هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين
هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟ وما رأي أبي حنيفة في هذا الجمع بينهم؟ الجمع والقصر في السفر سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك وجب الالتزام بها، وتطبيقها أثناء السفر، ولكن هل هذا يعني أن يقوم المسلم بتطبيقها لمدة أسبوعين؟ أختلف العلماء في هذا الحكم، لذا من خلال منصة وميض سوف نوضح الحكم الصحيح للجمع والقصر والمدة المحددة.
هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟
اختلفت آراء العلماء في حكم الجمع والقصر لمدة أسبوعين، ولكن الأغلب قال بعدم جواز إطالة مدة الجمع والقصر إلى أسبوعين، حيث ذكرو أن أقصى مدة هي أربعة أيام، واستشهدوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام في مكة أربعة أيام في حجة الوداع وهما الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، وفي تلك الأيام قام بالجمع والقصر في الصلاة.
في الواقع مسألة الجمع والقصر في السفر مسألة خلافية، ولا يوجد بها دليل صريح، فمن العلماء من قال بأن حكم الجمع، والقصر في السفر ينقطع بعد أربعة أيام، ومنهم من قال بعد خمسة عشر يومًا، ومنهم من قال بأنه لا ينقطع ما دام لم ينو نية الاستيطان في المكان.
يرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن هناك فرق حسب نية المسافر، فالمسافر ما لم ينو إقامة أربعة أيام أو أكثر أو أقل، ولكنه في نية السفر، فيجوز له أن يقصر طول هذه المدة، أما من ينو الاستيطان، مثل طالب علم أو تاجر، فيريد طالب العلم البقاء من أجل تحصله على العلوم، ويريد التاجر بقائه؛ لأجل نماء تجارته، فهؤلاء يُقطع عنهم حكم الجمع، والقصر في السفر.
فإذا نوى الرجل أن يسافر إلى بلد أخرى ويستوطن فيها، فعليه أن يصلي صلاته كاملة، فلا يحق له الجمع أو القصر بحجة السفر، وإذا لم ينو الاستيطان فيحق له أن يقصر دون مدة محددة، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر مددًا مختلفة، حيث أقام 20 يومًا في تبوك يقصر فيها الصلاة.
روى جابر بن عبد الله قال (أقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتبوكَ عشرينَ يومًا يقصُرُ الصَّلاةَ) إسناده صحيح، مصدره تخريج صحيح بن حبان، كما وأقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر يومًا في مكة يقصر فيها الصلاة، وعلينا أن نعلم أن من أجيز له القصر أجيز له أن يجمع بين الصلوات، فيجمع الظهر مع العصر، والمغرب، مع العشاء.
فإذا كان المسافر رأى من مكان تواجده غروب الشمس وأنها قد زالت تمامًا فيسمح له أن يقوم بالجمع بين صلاة الظهر والعصر، وهذا يكون جمع تأخير لغروب الشمس، كما يُمكن الجمع بين صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير، وهذا إذا سافر الرجل قبل غروب الشمس، فقد روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال:
(أَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وإنْ زِدْنَا أتْمَمْنَا) حديث صحيح، وإن سافر الشخص إلى وطنه أو أهله، وكانت المنطقة محل لسكنه، أو قرر المكوث فيها وترك العمل، فعليه أن يصلي صلاته، ويصلي أربع ركعات، في الظهر، والعصر، والعشاء، وركعتين جمعًا وقصرًا، إن لم يطل السفر.
اقرأ أيضًا: كيفية الصلاة على الميت
أقوال أهل العلم في مدة الجمع والقصر
سوف نعرض لكم فيما يلي آراء العلماء حول الرد على سؤال هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟ حيث تنوعت آرائهم كالتالي:
- رأي الإمام مالك: يرى الإمام مالك -رحمه الله- بعدم جواز المسافر بالجمع، والقصر أكثر من أربعة أيام في سفره، إذًا فلا يجوز الجمع والقصر لمدة أسبوعين.
- رأي الإمام الشافعي: لم يختلف رأي الإمام الشافعي -رحمه الله- عن رأي الإمام مالك، حيث قال بوجوب إتمام الصلاة للمسافر الذي ينوي البقاء أكثر من أربعة أيام.
- رأي الإمام أبو حنيفة: يرى الإمام أبو حنيفة في مذهبه أن نية الجمع، والقصر للمسافر تصل إلى خمسة عشر يومًا، أي ما يعادل أسبوعين.
- رأي الإمام أحمد بن حنبل: يرى الإمام أحمد بن حنبل أن من بقي في سفره أكثر من أربعة أيام على خلاف وقت النبي أنه قضى أربعة أيام، عندما ذهب إلى مكة في حجة الوداع وصلى يوم الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء.
فحينها ظل يقصر الصلاة فيهم، ذهب في يوم الخميس إلى منى، لذلك فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة.
اقرأ أيضًا: ما حكم الصلاة والصوم عند نزول إفرازات قبل الدورة الشهرية
أحكام صلاة المسافر
سوف نعرض لكم فيما يلي أحكام صلاة المسافر ضمن موضوع مقالنا هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟ حيث إن الله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصة، وللمسافر رخص في عدة أمور منها الصلاة، ونوضح البقية من خلال الآتي:
- من السنن أن يقصر المسافر في الصلاة، فيصلي الصلوات الرباعية ركعتين فقط.
- صلاة المغرب، والفجر تصلى كما هي في عدد ركعاتها.
- يسن على المسافر جمعة لصلاتي الظهر، والعصر، وصلاتي المغرب، والعشاء.
- يجوز للصائم في سفره أن يفطر سواء كان في شهر رمضان، أو غيره.
- تمتد مدة المسح على الخفين للمسافر لمدة ثلاثة أيام.
شروط صلاة المسافر إذا وصل
استكمالًا لموضوع مقالنا هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟ سوف نعرض لكم فيما يلي شروط صلاة المسافر، حيث حتى يصح للمسافر القصر والجمع في الصلاة عليه أن يكون على عدة من الشروط وهي:
- يجب على السفر أن يكون مباحًا.
- يجب ألا يكون السفر لفعل معصية تغضب الله -جل وعلا-.
- مسافة السفر الذي تتغير بها الأحكام تصل نحو أربعة برد، أي ما يعادل 83.3 كيلو متر.
- إن كانت نية المسافر المكوث أكثر من أربعة أيام فلا قصر، ولا جمع عليه، وواجب عليه إتمام الصلاة كاملة الركعات، وهذا عند جمهور العلماء.
اقرأ أيضًا: حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة
دعاء السفر
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إحدى السنن المهجورة، وهي سنة الدعاء في السفر، والدعاء مأخوذ من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وسوف نعرض لكم فيما يلي الدعاء الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر، وذلك في إطار موضوع مقالنا هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين؟ فيما يلي:
روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه: (أنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ؛ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اسْتَوَى علَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قالَ: سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ، وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المَالِ وَالأهْلِ، وإذَا رَجَعَ قالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.
الصلاة عمود الدين لذلك يمنعها الله على المسافر، إذ أباح له رخصًا لقيام الصلاة حتى لا يضيعها، وكل ما يشرعه الله -جل وعلا- لنا يكون بحكمة منه لا يعلمها إلا هو.