يا أبا عمير ما فعل النغير
“يا أبا عمير ما فعل النغير” ذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو عمير في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، فكثير من المواقف تم نقلها الصحابة والتابعين التي تشير إلى عدة دروس مستفادة، لذا يمكن التعرف أكثر من خلال منصة وميض حول تلك المقولة.
يا أبا عمير ما فعل النغير
أبو عمير بن أبي طلحة هو أخو أنس بن مالك رضي الله عنه من الأم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يزور أنس بن مالك رضي الله عنه في منزله فوجد أبو عمير الذي كان عمره ثلاث سنوات يجلس على الأرض ويحتضن عصفور جريح ويبكي وتنهمر دموعه.
فجاء صلى الله عليه وسلم إليه وسأله “يا أبا عمير ما فعل النغير” ويقصد بالنغير العصور الصغير، حيث لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبو عمير مثل الكبار أثناء مخاطبته، لذا ابتسم الطفل لرسول الله وفرح لاهتمامه بما يشعر به لأن لم يتساءل أحد من أهل منزله عن سبب حزنه من قبل.
فروى أنس بن مالك ما حدث أمامه عينه وقال: (كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير – أحسبه قال: كان فطيما -، قال: فكان إذا جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرآه قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير -طائر صغير كالعصفور-؟ قال: فكان يلعب به).
فذلك ما يدل على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه حتى بالأطفال الصغيرة، حيث كان يلاطف ويلاعب الطفل رغم انشغاله بفتوحات الدولة الإسلامية ونشر رسالة الإسلام.
اقرأ أيضًا: اقوال الرسول عن الظلم
الحكمة من قول “يا أبا عمير ما فعل النغير“
عند رواية أنس بن مالك للحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكن التأكد من العديد فنون الحكمة التي كان يتمتع بها أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم هي كالتالي:
1- تواضع رسول الله
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد الخلق وأشرفهم وصاحب الرسالة وخاتم الأنبياء والمرسلين، بالإضافة إلى أنه أعلى مكانة ومنزلة عند المولى عز وجل، فبالرغم من كل ذلك فهو أكثر الناس تواضعًا، فعندما يراعي شعور طفل صغير ويواسيه على حزنه يدل على شدة تواضعه وتعامله مع أبسط الناس خير المعاملة.
فمن يطلع على مواقفه الكثيرة التي تشير إلى رحمته وعطفه وتواضعه إلى وأحبه حبًا شديدًا وأقبل على دين الإسلام وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم.
2- لين المعاملة
عند مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للطفل الصغير “يا أبا عمير ما فعل النغير” فقد شبهه بالكبار وذلك ليضحك الطفل ويبتسم، وفي تلك العبارة من الحديث الشريف تأكيد على حسن معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان كبير أو صغير، فهو يعامل الأقارب والغرباء بمعاملة طيبة تناسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وذلك ما يساعد في انتشار الود بين الناس.
اقرأ أيضًا: كفارة ضرب الطفل على الوجه
3- جواز التكنية
حسب ما نادى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أبو عمير وهو طفل صغير لم يتجاوز عمر الرابعة، فلذلك جاء الحافظ ابن حجر بإجازة التكنية بالأب أو بالأم حتى لمن ليس له ولد.
4- اللعب بالطير
عندما رؤى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)، كان المسلمين يمتنعون عن اللعب بالحيوانات أو الترفيه معهم حتى كان الآباء والأمهات ينهون أولادهم عن العبث بالطيور أو الحيوانات.
لكن عندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بلعب أبو عمير مع الطير ولم ينهى عن ذلك أصبح اللعب مع الطيور والحيوانات الأليفة مباح بشرط عدم العبث أو إلحاق الأذى بهم.
اقرأ أيضًا: كلمات مؤثرة عن الرسول
5- الرسول قدوة لأمته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا أفضل قدوة لأمته فكان يقوم بالسلوك الأفضل الذي يتخذه منه الآباء والأمهات المسلمين في تربية ولادهم، فكانت سيرته مليئة بالمواقف التي تشير إلى اللين في التعامل والتواضع والأخلاق الحميدة التي يجب التعامل بها بين الناس وبعضهما البعض.
من يتأمل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى مدى كرم الأخلاق الذي كان يتحلى به، فمن يعطي وقت لطفل صغير لمواساته يكون خير المربيين وأفضل الحكماء.