كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة
كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة؟ وما هي كبائر الذنوب؟ ففي الكثير من الأحيان تضعف النفس المسلمة ويضعف المسلم ويرتكب كبائر المعاصي التي نهى الدين عنها، بعدها تصاب نفسه بالندم ويريد لو أن الله تعالى يغفر له هذا الذنب، لذا سنعرض لكم من خلال منصة وميض كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة.
كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة
في حال ارتكاب المسلم لأي ذنب من الذنوب الصغيرة، فقد يكون هناك العديد من الطرق البسيطة التي تمكنه من التوبة عن هذا الذنب وتجعل الله تعالى يغفر له هذا الذنب، كالاستغفار أو الرجوع عن هذا الذنب والتوبة عنه.
أما الذنوب الكبيرة، ففي حال ارتكبها الفرد المسلم سيطلب الأمر منه الكثير من الاجتهاد والسعي ومقاومة النَفس الأمارة بالسوء لكي يعود عن هذا الذنب ويغفر الله له ذنبه، فالذنوب الكبيرة تختلف طريقة التكفير عنها عن الذنوب الصغيرة.
كما يجب الوضع في الاعتبار رحمة الله الواسعة التي شملت كل شيء، وغفرانه لذنوب عباده مهما كبرت، ولكن ذلك في حالة إذا ما وجد من العبد التوبة النصوحة عن هذا الذنب، فلا يجب على المسلم أن ييأس من رحمة الله ويصيبه اليأس بأن الله تعالى لن يقبل توبته عن هذا الذنب.
فاليأس من رحمة الله في حد ذاته من الأمور التي يأثم عليها المسلم، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم “وَلَا تَيْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” [سورة يوسف الآية 87] ففي حال يأس العبد من رحمة ربه سيكرر ذنبه ولا يفكر في العودة إلى الطريق الصحيح والتوبة.
أما في حال تاب المسلم عن ذنبه توبةً نصوحة وعاهد الله تعالى ألا يكرر الذنب مرةً أخرى، فيقبل الله توبته مهما عظم ذنبه وإن وصل للشرك، فكل ما على المرء فعله بعد ارتكاب المعاصي الكبيرة والندم على فعله هو أن يتوب إلى الله ويتأكد من تنفيذ كافة شروط التوبة النصوحة عن الكبائر ويلتمس المغفرة من الله تعالى.
كما يجب العلم أن كبائر الذنوب لا يغفرها الله تعالى إلا بتوبة العبد عنها، أما صغائر الذنوب فتغفر بالعديد من الطرق مثل غفران ذنوب العباد بين كل فرض من الفروض الخمسة والفرض الذي يليه أو غفران ما بين الجمعة والجمعة، وكذلك تغفر بالتوبة عنها، ويعود الأمر في الأخير إلى نية العبد المُذنب، وذلك في إطار معرفة كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة.
اقرأ أيضًا: كيف أتوب من ذنب متكرر
شورط التوبة الصادقة عن كبائر الذنوب
التوبة هي جوهر إجابة كيف يغفر الله الذنوب الكبير، فلِكي يغفر الله الذنوب لعباده يجب أن تكون توبة العبد نصوحة ونابعة بالفعل عن ندمه الشديد عن فعل هذا الذنب، كما أن هناك العديد من الشروط التي يجب أخذها في الاعتبار عند التوبة إلى الله عن فعل ذنب معين لكي يتقبل الله توبته إن شاء الله، وتتمثل هذه الشروط في كلًا من النقاط التالية:
1ـ إخلاص نية التوبة إلى الله تعالى
يجب أن تكون نية التوبة عن الذنب خالصة إلى الله تعالى، أي أن العبد يتوب عن الذنب لا لأي سببٍ آخر سوى حبًا في الله تعالى وطمعًا في نيل رضاه ومغفرته، وألا تكون الغاية وراء هذه التوبة دنيوية بأي شكل من الأشكال، فقد قال تعالى:
“إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّـهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّـهِ فَأُولَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ” [سورة النساء الآية 146]
2ـ الإقلاع عن الذنب
يجب أن يقرر العبد عند توبته إلى الله تعالى ألا يعود إلى هذا الذنب أبدًا مرةً أخرى، وأن يبتعد تمامًا عن أي أمر أو أشخاص يقربونه من هذا الذنب، فمثلًا إذا كان هناك أحد الأصدقاء الذي يعين العبد على فعل هذا الذنب، فيجب الابتعاد عنه تمامً عند التوبة، وذلك ليتمكن العبد من التخلص من هذا الذنب كليًا.
3ـ الندم لارتكاب هذا الذنب
عندما يفعل العبد السَوي أحد الذنوب الكبير، يشعر بعظمة الله تعالى ويندم على ما قدمه من ذنب وتقصير في حق الله تعالى، لذا عندما يقرر التوبة عن هذا الذنب يجب أن يكون نادمًا أشد الندم لارتكاب هذا الذنب ويشعر بعظمة الذنب الذي ارتكبه لا أن يستصغره.
4ـ هجران الذنب تمامًا
يجب أن يرافق توبة العبد عزمه التام على ألا يعود لارتكاب هذا الذنب مجددًا أبدّا في المستقبل، كما يجب أن ينوي العبد أنه سيصلح ما بدر منه من الذنوب ومحاولة التقرب من الله تعالى أكثر بالإكثار من الاستغفار والصلاة والمحافظة على الطاعة وعدم الميل عن الطريق القويم مجددًا.
اقرأ أيضًا: فضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مكتوب
5ـ إرجاع الحقوق إلى أصحابها
هناك بعض الذنوب والكبائر التي تختص ببعض حقوق العباد، لذا في حال قرر العبد التوبة عن هذا الذنب يجب عليه أن يرجع الحقوق إلى أصحابها، فمثلًا عند ارتكاب ذنب مثل السرعة الذي يعد من كبائر الذنوب، فعند التوبة يجب أن يعيد المُذنب ما أخذ من حق أخيه.
فقد قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحد الأحاديث: “ مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه” [رواه أبو هريرة بإسنادٍ صحيح]
6ـ إدراك وقت قبول التوبة
يجب أن يكون المسلم على علمٍ تام أن التوبة يجب أن تكون قبل أن تطلع الشمس من المغرب، أي قبل أن يقوم يوم القيامة، فطالما أن العبد في الحياة الدنيا فمن الممكن له التوبة عن ذنوبه في أي وقت، كما يجب أن تكون التوبة قبل الموت، فقد قال الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ “إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا” [رواه أبو موسى الأشعري بإسنادٍ صحيح]
كما أن هناك العديد من كبائر الذنوب مثل الزِنا والشرك بالله في حال ارتكبها العبد يجب عليه الاغتسال بنية الطهارة وبالطريقة التي وردت في الشريعة الإسلامية ثم يصلي ركعتين بنية التوبة مع وجود كافة الشروط التي سبق ذكرها وهنا تكمن إجابة كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة.
الطرق التي يكفر الله بها عن عباده كبائر الذنوب
كأحد بنود إجابة كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة هو الطريقة التي يتم بها التكفير عن هذا الذنب، فبعد توبة العبد عن الذنب، هناك بعض الأمور التي من الممكن أن يقوم بها المسلم بعد التوبة التماسً لرحمة الله وعفوه، كما قد يكون هناك بعض ما يصيب الله به عبده لأنه يريد أن يغفر له الذنب، ومن مكفرات كبائر الذنوب ما يلي:
- يجب أن يكثر العبد من الاستغفار عن الذنب الذي ارتكبه حتى بعد التوبة منه والابتعاد عن فعله.
- الإقبال على فعل الكثير من الأعمال الصالحة مثل الصدقات وصلاة النوافل وغيرها من العبادات كأحد صور التكفير عن فعل هذا الذنب.
- الإكثار من الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنيل شفاعته يوم القيامة.
- قد يصيب الله تعالى المسلم المُذنب ببعض الابتلاءات أو يضعه في بعض الاختبارات الدنيوية ليكفر عنه الذنب الذي فعله ويتوب عليه.
- شهود المُذنب لحدوث علامات يوم القيامة يعتبر أحد الطرق لتكفير ذنوب العباد.
كبائر الذنوب
مما لا شك فيه أن الله تعالى غفورٌ رحيمٌ بعباده، وأنه يقبل توبة عباده عند علمه سبحانه وتعالى بأن التوبة نصوحة وأن العبد لا ينوي العودة إلى هذا الذنب مرةً أخرى، لكن كما سبق وذكرنا أن هناك بعض الذنوب التي تعد من الكبائر والتي لا يسهل أمر غفرانها.
فالذنوب تنقسم إلى قسمين، الأولى هي صغائر الذنوب التي يغفرها الله تعالى للعباد بالعديد من الطرق التي ذكرناها، والثانية هي الكبائر التي أوضحها الله تعالى في كتابه الكريم حين قال:
“ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” [سورة الفرقان الآية من 68 إلى الآية 70]
لذا سنذكر من خلال السطور التالية كل ذنب من هذه لذنوب تفصيلًا.
1ـ الشرك بالله تعالى
أول الكبائر التي ذكرها الله تعالى في الآية السابقة هي الشرك به ـ سبحانه وتعالى ـ حيث يعتبر الشرك بالله أعظم الكبائر وأكبرها إثمًا، ففي الشرك بالله إنقاصٌ واضح في ربوبته تعالى كما أنه كُفرٌ واضح بالله، وينقسم الشرك إلى قسمين، الشرك الأكبر وهو أن يشرك العبد أحدًا أو شيئًا آخر في عبادته، وهو كفرٌ بين يخرج العبد عن الملة.
أما النوع الثاني من الشرك فهو الشرك الأصغر، وهو مساواه أحد أو شيء غير الله في الأفعال أو الأقوال، كالرياء مثلًا، وهذا من الذنوب الكبيرة التي لا تغفر إلا بالتوبة لكنه لا يخرج المسلم عن ملته.
اقرأ أيضًا: عدد مرات الاستغفار لقضاء الحاجة
2ـ قتل النفس بغير الحق
من أعظم الكبائر التي تلي الشرك بالله تعالى هي قتل النفس بغير الحق، فقد حرمَ الله تعالى قتل النفس بغير الحق حين قال في كتابه تعالى: “ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً” [سورة الإسراء الآية 33]
كما يجب العلم أن القتل هنا يشمل قتل النَفس وقتل الغير فلا يكون القتل حلالًا إلى في حالاتٍ نادرة مثل الدفاع عن النفس أو لعرض أو الوطن أو الجهاد في سبيل الله، أما في حال القتل دون هذه الأسباب فيعاقب المسلم في الدنيا بإقامة الحد عليه وفي هذ الحالة لا يحاسب على هذا الذنب في الآخرة.
3ـ أكل حقوق العباد
هناك العديد من الذنوب التي تندرج تحت بند أكل حقوق العباد، منها ذنوب مادية، مثل السرقة وأكل مال اليتيم والتطفيف في الموازين وغيرها، فمثل هذه الذنوب لا يغفرها الله تعالى لعباده إلا بالتوبة ورد كافة هذه الحقوق إلى أهلها، كما يندرج كلًا من الزِنا وقصف المحصنات من الذنوب الكبيرة التي تأتي تحت بند أكل حق العباد.
من الصور الأخرى لهذه الذنوب النميمة والغيبة وفي هذه الحالة تكون التوبة بالاعتذار إلى هذا الشخص الذي اغتابه العبد وطلب السماح منه وذلك في حال هذا الشخص يعلم بأنك اغتبته، أما في حال لم يعلم ذلك فتكفي التوبة والاستغفار عن هذا الذنب وذكر هذا الشخص بكل ما هو خير في نفس المجالس التي تم ذكره فيها بالسوء.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاستغفار بنية الزواج
كيفية الثبات على التوبة
في إطار التعرف إلى إجابة السؤال كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة فبعد أن يتوب المُسلم من أحد الذنوب الكبيرة التي ارتكبها، يجب عليه الثبات على هذه التوبة وألا يعود فيها أبدًا، وهناك العديد من النصائح التي ستساعد على الثبات على التوبة من ذنبٍ قد ارتكبه، هذه النصائح تتمثل فيما يلي:
- الدعاء الدائم أن يقبل الله توبة العبد وأن يهديه إلى الطريق القويم ويساعده في عدم العودة إلى هذا الذنب.
- عدم الاستهانة أو التفريط في الأمور التي شرعها الله تعالى كبيرةً كانت أو صغيرة.
- محاولة الثبات على السُنن والنوافل قدر المستطاع، لأنها ستزيد من الإيمان والشعور بلذة الطاعة في نفس المسلم.
- معرفة أن الله تعالى يراقب عباده في كل وقتٍ وفي كل حال، ويجب أن يخجل المسلم من فعل أي ذنب وهو يعلم أن الله تعالى يراه.
- مرافقة أهل الصلاح والهدى، لأنهم خير مُعين على الطاعة.
- الابتعاد عن أي مصدر قد يكون سببًا في تفكير العبد بالعودة إلى ذنبه.
- الإكثار من الصلاة وقيام الليل.
لا حاجة للقلق حول معرفة كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة، فالله تعالى يغفر ذنوب عباده مهما عظمت لكن يجب التوبة عن هذا الذنب والإصرار على التوبة والتمسك بعدم العودة إلى هذا الذنب وتنفيذ كافة شروط التوبة النصوحة التي سبق ذكرها.