هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر
هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر؟ وهل قدر الله المحتوم يرد من الأساس؟ لعل في إجابات تلك الأسئلة راحةَ لبال السائل دائم الدعاء بأمر معين ولا يعلم ما إذا كان دعاؤه مقبول أو صحيح من الأساس أم لا، وهذا ما دفعنا للبحث حول آراء الفقهاء وعلماء الدين لنقدم لكم الإجابة الوافية من خلال منصة وميض فيما يلي.
هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر؟
الزواج هو سنة الحياة، وتنفيذ أمر الله بإعمار الأرض، لذلك جعل الله فيه أسمى معاني الإنسانية، فمنذ بداية الأمر نهى الله تعالى عن إجبار الزوجة على شريك حياة هي لا ترغبه، وبالطبع الأمر بالمثل من ناحية الزوج، ومن هنا يظهر مدى قدسية تلك العلاقة ومدى كونها يجب أن يعمها الوفاق والاتفاق منذ اليوم الأول.
هنا يظهر ذلك الشاب أو تلك الفتاة اللذان يرغبان في شريك حياة بعينه، فيدعون الله تعالى ليل نهار بأن يرزقهم ذلك الشريك، ولكن هل في تلك الدعوة اعتراض أو اشتراط على المولى عز جل؟ وهل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر؟ بالطبع هذا ما قد يؤرقهم، وهذا ما سينصب عليه تركيزنا فيما يلي.
فإن كنت تبحث أولًا عن إجابة واضحة وصريحة للسؤال الأول فهي لا، الدعاء ليس فيه اعتراضًا على الإطلاق، أما عن إجابة السؤال الثاني فهي نعم، يمكن للدعاء أن يغير القدر، وهذا ما سنستفيض فيه شرحًا في الفقرات التالية.
اقرأ أيضًا: دعاء للزواج بسرعة البرق
هل فعلًا الدعاء يرد القدر؟
في ذلك الشأن كثرت الفتاوى والأقاويل، ولكن يبقى على رأسها هو حديث أشرف خلق الله حين قال “لا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدُّعاءُ” أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه، وهنا يظهر تساؤل آخر ألا وهو أيرد قدر الله شيء؟
عزيزي القارئ دعني أستفيض في شرح نقطة فقهية دقيقة بعض الشيء ولكنها ستزيل عنك الغموض في تلك المسألة، في حقيقة الأمر القدر نوعان، النوع الأول هو القدر المحتوم وهو ما يعلمه الله وما كتب في صحيفة العبد قبل مجيئه للحياة الدنيا، وهو ما سيحدث عاجلًا أو آجلًا.
أما عن النوع الثاني من القدر وهو محور حديثنا ألا وهو القدر المترب، وهو ما تراه أنت بعينيك محدودة الرؤية، حيث يرتب الله بعض التسلسلات أمامك تقودك في النهاية إلى قدر أو حدث معين، ومن ثم بعلمه سبحانه وتعالى يجري على لسانك دعاء معين ويجعلك تلح عليه حتى يغير بقدرته عز وجل ذلك القدر المرتب ليكون القدر المحتوم المكتوب عنده.
من هنا نستنتج أن كونك بدأت في الدعاء بشيء معين فاعلم أن الله تعالى قد أجراه على لسانك لكونه مقدر لك من الأساس، وهي أسمى معاني الرحمة من عنده عز وجل في أن جعل في ذلك الدعاء سببًا للعودة والتضرع إليه وإثبات احتياجك الدائم لعطائه وهو ما يجبرك الله بسببه.
هل الدعاء للزواج من شخص معين حرام؟
بعد أن انتهينا من الجزء الأول من حديثنا بإجابتنا عن السؤال هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر، ما زالت الأسئلة تتوالى بذلك الشأن، محاولةً معها تحري الدقة في كل ما يتلفظ به العبد، وهو خير دليل على مدى تحري الدقة في كل ما يقوم به المسلم حتى في الدعاء، نسأل الله وإياكم سداد الدعوة.
الدعاء بوجه عام هو علاقة خالصة بين العبد وربه، ليس بها وسيط، فما دام الدعاء ليس بشر أو بأذى فلك أن تدعو ما شئت، فمثلًا لا يجوز أن تدعو الله وأنت مقبل على اقتراف ذنب معين وأنت تعلم أنه حرام، أو أن تدعو الله أن يوفقك في فعل ما أنت تعلم أنك ستؤذي به أحدهم، بالطبع هذا غير جائز ويعد استهزاء بالذات الإلهية، رحمنا الله وإياكم من الوقوع بها.
فيما عدا ذلك فلك أن تدعو ما شئت، ولكن لنكن متحرين للدقة بشكل أكبر، فلنتفق أن الله تعالى يعلم الخير لك أكثر مما تعلمه أنت، ففي دعائك للزواج من شخص معين فيه نوع من أنواع التحديد لشيء قد لا يكون فيه الخير لك، فمن الأفضل أن تدعو الله بأن يكتب لك الصالح أيًا كان، والله عز شأنه أعلم بالنوايا وأعلم بما ترغب أنت.
مما سبق نتطرق لتوضيح نقطة قد تكون مسببة لحرج بعض الفتيات، وهو تساؤل طرحته فتاة وفي صوتها قدر لا بأس به من الخجل قائلة هل في إلحاحي على الله بالزواج من شخص معين مع ذكر اسمه شيء من الحرج أم لا؟
شرعًا لا شيء في ذلك، فليس في صلاة الفتاة ودعائها بزوج صالح بعينه ترغبه حرج، ولنا في السيدة خديجة أسوة حسنة حين رغبة في أشرف الخلق وأرسلت له جاريتها لتعرض عليه الزواج، فلا شيء في ذلك ما دامت ملتزمة بحدود الله ولم تتجاوزها.
اقرأ أيضًا: علامات الرؤيا التحذيرية
هل الزواج نصيب أم اختيار؟
ما زلنا بصدد حديثنا حول الرد على السؤال هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر، ولكن ها نحن نستطرق لعرض مسألة أخرى قد تكون ذات صلة بموضوعنا، ألا وهو مدى كون الزواج اختيار أم هو نصيب واقع لا محالة.
دعني أوضح أن ابن آدم قدره مكتوب في صحف مرفوعة قبل أن يخلق حتى، فمكتوب متى سيتزوج وأين ومِن مَن بالتفصيل الممل، ولكن تبقى الحقيقة التي يتجاهلها البعض بينما هم يقرأون النصف الأول من الجملة على طريقة ولا تقربوا الصلاة، ألا وهي أن القدر مرتبط بالسعي، فأنت مقدر لك شيء معين لا محال، ولكنه كذلك مرتبط بسعيك لا محال، فأنت لا تعلم متى ستتزوج وبمن ستتزوج، ولكن الله يعلم ولكنه قد ربطه بموعد قيامك من مكانك وسعيك لنيل رزقك.
من هنا نستنتج أن الله تعالى قد سمح لنا بمساحة الاختيار برؤيتنا المحدودة ولكنها في حدود علمه أولًا وأخيرًا وفي حدود ما سعينا نحن له.
دعاء مستجاب للزواج من شخص معين
أما عن أهم ما يجب ذكره بعد ما أوضحنا الإجابة المستفيضة عن السؤال الأول وهو هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر، هو مجموعة من الأدعية التي في حال دعوتها بنية صافية ومع التزام آداب الدعاء، ستكون سببًا في قضاء حاجتك عند الله بإذنه وفضله، ومن تلك الأدعية ما يلي:
- اللهم إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب القادر على كل شيء، إن كنت تعلم أن في زواجي من (فلام / فلانة) خيرًا لي في دنيتي وآخرتي فزوجنيه وأقدره لي.
- اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي من الرجال أعفهم فرجًا، واحفظهم لي في نفسي ومالي وأوسعهم رزقًا وأعظمهم بركة، وقدر اللهم لي ولدًا طيبًا تجعله لي سندًا لي في حياتي وخير داعِ لي بعد مماتي.
- اللهم اغفر ذنبي وحصن فرجي وطهر قلبي، اللهم ارزقني بالزوج الصالح الذي هو خير لي في دنياي وآخرتي، وعاقبة أمري.
- يا إلهي من لي ألجأ إليه إذا لم ألجأ إلى الركن الشديد الذي إذا دعا أجاب، هب لي ربي من لدنك زوجًا صالحًا واجعل بيننا مودة ورحمة فأنت على كل شيء قدير، يا من إذا قلت للشيء كن فيكون.
اقرأ أيضًا: دعاء مجرب لجلب الخطاب وتيسير الزواج
آداب الدعاء في الإسلام
آخر ما نختم به حديثنا عن موضوعنا البادئ بالسؤال هل الدعاء بالزواج من شخص معين يغير القدر، هو آداب الدعاء في الإسلام وهي ما تضمن لك بإذن الله تعالى إجابة الدعاء وهي كالآتي:
- أول وأهم شروط الدعاء ألا تدعو إلا الله سبحانه وتعالى وألا تجعل وسيط بينك وبين خالقك.
- ألا يكون الدعاء بإثم أو بأذى أو قطيعة للرحم.
- حسن الظن بالله وأن تدعو وأنت متيقن بأن الله سيستجيب وإن لم يستجب لدعائك فحتمًا هو يريد لك الأفضل.
- يستحسن أن تستقبل القبلة عند الدعاء.
- العزم في الدعاء وأن تجتهد في إيجاد الكلام المناسب بينما تتحدث مع الله.
- عدم الاعتداء بالدعاء وألا يكون دعائك منصبًا على أذية شخص أو خراب لشخص ما.
حتمًا ولا بد يومًا ستجد شريك الحياة الذي هو الأنسب والأفضل لك بتدبير الله سبحانه وتعالى، فكن على يقين بينما تدعو الله أنه سواء أن زوجك ممن تدعو باسمه أو بشخص آخر بأن اختيار الله هو الأصح وهو ذات النفع الأكبر لك، فتقبلها بصدرِ رحب ولا تتبتر.