هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت
هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت؟ وكيف يمكن إهداء الأعمال الصالحة إلى الميت؟ فقد يطلب الكثير من الأشخاص الرحمة لمن ماتوا من الأقربين إليهم، دون العلم بأن قراءة الفاتحة أمر جائز على الميت أم واجب أم إنه من الأمور المحرمة، وهذا ما سنتعرف إليه عبر منصة وميض من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت.
هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت؟
صرحت دار الإفتاء بعد العديد من الأقاويل التي ذكرت حول مسألة أنه هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت باعتبارها أن قراءة الفاتحة أحد أشكال التقدم بعمل صالح يؤجر عليه الميت، إذن فإن الإجابة هي أنها جائزة.
لكن قراءتها على قبور الأموات قد يعتبر أمر غير جائز، كما اعتبرها العديد من رجال الدين والفقهاء بدعة لم ترد في الشرع.
إذ إن قراءة الفاتحة على الميت بالقبور تعتبر من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها العديد من المسلمين دون إدراك بأنها غير جائزة، مستدلين على ذلك أنهم يقومون بقراءتها على الميت بالأماكن الأخرى فما المانع من قراءتها على القبور؟
إلا أن الحقيقة يمكن معرفتها من خلال آيات القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث إنه لم يتم الإثبات بجواز قراءتها على الميت بالقبور من قبل أي حديث نبوي شريف، كما لا يوجد أي مصدر ديني سواء بالسنة النبوية أو بالقرآن الكريم تشير إلى ضرورة قراءة الفاتحة على الميت.
من خلال هذا يمكن القول بأن قراءة الفاتحة جائزة على الميت في أي مكان يمكن فيه قراءة القرآن، ما عدا القبور، لأن قراءة القرآن هي أحد الأمور التي يتقرب بها الشخص إلى الله وليس لها مكان محدد يمكن العصمة أو التقيد به.
اقرأ أيضًا: هل دعاء الزوجة لزوجها الميت مستجاب
آراء المذاهب بحكم قراءة الفاتحة على الميت
تعددت آراء المذاهب حول الرد عن سؤال هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت، حيث اختلف رأى المذهب الشافعي عن المالكي عن الحنفي، مستدل كلًا منهما بأقاويل الصحابة والسنة النبوية، ورجال الدين والفقهاء، وبناءً على تعدد تلك الجهات سوف نقوم بعرض كلٍ منها فيما يلي:
اجتمع المتأخرين بالمذهب الشافعي على أن الثواب يمكن وصوله إلى الميت، حيث نقل الإمام النووي بالأذكار رياض الصالحين أن الإمام الشافعي يرى أنه (يستحب أن يقرأ عنده (الميت) شيء من القرآن وإن ختموا القرآن كله كان حسناً)
أما المذاهب الحنفية والحنابلة يرون أن هناك جواز في حكم قراءة القرآن على الميت، كما يمكن إهداؤه على أنه ثواب يمكن أن يؤجر عليه الميت، وذلك بناءً على ما تم ذكره بالموسوعات لبعض الفقهاء حول تلك المسألة، والتي اشتملت على ما يلي:
قال ابن عابدين نقلًا عن البدائع: “ولا فرق بين أن يكون المجعول له ميتاً أو حياً، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره”.
قال الإمام أحمد: “الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه، ولأن الناس يجتمعون في كل مصر ويقرؤون يهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعاً، قاله البهوتي من الحنابلة”.
كما قال بن تيمية بمجموع الفتاوى: “الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ يَكْرَهُهَا فِي الْأُخْرَى. وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِيهَا لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ بِفَوَاتِحِ الْبَقَرَةِ وَخَوَاتِيمِهَا، وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَ الدَّفْنِ مَأْثُورَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ أَثَرٌ”
اقرأ أيضًا: هل الميت يشتاق للأحياء
كيف يمكن إهداء الأعمال الصالحة إلى الميت؟
أوضح مركز الازهر الشريف لتوضيح الفتوى عن بعض الاستفسارات التي تطرأ عن العديد من الأشخاص، لما هو مرتبط من تساؤلات تتشابه مع الاستفسار عن هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت، إنه يجوز إهداء الأعمال الصالحة للأموات من قبل الأحياء على أنها ثواب يؤجرون عليه.
ما ذكر مركز الأزهر الشريف عبر المواقع الإلكترونية الخاصة به، أن شتى العبادات المالية المتمثلة في الزكاة تصل إلى الميت في صورة ثواب، كما أن الأعمال الدينية كالحج والدعاء والاستغفار للميت تصل أيضًا إلى الميت.
باستثناء الصلاة، ذلك العمل الوحيد الذي يحاسب عليه المرء ويؤجر عليه دون وجود إمكانية في إجرائه من قبل أحد الأشخاص الأحياء، حيث إن الصلاة هي أولى الأعمال التي سيحاسب عليها الله سبحانه وتعالى جميع بني أدم، وهي العمل الذي لا يمكن أن يعوضه شخص آخر غير صاحبه.
اقرأ أيضًا: ماذا يحدث لجسد الميت بعد 40 يوم من وفاته
ما يمكن قوله عند المرور على قبور
في سياق الرد على سؤال هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت، ورد عن سنن النبي صلي الله عليه وسلم التي كان يقوم بها عند مروره على القبور أنه قد كان يدعو إلى أهل القبور، حيث يمكن الاستدلال على ذلك بقول عائشة رضي الله عنها حيث إنها قالت:
كان رسُولُ اللَّهِ ـ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ـ كُلَّما كان لَيْلَتها منْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ، فَيَقُولُ: “السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ، وأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلُونَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ”. [روته عائشة أم المؤمنين].
إن قراءة القرآن من الأمور المستحبة عند الله التي يؤجر عليها القائم بها، كما أنها لا يقتصر ثوابها للميت عند القبور بل يمكن قراءة القرآن بأي مكان كأحد أنواع الثواب للميت.