ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
“ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين” ذلك الدعاء الذي ذكره المولى عز وجل في سورة الأنبياء، فكان سيدنا أيوب عليه السلام مبتلي بمرض شديد وكان شديد الصبر لكن عندما اشتد عليه الألم ردد هذا الدعاء، لذا يمكن التعرف على تأثير قراءة الدعاء الذي دعا به سيدنا أيوب عليه السلام في أزمته، وذلك من خلال منصة وميض.
ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
قال الله تعالى في سورة الأنبياء:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)
هذا هو الموضع الذي ذُكر فيه دعاء ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
فكان سيدنا أيوب عليه السلام من نسل إبراهيم فقال تعالى:
(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
فأكد العلماء أن الضمير الموجود في الآية يعود على سيدنا إبراهيم عليه السلام.
فكان سيدنا أيوب مثال للصابرين لما تعرض له وكان سلاحه الوحيد هو الدعاء وأكثر ما يردده كان ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فالأنبياء والمرسلين من المولى عز وجل هم الأكثر صبرًا لكن الأكثر صبرًا هو سيدنا أيوب عليه السلام، فوضح صلى الله عليه وسلم في حديث رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال:
(قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ).
تم ذكر قصة سيدنا أيوب وصبره في سورتين وهم سورة ص وسورة الأنبياء وهي ما تم توضيح فيها دعاء:
“ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين“، فقال تعالى في سورة ص: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
فأصاب الشيطان سيدنا أيوب عليه السلام عندما فقد أولاده كلهم وأمواله فثد كان في السابق يمتلك العديد من المواشي والأراضي، فيعد من الأغنياء قبل أن تذهب ثروته وإصابته بمرض نادر لم يسبق أن يصيب أحد، فلم يبقى فيه جزء سليم إلا لسانه وقلبه.
فأصبح رجل ضعيف ينتبذه كل من حوله ولا تبقى بجانبه إلا زوجته، فانقطع أقاربه عن زيارته ورؤيته طوال ثمانية عشرة سنوات، حيث خرجت زوجته للعمل في خدمة الناس لتوفير طعامه وشرابه، بالإضافة إلى بقائها بجانبه ورحمتها له فكانت امرأة بارة.
حيث ظل نبي الله أيوب عليه السلام شاكرًا لربه لم يتخلى عن الذكر طوال الليل والنهار وذلك ما جعله قدوة في الصبر والتحمل، حتى أمره المولى عز وجل أن يردد “ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين” ويضرب بقدمه ليخرج بئر ليشرب ويغتسل منه وتخلص من المرض بإذن المولى عز وجل.
فقد كان أقسم سيدنا أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته فسمح الله عز وجل له بأن يمسك بحزمة من العيدان ويضرب بها بدلًا من زوجته كي يكفر عن يمينه، نظرًا بصبرها على شدته وتواجده إلى جانب زوجها، بالإضافة إلى أنعم الله عز وجل عليه أيضًا بجمع شمل أهله الذين تفرقوا من حوله.
لكن جاء دعاء إني مسني الضر مرة أخرى في سورة الأنبياء في قوله تعالى:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ)
والضر مقصود به في الآية الكريمة ما جاء من مرض وابتلاء.
اقرأ أيضًا: أحاديث الصبر على البلاء
فضل ترديد دعاء سيدنا أيوب
لا يوجد أي من المواضع التي ذكرت تفاصيل حول قصة سيدنا أيوب إلا في الموضعين السابقين من سورة ص وسورة الأنبياء، فأورد ابن عربي في حديث تأكيدًا لذلك “وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَيُّوبَ فِي أَمْرِهِ إِلَّا مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ فِي آيَتَيْنِ”.
ثم أكمل وقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الآتي:
“وَأَمَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إِلَّا قَوْلُهُ..”، وأورد هذا الحديث: (بَيْنَا أيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عليه جَرَادٌ مِن ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْتَثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قالَ: بَلَى وعِزَّتِكَ، ولَكِنْ لا غِنَى بي عن بَرَكَتِكَ).
فيخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبي الله أيوب كان يغتسل من ثيابه ويقف عاريًا فأنزل المولى عز وجل عليه جراد من ذهب فأخذ يجمعه، وكان ذلك معجزة من الله عز وجل لاجتيازه لامتحان الله له واختباره في صبره وتحمله، فكل ذلك يوضح قيمة ترديد دعاء سيدنا أيوب في التخلص من الابتلاء وإزالة الضرر وإنزال الرحمة من المولى عز وجل.
اقرأ أيضًا: دعاء على من ظلمني وقهرني
اقرأ أيضًا: دعاء المريض لنفسه بالشفاء العاجل من القرآن الكريم
على العبد أن يستمر في ترديد الأدعية التي وردت عن الأنبياء والصالحين لما فيها من فضل كبير في تغير الحال والوصول إلى الهدف من الدعاء.