هل يغفر الله الذنب المتعمد
هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ وما هي الذنوب التي لا يغفرها الله تعالى؟ فالإنسان بعادته خطَّاء، يفعل الكثير من المعاصي والذنوب في حياته، ولا يوجد من هو معصوم من الخطأ، فهذا جزء من فطرة البشر لا يمكن تغييرها، ولكن هل يغفر الله الذنب المتعمد؟ هذا ما سنعرف إجابته عبر منصة وميض.
هل يغفر الله الذنب المتعمد؟
الإجابة عن سؤال هل يغفر الله الذنب المتعمد هي: نعم، وتتلخص الإجابة في الآية الكريمة في قوله – عز وجل – في كتابه:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) [سورة النساء الآية 48] صدق الله العظيم.
فمن الآية الكريمة السابقة نلاحظ أن الله يغفر كل الذنوب إلا أن يُشرك به أو يُكفر بما أتاه على أنبيائه ورسله، فمهما ارتكب الإنسان من ذنوب كثيرة وبلغت سيئاته جبالًا وجبالًا واستغفر الله وعزم على التوبة وجد الله غفورًا رحيمًا.
كما أن الله – تعالى – يترك باب التوبة مفتوحًا للعبد حتى لحظة بلوغ الروح للحلقوم، فالله يقبل توبة العبد حتى قبل وفاته بلحظات، كما أن الله – عز وجل – قد قال في سورة الزمر:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر، الآية 53]
فتلك الآية تفيض بكم الرحمة التي هي صفة الله – تعالى – فنلاحظ مخاطبة الله لعباده الذين قد أخطأوا وكأنه يطمئنهم بأنه هو الغفور الرحيم وأنه لو بلغت ذنوبهم عنان السماء واستغفروا الله وجدوه عفوًا غفورًا.
بالإضافة إلى أن الله – عز وجل – يقبل توبة عباده عن الذنوب والمعاصي المتكررة حتى تشرق الشمس من المغرب وهي من علامات الساعة الكبرى وعند ظهورها لن يقبل الله – تعالى – توبة أحد ولو تصلب ظهره من كثرة العبادة.
فيكون الأوان قد انتهي، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه وأرضاه – عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: ” مَن تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عليه” [رواه أبو هريرة، صحيح مسلم]
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاستغفار وقت السحر
رحمة الله بعباده
ضمن إطار عرض الإجابة عن سؤال هل يغفر الله الذنب المتعمد يجدر الذكر بأن الشخص إذا فعل الذنب سواء بدون قصده أو متعمدًا وندم على ذلك وقرر التوبة إلى الله فإن الله سوف يتوب عليه.
فمجرد شعور المذنب بالندم على معصيته يؤجر عليه فما بالكم بقيام هذا العبد بالاستغفار والتوبة، فالله يحب العبد التواب الأواب كثير الرجوع إلى الله – عز وجل -، فيقول أنس ابن مالك – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم –: “كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ” [رواه أنس ابن مالك، صحيح الوهم والإيهام]
ففي الحديث السابق نلاحظ أنه لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ فكلنا نخطأ ونذنب ونتول، حتى الأنبياء والرسل قد أخطأوا، فسيدنا آدم – عليه السلام – قد عصى أمر ربه في تجنب الشجرة واستجاب لوسوسة الشيطان.
سيدنا يونس – عليه السلام – عندما يئس من إعراض قومه عنه قرر تركهم وأغفل أمر الله في دعوته، وسيدنا موسى – عليه السلام – قد قتل رجلًا مصريًا بدون قصد.
الحكمة من ذكر كل هؤلاء الأنبياء أنهم أيضًا برغم اصطفاء الله – تعالى – لهم من بين البشر إلا أنهم أيضًا أخطأوا ولكنهم سارعوا بالتوبة إلى الله – تعالى – فوجدوه غفورًا رحيمًا.
كما أن الله – تعالى – له حكمة بالغة في ذلك حيث إنه يشير لعباده أن هؤلاء الأنبياء رغم مكانتهم إلا أنهم يخطئون، ولكنهم يستغفرون، فهم قدوة لعباد الله.
بالإضافة إلى أن الله – تعالى – يحب العبد التواب كثير الرجوع إليه، فهو لا يمل من كثرة رجوع عبده المخطئ إليه، ويحب العبد اللحوح، فكثير منا قد يُخطئ ويتوب، ويخطئ ويتوب وأحيانًا يهيّء له الشيطان أنه لن يستطيع التوبة عن هذا الذنب وأنه ضعيف جدًا.
الأمر الذي قد يتسبب في يأس العبد من رحمة ربه والعياذ بالله، فأقصى أهداف الشيطان أهمية هي حزن المؤمن وإفقاده إيمانه بالله، فإذا شعر أحدكم بهذا فعليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويستمر في توبته إلى الله – تعالى – مهما كثرت ذنوبه.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاستغفار والجمال
ما هي الذنوب التي لا يغفرها الله تعالى؟
إذا أسرف العبد على نفسه وارتكب الكثير من المعاصي وصال وجال بين رحاب الأرض عاصيًا واستغفر الله وتاب عن ذنبه تاب الله عليه إلا أن يشرك بالله – تعالى – أو يرتكب بعض المعاصي التي لا غفران لها، وهي:
- الشرك بالله أو الكفر بما آتاه الله – تعالى –
- تحري العبد لظلم الناس وعدم رده لحقوقهم.
- القتل إفسادًا في الأرض.
- أكل الربا.
- الاستحواذ على أموال اليتامى.
- المجاهر بالمعصية.
ما هو حكم فعل الذنب والاستغفار بعده؟
كثير منا قد يضعف أمام بعض الفتن ويصر على ارتكاب الذنب، لكن بعد ارتكابه يشعر بالندم واحتقار الذات، فيلجأ للاستغفار ويبادر بالاعتراف بذنبه أمام الله – عز وجل – يجد الله غفّارً ستارً، فيقول – تعالى -:
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [سورة آل عمران، الآية 135]
فنحن في زمان الممسك فيه على دينه كالقابض على جمرة من نار بين يديه، نتعرض لكثير من الفتن والشهوات، والإنسان بطبعه ضعيف أمام متاع الحياة.
فقال – تعالى –:
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [سورة آل عمران، الآية 14]
فالله – تعالى – يعلم ما يعانيه عباده من مقاومة تلك الفتن وخاصة في هذا الوقت، وبالتالي يغفر ذنوب العباد مهما كثرت طالما لم يشركوا به أو يرتكبوا ذنبًا من الذنوب التي لا يُغفر.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاستغفار بنية الزواج
كيف يقوم العبد بالكفارة عن ذنبه المتعمد؟
بصدد الحديث عن هل يغفر الله الذنب المتعمد يجدر الذكر بأن الهدي النبوي قد أشار لعدة طرق يمكن أن يكفر بها العبد عن ذنبه، وهي كما يلي:
- الاستغفار والتوبة النصوح والعزم على عدم معاودة تكرار الذنب.
- الصيام تطوعًا، فيقول أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه وأرضاه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: “مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا” [رواه أبو سعيد الخدري، صحيح البخاري]
- الوضوء والصلاة.
- الندم على المعاصي.
- إذا ارتكب العبد ظلمًا أو انتهاكًا لحق من حقوق غيره فعليه أن يردها إليه ويتوب إلى الله.
- التزام الصلوات الخمس.
- كثرة ذكر الله والاستغفار.
- التصدق وإخراج الزكاة.
- صيام رمضان وقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، فيقول أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: “مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”. [رواه أبو هريرة، صحيح البخاري]
فاستغفروا عباد الله ولا تملوا مهما بلغت ذنوبكم عناء السماء، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله غفور حليم يقبل التوبة من عباده.