من ثمرات الحياء في الدنيا

من ثمرات الحياء في الدنيا كونه شعبة من شعب الإيمان، حيث جاء على لسان أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، أن الحبيب المصطفى قال: {الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ}، وعبر هذا المقال المقدم لكم من منصة وميض، سنتعرف وإياكم على ثمرات الحياء في الدنيا وفي الآخرة.

من ثمرات الحياء في الدنيا

الحياء هو خُلُقٌ يجعل صاحبه يتجنب كل قبيح، ويبتعد عن التقصير فيما يجب عمله وفعله، والحياء من أسمى وأعظم الخصال التي يمكن للمرء أن يتحلى بها، وهي من الهبات العظيمة التي قد يزرعها الله فيمن يحبه ويصطفيه من عباده.

الحياء كغيره من الصفات قد يورث ويولد مع الإنسان، وقد يكتسبه الإنسان على مدار حياته، وبالفعل قد يضل طريقه ويضيع واحدةً من أكبر وأجمل جواهر خصاله.

هناك العديد من الخصال الحميدة والأمور الطيبة التي تصنف من ثمرات الحياء في الدنيا، وتلك الخصال والثمرات تتمثل في الخير المرافق للإيمان، والصدق فمن يمتاز بالحياء لا يعرف الكذب.

من أجمل وأعظم ما قد يرزقك الله به من ثمرات الحياء في الدنيا هو الرزق والتوفيق، دون توفيق الله ورزقه الطيب الحلال والمبارك فيه لك، ستضل، وستعاني من الشقاء الدائم حتى تعود لطريق الحياء.

بالإضافة إلى الأمانة ورد الحقوق إلى أصحابها، فمن يتحلى بالحياء يستحي من أن يأخذ من مال لا يخصه، فلا يقرب الربا، ويترفع عن الوقوع في الفواحش، وفيما يلي من سطور، سنتعرف وإياكم على كافة الخصال والأمور التي تعد من ثمرات الحياء في الدنيا، بالإضافة إلى فضل الحياء وأهميته، وكيف أوصانا الله ورسوله الكريم بالتحلي بهذا الخلق العظيم.

اقرأ أيضًا: حكم خروج المرأة بعد وفاة زوجها وتعرف على ضوابطها الشرعية

الحياء في السنة النبوية الشريفة

الحياة من الأمور التي تم ذكرها بشكل كبير وموسع في سنة رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وفي السنة النبوية والأحاديث الشريفة العديد من ثمرات الحياء في الدنيا والآخرة، وجاءت مواضع ذكر الحبيب المصطفى للحياء فيما يلي:

  • جاء في صحيح الترمذي على لسان أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ما كانَ الفحشُ في شيءٍ إلَّا شانَه وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَه}.

في هذا الحديث تعظيم لقيمة الحياء والابتعاد عن المنكرات والقبائح، فالحياء يزيد من قيمة كل شيء، فالرجل الذي يتميز بالحياة تكن سمعته طيبة وذكره محبب بين الناس، والعكس تمامًا، فالفحش يقلل من شأن كل ما يدخل به، فالرجل الفاحش يعرف عنه الأذى وسلاطة اللسان، مما يجعله مكروهًا حتى وإن لم يكن بشكل ظاهري.

  • ورد على لسان الصحابي أبو مسعود عقبة بن عمر، أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال: {إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فافْعَلْ ما شِئْتَ}.

الأديان والرسالات جميعها تتفق على الحياء وكونه من الرواسخ التي تأتي مع كل رسولٍ ونبي، فالحياء واجب منذ زمان النبوة الأولى، ففضل الحياء بيِّن.

فالحياء هو خوف الإنسان وانكساره من أن يُعاب بشيء، وهو انقباض النفس وابتعادها عن فعل القبائح، ففي حال غياب الحياء أصبح الإنسان مَسخًا يفعل ما يشاء من الرذائل والقبائح، والمعنى من القول إن لم تتسم بالحياة فاصنع ما تريد، إن الله سيكافئ من يستحي، وسيعاقب من يعمل القبيح.

  • جاء في صحيح الأدب المفرد، على لسان زارع بن عامر العبدي، أن رسولنا الكريم قال لأشج عبد القيس المنذر: {إِنَّ فيكَ لَخُلُقَيْنِ يحبُّهُما اللهُ قُلْتُ: وما هُما يا رسولَ اللهِ؟ قال: الحِلْمُ والحَياءُ قُلْتُ: قَدِيمًا كان أوْ حديثًا؟ قال: قَدِيمًا قُلْتُ: الحمدُ للهِ الذي جَبَلَنِي على خُلُقَيْنِ أحبَّهُما اللَّهُ}.

كانت تلك الواقعة عندما وصل وفد عبد القيس إلى المدينة المنورة مسلمين، فسارعوا على تقبيل يدي أشرف الخلق ولمسه إلا أشج المنذر فقد تأنى ولبس ثوبه الأنيق وجاء ليقبل يد الرسول الكريم.

فقال له رسول الله فيك من الخصال خصلتين يحبهما الله، وهما الحِلمُ أي الصبر والتأني، والحياءُ أي الابتعاد عما هو سيء ومشين، فقال له أشج هل تلك خصال اكتسبتها أم أعطاني هي الله منذ ولادتي، قال له نبينا بل ولدت بها.

أنواع الحياء في الدنيا

للحياء في الدنيا أنواع وضروب عدة، منها الحياء من الخالق عز وجل، والحياء من الملائكة، والحياء من الناس، بالإضافة إلى الحياء من النفس، وفيما يلي نشرح بالتفصيل كل نوع من أنواع الحياء.

1- الحياء من الخالق جلَّ وعلا

الحياء مع الله جلَّ جلاله يكمن في اتباع طاعته، والابتعاد عما نهى عنه، وكون العبد يستحي من فعل فاحشة أو منكر لأن الله يراه، فقد جاء على لسان عبد ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله ، قالَ : ليسَ ذاكَ ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ ، وما وَعى ، وتحفَظَ البَطنَ ، وما حوَى ، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى ، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا ، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني : منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ}.

ففي الحديث السابق يحثنا الرسول الكريم على الاستحياء من الله حق الحياء، وذكر من أنواع الحياء أن تحفظ رأسك وعقلك ولا تستخدمهم فيما يغضب الله ولا يرضيه، ومعنى ما وعى الرأس هو الجوارح والخواطر ما ظهر منها وما خفي.

فتحفظ عينيك عن الإبصار لما هو حرام، وتحفظ لسانك من قول ما لا يرضي الله، وتحفظ أذنك عن سماع اللغو والحرام، وهي من ثمرات الحياء في الدنيا، وتحفظ بطنك عن أكل الحرام، وما حوى البطن هو القلب واليدين والقدمين من طريق المعاصي والضلال، وعليك دائمًا تذكر الموت والبلاء، فلا يحب أحدٌ أن يموت وهو على معصية.

الموت على طاعة الله من ثمرات الحياء في الدنيا وفي الآخرة، والبلى هو الحالة التي يصبح عليها الإنسان بعد موته، عظامًا مفتتة وبالية، لا يستطيع نفع نفسه ولا ضررها.

2- الحياء من الملائكة.

الملائكة تعمل على ملازمة العبد بشكل دائم، وتكتب أعماله ما صلح منها وما فسد، فيجب إكرامهم وعدم فعل الفواحش التي سوف يتأذى العبد منها فيما بعد.

3- الحياء من الناس

الحياء من الناس يكمن في الابتعاد عن أذيتهم وإلحاق السوء والضرر بهم، وتجنب الجهر بالمعاصي، فإذا بليتم استتروا.

4- الحياء من النفس

يمثل الحياء من النفس في صونها وتقديرها، وهذا من خلال ابتعادها عن الحرام وحفظها بالعفة عن كل سوء وبالتحديد في وقت الاختلاء والوحدة.

اقرأ أيضًا: ماذا يرى الإنسان قبل الموت بأيام

ثمرات الحياء في الآخرة

بعض ذكر بعضٍ من ثمرات الحياء في الدنيا، هل يوجد ثمرات ومكاسب من الحياء في الآخرة؟ الإجابة هي نعم، فجاء على لسان أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى قال: {الحياءُ منَ الإيمانِ، والإيمانُ في الجنَّةِ، والبَذاءُ منَ الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ}.

ففي هذا الحديث، يقول أشرف الخلق أن الحياء جزءٌ من أجزاء الإيمان، والحياء ينهى عن فعل القبيح، وهو الغريزة الإنسانية اللازمة لسلامة العيش، فالحياء ينهى عن الفحشاء والمنكر، كما الحال في الإيمان، لذا فإن أهل الجنة مؤمنين يُعرف عنهم الحياء، أما البذيء من القول والفعل فهو من الجفاء، والجفاء هو الإعراض ومخالفة الغريزة الطيبة والطبيعية للإنسان، فالبذيء يخالف الإيمان في كونه فحش، والجفاء يخالف الإيمان أيضًا، لذا فأهل النار أهل فحشاء وبذاءة.

الحياء هو رسالة الرسول جدلَّ وعلا من الأساس، فقد جاء على لسان أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ (صالحَ) الأخلاقِ}.

اقرأ أيضًا: ما هي أفضل سورة يستجاب بها الدعاء

كيف تتحلى بالحياء

هناك أمور عديدة قد تجعلك تكتسب خصلة الحياء، تتمثل تلك الأمور فيما يلي:

  • محاسبة النفس بشكل دائم، فالنفس اللوامة تنهى عن الفحشاء والمعاصي والمنكر من القول والفعل.
  • استشعار وتذكر مراقبة الله لك بشكل دائم، فالله يرانا ويعلم ما نعمل وما تخفي أنفسنا وتظهره.
  • مجالسة من يتصف بالحياء، والابتعاد عمن يتصف بالبذاءة.
  • الرغبة في نيل حب الله وطاعته، فمن يقم بتعظيم الله في قلبه، يهبه الله الحياء وغيرها من الخصال الحميدة.

قد تظن أن الناس تهاب المرء في حال كان بذيئًا سليط اللسان ويفعل كل ما يحلو له من كبائر ومعاصي، وفي الحقيقة هذا ليس مهابة له بل خوف من الأذى واشمئزاز مما يفعله، فلا تغريك تلك النماذج، واعمل دائما على تقويم وتهذيب خُلقك.

شاركنا أفكارك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.