يارب ان عظمت ذنوبي كثرة
يارب ان عظمت ذنوبي كثرة من أشهر ابتهالات سيد النقشبندي والذي يمتاز بالصوت الجميل والعذب الذي يبث الراحة والهدوء في القلوب، ولتلك الكلمات في ابتهاله جمال ومعنى قويّ تسكن له القلوب وتطمئن له الأنفس وتتحرك باتجاه الله تعالى، لذا فيما يلي نتناول قصة تلك الكلمات بالضبط عبر منصة وميض.
يارب ان عظمت ذنوبي كثرة
تعد قصيدة يا رب إن عظمت ذنوبي من أشهرها لدى العرب ومن أجمل الابتهالات الدينية التي من الممكن سماعها بصوت الكثير من الشيوخ إلا أن أكثرهم جمالًا وأعذبهم صوتًا هو النقشبندي، ومن الجدير بالذكر أنها لا تعد ملكًا له كما يعتقد البعض، فهي أبيات لشاعر عباسي شهير نتحدث عنه وعن قصته في الفقرات التالية، ولكن فيما يلي إليك كلماتها الجميلة:
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
قصة قصيدة يارب ان عظمت ذنوبي
كاتب القصيدة هو الشاعر أبو نواس، وهو ما كان منذ الصغر يحب أن يحضر مجالس العلم فكان يعمل بأحد محلات العطارة وحينما كان ينتهي من دوام عمله يقوم بالتوجه إلى الكتاب ليدرس القرآن الكريم، والتفسير والفقه.
قد كان أبو نواس حافظ للقرآن الكريم وذات يوم التقى بواحد من شعراء الكوفة واسمه والبة بن الحباب، ونصحه بأن ينتقل معه إلى منطقة الكوفة، ووافق أبو نواس مغادرًا مدينته، وكان والبة مشهورًا بتناول الخمر وحبه لمجالس النساء وتعلم منه ذلك أبو نواس.
اتصل أبو نواس بالخلفاء العباسيين وقتها فكان ذو مكانة عالية لدى الخليفة هارون الرشيد، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه قد تم حبسه أكثر من مرة بسبب ما كان يكتبه في الخمر، بينما في أواخر حياة أبو نواس فإنه قد تاب إلى الله تعالى وتخلى عن كل ما كان يكتبه عن كل من الخمر والمجون، ولكن ما لم يصدقه الناس أنه من الممكن توبته توبة نصوح.
فحينما رآه واحد من أصحابه في المنام قال له أن الله تعالى قد غفر له ذنوبه كلها، وسأله لما قد غفر لك فأخبره أنه قد كتب الشعر الذي غفر له، وتعجب صديق أبو نواس لأن كل أشعاره كانت بالخمر والمجون.
فذهب بعدها إلى منزله وأخبر والدته بما رآه في منامه وبكت بشدة، ومن ثم قامت لغرفتها وأحضرت له ورقة وجدتها أسفل فراش أبو نواس بعدما مات، وأعطتها لصديقه ذلك وكان مكتوب فيها تلك الأبيات الجميلة.
اقرأ أيضًا: شعر مدح النساء الجميلات
الشاعر أبو نواس
الحسن بن هانئ الحكمي شاعر ابتهال يارب ان عظمت ذنوبي كثرة قد لُقب بشاعر الخمر نظرًا لكثرة ما كتبه من أبيات شعرية في الخمر والمجون، وهو واحد من أشهر الشعراء في العصر العباسي.
وُلد أبو نواس في خوزستان وكانت والدته فارسية ووالده دمشقي، عاش معظم أيامه في العراق واشتهر بأنه يحب اللهو والخمر بشكل قوي، ولكن بالنسبة لشعره فكان على قدر من الجودة والجمال، فقد تميز بالإبداع والتجديد إلى جانب التنوع في المواضيع.
كما أن الأبيات الخاصة به قد عكست حياته ومعتقداته والأمور التي يحبها، فقد اشتهر شعره بوصف الخمر، ومن الجدير بالذكر أن الفضل يعود إلى أبو نواس في إضافة كل من الصور والكلمات الجديدة للشعر وأن يخرج عن الصور التقليدية له.
اقرأ أيضًا: قصائد مدح قوية مكتوبة
حياة أبو نواس
قد توفى والد الشاعر أبو نواس وهو في سن صغير وتولت أمه رعايته، وأرسلته ليعمل لدى عطار وهو ما شجعه على التعلم والذهاب للكتاب لكي يتعلم القرآن والشعر، وقد شجعته أمه من البداية على ذلك إلى أن حفظ القرآن الكريم.
قد أحبّ أبو نواس في حياته جارية تسمى جنان، ولقد نالت الكثير من الأبيات الخاصة به وصفها ووصف جمالها، وبعد أن انتقل إلى الكوفة كما ذكرنا بالسابق فإنه رجع إلى البصرة مرة أخرى حينما تشبع بها.
إنجازات أبو نواس
قد كان أبو نواس شاعر ابتهال يارب ان عظمت ذنوبي كثرة لديه قدر كبير من الفهم في مجال الأدب واللغة وهو بسن صغير الثلاثين، وكان لديه من العلم عن الإسلام والفقه والأحكام القرآنية ما جعله ذو قدر عالٍ، ومن ثم عاد إلى بغداد ومدح في الخليفة هارون الرشيد.
كذلك من إنجازات أبو نواس أنه كان مطلع على العلوم المختلفة ومُلمًا بها، فمدح وهجا وعاتب ونظم الغزل، وتميز عن غيره في الشعر، فقد كان أغلبه سهل الألفاظ ولين في العبارات، كما أنه امتاز بكثرة التركيب دون ألفاظ غريبة أو حشو.
من أهم ما ينسب إلى أبو نواس أنه غير متكلف في شعره، فقد كان أبرز ما يميزه هي اللهجة البدوية، وأنه يخرج عن التقاليد الخاصة بالقصيدة العربية، كما أنه هو من ابتدع الغزل في الغلمان فحقق أكثر درجة من التغزل في الشذوذ.
اقرأ أيضًا: التجديد في الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة
أشهر أقوال أبو نواس
بجانب مجموعة القصائد التي كتبها أبو نواس وأشهرها يارب ان عظمت ذنوبي كثرة هي بعض من الأقاويل الشهيرة له، والتي بها حكمة ولمحة من جودة شعره، ومن ضمنها ما يلي:
- إلهي لست للفردوس أهلًا ولا أقوى على النار الجحيم.
- وعمري ناقص في كل يوم وذنبي زائد كيف احتمالي.
- صار جدًا ما مزحت به رب جد جرّه اللعب.
تعد قصيدة يارب ان عظمت ذنوبي كثرة من أشهر الابتهالات التي من الممكن سماعها، ويعد صوت النقشبندي هو الأفضل في ترديد تلك الأبيات الجميلة.