هل يعوض الله المظلوم
هل يعوض الله المظلوم؟ وهل يصفح عمّن ظلم؟ فالمؤمن المظلوم لا يلجأ إلا لله كي ينصره، فلا ينسى الله عبدًا انفطر قلبه مما تعرض له من جور، حيث علمنا الله أن أخد الحق يكون بالدعاء على الظالم لكن بدون المبالغة، لِما له من منزلة وثواب أعظم من القصاص، فالصبر على الظلم احتسابًا لله أجره جليل، لكن هل يوجد للمظلوم حل آخر لينال ثواب أجلّ؟ هذا ما سنتعرف عليه عبر منصة وميض.
هل يعوض الله المظلوم؟
على مر العصور يتعرض العديد من الأفراد إلى الظلم بمختلف أشكاله وألوانه، لكن متى خفتت دعوة المظلوم عن الله! حتى ولو تأخرت الاستجابة فذلك لأن الله يمهل ولا يهمل، فالله لا ينصر ظالم على مظلوم فهو الديّان الرحيم منبع العوض لا يخذل عبدًا لجأ إليه ولعدله.
لقد وعد الله المظلوم أن دعوته لا ترد حتى وإن كانت من فاجرٍ لإن الله ينصره على من ظلمه وفي هذا تحذير مباشر للظالمين أن يتقوا دعوة المظلوم فالله لا يرضى بالجور على أيًا من خلقه، وينصر الحق انتصارًا لا مثيل له ويعوضه الله خير العوض في الدنيا والآخرة.
يتساءل المظلوم هل يستجيب الله لدعائي؟ ومتى سيستجيب؟ لما يشعر من ألم يسحق قلبه نتيجة تعرضه للظلم، لكن بمجرد احتسابه لله فإن الله عاجلًا أم آجلًا يبرد قلبه ويجلب له حقه ويعوضه بأفضل ما يرجو، ويظهر عوض الله في:
- رفعه لدرجة المظلوم درجات أعلى نتيجة لدعائه لله.
- قوة دعوته وتأكيد الله لاستجابتها، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اتقِ دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب”.
- تحول الدعوة إلى حسنات تزيد من أجر المظلوم وتبعد عنه السوء.
- تدهور حياة الظالم وقبلها رأسًا على عقب وشكوته مر الشكوى وعدم راحته مهما نال من متع الحياة.
- يشعر الظالم بما شعر به المظلوم، فكما تدين تدان.
- يعوض الله المظلوم في الدنيا والآخرة سيُلاقي عوض الله يحيطه، وما يشرح قلبه في الدنيا قبل الآخرة.
- يمهل الله الظالم بعض الوقت حتى يتوب ويرجع عما ارتكبه في حق من ظلمه قبل أن يقع عليه عذابه، فيقول الله تعالى: “ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار”.
- يعد الله المظلوم أجرًا عظيمًا إذا عفا وصافح عمّن ظلمه فإن الله بكل الأحوال لا يحب الظالمين ولا يمكن تخيل حياة أحد لا يحبه الله، فقد قال الله تعالى: “وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فإن فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”.
اقرأ أيضًا: انشاء عن ضعف المظلومين للصف الثالث متوسط
سوء عاقبة الظالمين
عندما يسأل بعض الأشخاص هل يعوض الله المظلوم، تتضح كثيرًا من الصور التي يعوض الله بها عبده المظلوم في الدنيا قبل الآخرة، فالله يمهل الظالم ولا يعجّل من عقوبته لحكم كثيرة لكن سبحانه لا يهمل من أن ينل للظالم قسطًا وفيرًا من عقابه في الدنيا.
فيقول في كتابه الكريم: “إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين”، ومن العواقب التي تلحق بالظالم:
- عدم شعوره بالأمان ولا راحة البال خلال حياته، فيحتل تفكيره أغلب الوقت في توقع رد فعل ممن ظلمه فالمؤمنين الذين لم يظلموا هم من تنالهم الراحة والسكينة حيث قال الله تعالى: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”.
- كما أن الله لا يهدي الظالمين في الحياة الدنيا إلى الرشد والصلاح مما نجم من أفعالهم من ضرر يلحق بالناس وما حولهم، فهذا ليس بهين على الله.
- الشدة في العيش نتيجة للظلم الذي صدر منه مما يمنع من سعادته وفقدانه حلو الحياة وغردها.
- هلاكه في الدنيا والآخرة نتيجة لما تعداه على حدود الله وحرماته، فيسحقه هلاك الله في الدنيا، وفي الآخرة ينتظره أشد صنوف العذاب لقول الله تعالى: “إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها”.
- دعوة من ظلمه عليه، فتعهد الله تعالى باستجابة دعوة المظلوم على الظالم حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “دعوة المظلوم تُحمل على الغمام، وتُفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين”.
اقرأ أيضًا: ماذا يقول المظلوم في دعائه
أقسام الظلم وتحريمه
الجدير بالذكر أن الله قد حرم ما قد يمس الإنسان بسوء وضرر، والظلم سوء وضرر إذن فهو محرّم، لذلك تكمُن إجابة سؤال هل يعوض الله المظلوم؟ في أنه يعوضه، حيث ورد في الحديث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
” الظلم ثلاثة، فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره، وظلم لا يتركه، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، قال الله: إن الشرك لظلم عظيم وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم، وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضًا حتى يدين لبعضهم من بعض”.
- ظلم الإنسان لخالقه: يكون من خلال الشرك بالله وهو أشد أنواع الظلم فذلك الذي لا يغفر الله فيه إذا لم يرجع عن شركه.
- ظلم الإنسان لنفسه: يكون ذلك عن طريق تعدي الحدود التي وضعها الله وابتعاده عن الطاعات، وهذا القسم من الظلم يغفره الله ويقبل توبة العبد.
- ظلم الإنسان لغيره: عند التعدي على حقوقهم واستحقاقها لأنفسهم واستباحة أموالهم وأعراضهم وأنفسهم فقد ذمهم الله في كتابه الكريم ولا يترك الله هذا القسم من الظلم أبدًا كما يقتص لصاحبه ممن أجار عليه في الآخرة.
اقرأ أيضًا: كيف يعرف المظلوم أن دعوته على الظالم قد استجيبت
أمور تعين المرء على ترك الظلم
يمكن للمرء أن يقي نفسه من أن يعرض نفسه لسوء عاقبة الظلم سواء ظلمًا لغيره أو ظلمًا لنفسه، فمن أهم ما يعينه على ذلك:
- تفحص ما ناله الظالمين من عاقبة الظلم في حياتهم وما أحاط حياتهم من ضنك وفقر في العيش.
- لقد نزه الله نفسه عن الظلم وحرمه على الناس بسبب فظاعته وضرره على المرء.
- ألا يقنط الإنسان من رحمة الله عز وجل فرحمته وسعت كل شيء، ومن يتوب فإن الله يتوب عليه فهو التواب الرحيم.
- التفكير في أهوال يوم القيامة ومشاهدها فإن الله سبحانه هو من سيقضي بين الناس بنفسه، مما يحفز المرء من تجنب الظلم خشية من الموقف العظيم الذي سيشهده أمام الله.
إن الظلم لسوءٍ يرتكبه المرء في حق ربه ونفسِه وغيره، والله رحيم ودود بعباده يرحمهم مما يضر نقاء قلوبهم ويعكر صفوة حياتهم، فامتثل لأوامر الله وتجنب سوء فاحشة الظلم.