هل يجوز الصلاة في مدائن صالح
هل يجوز الصلاة في مدائن صالح؟ وما هو موقعها وقصتها؟ أثارت مدائن صالح الجدل في الفترة الأخيرة، حيث أختلف علماء الدين فيما بينهم على إمكانية زيارتها، أم لا، لذلك سوف نُقدم الإجابة على سؤال هل يجوز الصلاة في مدائن صالح، من خلال منصة وميض.
هل يجوز الصلاة في مدائن صالح
من الجدل الذي أُثير حول تلك المدائن هو إيجاز الصلاة فيها أم لا، على أساس أن أي مكان طاهر هو صالح للصلاة، وليس في الأمر ما يضر.
لكن حقيقة الأمر، أنه لا يجوز الصلاة في تلك المدائن، وذلك استنادًا لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنها “لا تدخلوا على هؤلاء المُعَذّبين إلا أن تكونوا باكين لئلا يصيبكم ما أصابهم“.
وللوقوف على معرفة السبب وراء منع الصلاة فيها وعدم إجازتها، يجب أن تعرف قصة تلك المدائن.
مكان مدائن صالح
مدائن صالح، هي أحد المدن الاثرية وتوجد في شبه الجزيرة العربية، تحديًدا في شمال غرب المملكة العربية السعودية، وتتميز تلك المدائن بموقعها الذي يربط بين جنوب شبه الجزيرة العربية والشام ومصر، وكان ذلك الطريق أحد طرق التجارة قديمًا.
عرفت تلك المدين باسم مدينة الحجر والتي تقع تحديدًا بين المدينة المنورة ومدينة تبوك، وقد ذُكرت في القرآن الكريم، بأنها المكان الذي عاش فيه قوم ثمود، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
“ كَذَّبَتۡ ثَمُودُ بِطَغۡوَىٰهَآ (11) إِذِ ٱنۢبَعَثَ أَشۡقَىٰهَا (12) فَقَالَ لَهُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقۡيَٰهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا (15) [سورة الشمس: 11-15]
تم فتح تلك المدينة من قبل المملكة العربية السعودية، لجعلها أحد الأماكن السياحية، وجديرًا بالذكر أن تلك المدينة، تُعد أول موقع في المملكة العربية السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
رأي علماء الدين في زيارة مدائن صالح للسياحة
جديرًا بالذكر عند عرض إجابتنا عن سؤال هل يجوز الصلاة في مدائن صالح، ذكر أن بعد إعلان المملكة العربية السعودية تلك المدائن على أنها أحد المواقع السياحية التي يُمكن زيارتها، أثار ذلك الأمر الجدل بين علماء الدين.
حيث إنهم رفضوا اعتبار أن تلك الأماكن من الأماكن السياحية التي يُمكن الإقامة أو الجلوس بها لفترات طويلة، وأكدوا أنه من المُحرم زيارة الأماكن التي عُذب فيها الأقوام السابقة، مثل مدائن صالح، وإنه لا يُمكن زيارتها إلا لاتخاذ العبرة والعظة مما حدث للقوم السابقين.
وقد كان رأي الأستاذ الدكتور صالح السدلان، وهو أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد ابن مسعود مخالفًا لما تقدم، حيث إنه ذكر أن زيارة الآثار والأماكن التي عُذب فيها الأقوام السابقين، لهو حرامًا وأمر غير جائز.
لكن زيارة الأماكن السياحية الأخرى والأثار الموجودة في مُختلف الدول، بغرض التنزه والاستمتاع، ومعرفة تاريخ الحضارات السابقة ليس فيه أي شائبة.
كما جاء رأي الأستاذ خالد الصقعبي، الباحث الإسلامي، بأن زيارة تلك الأماكن التي عذب فيها الله الأقوام السابقة يجوز في حالة الزيارة بغرض العظة واتخاذ العبرة وليس غرض السياحة، مع عدم المكوث أو التجول في تلك الأماكن، وتكون لدقائق سريعة وعدم تناول الطعام والشراب فيها.
وافقه في ذلك الرأي الدكتور محمد سند عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود وعضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه.
قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مدائن صالح
تحدث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الصحابة عن مدائن صالح، وعن ذلك العذاب الذي لاقوه من الله سبحانه وتعالى، نتيجة ارتدادهم وتجبرهم على الله بفعلتهم، حيث قاموا بعقر ناقة سيدنا صالح عليه السلام.
كما أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما نزل بالناس على تبوك، نزل بمدينة الحجر، فأخذ الناس يستسقوا من الآبار التي كانت موجودة، ولما علم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أمرهم بإفراغ القدور التي قاموا بملئها، ومشي بهم حتى نزل بهم عند البئر الذي كانت تشرب منها ناقة سيدنا صالح.
ونهاهم أن يدخلوا الأماكن التي عُذب فيها قوم سابقين، وأخبرهم أنه يخشى عليهم أن يُصيبهم ما أصاب القوم، وذلك ما استند عليه معظم علماء الدين
اقرأ أيضًا: كم كان عمر فاطمة الزهراء عند وفاتها
قصة مدائن صالح
اكمالًا لإجابة سؤالنا هل يجوز الصلاة في مدائن صالح، توضيح قصة ذلك المكان الذي أثار الكثير من الجدل حوله، فتلك المدائن هي المكان الذي عاش به قوم ثمود، وكانوا هؤلاء القوم معرفون بقوتهم، بعد قوم عاد، التي تم ذكرها أيضًا في القرآن الكريم.
فقد كان هؤلاء القوم من فرط قوتهم، ينحتون في الجبال والصخور بيوتًا لهم، وكانت أعمارهم طويلة الاجل، لدرجة أن بيوتهم كانت تتهاوى قبل أن يموتوا، وكانوا يعبدون الأصنام من دون الله، ويقدمون الهدايا والقرابين لتلك الأصنام.
أرسل الله لهم سيدنا صالح عليه السلام لهدايتهم ودعوتهم لعبادة الله الواحد الاحد، وترك عبادة الأصنام، وكان سيدنا صالح محبوبًا بينهم، فكان رجلًا كريمًا وتقيًا.
وكان من آمن بدعوة سيدنا صالح من ضعفاء القوم، ولكن الأقوياء الأثرياء لم يؤمنوا بما دعا له، وبدأ القوم الكافرين بتشكيك الذين آمنوا في إيمانهم، فطلب قوم صالح أن يُقدم لهم معجزة تؤكد دعوته، وأن يُخرج لهم من الصخر ناقة، وشاء الله سبحانه أن يستجيب لطلبهم.
عندما حدثت المعجزة، قال لهم سيدنا صالح أن تلك الناقة؛ هي ناقة الله، ويجب ألا يمسوها بسوء، أثار الكفار الفتنة مرة أخرى في قلوب المؤمنين حتى تملكوا منهم، فاختاروا تسعة رجال أقوياء من بينهم وقاموا بذبح الناقة فغضب سيدنا صالح لفعلتهم، وأوحي الله له بأن العذاب سوف ينزل عليهم بعد ثلاثة أيام، ولكن الكافرون استهزءوا به ولم يصدقوه، فجاءت صيحة الله وأهلكتهم جميعًا.
(وَلَقَدۡ كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡحِجۡرِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (80) وَءَاتَيۡنَٰهُمۡ ءَايَٰتِنَا فَكَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ (81) وَكَانُواْ يَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتًا ءَامِنِينَ (82) فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ مُصۡبِحِينَ (83) فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ (84) [ سورة الحجر: 80-84]
تُعد مدائن صالح من أحد الأماكن التي استطاعت أن تجذب السياح إليها من جميع أنحاء العالم، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار ما ذكره علماء الدين من أن تكون الزيارة بغرض العظة وليس التمتع بالمناظر هناك.