هل يجب الوضوء بعد الغسل
هل يجب الوضوء بعد الغسل؟ وما هي موجباته؟ كونه من الأمور التي فرضها الله عز وجل على المسلم من أجل أن يتطهر من الحدث الأكبر، والذي سوف نتعرف عليه من خلال الفقرات التالية بعد أن نجيبكم على تلك الأسئلة المطروحة عبر منصة وميض، كون الغسل واجبًا من أجل تأدية الصلاة.
هل يجب الوضوء بعد الغسل
يقول الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 43:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا“
ففي الآية دلالة على أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم الصلاة وهو في حاجة إلى الاغتسال، إلا أن الآية لم تذكر الوضوء من أجل الصلاة في حالة الغسل، كون الوضوء طهارة من الحدث الأصغر، والاغتسال طهارة من الحدث الأكبر، فمن شأنه أن يجزئ عن الوضوء.
إلا أنه من المستحب أن يقوم المسلم بالوضوء قبل بدء الغسل تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في رواية عائشة أم المؤمنين:
” كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ أبِي مُعَاوِيَةَ ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ” (صحيح).
لذا فإنه الأحرى بأن يقوم الرجل بالانصياع إلى ما كان رسول الله يوم به في حياته حتى يكون له الثواب المضاعف.
اقرأ أيضًا: خطوات الغسل من الدورة الشهرية
دلالات عدم وجوب الوضوء بعد الاغتسال
بعد أن أجبنا على سؤال هل يجب الوضوء بعد الغسل نجد أن هناك العديد من الدلالات التي جاءت كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي من شأنها أن تكون بمثابة تأكيد لما ورد في إجابة السؤال حتى يطمئن قلب المسلم، فلا يظن أنه قد وقع في شبهة من الشبهات، حيث أتت الدلالات على النحو التالي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أم سلمة أم المؤمنين:” قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا. إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ. وفي رواية: فأنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ والْجَنَابَةِ، فَقالَ: لَا. وفي رواية: وقالَ: أفَأَحُلُّهُ فأغْسِلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ ولَمْ يَذْكُرِ الحَيْضَةَ” (صحيح).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عائشة أم المؤمنين:” كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يتوضَّأُ بعدَ الغُسْلِ مِن الجَنابةِ” (صحيح).
- قال الله تعالى في سورة المائدة:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ“.
- رواية عائشة أم المؤمنين:“ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بشيءٍ نَحْوَ الحِلَابِ فأخَذَ بكَفِّهِ، بَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ الأيْسَرِ، ثُمَّ أخَذَ بكَفَّيْهِ، فَقالَ بهِما علَى رَأْسِهِ” (صحيح).
موجبات الغسل في الإسلام
بعد أن تعرفنا على جواب سؤال هل يجب الوضوء بعد الغسل، ينبغي أن نتناول كافة موجبات الاغتسال، فقد أتت على النحو التالي:
1- خروج المني بشهوة
كأن يقوم الرجل بالاستمناء، فخروج سائل الرجل أو المرأة بعد انقضاء الشهوة يستوجب الاغتسال، حتى لو لم يكن الأمر من أجل الجماع، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” كُنتُ رجلًا مذَّاءً، فقالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: إذا رَأيتَ المذيَ، فاغسلْ ذَكَرَكَ، وتَوضَّأ وضوءَكَ للصَّلاةِ، وإذا فَضختَ الماءَ، فاغتَسِلْ” (صحيح).
2- الاحتلام أثناء النوم
أيضًا من الأسباب التي توجب على الرجل أو المرأة الاغتسال، أن يكون تعرض للاحتلام أثناء النوم، على أن يكون قد أحس بالقذف ورأى البلل، ففي تلك الحالة يجب عليه الغسل امتثالًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف برواية عائشة أم المؤمنين:
“ سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الرَّجلِ يجدُ البللَ ولا يذكرُ احتلامًا قالَ يغتسلُ وعن الرَّجلِ يرَى أنَّهُ قدِ احتلمَ ولا يجدُ البللَ قالَ لا غُسلَ عليهِ فقالَت أمُّ سُلَيمٍ المرأةُ ترَى ذلِكَ أعلَيها غُسلٌ قالَ نعم إنَّما النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ” (صحيح).
لذا على الرجل أو المرأة إن حدث معه ذلك الأمر أن يعره الاهتمام، حتى يضمن أن صلاته بعدها مقبولة، وإلا فإنه لن يكون طاهرًا.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا
3- التقاء الختانين
هو الجماع الذي يحدث بين الزوج وزوجته، حيث يقوم الزوج بإيلاج العضو الذكري في فرج المرأة على أن يتم ذلك دون التقيد بالقذف، ففي كلتا الحالتين عليهما أن يقوما بالاغتسال من أجل التطهر للصلاة، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“ إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَها، فقَدْ وجَبَ عليه الغُسْلُ. وفي حَديثِ مَطَرٍ: وإنْ لَمْ يُنْزِلْ. قالَ زُهَيْرٌ: مِن بَيْنِهِمْ بيْنَ أشْعُبِها الأرْبَعِ. وفي رواية: ثُمَّ اجْتَهَدَ ولَمْ يَقُلْ: وإنْ لَمْ يُنْزِلْ” (صحيح).
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية سعيد بن المسيب: “ذكَرَ أصحابُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا التقَى الختانانِ أيوجَبُ الغسلُ؟ فقالَ أبو موسَى: أَنا آتيكُم بعلمِ ذلِكَ، فنَهَضَ، وتَبِعْتُهُ، حتَّى أتى عائشةَ، فقالَ: يا أمَّ المؤمنينَ، إنِّي أريدُ أن أسألَكَ عن شيءٍ، وأَنا أستَحي أن أسألَكَ، قالَت: فإنَّما أَنا أمُّكَ. قالَ: إذا التقَى الختانانِ، أيجبُ الغسلُ؟ فقالَت: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا التَقَى الختانانِ، اغتَسلَ” (صحيح).
4- انتهاء فترتي الحيض والنفاس
بالنسبة للمرأة فإن هناك موضعين يجب عليها الاغتسال فيهما بخلاف الرجل، وهو أن تكون انتهت من فترة الحيض، والتي تأتي إليها بشكل شهر، وتستمر من 3 إلى 7 أيام، أما فترة النفاس، فهي التي تأتي بعد أن تقوم المرأة من ولادة الطفل، وتستمر من أسبوعين إلى 40 يوم، على أن ينقطع الدم عن النزول، فإنها في تلك الحالة من شأنها أن تقوم بالاغتسال والصلاة.
اقرأ أيضًا: هل يجزئ الغسل عن الوضوء
5- إسلام الكافر وحالة الوفاة
أيضًا بعد أن تعرفنا على جواب سؤال هل يجب الوضوء بعد الغسل بشكل تفصيلي، من الضروري أن نعرف أنه في حالة إسلام أحد الكافرين فإنه يجب عليه الاغتسال، كذلك إن توفى المسلم فإنه يجب أن يغسل قبل التكفين.
ينبغي على المسلم أن يكون ملمًا بكافة الأحكام الدينية التي شرعها له الرحمن، حتى لا يقع في الآثام وهو لا يعلم، أو يتخوف من أمر ما، ويظنه فرضًا وهو مستحب كما رأينا في الجواب على سؤال هل يجب الوضوء بعد الغسل.