معايير اختيار الزوج والزوجة
معايير اختيار الزوج والزوجة من الأسس التي تساعد على نجاح الزيجة، فعلى الرغم من أنه يجدر بالمسلم والمسلمة أن يكونا على علم بها، إلا أنه لم يتم الالتفات إلى الأمر، إلا بعد أن ارتفعت نسبة الطلاق، وأصبح العدد لا يستهان به في الوطن العربي، ويرجع ذلك إلى عدم التكافؤ، والتعرف على الأسس الصحيحة لاختيار كل من الزوجين، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على تلك المعايير عبر السطور التالية.
معايير اختيار الزوج والزوجة
يقول الله -عز وجل- في محكم التنزيل في سورة الروم الآية رقم 21: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“، فالزواج هو سنة الله في الأرض من أجل أن تستمر البشرية، إلا أنه ينبغي أن نضع في عين الاعتبار أن الأمر ليس بتلك السهولة.
فعلى المسلم والمسلمة أن يحسن كل منهما انتقاء الآخر من أجل التأكد أن ذلك الزواج سوف يكون ناجحًا ويحصد كل منهما منه الخير الوفير، ويكون هناك بيت مسلم مستقر، يخرج منه أنجالًا ينفعون أنفسهم ووطنهم، لذا ومن خلال ما يلي سوف نتعرف بشيء من التفصيل على معايير اختيار الزوج والزوجة.
أولًا: أسس اختيار الزوج الصالح
من منطلق التعرف على معايير اختيار الزوج والزوجة علينا أن نعرف أن الزوج هو رب المنزل، وأساس نجاح الزواج، فهو الذي يرعى أهل بيته ويكون مسؤولَا عنهم، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن عمر:
“أَلا كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالأمِيرُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ، وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، وهو مَسْؤُولٌ عنْهمْ، والْمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ بَعْلِها ووَلَدِهِ، وهي مَسْؤُولَةٌ عنْهمْ، والْعَبْدُ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مَسْؤُولٌ عنْه، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” (صحيح)، لذا ومن خلال ما يلي سوف نتعرف على أسس اختيار الزوج الصالح في الإسلام، والتي أتت على النحو التالي:
1- حسن الخلق
يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي حازم المزني: “إذا جاءَكم من ترضَونَ دينَهُ وخلُقَهُ فأنكِحوهُ إلَّا تفعَلوا تكُن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ قالوا يا رسولَ اللَّهِ وإن كانَ فيهِ! قالَ إذا جاءَكم من ترضونَ دينَهُ وخلقَهُ فأنكِحوه. ثلاثَ مرَّاتٍ”.
فحسن الخلق من أهم معايير اختيار الزوج والزوجة، وليس الزوج فقط، فحين تقبل المرأة على الزواج يجب عليها أن تختبر الزوج وقدرته على التعامل مع كافة الأمور، لترى إن كان سليط اللسان أم لا، حيث إنها في حالة اكتشافها بأنه ليس على خلق، عليها أن تبتعد على الفور.
علينا التوقف عن أمر أنه سوف يتغير بعد الزواج، فتلك العبارة كانت سببًا في هدم الكثير من البيوت المسلمة، كفانا أن نقوم بذلك، وعلينا أن نتقي الله في أنفسنا وفي اختيار الزوج الذي سوف يكون في يوم من الأيام أبًا لأبنائنا.
اقرأ أيضًا: مسجات رومانسية تذوب الزوج
2- الالتزام والتدين
لا نقصد بالتدين والالتزام أن يكون الشخص متشددًا، فيكفي أن يكون على قدر من التعرف على التعاليم الدينية، كما أنه يقيم الفروض ويعرف شرع الله ومنهاجه الذي ينص على ضرورة التشبث بحبل الله -عز وجل- حتى تنصلح الأحوال ويقام بيت مسلم يخرج منه الأبناء الصالحين.
فمثلًا في حالة تقدم أحد الأشخاص لفتاة ما، على الوالد والأقارب أن يقومون بالسؤال عنه والتعرف على خلقه وعلاقته بالله عز وجل، والتي تظهر في سلوكياته مع الغير، الجدير بالذكر في الحديث عن معايير اختيار الزوج والزوجة أنه في عصر التقدم التكنولوجي قد تغير تفكير الفتيات فيما يخص أمر الزواج، متناسين قول الله تعالى في سورة النور الآية رقم 3:
“الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ“، لذا علينا أن نعود إلى ديننا القويم الذي يحثنا دائمًا على التمسك بالقيم السامية، والتي تضمن لنا إقامة منزل مسلم على قدر من التقوى والصلاح.
3- التقارب الفكري
على الرغم من أن التقارب الفكري من الأمور الدنيوية، إلا أنه من أهم أسس اختيار الزوج في الإسلام، حيث إن الله -عز وجل- أخبرنا أن الزواج دون الالتفات إلى تلك الأمور من شأنه ألا يستمر ويكون الطلاق في تلك الحالة هو مآله الأخير، مما يؤدي إلى تشرد الأطفال إلا من رحم ربي.
لذا فعند الإقبال على الزواج، على المرأة أن تراعي أن يكون بينها وبين الرجل الذي توشك على أن تقبله زوجًا لها، تقاربًا فكريًا، حيث يتلقيا في الكثير من المواقف والأمور، فيجدان أنه من الممكن أن يضعا أيديهما في يد بعضهما البعض من أجل تخطيها.
فإن لم تستشعر المرأة ذلك، فقد أحل الله لها رفض الأمر، والانتظار إلى أن يجيئها من ترضى به زوجًا، فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتخيير المرأة في الزواج، وذلك من خلال قوله: “الثَّيِّبُ أَحَقُّ بنَفْسِهَا مِن وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وإذْنُهَا سُكُوتُهَا” صحيح.
4- التكافؤ الاجتماعي
أيضًا التكافؤ الاجتماعي من أهم أسس معايير اختيار الزوج والزوجة، فيجب على المرأة حين الإقبال على الزواج أن تفكر في المستوى الاجتماعي الذي عاشت فيه لفترة طويلة، هل من شأنها أن تغيره من أجل زواجها من رجل في غير ذلك المستوى.
في حقيقة الأمر أنها من الممكن أن تقول نعم وما المشكلة، إلا أنه بمرور الوقت ستكتشف أن الأمر ليس كما يبدو، فالعلاقات غير المتوافقة من تلك الناحية لا تدوم طويلًا، فلم كل ذلك العناء من البداية، إن كان الأمر بيدها من الآن، فعليها أن تحسن الاختيار.
اقرأ أيضًا: الزوج الذي لا يدافع عن زوجته
ثانيًا: معايير اختيار الزوجة الصالحة
أما عن أسس اختيار الزوجة التي يجب أن يبحث عنها الرجل من أجل أن يكون له النصيب في الزواج الناجح، فقد أتت على النحو التالي:
1- تدين المرأة
يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ” صحيح.
فيجب أن يضع الرجل في عين اعتباره أن المرأة المتدينة الصالحة هي التي من شأنها أن تكون سببًا في سعادته في الدنيا والآخرة، كذلك عليه التعرف على صفاتها الحميدة، والتأكد من أنها تتبع قول الله تعالى فيما يخص المرأة المسلمة، حيث قال -جل في علاه- في سورة النور الآية رقم 31
“وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“.
فإن رأى الرجل أن المرأة التي يود بالزواج منها من شأنها أن تتحلى بتلك الصفات، فحتمًا عليه استخارة الله عز وجل، والإقبال على الزواج منها، فمراعاة معايير اختيار الزوج والزوجة من الأمور التي تقلل من نسبة الندم بعد ذلك.
فعلى الرغم من أن الطلاق من الأمور التي أحلها الله عز وجل، إلا أنه هدم لبيت المسلم وخسائر فادحة في الكثير من الأحيان، لذا يجدر بالمسلم أن يتجنب كل ذلك من خلال التمعن في اختيار شريكة حياته.
2- القبول من حيث الشكل
أحل الله -عز وجل- للرجل أن يتزوج المرأة لجمالها، فعندما يقبل المسلم على اختيار زوجة له، لابد وأن يكون هناك قبولًا من ناحيته تجاهها من حيث الشكل، حتى تكون سببًا لعفته بعد الزواج، فيغض بصره عما حرم الله جل في علاه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي إمامة الباهلي:
“ما اسْتَفَادَ المؤمنُ بعدَ تقوى اللهِ خيرًا له من زوجةٍ صالحةٍ، إن أَمَرها أطاعَتْه، وإن نظرَ إليها سَرَّتْه، وإن أقسَمَ عليها أبرَّتْه، وإِنْ غابَ عنها نَصَحَتْه في نفسِها ومالِه”.
3- حسن الخلق
ترى الكثير من النساء أنها مميزة بسلاطة اللسان، كونها تتمكن من الرد السيء وتلك الأمور التي تتنافى مع الإسلام، إلا أن ذلك يقلل من شأنها ولا يجعلها من الصالحات التي ينبغي المسلم الباحث عن أسس اختيار الزوج والزوجة أن يقوم بالتواصل معها بغرض الزواج.
فإنه حري بالمسلم أن يبحث عن الفتاة حسنة الخلق التي لا تقول الفاحش من القول، ولا تمشي بين الناس بالنميمة والغيبة والسباب والأمور التي لا يحبها الله عز وجل، كذلك يجب الابتعاد عن الفتاة التي تسخر من الأشخاص، فهذا الأمر لا يعد مسارًا للتفاخر، حيث قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة الحجرات الآية رقم 11:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ“.
اقرأ أيضًا: أهمية دور الأسرة في المجتمع
4- التكافؤ الثقافي
كما في أسس اختيار الزوج، ينبغي أن تكون الزوجة على قدر من الثقافة يتناسب مع الزوج، حتى يكون هناك تواصلًا محمودًا بينهما، ولا يكون هناك مجالًا للمشكلات المتعددة التي توجد في واقع الحياة بعد الزواج فتتسبب في إنهائه.
إلا أنه من غير الضروري أن تكون الزوجة متكافئة مع الزوج من الناحية المادية، كونه هو الملزم بالإنفاق وتوفير المسكن والمأكل والمشرب لها، بل وأيضًا كساءها، فقد قال الله تعالى في سورة النساء الآية رقم 34:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”
5- المرأة المحبة للإنجاب
ترى الكثير من النساء أن الرغبة في الإنجاب من الأمور التي تحول بينها وبين تحقيق أحلامها، متناسية أن الأمومة هدفًا ساميًا ورسالة يمن الله عليها بتأديتها، لذا حريٌ بالرجل أن يقبل على المرأة التي تعي ذلك، وترغب في أن يكون لديها أولاد.
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ” صحيح رواه أنس بن مالك.
يجب على كل مسلم ومسلمة ألا يغفلا عن معايير اختيار الزوج والزوجة، حتى يسعدا في الدنيا ويكون لهما نصيبًا وافرًا من السعادة في الآخرة أيضًا.