هل يجوز أكل لحم الحصان
هل يجوز أكل لحم الحصان؟ وهل يكون من الجسم كله أم أجزاء محددة؟ وهل يتساوى في الحكم مع لحم الحمر؟ تعددت الآراء في الكثير من الأحكام الشرعية المتعلقة بالحيوانات فمنها ما يستعمل في الركوب أو الزينة أو الصيد أو غيرها من الأمور الحياتية، لذا يوضح منصة وميض جواب تساؤل هل يجوز أكل لحم الحصان؟ وكل ما يتعلق به عبر هذا المقال
هل يجوز أكل لحم الحصان
اختلف الفقهاء في كل العصور على جواز أكل لحم الحصان، فمنهم من قال بجواز أكلها ومنهم من قال يحرم أكلها إلا لوجود ضرورة ملحة.
لكن هناك تفصيل لهذه الأحكام لعدم حدوث تداخل في الآراء، لوجود العديد من الأدلة المختلف عليها، وهذا لجواب هل يجوز أكل لحم الحصان وهي كالآتي:
1- الأدلة النقلية من الكتاب
ذكر قوله تعالى“ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ *وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (النحل- الآية:4-8)
ذكر قوله تعالى” اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ” (غافر- الآية :80)
ذكر قولُه تعالى: “قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ” (الأنعام – الآية:145)
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصوم عن الميت
2- الأدلة النقلية من السنة
هناك العديد من الأدلة النقلية من السنة النبوية الشريفة، وذلك كما يلي:
- ورد في الصّحيحين وغيرهما من حديث أسماء قالت “نحرنا على عهد رسول الله – صلّ الله عليه وسلّم – فرساً فأكلناه“.
- قول النبي صلّ الله عليه وسلّم” إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهليّة، فإنّها رجس من عمل الشّيطان “
- رواه البخاري ومسلم
- ورود أمر من النبي – صلّ الله عليه وسلّم – بإكفاء القدور بقوله” أكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً “
- رواه البخاري ومسلم
- حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: نَهَى النبي صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ.
- ما ورد عن الإمام النووي الذي ذهب إلى تحريم الحمر الأهليّة مع أكثر الصّحابة والعلماء من بعدهم، ولم نجد عن أحد من الصحابة فيه مغايرة إلا عند ابن عباس، وقول المالكية في ثلاث روايات، ثالثها الكراهة.
- ما ورد عن خالد بن الوليد أنه سمع النبي – صل الله عليه وسلم- يقول: “لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير”.
- الدليل العقلي من الإجماع: يرى جمهور الفقهاء جواز أكل لحم الحصان لأنه يعامل كالبهيمة المذكورة في الآية، وهذا لتوضيح حكم هل يجوز أكل لحم الحصان.
شرح رأي منع أكل لحم الحصان
للجواب على هل يصح أكل لحم الحصان، استدل القائلون بهذا الرأي بآيات سورتي النحل والأنعام بأن كل ما ذكر في الآيات يأخذ نفس الحكم، فجميها من خيل أو بغال أو حمير تستخدم لنقل البضائع والركوب.
ولو كانت بها إباحة لذكرت في الآيات، مع استثناء حالات الضرورة من مجاعات أو سفر أو قطع سبيل لعدم التعرض للأذى أو الموت.
وافق هذا الرأي كل من أحمد ابن حنبل وأحد آراء الشافعية وأكثر العلماء، وممن وافقه عبد الله بن الزبير، وشريح، وسويد بن غفلة، وعطاء، وعلقمة، والأسود، وفضالة بن عبيد.
منهم خالد ابن الوليد وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبى بكر، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وحماد بن أبى سليمان، وإسحاق وأبو يوسف، ومحمد، وداود، والحسن البصري.
الرد عليهم: بأن آية سورة النحل نزلت في مكة اتفاقًا، ويوم خيبر جاء بعد نزولها، لذا لو كان يقصد بها التحريم لما أباح الرسول أكل لحم الخيل في يوم خيبر مع علمه بالتحريم الموجود في سياق الآية، مع الاتفاق على وجود اتفاق على صحة حديثي جابر وأسماء بنت أبي بكر.
شرح رأي من قال بالجواز
القائلون بالجواز استدلوا بصحة الأحاديث الواردة عن النبي – صل الله عليه وسلم، وضعف حديث خالد ابن الوليد وابن عباس من قبل علماء الحديث، وعدم ورود نص قرآني يفهم من سياقه التحريم.
وافق هذا الرأي ابن عباس، والإمام مالك في بعض رواياته، وحجتهم في ذلك أن الحصان حيوان طيب اللحم يستخدم للأسفار كالجمل لذا يجوز أكل لحمه.
وافقهم في هذا الإمام أبى حنيفة في ظاهر الرواية بأنه يحل أكل لحم الخيل مع الكراهة التنزيهية (ما نهى عنه الشرع نهيًا خفيفًا) وهو الراجح عندهم، وعليه قال طالبيه محمد وأبو يوسف بالإباحة، وكذلك وافقهم الشافعية ورواية عن المالكية والحنابلة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية
رأي الأزهر الشريف
ذكر الدكتور علي جمعة، المفتي السابق، أن أكل لحم الحصان جائز شرعًا، ولا يوجد في الدين ما يمنع ذلك، ذاكرًا بأن الشافعية قالوا بالجواز، لصحة الأحاديث الواردة في ذلك من السنة.
وأشار مجمع البحوث الإسلامية التابِع لمؤسسة الأزهر الشريف، إن أكل لحم الخيل وشرب لبنها حلالًا شرعا لعدم وجود نص يمنع ذلك.
كان هذا مذكورًا في إجابة اللجنة المنوطة بالبحوث الفقهية الموجودة بمجمع البحوث الإسلامية، عن سؤال طلبت إجابته سفارة دولة كازاخستان بالقاهرة.
كانت مرسلة إلى مقر الأزهر الشريف، تتساءل فيه عن حكم أكل لحم الخيل وشرب حليبها، حيث أنها من الأمور الطبيعية في بلادهم، وهذا لبيان حكم هل يحل أكل لحم الحصان.
استدلوا بحديث جابر وحديث أسماء بن أبي بكر على جواز شرب لبن الخيل، نظرًا لجواز أكله، وبما ورد عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ في قوله: “سافَرْنا مع رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكُنَّا نأكُلُ لُحومَ الخَيلِ، ونَشرَبُ ألبانَها”.
رأي دار الإفتاء المصرية
أكدت دار الإفتاء أنه يرى بعض من الفقهاء والعلماء والمحدثين جواز أكل لحوم الخيل شرعًا، ويرى آخرون عدم جواز أكلها إلا في وجود ضرورة ملحة تدعو إلى ذلك وهو المفتى به عندهم.
جاء في عقود سابقة هذا الحكم في الفتاوى بدءًا مِن الدكتور محمد سيد طنطاوي في فتواه الموجودة برقم 180، أخرى برقم 389 لعام 1992م.
فتوى الدكتور أحمد الطيب الموجودة برقم 202 لعام 2002م، وفتوى الدكتور شوقي علَّام الحالي عند الرد على مراسلة الهيئة العامة للخدمات البيطرية بتاريخ 16/ 1/ 2014م في الفتوى رقم 5032.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة على المنتحر ؟ وعقابه عند الله
جواز أكل الحمر الوحشية والأهلية
بعد تعرفنا على حكم هل يجوز أكل لحم الحصان، نتطرق لرأى الفقهاء في الحمر الوحشية والحمر الأهلية فقد اتفق الفقهاء منذ عهد النبوي حتى الآن على تحريم أكل الحمر الأهلية إلا عند الضرورة الملحة التي قد تفضي إلى الموت فقط، وهذا لتحريم النبي لها بعد دخول الإسلام.
بعد معرفة حكم هل يجوز تناول لحم الفرس نتحدث عن حالة الحمر الوحشية يباح أكله لما روى عن أَبى قَتَادَةَ – رضى الله عنه – أنه صاد حماراً وحشياً وأتى بقطعة منه للنبي – صلى الله عليه وسلم- فأكل منه، وقال لأصحابه صلى الله عليه وسلم “هو حلال فأكلوه”.
تعددت الآراء في جواب سؤال هل يجوز أكل لحم الحصان، لكن يبقى رأي دار الإفتاء المصرية هو المأخوذ به لكونها المنوطة بإطلاق الفتوى عن غيرها.