هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش
هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش؟ وما هي الضوابط السليمة لهجر الزوج لزوجته؟ فلقد أمر الله – عز وجل- الأزواج بحسن المعاشرة للزوجات لا سيما في الفراش، ولكن البعض منهم لم يحقق ذلك عمدًا، والبعض الآخر كانوا مضطرين، والآن سنجيب لكم من خلال منصة وميض عن سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش.
هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش؟
مع كثرة الخلافات الزوجية بين الأزواج، وجد بعض الرجال أن الحل المناسب هو هجر الزوجة في الفراش كوسيلة للعقاب ولتجنب تفاقم المشكلات، ويُقصد بالهجر هو تمنع الزوج عن مضاجعة زوجته أو مجامعتها، وفي الأغلب تعمده لتولية ظهره لها.
في حقيقة الأمر لقد اتخذ البعض من الأزواج الهجر بأنه حدثًا عاديًا ويجوز القيام به، ولم ينتبهوا إلى التساؤل عن هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش أم لا. ف
لمعرفة الحكم الشرعي في ذلك، فإن العلماء وفقهاء الدين أشاروا إلى أن هجر الزوجة دون وجود سبب حقيقي ومشروع يُحرم تمامًا، حيث إنهم قاموا باشتقاق ذلك الحكم من حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي يحرم فيه هجر المسلم لأخيه دون سبب وبغض النظر عن صفته.
فعن أنس ابن مالك – رضي الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ“.
لكن في حالة إن كان هناك سببًا شرعيًا وواضحًا فهنا يجوز هجر الزوجة، فلقد ذكر جابر بن عبد الله – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قام باعتزال نسائه شهرًا.
فهجر الزوجة أمر استثنائي لا يجوز فعله إلا إن وجد له دواعٍ وأسباب، ويُجدر بالإشارة إلى أن الأساس في العلاقة الزوجية بين الأزواج الإحسان والمودة والرحمة إلى جانب المعاشرة بالمعروف بالطبع كما قال الله – عز وجل-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ) [النساء: 19].
كما أن الله – عز وجل- أوضح أصل العلاقة الزوجية في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: 288].
اقرأ أيضًا: ماذا يكتب في ورقة الطلاق
أسباب جواز هجر الزوجة
تعرفنا من خلال إجابتنا عن سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش إلى أنه لا يجوز هجر الزوجة إلا إذا كان هناك سببًا مشروعًا في ذلك، ففي حقيقة الأمر هناك سبب رئيسي وشائع لهجر الزوج لزوجته وهو نشوز الزوجة.
يُقصد بنشوز الزوجة هي قيامها بعصيان زوجها والترفع عنه، وترك أوامره نتيجة لكرهها له، ففي حالة إذا كانت الزوجة كذلك يمكن للزوج أن يهجرها في الفراش.
فإن تراجعت عن نشوزها وأطاعته فيما أمرها الله – عز وجل- فلا يجوز للزوج الاستمرار في هجرها، وهذا لزوال السبب المشروع والمُجير للهجر.
من الجدير بالذكر أنه في حالة توقع الزوج نشوز زوجته أو خوفه من حدوث ذلك، فإنه من الممكن أن يهجرها ولكن يجب أن يكون متيقنًا من نشوزها بالفعل.
فلقد أشار الله -عز وجل- في كتابه العزيز إلى جواز هجر النساء اللواتي يترفعن عن أزواجهم، وذلك في قوله تعالى: (اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرً) [النساء: 34].
الضوابط الأساسية لهجر الزوج لزوجته
إلى جانب التساؤل عن هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش، ظهر تساؤلًا آخر وهو ما هي الضوابط الأساسية لهجر الزوج لزوجته.
فكما أسلفنا الذكر بأن الهجر لا يحدث إلا إن توافرت الأسباب الشرعية والدواعي المُباحة له والتي تتمثل في كون الزوجة ناشزًا، فإن حدث ذلك هنا يتم اتجاه الزوج إلى قيامه بمعالجة النشوز بشكل تدريجي واتباع ضوابط الهجر.
يقصد بالتدرج في معالجة نشوز الزوجة التطبيق لقوله تعالى: (اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) [النساء: 34]، وفي النقاط التالية سوف نوضح كيف يتم التدرج في علاج النشوز:
1- الوعظ والإرشاد للزوجة الناشزة قبل هجرها
عندما يواجه الزوج نشوز زوجته وذلك من خلال ملاحظتها لعلامات النشوز المتمثلة في عدم إجابتها لزوجها في الفراش، وإهمال الاستماع له، وتكبرها عليها، إلى جانب العبوس بشكل دائم واللامبالاة معه.
فهنا يكون أول خطوة في علاج النشوز هي قيام الزوج بوعظ زوجته وإرشادها للثواب وتليين قلبها، وذلك من خلال ذكره لها ثواب حسن المعاشرة بينهما، والواجبات المفروضة عليها تجاهه.
كما يقوم بتوضيح العقاب الذي سوف تناله من الله – عز وجل- في حالة عدم طاعتها له وعدم تأديتها لحقوقه، فإن لم تستجب الزوجة لذلك يتجه الزوج إلى الخطوة الثانية في علاج النشوز وهي الهجر.
2- الهجر في الفراش للزوجة الناشز
ثاني خطوة كما أوضح الله – عز وجل- في سورة النساء لعلاج الزوجة الناشز هي قيام الزوج بهجرها في الفراش فقط، ويُقصد بذلك ألا يجعل الهجر يتعدى بقية البيت.
فلا يجوز له أنه يهجرها أمام أبنائه أو أمام الناس حتى لا يتسبب في شعورها بالذل أو إهانة كرامتها، فالهجر يكون مقتصرًا على تركه الفراش، ومما لا شك فيه بأن ذلك الأمر صعبًا على أي زوجة لأنه سوف يشعرها بالضعف في شخصيتها وأنوثتها.
3- ضرب الزوجة الناشز ضربًا غير مبرح
إذا لم تستجب الزوجة الناشز للوعظ والإرشاد من قِبل زوجها وإلى هجره لها في الفراش، فتكون الخطوة الثالثة لمعالجتها هي قيام زوجها بضربها ولكن الضرب لا ينبغي أن يكون مبرحًا.
حيث إن القصد من قيامه بذلك هو توصيل الفكرة لها في أنها مقصرة في حقوقه وبأن ذلك عقابًا وليس وسيلة للإيلام أو حتى للانتقام، ويُفضل ضربها على كتفها أو بطرف ملابسه.
يُمكن أيضًا أن يكون تعامل الزوج مع الزوجة الناشز من خلال إدخاله لطرف من جهته وطرف من جهتها للمساعدة والإصلاح بينهما قدر المستطاع، وذلك كما جاء في قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ) [النساء: 35].
اقرأ أيضًا: حكم نفور الزوجة من زوجها
حكم هجر الزوج تعسفًا لزوجته
هناك بعض الأزواج الذين يتجهون إلى هجر الزوجات تعسفًا، ويُقصد بذلك أي قيامهم باستخدام الهجر بغير حق أو بصورة غير جائرة، فعلى سبيل المثال قد يهجر الزوج زوجته نتيجة لعدم إطاعته لها في أمرًا في الأساس غير مشروع.
أو ربما قد يهجرها بسبب أمر لا يتعلق تمامًا بحقوقه الشريعة، وبعض الرجال يهجروا زوجاتهم تعسفًا من أجل إرغامها على ترك حق من الحقوق المالية لها، أو لكي تطلب الخلع بدلًا من الطلاق وتتنازل عن كافة الحقوق.
فهل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش تعسفًا، بالطبع إن ذلك الأمر من الأمور التي حرمها الدين الإسلامي، فطالما لم يوجد سبب شرعي للهجر يكون الهجر غير جائز وحرامًا.
أقصى مدى لهجر الزوج لزوجته في الفراش
في صدد إجابتنا عن سؤال هل يأثم الرجل إذا هجر زوجته في الفراش، فإنه يُجدر بالإشارة إلى ذكر أقصى مدة يمكن للرجل أن يهجر فيها زوجته، فلقد اختلف العلماء في تحديدها، وكان الآراء كالتالي:
- الرأي الأول: يجوز للرجل أن يهجر زوجته الناشر بالمدة التي يريدها إلى أن تعود الزوجة عن نشوزها، وذلك الرأي تابع لمذهب الحنفية والشافعية وكذلك الحنابلة، حيث إنهم استدلوا عليه من خلال الآية القرآنية التي أُنزلت في سورة النساء فهي لم تحدد مدة للهجر في حالة النشوز وجعلته غير مقيدًا.
- الرأي الثاني: مدة هجر الزوج للزوجة في حالة نشوزها تكون شهر، وأقصى مدة هي أربعة شهور، وذلك الرأي ينتمي لمذهب المالكية.
فهم استدلوا عليه من الحديث الشريف الذي ذُكر بأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لم يجامع زوجاته مدة شهر، كما أن الشرع حدد المدى القصوى للإيلاء أي عدم مضاجعة الزوج لزوجته قائلًا بأنها لا ينبغي أن تتجاوز أربعة أشهر.
ذلك لأن المدة التي تستطيع الزوجة أن تبتعد فيها عن زوجها هي أربعة أشهر، ويُجدر بالإشارة إلى قول إنه كلما كانت مدة الهجر طويلة كلما كان هناك ضررًا على الزوجة.
اقرأ أيضًا: ماذا تفعل الزوجة عندما يهجرها زوجها
أقصى مدة لهجر الزوج لزوجته بترك الكلام
لن يقتصر الهجر من قِبل الزوج لزوجته على الهجر في الفراش، فهناك بعض الأزواج الذين يهجرون زوجاتهم بالكلام، ولقد أجمع الفقهاء على أن ذلك الأمر جائزًا، وأما عن مدة الهجر من خلال ترك الكلام فلقد اختلفوا في تحديدها كالآتي:
- يرى الجمهور أنه لا يجوز أن تكون مدة هجر الزوج لزوجته بترك الكلام أكثر من ثلاثة أيام حتى وإن كانت مستمرة في نشوزها، وذلك كما جاء في الحديث الشريف “ ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ“.
- أما بعض الشافعية فإنهم يرون أنه يجوز هجر الزوج لزوجته في الكلام لأكثر من 3 أيام، وهذا للعمل على تأديبها بسبب نشوزها، ودليلهم في ذلك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هجر من قاموا بالتخلف عن وترك غزوة تبوك لأكثر من 3 أيام.
إن هجر الزوج لزوجته في الفراش حرامًا، ولكن في حالة نشوزها أي ترفعها عنه وإهمالها لحقوقه فإنه يجوز أن يهجرها إلى أن تعود لطاعته مجددًا.