هل التفكير في الجنس يبطل الصيام
هل التفكير بالجنس يبطل الصيام؟ وما هي مبطلات الصيام؟ مثل تلك الأسئلة تراود المسلم بشكل كبير من باب الخوف والحرص على سلامة صيامه خلال شهر رمضان وجوازه، لأنه من المعروف أن مثل هذه الأمور تجعل من الصيام غير مقبول خلال شهر رمضان، لذلك سوف نجيب عن تلك التساؤلات بدقة وتفصيل وصحة من خلال منصة وميض.
هل التفكير بالجنس يبطل الصيام؟
باقتراب شهر رمضان المبارك يتساءل الكثير من المسلمين عن بعض الفتاوى التي تخص الصيام في رمضان، ومن بين تلك الأسئلة بالغة الأهمية هل التفكير في الجنس يبطل الصيام أم لا، وفي الحقيقة أجمع علماء الإسلام وفقهاء الدين على أن الإجابة هي لا وبكل تأكيد.
قال علماء الدين إن التفكير في ممارسة الجنس بالنسبة إلى الرجال أو النساء في نهار رمضان لا يعد من المفطرات المفسدات للصيام، حتى وإن تطور هذا التفكير إلى الشعور بذروة النشوة الجنسية ونزول المني عند الرجل أو سائل الشهوة عند المرأة، لا يفسد الصيام ويظل صحيحًا حتى نهاية اليوم.
أما بالنسبة إلى ممارسة الجماع بين الرجل والمرأة في نهار رمضان فهو يبطل الصيام ويفسده بالفعل، وهو إثم كبير وجرم عظيم يلزم التوبة والكفارة عنه هنا هو صيام ستين يوم في مقابل كل يوم أفطر فيه المسلم الصائم لكي ينال شهوته، وهذه حقيقة متفق عليها ولا جدال في هذا الأمر.
جمهور من العلماء أكد على أن نزول المني بمحض إرادة الصائم يبطل الصيام فعلًا، مثل الاستمناء باليد أو بالتفخيذ أو بالتبطين أو التقبيل والملامسة باليد، أو غيرها من تلك الأمور التي تصعد من الشهوة عن عمد.
اقرأ أيضًا: هل يفسد الصيام إذا خرج سائل بعد التفكير في الشهوة
الإفرازات الجنسية وصحة الصيام
تدفعنا الإجابة عن سؤال هل التفكير في الجنس يبطل الصيام أم لا، إلى التعمق بعض الشيء في الحديث عن أمر بالغ الأهمية ألا وهو نزول الإفرازات الجنسية خلال نهار رمضان، ومدى صحة الصيام لبقية اليوم، وللإفرازات الجنسية نوعان لكل نوع منهما حكمه وفقًا لمذاهب الدين الإسلامي، وهذا ما يتضح من خلال الآتي:
1- المذي
أكد معظم علماء الإسلام على حقيقة أن المذي لا يفسد نزوله صوم المسلم ولا يبطله، والمذي هو سائل إما شفاف أو أبيض اللون، يخرج من الرجل عندما يبدأ في الاستثارة ويكون تمهيدًا لنزول المني في وقت لاحق نتيجة لتعاظم الشهوة.
لكن أصحاب المذهب المالكي ذهبوا إلى أن الرجل إذا ما نزل منه المذي نتيجة تفكيره بالشهوة وكان هذا بلا استدامة، فإن الصوم يبطل ويفسد ويجب قضاء هذا اليوم وصيامه بعد انتهاء رمضان، ولا يشترط أبدًا إخراج كفارة عن سقوطه بل يكتفى بصومه، وفي حال قذف المذي نتيجة للاستمرار بالتفكير، يكون الحكم هو ذاته أي قضاء اليوم بالصيام ولا تشترط الكفارة.
2- المني
إن المني أو السائل المنوي للرجل يعد هو محور الإجابة عن سؤال هل التفكير في الجنس يبطل الصيام أم لا، وهنا ظهر بعض الاختلاف بين أصحاب المذاهب الأربعة وكان لكل منهم رأيه الخاص، وهذا ما يتضح من خلال الآتي:
المذهب المالكي
ذهب أصحاب المذهب المالكي إلى أن المسلم إذا قذف منيه بمحض إرادته أو متعمدًا، مثل العمد إلى مشاهدة ما يثيره فإن صيامه باطل ويجب أن يقضيه بعد رمضان وأن يخرج الكفارة عنه، أما في حال كان المسلم مريضًا ويتسرب منه السائل المنوي رغمًا عن إرادته، فهنا لا إثم عليه ولا يفسد صيامه والله غفور رحيم.
المذهب الحنبلي
يرى جمهور الحنابلة أن المسلم إذا ما قرر مشاهدة ما يثيره ولكنه لم ينزل المني، فإن صيامه لا يبطل بذلك، أما إذا انفلتت منه زمام الأمور وقذف منيه، فإن ذلك يفسد الصيام ويبطله، والسبب في ذلك من وجهة نظرهم أن القذف يكون مصحوبًا باللذة والاستمتاع.
المذهب الشافعي والحنفي
أتباع المذهبين الشافعي والحنفي أن حكم صحة صيام من أنزل سائله المنوي نتيجة لنظره المستمر إلى امرأة، يكون سليمًا غير باطل ولا شيء فيه، حيث إنه مماثل تمامًا لحكم الصائم الذي أنزل منيه نتيجة للتفكير بالشهوة.
اقرأ أيضًا: حكم مشاهدة الأفلام الإباحية ثم الاستغفار
ما هي مبطلات الصيام؟
لا يجب أن يتوقف سؤال هل التفكير في الجنس يبطل الصيام عند هذا الحد، بل هو في حد ذاته دافعًا أكبر للتعمق ومعرفة سائر الأمور التي تبطل صيام المسلم في شهر رمضان وتفسده، وكما توجد بعض الأفعال أو الأمور التي تبطل الصلاة توجد أيضًا أشياءً أخرى تفسد الصيام وهي:
1- الأكل والشرب المتعمد
من المعروف أن المسلم يبطل صيامه ويفسد تمامًا إذا ما تعمد أن يأكل أو يشرب خلال نهار رمضان أو أثناء الصيام في أي من الأيام الأخرى، ويجب أن يتم قضاء هذا اليوم بعد انتهاء شهر رمضان دون الحاجة إلى إخراج كفارة، أما في حال لم يتم قضاؤه وأتى رمضان التالي عليه، توجب أن يصوم هذا اليوم وأن يخرج كفارة إطعام مسكين.
أما في حال أكل أو شرب الصائم ناسيًا أو عن غير عمد ثم انتبه لذلك، فعليه ألا يكرر الأمر أو يأكل ويشرب شيئًا لأن صيامه لم يفسد ولم يفطر لأن ذلك كان مجرد سهوًا، وعليه أن يكمل صيامه لنهاية اليوم بشكل عادي.
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أكَلَ ناسِيًا وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ”
رواه أبو هريرة، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
2- الحيض والنفاس
الحيض لدى النساء طبعًا من مفسدات الصيام وكذلك فترة النفاس التي تعقب الولادة، وجدير بالذكر أن المرأة يجب أن تفطر وتكسر صيامها إذا نزل منها الحيض ولو قبل موعد الإفطار وأذان المغرب بدقائق معدودة.
3- القيء المتعمد
إذا تعمد الصائم أن يتقيأ لكي يخرج ما في معدته، فإن هذا يعد مبطلاً مفسدًا للصيام، ويجب على المسلم أن يقضي هذا اليوم ويصومه بعد انتهاء شهر رمضان.
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ”
رواه أبو هريرة، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
4- غسيل الكلى
يعتمد غسيل الكلى على إخراج دم المريض بالكامل من الجسم وإدخال غيره إلى الجسم مصحوبًا بالمواد الغذائية التي يحتاج إليها من أجل التعافي، مثل الأملاح أو السكريات وتلك الأشياء عندما تدخل الجسم تبطل الصيام.
اقرأ أيضًا: هل الكلام الجنسي يبطل الصيام
5- الجماع
إن التوقف عن ممارسة العلاقة الجنسية بين الزوجين خلال النهار في شهر رمضان لا يعني أنها محرمة بالكامل طوال الشهر، بل هي محظورة تمامًا خلال الصيام إلا أنها مباحة محللة من بعد كسر الصيام بالإفطار عند المغرب، حتى أذان الفجر لأنه بذلك يكون قد دخل في اليوم الجديد من الصيام، والدليل على ذلك هو قوله الحق سبحانه وتعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [سورة البقرة، الآية رقم 187]
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – والعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ”
رواه أبو هريرة، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
إن الجواب عن سؤال هل التفكير في الجنس يبطل الصيام أمر محسوم بشكل نهائي، لذلك يجب على المسلم أن يحافظ على صيامه وينتهي عن التفكير بتلك الأمور قدر المستطاع أثناء الصيام حفاظًا على الصيام وحرصًا على أجر الصوم.