هل النقاب فرض أم سنة
هل النقاب فرض أم سنة؟ وهل تركه يعد إثمًا؟ تلك الأسئلة الشائكة كثيرًا ما تكون محلًا لإثارة الجدل والفرقة بين صفوف المسلمين، بين مؤكد ومعارض وقبول ورفض قد يصل إلى حد التعدي على الآخر وهذا ما لا يمت للإسلام بصلة.
سنعرف من خلال منصة وميض إذا ما كان النقاب فريضة أم سنة كما سنوضح الضوابط الواجب الالتزام بها في حجاب المرأة.
هل النقاب فرض أم سنة؟
إن الإجابة عن سؤال هل النقاب فرض أم سنة لا تزال الشكوك ولا يزال الجدل قائمًا حولها حتى الآن، ويرجع الخلاف حول هذا الأمر إلى ذهاب فريق من علماء وفقهاء الدين إلى أنه سُنة فقط ومنهم من قال إنه فرضًا واجبًا، وهناك من رأى أنه واجب وفرض على الفتاة الشابة التي تفتن غيرها ولا تشعر بالأمن على نفسها وسط الناس.
كما اختلفت الإجابة عن سؤال هل النقاب فرض أم سنة نتيجة لاختلاف تحديد عورة المرأة بالنسبة إلى علماء الدين والفقهاء، فمنهم من ذهب إلى أن وجه المرأة فتنة وعورة ويجب سترها لذا يجب أن تلبس النقاب، ومنهم من قال إن كل جسم المرأة عورة فيما عدا وجهها وكفيها بمعنى أن الوجه واليد ليسا عورة ويجوز عدم سترهم.
بالرغم من ذلك الاختلاف يجب على المرأة في أي حال أن تتحلى بالحشمة ولا تتبرج، ولا تبدي زينتها وجمال جسدها إلا لمن أحل الله له ذلك من أهلها، وفي ذلك قال الله تعالى:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة النور، الآيات رقم 30، 31]
اقرأ أيضًا: هل خلع الحجاب من الكبائر
رأي الأئمة المسلمين في فرضية النقاب
كان للأئمة الأربعة المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة رأيًا خاصًا بهم اعتمدوه بالإجماع، وهو أن جسد المرأة بأكمله عورة يجب سترها فيما عدا كفيها ويديها، ولقد اشترطوا في وجوب النقاب هو أن تكون الفتاة على درجة عالية من الفتنة بحيث يصبح الوسط المحيط بها غير آمن عليها.
هذا ما ذهب إليه كذلك بعض الصحابة الكرام لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وأخذ به أيضًا فريقًا من التابعين مثل سعيد بن جبير والإمام عطاء والإمام الأوزاعي، وأكده أيضًا فريقًا من علماء الدين المعاصرين وذلك لأنهم فسروا قوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)
على نحو أن الظاهر من الزينة المسموح برؤيتها وكشفها هما الوجه والكفين، ولقد ذكر عبد الله بن عباس رضي الله عنه ذلك قائلًا “ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا: الكُحلُ والخاتمُ“ ما يؤكد على إجازة كشف الوجه والكفين.
لقد ذهب بعض الصحابة الكرام مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومن بعده الإمام أحمد بن حنبل، إلى جانب بعض علماء وفقهاء الدين المعاصرين إلى أن وجه وكفي المرأة عورة لابد من سترها.
اقرأ أيضًا: هل صلاة العصر لها سنة
نقاب المرأة في الحج والعمرة
تسعى المنتقبة جاهدة لمعرفة ما حكم لبسها لنقابها أثناء أداء شعائر الحج أو العمرة ما بين جواز وحظر، ولكن هذا الأمر محسومًا تمامًا من جانب النبي صلى الله عليه وسلم منذ عهد بعيد، وهو لا يجوز للمرأة أن تحرم وهي مرتدية نقابًا وقفازًا أو برقعًا أو ما شابه.
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: “قامَ رَجُلٌ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ماذَا تَأْمُرُنَا أنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ في الإحْرَامِ؟ فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ، ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ. [وفي رواية:] ولَا ورْسٌ. وكانَ يقولُ: لا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ. [وفي رواية:] عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ“
رواه عبد الله بن عمر، وحدثه البخاري، المصدر صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
ضوابط حجاب المرأة المسلمة
بعيدًا عن كون الإجابة عن سؤال هل النقاب فرض أم سنة لقد وضع الإسلام ضوابط محددة، يجب أن تلتزم بها لامرأة المسلمة في حجابها لستر عورتها بما أن المرأة كلها زينة، وتلك الشروط أو الضوابط تتلخص فيما يلي:
- أن يكون الحجاب ساترًا لعورات جسم المرأة غير ما استثني منه كالوجه والكفين.
- ألا يكون الحجاب ملفتًا وزينة قائمة بحد ذاتها.
- أن يكون واسعًا فضفاضًا لا يبرز مفاتن الجسم.
- ألا يكون شفافًا يظهر ما استتر أسفله من جسم المرأة.
- ألا يكون شبيهًا بالملابس التي يرتديها الرجال وذلك وفقًا لما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال: “لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ“
رواه عبد الله بن عباس، وحدثه الإمام البخاري، المصدر: صحيح البخاري
اقرأ أيضًا: كيفية الخشوع في الصلاة
حكم الحديث، صحيح قوي الإسناد.
- ألا يكون في لباس وحجاب المرأة المسلمة تشبهًا بما ترتديه الكافرات.
- ألا يكون لباس المرأة للشهر فقط أي أن يكون لباسًا تتفرد به المرأة دونًا عن سائر النساء في مجتمعها وبيئتها الإسلامية المحيطة بها.
من خلال الاضطلاع على الأجوبة التي قدمت عن سؤال هل النقاب فرض أم سنة يمكننا القول بأن المرأة يجب أن تتقي الشبهات باتباع الوسطية، فإذا لم ترتدِ النقاب فمن الأفضل لها أن تلتزم بشرعية زيها وحجابها.