هل الزاني تقبل صلاته
هل الزاني تقبل صلاته؟ وهل تقبل منه توبة؟ يعد الزنا من الكبائر التي يأثم فاعلها وعقوبتها عند الله كبيرة، لكن من الناس من يقع في هذا الأمر ثم يدرك مدى خطأه وعصيانه لله ومدى غضب الله من هذا الفعل فيقرر أن يتوب إلى الله ويصلي فيتساءل هل الزاني تقبل صلاته هذا ما سنجيب عنه من خلال منصة وميض.
هل الزاني تقبل صلاته؟
التوبة إلى الله لها العديد من الأوجه أولها الندم على فعل المعصية ثم الصلاة، فكثير ما يخطئ الإنسان في حق الله ويعصيه سواء عن دراية أو بسبب الغفلة، لكن من فضل الله على الإنسان أنه يساعده على تنوير بصيرته لإدراك خطأه والعودة والتوبة إليه.
فيبدأ بأحب الأعمال إلى الله وهي الصلاة فأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، وقد قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [سورة غافر آية 60] لذلك يسرع المسلم في الإقبال على الله من أحب أبوابه، لكن يقابله سؤال هل الزاني تقبل صلاته؟ حيث إن الزنا من أكبر الفواحش.
لكن ما يجب الإشارة إليه هنا أن الصلاة أمر لا يجب تأخيره أو تركه حتى من قبل الزاني والعاصي ومرتكب والفواحش والكبائر، لعل هذه الصلاة تكون سبب في تركه لهذه الفواحش والمعاصي، وبالفعل مع استمرار حرص الإنسان على تأدية الصلاة يهديه الله بإذن الله.
من هنا نقول في أمر الإجابة عن سؤال هل الزاني تقبل صلاته أن قبول الصلاة من عدمها أمر يرجع كله إلى الله، وما نريد أن ننبه عليه أنه متى أقبل العبد على الله وهو عاصي معصية كالزنا لكنه أقبل بقلب تائب ونادم ومدرك لما فعل ويرغب بالفعل في العودة إلى الله وتوبة وعزم على عدم فعل هذه المعصية وبدأ علاقة جديدة مع الله.
بالإضافة إلى حرصه على أداء الصلاة بشروط صحتها وحرصه على عدم تأخيرها عن وقتها المحدد أو تركها بإذن الله يقبله الله ويتوب عليه.
اقرأ أيضًا: هل تجوز الصلاة في ملابس الجنابة
أسئلة بشأن مرتكبي فاحشة الزنا
في إطار الإجابة عن هل الزاني تقبل صلاته من الأسئلة التي شرعت في هذه المسألة سؤال أحد الأشخاص لأهل العلم يقول: ” أعلم أن الزنا من الفواحش، وأخجل من الوقوف بين يدي الله للصلاة بعد الاغتسال من الجنابة بسببه، وأسأل الله المغفرة وصدقني بأنني غير مرتاحة نفسياً لما أفعله لكنني أحاول إسكات ضميري، هل أعاود الصلاة أم لا؟ مع استمرار الزنا؟ “
في السؤال دلالة على ما يفعله الزنا في نفسية الإنسان وما تسببه من آثار نفسية سيئة، لكن وقبل كل شيء يدل هذا السؤال على بقاء حرص السائل على طاعة الله رغم المعصية، وهذا ما لا يجب إسكاته أبدا، بل المحافظة على وجوده والعمل على التخلص من هذا الفعل السيئ، وما يساعد على ذلك هو الاستمرار في فعل ما يرضى الله.
مما يرضى الله هو الحرص على الصلاة، يقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45]، ولأن الله أعلم بما نصنع في السر والعلن لا بد أن نستحي منه ونعلم أنه يرانا في كل لحظة ونخشى أن يرانا على معصية، وفي الآية إشارة إلى فضل الصلاة والمحافظ عليها، وكيف أنها تساعد الإنسان على ترك المعاصي والتقرب إلى الله.
كانت إجابة أهل العلم على سؤال السائل، بتعريفه إلى عقوبة وبشاعة هذه المعصية، وكيف أن الله يغضب من هذا الفعل، ثم أن عليه الإسراع والتوبة إلى الله، والتوقف الفوري عن فعل ما يغصب الله ويجلب سخطه.
ثم إن الإنسان حتى ولو كان عاصيا ليس عليه ترك الصلاة، فهذا مدخل من مداخل الشيطان التي تساعد الإنسان على الاستمرار في فعل المعاصي والذنوب، كما أن ترك الصلاة صورة من صور الكفر والشرك بالله، ففي الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما رواه جابر بن عبد الله: “ بَيْنَ العبدِ وبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ وبَيْنَ العبدِ وبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاةِ”، لذلك على الإنسان أن يحرص على الصلاة رغم المعاصي، وأمر قبول الصلاة أو لا يعلمه الله وحده.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة في السيارة
عقوبة فاحشة الزنا في الدنيا والآخرة
يعد الزنا من كبائر الذنوب التي حرمها الله لما تعود على المجتمع والإنسان بالكثير من الأضرار والأمراض النفسية والجسدية الفتاكة، ولما فيها من ضياع للأنساب واختلاط، واختفاء للعفة والطهارة.
كما أنها من الفواحش التي تجلب سخط الله وغضبه في الدنيا قبل الآخرة، يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَهم يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الفرقان: 68- 70].
فمن قام بالزنا بعد أن أعفه الله بالزواج، فلم يحفظ فرجه لمن من الله عليه بها فإن عقوبة هذا في الآخرة العقاب والعذاب الأليم وليس ذلك فقط، بل إن عذابه يكون مضاعف، ويخلد يوم القيامة حقيرا ذليلا، وليس لمن تزوج فقط، بل على الشاب العازب أن يعف نفسه أيضا ويغض بصره، ويحرم على نفسه ما حرمه الله عليه.
لكن الله واسع الرحمة والمغفرة بالعباد فمن تاب من هذه الفاحشة وندم على ما قدم في حق الله وتاب إلى الله توبة نصوحة، وتقرب إلى الله بعمل الصالحات فإن الله يغفر له ويتوب عليه بإذن الله ويبدل سيئاته حسنات؛ لأن الله رءوف رحيم يُقبل على عبده متى أقبل عليه، بل إن عودة العبد إلى الله عودة صادقة سبب من أسباب فرحه الله بالعبد وتحسين حالة في الدنيا قبل الآخرة.
من العقوبة التي أعدها الله للزاني في الدنيا عندما يثبت قيامه بهذا الفعل، أن يقوم الحاكم بجلده مئة جلدة، لقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 2].
اقرأ أيضًا: هل يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها عند السفر
نصائح لعدم الوقوع في فاحشة الزنا
في سياق الإجابة عن سؤال هل الزاني تقبل صلاته فإن هناك العديد من النصائح التي ننصح بها كل مسلم ومسلمة ليعفوا أنفسهم من الوقوع في كبيرة مثل كبيرة الزنا، وهي أيضا لمن وقع بها بالفعل ويريد الرجوع والتوبة إلى الله والثبات على هذه التوبة.
- الخوف من الله وخشيته ومعرفة أن الله يراقبه حتى في الأوقات التي يخلو لها بنفسه وعليه ألا يرى الله منه ما يغضبه ويجلب سخطه وعدم رضاه.
- معرفة أن الزنا من أكبر الجرائم والكبائر بعد الشرك والقتل.
- معرفة أن الانتقام والعقوبة لمرتكب هذه الفاحشة ستكون في الدنيا قبل الآخرة فكما تدين تدان.
- معرفة أن الزنا من الأمور التي تورث الفقر والظلمة، وأنها من الأفعال التي تجلب للقلب النجاسة وتدفن معاني الرجولة والغيرة في قلوب الرجال فلا يصبحوا رجالا، بل ديوثين وفاسقين.
- غض البصر.
- البعد عن الخلوة مع الأجنبيات وعدم الاختلاط إلا في إطار الحدود الشرعية.
- الابتعاد عن أصحاب السوء.
- الحفاظ على صلاة الجماعة.
- الابتعاد عن مواطن الشبهات.
- طلب العلم الشرعي الذي يعرفك إلى الله ومعرفة ما يحب ويرضى وما يغضبه.
- العمل على ما يرضى الله والابتعاد عن نواهيه.
نود أن ننبه على أهم أمر أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم للبعد عن الوقوع في الزنا وهو أمر الإكثار من الصوم لمن لم يتيسر له الزواج؛ لأن الصيام يساعد على كسر الشهوة والحد منها لمن كان على علم بصحة الصوم.
لعل من أكثر ما نود علمكم به أن الله عز وجل رحمته سبقت غضبه وأن محبته سبقت عقوبته، لكن هذا الأمر لا يدفعنا إلى التجريء على الله، بل لا بد أن يدفعنا إلى التقرب منه والتوبة إليه وطلب رضاه، فما أجمل من أن يحب الله العبد ويرضى عليه.