هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف
هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف؟ وما هي الضوابط الشرعية لعملية الجماع من الأساس؟ فقد غرز الله ببني آدم العديد من الشهوات منذ بداية خلقه، حتى أنه يعيش طوال حياته في معركة طويلة الأمد يصارع فيها تلك الشهوات، يغلبها تارة وتنتصر عليه تارة أخرى، أما عن أهم تلك الشهوات هي الشهوة الجنسية والتي قد تقود صاحبها للسؤال عن هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف أم لا، وهو ما سيتم الإجابة عنه من خلال منصة وميض.
هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف؟
لعل حديثنا اليوم حول الإجابة عن السؤال المطروح هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف هو خير فرصة قد تتاح لنا للتحدث عن أهم الضوابط التي وضعها الإسلام لتنظيم الزواج بوجه عام والعلاقة الزوجية بوجه خاص، حيث إن علاقة الزواج تعد واحدة من أعظم العلاقات البشرية على الإطلاق، فهي سبب استمرار الحياة على الأرض.
لذلك ونظرًا لمدى قوة تلك العلاقة وحساسيتها فكان من باب أولى أن يخصص الدين الإسلامي لها بعض القواعد والتشريعات التي تتحكم فيها وتنظمها على النحو الأمثل.
على الرغم من كون تلك القواعد أو التشريعات التي تنظم العلاقة بين الرجل وزوجته معروفة ومتاحة منذ أن شرع الله دينه في الأرض، إلا أنه وباختلاف الأزمان وتطورها فشأن العلاقة الزوجية شأن كافة الأمور الحياتية قد تتطور هي الأخرى لذلك الحد الذي يدعو لطرح العديد من التساؤلات حولها.
ظهرت مؤخرًا تلك الحالة التي يصبح فيها الزوج بعيدًا عن زوجته مسافرًا في أقصى الأرض، ومع التطور التكنولوجي الحادث في الآونة الأخيرة والذي يسمح لمن في مشارق الأرض أن يحادث من يعيش في مغاربها بالصوت والصورة، كذلك فقد حاول الأزواج تعويض الشق الناقص الناتج عن ذلك البعد من خلال إجراء المجامعة الزوجية بشكل مجازي من خلال الحديث عبر الهاتف.
هنا يظهر ذلك التساؤل في محاولة لتجنب كل ما يغضب الله عز وجل، حيث تصدر أئمة الإفتاء في كافة المؤسسات المسؤولة كالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو غيرها من جهات الإفتاء الموثوقة لتتصدر المشهد وتقوم بإيضاح حدود الله في ذلك الشأن.
وأخيرًا قد أتت تلك الأحكام واضحة وصريحة من الأئمة بجواز حدوث المعاشرة الزوجية عبر الهاتف ولكن مع ضرورة الالتزام بعدة شروط هامة، وتأتي تلك الشروط أولًا على هيئة ألا يطلع أحد على تلك المحادثة أو تلك المكالمة بأي شكل من الأشكال، فلتلك العلاقة وعلى الرغم من بعدها فهي لا تزال واحدة من أكثر العلاقات البشرية خصوصية وسرية على الإطلاق.
أما عن ثاني شروط ممارسة تلك العلاقة تليفونيًا فهي ألا يأخذ الحديث الزوج أو الزوجة للوقوع في معصية لله تعالى، فقد يحدث في بعض الحالات أن تمتد الأمور في تلك المحادثة للقيام ببعض الأشياء التي حرمها الله تعالى حتى في العلاقة الزوجية الطبيعية بين الرجل وزوجته.
اقرأ أيضًا: كم من الوقت يصبر الرجل عن مجامعة زوجته
هل يجوز مجامعة الزوجة عبر المكالمات المصورة؟
بعدما تمت الإجابة عن السؤال السابق ذكره وهو هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف من قبل الأئمة المختصين، فقد انسلت إلى النفس البشرية واحدة من أسوأ وأكثر الصفات دناءة وهي صفة الطمع والتطلع إلى الزيادة دون داعٍ.
فلم يكتفِ الأزواج فقط بممارسة الجماع تليفونيًا أو صوتيًا وإنما تطلعوا لأن يتم ممارسة تلك العلاقة من خلال الصور أو المكالمات المصورة، وهنا كان لا بد من التدخل من دار الإفتاء لوضع الحدود حول ذلك الأمر.
كانت الإجابة عن ذلك التساؤل واضحة وصريحة لا جدال ولا نقاش فيها، وهي أن استخدام الصور لأماكن العورات سواء من قبل الزوج أو الزوجة لا تجوز على الإطلاق، لما في ذلك من حالة من حالات عدم الأمان، فقد تقع تلك الصور في الأيدي الخاطئة، فإن عالم التطور التكنولوجي وللأسف لا يوفر خاصية الأمان الكامل مهما بلغ تطوره.
فلا يخفى على أحد سهولة أن يقوم أحد الأشخاص البارعين بأمور البرمجة أو اختراق الحواسب أو الشبكات بالتسلل والاطلاع على تلك الصور، مما ينتج عنه كوارث على المستوى الشخصي للزوجين وعلى المستوى العام لما سيصيب العامة من ذنوب عند مشاهدة تلك الصور أو المكالمات المصورة المسجلة.
كما أتبع الأئمة برسالة خاصة إلى الزوجة أو الزوج على حد سواء بعدم مطاوعة الطرف الآخر في حال ما طلب منه القيام بتلك الأشياء أو تصوير أماكن العورات حتى لو أتى ذلك على هيئة أمر مباشر من الزوج فلا يجوز طاعته فيه.
كذلك فأتت تلك النصيحة من باب التسهيل على الزوج أو الزوجة بمحاولة نقل مكان معيشة الزوجة بجانب زوجها قدر الإمكان للتمكن من ممارسة العلاقة الزوجية بصورتها الشرعية المعتد بها شرعًا وقانونًا دون اللجوء لتلك الأساليب التي سوف تسبب لهم المتاعب عاجلًا أم آجلًا.
الزواج في الإسلام
ما زال حديثنا منصبًا حول الإجابة عن السؤال هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف، ولكنه سيأخذ زاوية أخرى من أهم زوايا الموضوع، وهو طبيعة الزواج في الإسلام بوجه عام، بداية من أحكامه وأسبابه مرورًا بفوائده ومحاذيره، وهو ما سنستفيض في الحديث عنه توضيحًا لمن أراد زيادة في العلم حول تلك المسألة.
فقد حث الدين الإسلامي على ضرورة زواج الشاب أو الشابة بمجرد المقدرة على القيام بتلك الخطوة، وبالطبع وعلى جانب آخر نهى الدين الإسلامي عن فكرة العزوبة أو الاعتزال بدون عذر شرعي أو سبب منطقي، وذلك كون الزواج هو العلاج البيولوجي والنفسي الطبيعي للجسد والروح البشرية.
خلق الله البشر وقام بتوجيهه نفسيًا وجسديًا عن طريق عدة غرائز أساسية تضمن له الحياة والاستمرار على وجه الأرض، فكما خلق لنا شهوة الأكل أو حب المال أو القوة فقد جعل في الشهوة الجنسية عامل أساسي من عوامل البقاء والاستمرار على الأرض.
من هذا فقد كان الزواج هو الإطار الصريح والوحيد لتلك العلاقة السامية، كذلك فكانت تلك العلاقة هي سنة النبيين في الأرض فقد قال الله تعالى: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بَِٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ) [الرعد: 38]
نستشف من ذلك التنزيل المقدس لتلك الآية الكريمة مدى كون تلك السنة هامة وضرورية لضمان بقاء النسل على الأرض وضمانًا لعدم وقوع الشاب أو الفتاة في المعصية، حيث إنه عاجلًا أو آجلًا ستسيطر تلك الشهوة على الشاب أو الفتاة فهم في احتياج فسيولوجي لها.
نظرًا لذلك فقد أتى الإسلام بعدة شرائع وأحكام لضمان التعايش السلمي المحترم بين الأزواج، فالرجل هو مصدر الأمان والحب والعطاء لزوجته، وعلى الصعيد الآخر هي المأوى والمظلة العاطفية التي يلجأ إليها من كلل اليوم بينما يسعى لجمع قوت يومهما.
اقرأ أيضًا: كم يوم يستطيع الزوج البعد عن زوجته
فوائد الجماع
بناءً على ما تم ذكره في الفقرة السابقة، وبناءً على ما ذكرناه بينما نجيب عن السؤال هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف، فقد وجدنا أنه حري بنا التطرق لعرض الفوائد الفسيولوجية والنفسية للجماع بشكل واضح وصريح، وهو ما سنعرضه من خلال النقاط التالية:
- الجماع هو الوسيلة المتاحة لنا من قبل الآلة للحفاظ على النسل واستمرار الحياة البشرية على الأرض، وهو ضمانًا لتنفيذ مبتغى الله من عبادة وهو إعمار الأرض والعبادة، من هنا نستشف أن الزواج والإنجاب في حد ذاته يعد نوع من أنواع إعمار الأرض وإطاعة الله تعالى.
- أظهرت مؤخرًا المعامل الطبية حقيقة قد تكون صادمة إلى حد كبير، حيث تبين تلك الحقيقة مدى رحمة الله بعباده، وهو أن جعل الماء الذي يخرج مع الجماع فيه خير وفائدة كبيرة لصحة الفرد بوجه عام، حيث إن في احتباس ذلك الماء ضرر على المدى البعيد.
- كما قيل على لسان أحد الصالحين أنه بالجماع تحصل على اللذة المصاحبة للعفاف والهروب من الوقوع في الفتنة، وهو ما أنعم الله به على عبادة.
- في حالة ما تزوج الشاب أو الفتاة فهي وسيلة قوية للسيطرة على تلك الرغبة، حيث تظهر تلك السيطرة في أمور أمر الله بها، والتي من أهمها كبح النفس وغض البصر.
أحكام وآداب الجماع
لعل واحدة من أهم العناصر الواجب ذكرها بينما نجيب عن سؤال هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف هي التحدث عن الأحكام والآداب العامة للجماع بين الرجل وزوجته، وهو ما سيتم ذكره من خلال النقاط التالية:
- على الرغم من كون تلك العلاقة هي مُقادة في الأصل من الرغبة أو الشهوة، فهذا لا يمنع أن تحضر النية الداخلية للمسلم أو المسلمة أن يكون ذلك الجماع بهدف تحقيق رغبة الله تعالى من الزواج في الأصل وهي أن يعف نفسه وأهله من الوقوع في المحرمات.
- بوجه عام فإن الرحمة والمودة هم أساس التعامل بين الرجل وزوجته، فما بالك لما يجب في أهم تلك التعاملات، فلا بد أن يسبق الجماع نوع من أنواع المداعبة والتمهيد والقبول من الطرفين، ضمانًا لتأدية الهدف الرئيسي من الجماع وهو إشباع الغريزة والرضا من الطرفين.
- يستحب بالطبع ذكر اسم الله قبل الجماع والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فحتى الجن لا يجب أن يطلع على خصوصية تلك العلاقة.
- يجب أن يحرص الزوج والزوجة على القيام بالغسل الشرعي المنصوص عليه في السنة النبوية بعد الجماع، وذلك حتى لو لم يتم الجماع بشكل كامل، فحتى مع التقاء الختانين وجب بعده الغسل، وذلك ضمانًا للتخلص من الجنابة أو النجاسة لتأدية باقي الفروض الدينية كالصلاة وغيرها من الشرائع التي تستوجب الطهارة.
- أباح العلماء العزل في حالة رغبة الزوجين في عدم الإنجاب لعدم استعدادهم لتلك الخطوة، فشرط أساسي في الإنجاب أن يكون الزوج والزوجة على استعداد وتأهيل تام لاستقبال ذلك الطفل وتربيته ورعايته على الوجه الأمثل.
اقرأ أيضًا: هل يجوز مداعبة الزوجة في الدبر أثناء الحيض
مخاطر الوقوع في الزنا
للوهلة الأولى وفي حال ما رأيت عزيزي القارئ ذلك العنوان البادئ بمخاطر الوقوع في الزنا بينما نجيب في الأصل عن سؤال هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف قد تظن أن الأمرين بعيدين كل البعض عن بعضهما.
لكن وعلى الجانب الآخر فقد رأت بعض وجهات النظر وجود ارتباط وثيق بين الأمرين، فقد تكون تلك الفقرة المتحدثة عن أخطار الزنا خير دافع أو محفز للشروع في خطوة الزواج الذي أحله الله على الصورة المعروفة، لذلك فها نحن نعرض تلك المخاطر أو النتائج في حالة الوقوع في معصية الزنا والعياذ بالله، وتتمثل تلك المخاطر فيما يلي:
- انتشرت مؤخرًا ظاهرة سيئة تؤثر على المجتمع بصورة عامة ألا وهي ظاهرة أطفال الشوارع، وهي بالطبع ومما لا يخفى على أحد نتيجة طبيعية لتلك الحالات التي لا تجد الأم بدًا من الاحتفاظ بجنينها سوى تركه للشارع ليتولى تلك المهمة بدلًا عنها وعن الأب.
- أسوأ ما قد يحدث نتيجة الزنا هو اختلاط الأنساب، وهو ما قد يترتب عليه إثم كبير على الزاني أو الزانية في الدنيا والآخرة.
- أحل الله العلاقة الحميمة في الأصل بهدف تكوين أسرة وأطفال لتعمير الأرض وعبادته تعالى، أما ما يحدث في حالات الزنا ما هو إلا محاولات لإشباع الرغبة الجنسية في إطار غير شرعي بعيدًا عن رضا الله تعالى.
جعل الله لنا الدين يسر لا عسر، فلم يكن الله معسر ما أحله لعباده من مجامعة بين الزوجين إلا بشرط الالتزام ببعض الضوابط الشرعية، والتي تحفظ بدورها خصوصية وقدسية تلك العلاقة، فإن حرصت على الالتزام بتلك الضوابط فلا حرج عليك.