هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة
هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ وما هي حقوق الزوجة على زوجها؟ على الرغم من أن الطلاق من الأمور الغير مستحبة في الإسلام إلا أن هناك بعض الحالات التي يجب فيها الطلاق والتفريق بين الزوجين حتى لا يحدث ضرر أكثر من الذي وقع، فحددت الشريعة الإسلامية أسباب الطلاق الشرعية التي يجوز فيها طلب الطلاق، لذلك سنتعرف على هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ أم لا، من خلال منصة وميض.
هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟
إن الاحترام وحسن المعاملة من أساسيات الحياة بين الزوجين خاصةً في وجود الأطفال فقد جعل الله تعالى الزواج حتى يستقر المسلم نفسيًا ويجد من يلجأ له في أزماته ومشاكله ويحنو عليه في الأوقات العصيبة فيجب أن يكون بين الزوجين مودة ورحمة مثلما قال الله تعالى في سورة الروم الآية 21:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “.
حيث إن الإجابة على سؤال هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ هي نعم، يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها بسبب سوء معاملتها في حالة وقوع ضرر نفسي أو جسدي عليها لا تقوى على تحمله وكان هذا الحكم بإجماع الفقهاء، وفيما يلي عرض لأقوال الفقهاء في هذه المسألة:
- الحنابلة والمالكية: تركوا القرار هنا للزوجة في طلب الطلاق من عدمه حيث يمكنها التحدث مع زوجها وطلب التوقف عن سوء معاملتها ويمكن للقاضي أن يعنفه قليلًا فإذا لم يتعظ ويتوقف عن هذا الفعل وثبت على الزوجة الضرر كان لها الحق في طلب الطلاق من زوجها.
- الشافعية والحنفية: قالت الشافعية والحنفية في هذا الأمر أن الزوجة يجب أن تذهب إلى القاضي وتقص عليه ما يحدث معها من زوجها حينها يتخذ القاضي عدة إجراءات من شأنه أن توقف الزوج عما يفعله مع زوجته ولكن لا يفضل تطليق الزوجة من زوجها بسبب هذا الأمر.
نستنتج من هذه الأقوال إنه يجب على المرأة التي يقع عليها ضرر نفسي أو جسدي من زوجها أن تلجأ إلى القضاء أولًا ومن ثم يقوم القاضي باتخاذ عدة إجراءات مع الزوج حتى لا يفعل هذا ثانيًا.
حيث إن أساء معاملتها مرة أخرى أقرت الحنابلة والمالكية بجواز طلب الطلاق أما الأمر بالنسبة للشافعية والحنفية فهو غير مستحب، وفيما يلي عرض للإساءات التي تقع على المرأة من زوجها والتي يجوز فيها طلب الطلاق:
- الضرب المبرح بدون سبب.
- ممارسة الفواحش.
- إذا كان الزوج يتناول المشروبات الكحولية أو يتعاطى المخدرات.
- السب لها أو لأهلها.
- الإجبار على الأشياء المحرمة مثل تناول الخمر أو الجماع من الدبر وما إلى ذلك.
مع العلم أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها إذا لم يكن هناك سبب شرعي لذلك نظرًا لما جاء في الحديث الشريف: “قال رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: أيُّما امرأةٍ سألَتْ زوجَها طلاقَها في غيرِ ما بَأْسٍ؛ فحرامٌ عليها رائِحَةُ الجنةِ“.
اقرأ أيضًا: ما هو الخلع وما هي شروطه؟ وما حكم طلب الخلع وأركانه
حقوق الزوج على زوجته
بعد أن تعرفنا على حكم الشرع في مسألة هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ سوف نتعرف الآن على الحقوق الواجبة على الزوجة تجاه زوجها حيث تتمثل تلك الحقوق في الآتي:
1- حق الطاعة
يجب على المرأة طاعة زوجها في عدم دخول شخص لا يحبه الزوج إلى المنزل فهذا حقه شرعًا بالإضافة إلى عدم صومها أيضًا إلا بإذن منه، والدليل على ذلك ما جاء في الحديث الشريف: “لا تَصُمِ المَرْأَةُ وبَعْلُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، ولا تَأْذَنْ في بَيْتِهِ وهو شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ“.
كما يجب على الزوجة ألا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها فإن لم يأذن لها وخرجت أصبحت آثمة، ومن حقه أيضًا أن تحفظه الزوجة في نفسه وماله.
2- حق السفر بها
من الحقوق التي يجب أن تطيع فيها الزوجة زوجها أن تسافر معه أينما شاء حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسافر بنسائه واتبعه الصحابة في ذلك الفعل.
3- التأديب عند النشوز
للزوج الحق في تأديب زوجته عندما تخرج عن طاعته في الأمور الواجبة عليها، والدليل على ذلك ما جاء في سورة النساء الآية 34: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً”.
4- حق التمتع بها
يجب على الزوجة ألا تمانع عندما يطلبها زوجها فهذا حقه شرعًا الذي كتب عليه عقد الزواج ودفع عليه مؤخر الصداق وهو الذي تأخذه الزوجة في حالة الطلاق مع العلم أنه لا يجوز أن يطلبها زوجها في حالة العذر الشرعي أو المرض الذي يمنعها من ذلك.
فإذا رفضت المرأة طاعة زوجها في هذا الأمر مع عدم وجود عذر يمنعها من ذلك ظلت الملائكة تلعنها حتى الصباح نظرًا لما ورد في حديث رسول الله الذي قال فيه: “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح”.
5- حق الخدمة مع القدرة
إذا كانت الزوجة قادرة على خدمة زوجها فهذا من حق الزوج عليها نظرًا لِما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين ابنته فاطمة رضي الله عنها وزوجها علي بن أبي طالب فقد قسم المهام الخارجية على زوجها وقسم المهام الداخلية عليها مع العلم أن نفقة الخادم في المنزل تكون على الزوج.
اقرأ أيضًا: الزوجة تريد الطلاق والزوج لا يريد
حقوق الزوجة على زوجها
لقد تطرقنا إلى إجابة سؤال هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ ومعرفة حكم الشرع في هذه المسألة سوف نتطرق الآن إلى الحقوق التي تقع على الزوج تجاه زوجته والتي تتمثل في الآتي:
1- حق الاستمتاع
أجمع جمهور الفقهاء على أن للزوجة حق الاستمتاع بزوجها مثله تمامًا لأنه ملزم بعفتها وأنه لا يجوز هجرها أو الانعزال عنها بدون إذن منها لما في ذلك ضرر نفسي على الزوجة.
2- حق العدل بين الزوجات
الزوج الذي يتزوج على زوجته أو الذي يكون له أكثر من زوجة يجب عليه العدل فيما بينهم خاصةً في الحب نظرًا لما جاء في الحديث الشريف:
“عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك” رواه أبو داود.
3- حق المهر
في إطار الإجابة على هل يجوز طلب الطلاق بسبب سوء المعاملة؟ فمن حقوق الزوجة على الزوج هو المهر، وإن الزوج الذي لا يقدر على دفع مهر زوجته يكون لها الحق هنا في طلب الطلاق ولا تأثم في ذلك.
نظرًا لحكم بعض العلماء في هذه المسألة وتحديدها ضمن الأسباب الشرعية للطلاق، والدليل على ذلك قول الله تعالى في سورة النساء الآية 4: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً“.
حيث يجدر الإشارة إلى أن الزوج لا يجب أن يأخذ شيئًا من مهر زوجته بدون علمها فإذا سمحت له بذلك فله ما يشاء نظرًا لما جاء في سورة البقرة الآية 299: “وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً“.
4- حق البيات
يجب على الزوج أن يبات عند زوجته وألا يفارقها إلا للضرورة حيث أقرت الشافعية بأن الزوج الذي يكون له أربع زوجات يجب أن يبات عند زوجته ليلة واحدة على الأقل وصنف هذا الفعل على أنه أدنى درجات السنة النبوية.
اقرأ أيضًا: الأسباب التي تبيح للمرأة طلب الطلاق
5- حق النفقة
يجب أن ينفق الزوج على زوجته حيث إن للزوجة حق في طلب الطلاق من زوجها في حالة عدم إنفاقه عليها لذلك جاء أمر الإنفاق على الزوجة في سورة الطلاق الآية 7: “لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ“.
يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف كما أمره الدين الإسلامي وألا يتعرض لها بسوء يتسبب في وقوع ضرر عليها سواء كان ضرر نفسي أو ضرر جسدي.