير رقبة فيكون التكفير بواحدة من الثلاثة السابقة، وفي حالة عدم توافر أحد الحالات السابقة يُمكن حينها صيام ثلاثة أيام.
يُمكن تلخيص الفرق بين اليمين الغموس واليمين المُنعقدة بطريقة بسيطة من خلال النقاط التالية:
- يُعد اليمين الغموس هو الذي يكون فيه الحلف على أمر ما مع كون الحالف على دراية وقصد بعدم تحقق اليمين من أجل الحصول على حق الغير، بينما اليمين المُنعقدة هي التي يكون فيها الحلف بقصد الوفاء به ولكنه لا يتمكن من ذلك بسبب وقوع أمر ما يمنعه من ذلك.
- اختلف العُلماء في حُكم التكفير عن الحنث في يمين الغموس بين الكفارة والتوبة حيث يرى بعضهم أنها من الكبائر التي لا تُجزئ فيها الكفارة ويجب فيها التوبة الصادقة، بينما اليمين المنعقدة اتفق العُلماء على وجوب الكفارة فيها.
اقرأ ايضًا: ما هو اليمين الغموس و كفارته ومشروعيه
السنة النبوية عن أنواع اليمين وأحكامها
هُناك العديد من الأحاديث التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تدل على أنواع اليمين المُختلفة والتي يحثنا فيها الرسول على الحرص على اليمين حيث إن اليمين من الأمور التي يجب الوفاء بها، والحنث بها يُعد من المعاصي التي يجب التكفير عنها
تختلف في درجة الإثم باختلاف نوع اليمين، ومن الأحاديث التي جاءت مُبينة الفرق بين اليمين الغموس واليمين المنعقدة:
- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ”.
- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: “واللَّهِ، لَأَنْ يَلِجَّ أحَدُكُمْ بيَمِينِهِ في أهْلِهِ، آثَمُ له عِنْدَ اللَّهِ مِن أنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتي افْتَرَضَ اللَّهُ عليه”.
- عن أبي إمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ” مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ”.
- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَحْلِفُ بأَبيهِ، فَقَالَ: “لاَ تَحْلِفُوا بآبَائِكُمْ، مَنْ حَلَفَ بالله فَليَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بالله فَليَرْضَ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بالله فَلَيْسَ مِنَ الله”.
اقرأ ايضًا: حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
حكم حنث اليمين
يُعتبر اليمين من الأمور التي يجب الحرص عليها، فقد قال الله تعالى: “وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”، واتفق العلماء على حكم حنث اليمين على النحو التالي:
- يُسن نقض اليمين في حالة إذا كان النقض هو الأفضل له، حيث أنه هُناك بعض الحالات التي يكون الأفضل فيها حنث اليمين كأن يحلف على فعل أمر مكروه أو ترك أمر مندوب، فعليه حينئذِ نقض اليمين والتكفير عنه،
- يجب الحنث باليمين في حالة الحلف على فعل الكبائر، أو ترك الفروض، كأن يحلف على شيء لا يجوز فعله كقطع صلة الرحم فيجب عليه حينئذِ نقض اليمين والتكفير عنه.
- يُباح حنث اليمين في حالة الحلف على ترك فعل مُباح والتكفير عنه.
يُعد الدليل الذي استمد العلماء منه هذه الأحكام حديث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَعْتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصِّبْيَةَ قَدْ نَامُوا، فَأَتَاهُ أَهْلُهُ بِطَعَامِهِ، فَحَلَفَ لاَ يَأْكُلُ، مِنْ أَجْلِ صِبْيَتِهِ، ثُمّ بَدَا لَهُ فَأَكَلَ، فَأَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ حَلَفَ عَلَىَ يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَليَأَتِهَا، وَليُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ”.
أنواع اليمين من الأمور التي يتساءل عنها الكثير من أجل عدم استخدام الأيمان غير الجائزة حيث إن لها بعض الأحكام الخاصة في الإسلام، وأحد الأمور التي يجب الحرص عليها جيدًا.