خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار
خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار تساهم في إحياء قلوب المؤمنين مرة أخرى، فقد كثرت الفتن في زمننا وهو ما قد يجعل المرء يرتكب المعاصي دون استغفار، ومن ثم يصبح القلب أشبه بالمُغطى بعازل عن الإحساس بالهدى واستشعار الوقوع في الخطأ والضيق من الذنب، لذا عبر منصة وميض نوضح فضله العظيم بالدنيا والآخرة.
خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار
إن يوم الجمعة من أفضل الأيام لدى الله تعالى في الأسبوع، ففيه الصلاة التي ميزها سبحانه وتعالى بأنها تعطي العباد الثواب العظيم في حالة أدائها، وفيها ساعة الإجابة الجميلة التي لا يرد فيها دعوة مسلم، وتعد خطبة الجمعة من أكثر المناسك بها التي تزيد من إيمان المسلمين وتجعلهم يفيقون، لذا فيما يلي نعرض خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار:
بداية خطبة عن الاستغفار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ونشهد أنه أبلغ الأمانة وأدى الرسالة ونصح الأمة وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له… أما بعد أيها المسلمون:
قد قال تعالى في كتابه الكريم:
(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بسورة البقرة الآية 199
كما قال: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [سورة هود الآية 3]،
فإنه سبحانه وتعالى أخبرنا بذاته أنه غفار للذنوب ويقبل التوبة فالحمد لله على نعمة الاستغفار الذي له منزلة عظيمة عند الله هكذا.
إن الاستغفار منهج كامل وما أحوجنا إليه لصلاح الدين والدنيا في زمن تكثر فيه الفتن والشدائد والمحن، وبوقت ثقلت فيه الذنوب على قلوبنا، وزمان أصبح فيه المطر قليل ويصيب البلاد القحط.
اقرأ أيضًا: حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة
الله يقبل التوبة مهما كثرت الذنوب
إخوة الإسلام قد جاء في الذكر الحكيم ما إن سمعه القلب يخشع وتخجل النفس من الابتعاد عن طريق الله أو الاستمرار في الذنب واليأس من المغفرة، واعلم أنها من الشيطان وأبدًا ما قد يخيب الله تعالى ظن عبد به، أو أن يُعذب مستغفر له.
ففي سورة الأنفال الآية 33 قال العزيز الغفار:
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،
فبالاستغفار يحيى قلبك ولا تتمكن منك وساوس الشيطان والحمد لله على فضله بذلك الذكر العظيم.
الإصرار على الذنب
من الجوانب الهامة التي عليك تناولها في خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار هي نقطة الإصرار على الذنب:
“يا من ثقلت ذنوبه على قلبه وأصبح غير قادر على التوبة، ويا من تشعر أنك بعيدًا عن الله تعالى أقبل، لست أنا من يقول لك أقبل بل الله بعظيم قدره، فهو القائل:
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران الآية 135].
فهما كان ذنبك لا تيأس ومهما فعلت ابق متيقن في رحمة الله تعالى ما دامت توبتك صادقة ونابعة من صميم القلب، وإياك واليأس من التضرع له سبحانه وتعالى كي يتوب عنك ويزيل عنك ذنبك، واعلم جيدًا أن سلاحك الوحيد والأقوى أمام الذنب هو الاستغفار، فاحرص على أن يكون لك ورد منه كل يوم وسترى تحصينه لنفسك.”
الخطبة الثانية
هنا ننتقل إلى الجزء الثاني من خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار:
“الحمد لله بكل حال ونسأل الله تعالى المعافاة في المال والحال، ونشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له ينفرد بالعظمة والجلال ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله كريم الخصال والشيم ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أما بعد أيها الإخوة:
إن حشر الخلق يختلف ويختلف عرضهم للحساب يوم القيامة، فمجموعة من الناس تأتي ذات أوجه كالحة بها سواد وظلمة والعياذ بالله، وآخرين يظهر على أوجههم الفرح والبهجة، أتدرون ما الفارق ما بينهم وبين أولئك.. أنهم كانوا من المستغفرين.
فقد ورد في السنة النبوية الشريفة ما يؤكد ذلك فعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال:
“طوبى لمن وجد في صحيفتِه استغفارًا كثيرًا.” [صحيح الدمياطي].
ذلك ما يوضح فضل الاستغفار العظيم وأنه السبب في انفراج الكروب وزوال الهم، كما أنه السبب في فرحة وبهجة العبد يوم القيامة حين يقرأ صحيفته بيمينه.
كما قال بعض العلماء أن معنى كلمة طوبى هنا غير الفرح والسرور قد يعني الشجرة في الجنة، فبكثرة الاستغفار يجد المسلم حاجته ويدخل الجنة مع الأبرار.”
فضل الاستغفار
أهم ما عليك إيضاحه وتناوله في خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار هو فضله، وفيما يلي نكمل الخطبة:
إخوة الإيمان إن الاستغفار له فضائل كثيرة على العباد وفوائد عظيمة تعود عليهم في الدنيا والآخرة، فهو السبب الكبير في تكفير الذنوب مهما عظمت، كما أنه يدفع العقوبة ويرد الأذى أو شر الأقدار عن النفس.
كذلك إن واظبت على الاستغفار في يومك ستجد أن قلبك أصبح أكثر لينًا، وان الأحوال من حولك تتبدل للأفضل فتشعر بالانبهار لوجود كل ذلك الخير في حياتك إذ فجأةً، ويمكن أن تنال إجابة دعائك من الله سبحانه وتعالى بكثرته.
فحتى إن كنت تطلب من الله تعالى أن يرزقك بالذرية الصالحة أو كثرة الأموال فيمكنك بالاستغفار الوصول إلى ما تريد، فقد قال في كتابه الكريم:
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [سورة نوح 10-14]
اقرأ أيضًا: دعاء صباح يوم الجمعة المباركة
أوقات الاستغفار
ما يشيع بين فئة كبيرة من المسلمين في ذلك الحين هو كثرة الاستغفار في وقت معين لنيل فضله، ولكن عليكم أيها الإخوة العلم أن الاستغفار يرفع من شأنك في أي وقت كان، إلا أن السنة النبوية أوضحت أن هناك أوقات يستحب فيها الإكثار من الاستغفار.
ألا وهي بعد الانتهاء من أداء العبادات فيكون فيه تكفير لما قد يقع بها من تقصير أو خلل، كذلك بعد الصلوات الخمس وهو المأثور عن نبينا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ.. أيها الإخوة إن أشرف الخلق والمنزه عن الخطأ كان يستغفر ربه بعد انتهاء العبادة خوفًا من تقصيره فيها فكيف بحالنا.
كذلك إن الاستغفار شُرع بعد الإفاضة من عرفة، أو الاستغفار في حالة الجلوس بمجلس به الكثير من القيل والقال أو الحديث عن الناس، وهو ما يجب تنويه أخواتنا الكريمات إليه.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:
“مَن جلَسَ في مَجلِسٍ كثُرَ فيه لَغَطُه، فقال قبلَ أنْ يَقومَ: سُبحانَكَ ربَّنا وبحَمدِكَ، لا إلهَ إلَّا أنتَ، أستَغفِرُكَ ثم أتوبُ إليكَ، إلَّا غُفِرَ له ما كان في مَجلِسِه.” [قوي الأرناؤوط].
أيها المسلمون إن سيد الاستغفار هو قولك: “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ, خَلَقْتَنِي, وَأَنَا عَبْدُكَ, وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ, أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ, وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ”.
فأكثر من ترديده فقد قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخصوصه أن من قاله وهو مؤمن به ومن ثم مات فإنه يكون ميتًا مغفورًا له ويدخل الجنة بإذن الله.
اقرأ أيضًا: خطبة عن فضل الصلاة وعقوبة تاركها
اقهر شيطانك بالاستغفار
يا أمة الإسلام إن الاستغفار هو ما يقويك على نفسك وعلى الشيطان ووساوسه، فإن كنت غير قادر على التحكم في نفسك فعليك به، فقد قال بعض الصالحين أن الاستغفار يقول إثره الشيطان “أَهْلَكْتُ بَنِي آدَمَ بِالذُّنُوبِ، وَأَهْلَكُونِي بِالاِسْتِغْفَارِ”.
فاتقوا الله أمة الإسلام وراقبوا أفعالكم في السر والنجوى، واعلموا أن الله تعالى يقبل النية الخالصة، واستغفروا لذنوبكم، فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين من الذنوب والدنس، واعلموا جيدًا أن الاستغفار لا بد أن يصاحبه التوقف عن ارتكاب المعاصي والذنوب والالتزام بحدود الله تعالى.
ولا تستعظموا ذنوبكم أو تجعلوا اليأس يتملك من قلوبكم ويحجم ألسنتكم عن ذكر الله والاستغفار والتوبة، فهو القائل في كتابه الكريم:
(قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) [سورة الزمر الآيات 53 – 54].
فاللهم اغفر لنا ذنوبنا جميعًا واجعل عملنا في رضاك وارحمنا برحمتك التي تسع كل شيء فإنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اجعل لنا قلوبًا مطمئنة بحبك وألسنة بذكرك رطبة وجوارحنا خاضعة لجلالك يا الله.
اللهم أحسن عاقبتنا في كل الأمور وأجرنا من خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة، واجعل اللهم خير أعمالنا هو آخرها، وخير الأيام يوم نلقاك يا كريم، ووفقنا يا الله لما تحبه وترضاه وارزقنا البطانة الصالحة والحمد لله رب العالمين.
خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار في حال ما قرأتها أو أديتها أمام المسلمين فإنك تحث على القرب من طريق الله تعالى بعد غفلة القلوب، ومساعدة من يضل الطريق في الانتشال من حب الوقوع اشتهاء لذة المعاصي، وبث الأمل بقلب كل من ييأس من رحمة الله.