هل يفرح الميت بالدعاء له
هل يفرح الميت بالدعاء له؟ وهل ينتفع به؟ فمن المعروف أن عمل الميت ينتهي في الدنيا بمجرد موته مما يعني أن الثواب الذي يحصل عليه المسلم يتوقف عند مماته، إلا أن هناك العديد من الأمور التي وردت في السُنة والتي لا تنقطع عن الميت في حال وجودها، فهل الدعاء من هذه الأمور؟ لذا سنعرض لكم من خلال منصة وميض إجابة سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له.
هل يفرح الميت بالدعاء له؟
في حال موت الشخص المسلم ينقطع كامل عمله وثوابه من الدنيا إلا من ثلاثة أمور وردت في الأحاديث والسُنة النبوية، فكانت هناك أحد الأحاديث التي وردت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال “إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له” [رواه ابن تيمية بإسنادٍ صحيح].
هذا الحديث شرحه يعني أنه في حال مات المرء، فينقطع عمله من الدنيا إلا من ثلاث، الأولى هي الصدقة الجارية التي يخرجها أهل الميت على روحه لتستمر الحسنات بالتزايد في ميزانه حتى بعد وفاته، الثانية العلم الذي نقله الميت وما زال العديد من الناس ينتفعون به بسببه، والأخيرة هي أساس حديثنا وهي أن يكون هناك أحد الأبناء الصالحين الذي يدعو للميت دائمًا.
بالتالي فإن الدعاء للميت من الأمور التي تظل باقية في الدنيا التي غادرها، وهذا يوضح لنا أن إجابة سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له أنها بالتأكيد نعم، فهي من الأمور التي تسعده وإلا ما كانت لتذكر خصيصًا في الحديث الشريف، كما أن الدعاء للميت بالرحمة يجعل رحمات الله تعالى تنزل عليه لأن الله تعالى يستجيب لدعاء عباده، كما أن الميت ينتفع بالدعاء بإجماعٍ كامل علماء المسلمين، فالدعاء والصدقات الجارية من أكثر الأشياء التي تُثقل ميزان المرء حتى بعد مماته.
اقرأ أيضًا: 9 أدعية للميت بعد الدفن
ثبوت أمر شعور الميت بمن يدعو له
بعد أن تعرفنا إلى إجابة سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له، فدعونا نوضح لكم أمر ثبوت شعور الميت بمن يدعو له، فلم يرد في السُنة النبوية أو علوم الفقه المختلفة أحد الأقاويل الأكيدة التي تثبت أن الميت يشعر بمن يدعو له بعد مماته أو من يأتي لزيارته، فكان كل ما ورد عن شعور الميت بالناس بعد مماته هو أن المرء بعد مماته يسمع صوت نعال الناس المبتعدين عنه بعد أن قاموا بدفنه، وأن روحه ترد إليه مرةً أخرى حين يأتي الملكين لسؤاله عن دينه ونبيه وربه.
شعور الميت بالحياة والناس الحزانى على موته
في إطار عرض إجابة سؤال هل الميت يفرح بالدعاء له، سنتعرف عما إذا كان المرء بعد مماته يشعر بالحياة والناس أم لا، حيث تمكن أهل العلم والفقهاء من تأكيد أنه في حال مات المرء فلا يكون له أي صلة أو شعور بعالم الأحياء أو الحياة، ويكون آخر شعوره بهم هو صوتهم مبتعدين عنه بعد دفنه.
أما عن شعور الميت بمن يحزن عليه ويبكي، أو شعوره بأقاربه الذين يحزنون عليه إلى حد الصراخ، فقد تم تأكيد أن الميت يتعذب كثيرًا، ويتألم ببكائهم وصراخهم بعد وفاته.
هل الأعمال الصالحة تصل إلى الميت؟
اعتاد المسلمون على القيام بالكثير من الأعمال الصالحة للميت حتى بعد وفاته، وتتمثل هذه الأعمال في الدعاء والصدقات الجارية والقيام الحج أو العمرة باسم الشخص المتوفى، وقضاء الدين للمَدينين نيابة عن المتوفى الذي لم تتسنى له الفرصة لسداد الدين أو لم يكن قادرًا على فعل ذلك، وكذلك صلة أقارب الميت من الأمور التي تعتبر من الأعمال الصالحة للميت بعد وفاته.
كل هذه الأعمال الصالحة التي سبق ذكرها تصل إلى الميت بعد وفاته، والدليل على ذلك أن كل ثوابها يصل إليه ويساهم في زيادة رصيده من الحسنات حتى بعد الموت، ومن الجدير بالذكر أن حكم القيام بالأعمال الصالحة للميت بعد وفاته أنها من الأمور المستحبة، أي أنه من الممكن أن يقوم المسلم بهذه الأعمال الصالحة لكن يشترط ألا يحاول ابتداع أي شيء من نفسه أو أن يقوم بأحد الأعمال الأخرى التي لا يصل أجرها للميت.
كما أن هناك أحد الأحاديث الأخرى التي وردت في السُنة النبوية والتي نُقلت عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حيث قالت: “مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ” [رواه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ بإسنادٍ صحيح]، مما يعني أنه في حال قيام المسلم بأي أعمال صالحة فإن أجره يصل إلى الميت وينتفع به.
كانت من نِعم الله التي لا تحصى على عباده أنه جعل الدعاء للميت والصدقات الجارية من السُبل التي تزداد بها حسنات الميت حتى بعد الوفاة، لذا فإن الميت يفرح بالدعاء له بعد مماته وينتفع به كثيرًا.
اقرأ أيضًا: حكم رفع اليدين في الدعاء
هل يعرف الميت من يزوره؟
كما سبق وذكرنا أن الميت عند وفاته ينقطع كامل عمله من الدنيا، وبالتالي فإنه لا يشعر بأيٍ من زائريه في القبر ولا يتمكن أيضًا من سماع حديثهم، وذلك استنادًا إلى ما ورد في كتاب الله تعالى حين قال: (إنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِى الْقُبُورِ) [سورة فاطر: الآية 22]
كما أن هناك أحد الأحاديث التي وردت فيما يخص سماع الميت لزائريه والشعور بهم لكنه من الأحاديث ضعيفة الإسناد، وهذا الحديث ينص على: “ما من عبدٍ يمرُّ على قبرِ رجلٍ يعرفُه في الدُّنيا فيسلِّمُ عليهِ إلَّا عرفَه وردَّ عليهِ السَّلامُ” [رواه أبو هريرة بإسنادٍ غير صحيح]
هل يشعر الميت بمرور الزمن؟
بعد التعرف إلى إجابة سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له، سنتعرف عما إذا كان الميت قادرًا على الشعور بالزمن مثل الأحياء، فمن الجدير بالذكر أن الزمن في عالم الأموات ليس له أي علاقة بالزمن في عالم الأحياء، حيث إن الأمور الغيبية للموتى لا يمكن معرفتها إلا من خلال النصوص القرآنية أو السُنة النبوية.
فمن خلال الآية الواردة في القرآن الكريم والتي تنص على قول الله تعالى: “(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) [سورة النازعات: الآية 46]، تمكن العلماء من التأكد أن مرور الزمن عند الأموات لا صلة بينه وبين عالم الأحياء، ويأتي تفسير الآية الكريمة بمعنى أن الموتى عند إعادة بعثهم يوم القيامة سيشعرون أنهم لم يقضوا في قبورهم إلا بعض الساعات من النهار كما ورد أيضًا في الآية التالية (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) [سورة الأحقاف: الآية 35]
اقرأ أيضًا: الدعاء للميت من الكتاب والسنة
شعور الميت عند الدفن
هل يتمكن الميت من الشعور بدفنه؟ لإجابة هذا السؤال العديد من الآراء التي اختلف عليها العلماء، فكانت الأغلبية في الرأي أن الميت بعد موته لا يشعر ولا يسمع أي شيء ولا يشعر بوقت دفنه، وذلك لأنه يكون قد بدأ يُسأل من الملائكة في قبره، كما أن هناك أحد الأحاديث التي تعني أن الميت في هذا الوقت يكون منشغلًا بسؤاله ولا يكون لديه الوعي للشعور بمن حوله.
إن سماع الميت لزواره أو الشعور بهم من الأمور التي ينفيها جميع علماء الفقه في مختلف المذاهب استنادً للآية القرآنية التي وردت في سورة فاطر، قال تعالى: (إنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِى الْقُبُورِ).