حديث الرسول عن محمد الفاتح هل هو صحيح الرواية والسند أم لا؟
حديث الرسول عن محمد الفاتح أشهر سلاطين الخلافة العثمانية هل هو حديث صحيح الرواية والسند أم لا؟ الكثيرين منَا يشغل بالهم ذلك الأمر خاصةً مع الهجوم الغير مُبرر على الخلافة العثمانية التي كانت وستظل في النهاية نظام حكم جمع المسلمين تحت رايته لأكثر من ستمائة عاماً، وبطبيعة الحال كان عليها مآخذ لأن أمرائها كانوا بشراً في نهاية المطاف، فمن غير المُجدي تزييف الحقائق التاريخية لتحمل معانِ مغلوطة من شأنها أن تُحدث فُرقة في الأمة الإسلامية، وتشوه تاريخها المجيد بدون داعِ. ولذلك إليكم في موقع وميض اليوم كل المعلومات التي تخص فتح القسطنطينية وحديث الرسول عن محمد الفاتح.
حديث الرسول عن محمد الفاتح
- الرسول الكريم سيدنا مُحمد كما قال عنه الله تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) لذا فعندما يتحدث الرسول يجب أن يُؤخذ كلامه بدون شك والمعني بذلك هم المُسلمين أتباع سيدنا محمد من الأمة الإسلامية.
- بالتالي لم يكن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن فتح مدينة القسطنطينية مجرد نُبوءة بشرية من رجلِ حكيم، وتوقع يعكس مدى خبرة الرسول في أمور الدين، وأمور الحروب وتسليح الجنود من عتاد وغيرها.
- على العكس تماماً فقد كانت هذه النبوءة نبوءة نبوية مثل نبوءة فتح مكة التي جاءت في آخر سور القرآن الكريم سورة النصر حيث أطلَع الله عز وجل نبيّه عليها من خلال سورة في القرآن.
- خير دليل على ذلك أن هذه الحقيقة تُعد من الغيبيات قول الله تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾.
- لم تكن هذه النبوءات عبثاً بل كان هناك سبباً ورائها وهو تبشير المؤمنين من المسلمين في أي زمان ومكان، كي تزدهر في نفوسهم روح القتال والجهاد في سبيل الله للدفاع عن دينهم الحنيف على مر العصور، وإعلاء كلمة العزيز فوق الأرض.
للمزيد من الإفادة قم بالتعرف على معلومات أكثر حول أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وأشهر صفاته وتسميته بالصادق الأمين
هل حديث فتح القسطنطينية صحيح
جاء هذا الحديث الصحيح عن الإمام الألباني الوارد عن المسند أحمد في كتاب التاريخ الكبير والصغير للبخاري، وورد أيضاً عند صحيح مسلم ببشرة نبوية للمسلمين عن فتح القُسطنطينية على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم حيث جاء في الحديث:
- (كنّا عند عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاصِ، وسُئِلَ أيُّ المدينتيْنِ تُفتحُ أولاً القسطنطينيةُ أو روميَّةُ؟ فدعا عبدُ اللهِ بصندوقٍ له حِلَقٌ، قال: فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبدُ اللهِ: بينما نحنُ حولَ رسولِ اللهِ نكتبُ، إذ سُئِلَ رسولُ اللهِ أيّ المدينتيْنِ تُفتحُ أولاً القسطنطينيةُ أو روميَّةُ؟ فقال رسولُ اللهِ: مدينةُ هرقلَ تُفتحُ أولاً: يعني قسطنطينيةَ.)
- لكن مع ذلك ومع أن الحديث صحيح بإجماع علماء الحديث يبقى الخلاف على هل كان مُحمد الفاتح السلطان العثماني هو المقصود بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا.
يرشح لك منصة وميض الاطلاع على دعاء الرسول عند النوم وأهمية قول أذكار النوم وفوائدها
محمد الفاتح (فاتح القسطنطينية الأول)
- وُلد محمد بن مراد (محمد الفاتح) الثاني عام 1432 ميلادياً، وهو السلطان السابع في سلسلة آل عثمان ويُلقب بأبي الخيرات.
- ولد في مدينة أردنة وكانت هي عاصمة الخلافة العثمانية آنذاك.
- استمر حكم السلطان العثماني لمدة ثلاثين عاماً حمل كل عام منهم خيراً، وعزاً للمسلمين.
- كانت تنشئة السلطان محمد الفاتح تنشئة حسنة حيث كبر، وترعرع في بيت الخلافة، واهتم والده بتربيته على الأخلاق الحميدة، وتعاليم الدين الحنيف.
- لذلك خصص السلطان لأبنه البار عدداً من العلماء والمُربيين لتعليمه القرآن الكريم حتى أتم حفظه على يد آق شمس الدين الذي كان له دوراً عظيماً في تنشئة الخليفة العثماني، فكان له الفضل في اقناعه بأنه المقصود من حديث الرسول الكريم مُحمد صلي الله عليه وسلم عن فتح القسطنطينية، إلى جانب تعليمه الأحاديث النبوية الشريفة، والفقه الإسلامي.
- مُنذ صغر سن السلطان محمد الفاتح وهو يتمتع بقدرِ عالِ من الفطنة، والحكمة والنبوغ مما دفع والده مُنذ سن صغيرة أن يجعله ينخرط في العمل السياسي فقام بتعيينه أميراً على مُقاطعة صغيرة، وذلك لتعزيز مهارة الحكم والإدارة لديه.
- فبعد أن تُوفي الخليفة مُراد الثاني كانت الخلافة من نصيب السلطان مُحمد الثاني وهو لا يزال في سن الثانية والعشرين من عمره.
- لكن على الرُغم من صغر سنه إلا أنه استطاع تطبيق ما تعلمه وظهرت نتائجه من خلال براعته في الحكم، وكذلك من خلال تقوية الجيوش الإسلامية من ناحية الجنود وعتاد الجيوش من آلات ومُعدات حديثة وذلك لكي يُعز بها الله الإسلام والمسلمين فيما بعد.
- سارع الخليفة لتلبية كافة احتياجات الجيش حيث صمم أحد المهندسين له مدفعاً كان يتميز بالضخامة والكفاءة التي لم يُشهد لها مثيل من قبل في ذلك الوقت.
- كان للخليفة عقلية حربية فذة حيث قام ببناء قلعة حربية تُحكم سيطرتها على حركة الملاحة في مضيق البسفور من الجهة الأوروبية، وكان يوجد في الجهة المُقابلة لها قلعة الأناضول وبذلك استطاع الجيش الإسلامي إحكام قبضته على المضيق الذي ستنطلق منه شرارة فتح القسطنطينية وهي حصار المدينة ومنع الإمدادات عنها.
نوصي بالاطلاع على ما الفرق بين الغيبة والنميمة وهل هما من كبائر الذنوب وكيف يمكن البُعد عنهما؟
فتح القسطنطينيّة
- بعد أن جهز الخليفة قُرابة مئتين وخمسين ألفاً جندي بدأ في تنفيذ حصار القسطنطينية التاريخي.
- الذي اشتدت ذروته عندما ضُربت الحصون وأُسِرت المدينة بالمدافع حتّى تمكّن أخيراً الجيش من اقتحامها.
- ثم فُتحت القسطنطينية تحقيقاً لنبوءة الرسول في تمام 29 من مارس عام 1453ميلادياً، ودخلها الأمير محمد الفاتح ليكون بذلك أول خليفة مُسلم يتمكن من دخول مدينة استعصى فتحها على المسلمين لقرونِ عديدة بفضل حنكته العسكرية وحكمته الإدارية.
- قام السلطان محمد الفاتح بفتح مدينة القسطنطينية بمفهوم الفتح الإسلامي المُتعارف عليه مُنذ أيام الرسول والصحابة، وهو بمنتهى البساطة تحويل مدينة غير مسلمة إلى مدينة مسلمة عن طريق تغيير نظام الحكم، إلى جانب تغيير دين السكان نتيجة التعامل مع المسلمين والتأثر بأخلاقهم وصفاتهم بمرور الوقت.
- جاء في كتاب المؤرخ الجزائري مبارك الجزائري في كتاب تاريخ الجزائر في القديم والحديث ص 361 حيث قال [أن القسطنطينية لما فتحها محمد الثاني من آل عثمان صارت تدعى إسلامبول ومعنى ذلك مدينة الإسلام].
يمكنك الآن معرفة من الذي عدلت شهادته شهادة الرجلين؟ تعرف على نسبه وكنيته ودوره
حديث فتح القسطنطينية الألباني
- نأتي إلى أكثر الأمور إثارة للجدل في هذا الشأن وهي حديث الرسول عن محمد الفاتح وقد جاء كالآتي (عن عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ، قَالَ: فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَأَلَنِي، فَحَدَّثْتُهُ، فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ) هل هو صحيح، أم غير صحيح.
- حقيقةً لن يستطيع أحد الجزم بصحة هذا الحديث من عدمها نظراً إلى أنه حديث ضعيف شأنه كشأن عشرات الأحاديث النبوية الأخرى.
- فهناك من صححه مثل الحاكم والذهبي، وهناك من ضعّفه مثل الألباني، والأرناؤوط نتيجة عدم التحقق من المسند.
- بذلك نستطيع أن نرى أن السند ضعيف بعض الشيء فقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه.
- لكن بغض النظر عن صحة الحديث من عدمه ففتح القسطنطينية حقيقة تاريخية أعزّ الله بها المُسلمين لقرون ولن يكون من السهل إنكارها، أو طمسها.
خلاصة الموضوع في 4 نقط
- حديث الرسول عن محمد الفاتح حديث ضعيف السند والرواية وقد اتفق عليه مجموعة من العلماء واختلف عليه مجموعة أخرى.
- أما بالنسبة إلى الحديث عن فتح القسطنطينية فهو حديث صحيح جاء في صحيح مسلم.
- نجح السلطان محمد الفاتح في فتح القسطنطينية بعد محاولات عديدة للمسلمين على مر الزمان لكنها باءت بالفشل.
- من العلماء من أضعف حديث الثناء على الجيش والأمير (حديث فلنعم الأمير أميرها) مثلما قال الإمام الألباني.