هل النعاس ينقض الوضوء
هل النعاس ينقض الوضوء؟ وما هي الأشياء التي تنقض الوضوء؟ بالطبع يعرف أغلبنا أن الإخراج واحد من منقضات الوضوء بينما يسمع البعض الآخر جدالًا حول تسبب النوم في نقض الوضوء، وفئة قليلة جدًا هي التي تعرف المبطلات الأخرى للوضوء، لذا سنتطرق إلى عرض كافة التفاصيل الخاصة بهذا الموضوع من خلال منصة وميض.
هل النعاس ينقض الوضوء
الإجابة عن سؤال هل النعاس ينقض الوضوء هي لا، حيث إن النعاس هو النوم الخفيف لذا لا ينقض الوضوء ولا يفسده، بينما يعد النوم الثقيل هو الذي ينقض الوضوء لأن فيه فقدانًا للشعور وذهابًا له، لأن ذهاب الشعور وفقدانه يكون كذهاب العقل والسكر وبالطبع السكر منقضًا للوضوء.
“عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابيٌّ بصوتٍ له جَهْوَرِيٍّ يا محمدُ فأجابَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نحوًا من صوتِه هاؤُم فقلنا له اغضضْ من صوتِك فإنك عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وقد نهيتَ عن هذا فقال واللهِ لا أغضضُ، قال الأعرابيُّ: المرءُ يحبُّ القومَ ولمَّا يلحقْ بهم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المرءُ مع من أحبَّ يومَ القيامةِ فما زال يحدثُنا حتى ذكر بابًا من قِبلِ المغربِ مسيرةُ عرضِه أو يسيرُ الراكبُ في عرضِه أربعين أو سبعين عامًا قال سفيانُ قِبل الشامِ خلقَه اللهُ يومَ خلق السمواتِ والأرضَ مفتوحًا يعني للتوبةِ لا يغلقُ حتى تطلعَ الشمسُ منه”
رواه صفوان بن عسال، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، حكم الحديث: حسن الإسناد.
اقرأ أيضًا: هل قص الأظافر ينقض الوضوء
منقضات الوضوء
إجابتنا عن سؤال هل النعاس ينقض الوضوء توضح لنا أن النوم ينقض الوضوء، وهذا يدفعنا إلى الحديث عن منقضات الوضوء بوجه عام والتي تتمثل في:
أولًا: ما يخرج من السبيلين
يقصد به كل ما يخرج من فتحتي البول والبراز وأيًا كانت كميته كبيرة أم قليلة فهو منقض للوضوء، وما يخرج من السبيلين وينقض الوضوء يكون:
1ـ البول والغائط
يتمثل هذا في التبول والتبرز ولقد ورد ذكر ذلك والتأكيد عليه في القرآن الكريم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) [سورة النساء، الآية رقم 43]
2ـ الريح
خروج الريح من الجسم وصدور صوته أو انبعاث رائحته يتسبب في نقض الوضوء ويجب إعادة الوضوء مرة أخرى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا وجَدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِهِ شيئًا، فأشْكَلَ عليه أخَرَجَ منه شيءٌ أمْ لا، فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حتَّى يَسْمع صَوْتًا، أوْ يَجِدَ رِيحًا”
رواه أبو هريرة، وحدثه الإمام مسلم، المصدر: صحيح مسلم، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
3ـ المذي
إن المذي هو عبارة عن سائل ذو قوام لزج ولون أبيض يخرج من الذكر حينما يحتلم أو يفكر بالجنس والجماع والرغبة فيه، وخروجه ينقض الوضوء ويحتاج إلى تطهير هذا المكان عند الرجل ثم إعادة الوضوء مرة أخرى.
“عَنْ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فأمَرْتُ المِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ أنْ يَسْأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقالَ: فيه الوُضُوءُ”
رواه علي بن أبي طالب، وحدثه الإمام البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
4ـ المني
المني هو سائل وإفرازات الشهوة التي تخرج من الرجل والمرأة، وهو يكون السائل المنوي عند الرجل والسائل الجنسي الشفاف لدى المرأة، وسواءً كان خروجه للشهوة أو لسبب آخر كالحر أو البرودة فهو منقض للوضوء ويتوجب التطهر منه.
اقرأ أيضًا: هل تنظيف الطفل من البراز ينقض الوضوء
ثانيًا: غياب العقل
حينما يغيب العقل لا يصبح الإنسان إنسانًا لأن العقل تميز به الإنسان فقط دونًا عن سائر المخلوقات، وغياب العقل ينقض الوضوء ولغياب العقل صور مختلفة مثل:
- شرب الخمر.
- تعاطي المواد المخدرة.
- الإغماء.
- حالات الصرع.
- الجنون.
- النوم.
لقد اختلف علماء الدين حول ما ينقض الوضوء بسبب خروج شيء من السبيلين نتيجة غياب العقل، ولقد اختلفوا في تفسير تحديد النوم الناقض للوضوء والنوم أيضًا كما ذكرنا غياب للعقل، ولقد انقسم إلى رأيين وهما:
1ـ تفسير الحنفية والشافعية
يرى أتباع مذهب الشافعي وأبو حنيفة أن النوم الذي نقض الوضوء هو الذي لم يكن فيه الشخص قادرًا على البقاء جالسًا فانكب مكانه، أو النوم الذي يكون فيه المسلم في وضعية اتكاء على شيء ويروح عقله وجسمه في النوم فينقض وضوئه.
السبب وراء ذلك هو أن تلك الوضعيات تتسبب في إرخاء مفاصل الجسم وهذا قد يتسبب في خروج شيء من السبيلين، وهذا على النقيض تمامًا مع النوم الذي يكون فيه الشخص جالسًا على مقعدته وهذا لا ينقض الوضوء إذا نعس مكانه وهو جالس.
كما أشار أصحاب المذهب الحنفي إلى أن النعاس الذي يكون في وضعيات الصلاة كالركوع أو السجود لا يعد ناقضًا للوضوء، وذلك لأن بعض الوعي والتمكن لا يزال موجودًا حتى وإن تلاشى ذلك سيسقط المسلم فيستفيق مرة أخرى.
“عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ينتظِرونَ العِشاءَ الآخرةَ حتَّى تخفقَ رءوسُهُم، ثمَّ يصلُّونَ ولا يتَوضَّؤونَ“
رواه أنس بن مالك، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
2ـ تفسير المالكية والحنابلة
رأى أصحاب المذهب الملكي والحنبلي أن النوم الخفيف أو النعاس لا يعد ناقضًا للوضوء أما النوم العميق الثقيل هو الذي ينقض الوضوء، ويقصد بالنوم الثقيل هو الذي لا يحس فيه الشخص بأي صوت من حوله أو سقوط شيء ما من بين يديه أو سيلان لعابه.
“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ بنْتِ الحَارِثِ، فَقُلتُ لَهَا: إذَا قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأيْقِظِينِي، فَقَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُمْتُ إلى جَنْبِهِ الأيْسَرِ، فأخَذَ بيَدِي فَجَعَلَنِي مِن شِقِّهِ الأيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بشَحْمَةِ أُذُنِي، قالَ: فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حتَّى إنِّي لأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ له الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ“
رواه عبد الله بن عباس، وحدثه الإمام مسلم، المصدر: صحيح مسلم، حكم الحديث: صحيح الإسناد، التخريج: أخرجه الإمام البخاري والإمام مسلم.
كما أضاف أتباع مذهب ابن حنبل أن النوم بوجه عام ينقض الوضوء إلى النعاس الخفيف، حتى وإن كان الشخص واقفًا أو قاعدًا، أما بالنسبة إلى الشخص المضطجع بالنوم فنومه هذا ينقض وضوئه حتى وإن كان النوم يسيرًا.
اقرأ أيضًا: هل لمس المرأة ينقض الوضوء
منقضات الوضوء المختلف عليها
في إطار الإجابة عن سؤال هل النعاس ينقض الوضوء أم لا يجب أن نشير إلى أنه توجد منقضات أخرى للوضوء، إلا أنها مختلف عليها من قبل جمهور العلماء وهي تتمثل فيما يلي:
1- لمس الفرج من دون حائل
لقد اختلفت آراء فقهاء وعلماء الدين الإسلامي حول هذا الأمر، ويمكننا توضيح آرائهم في النقاط التالية:
- يرى أصحاب المذهب المالكي أن لمس فتحة الشرج أو لمس المرأة لفرجها لا ينقض الوضوء، ولكنه ينقض إذا تم لمس العضو الذكري لدى الرجل فقط حتى وإن كانت اللمسة من دون أي شهوة، واستدلوا لتأكيد رأيهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من مسَّ ذكرَه، فلا يصلي حتى يتوضأَ.
- يرى أصحاب المذهب الشافعي أن لمس الفرج ينقض الوضوء.
- يرى أتباع المذهب الحنفي أن لمس الفرج لا يعد ناقضًا للوضوء.
- يقول الحنابلة أن لمس الفرج بشهوة ينقض الوضوء بينما لمسه بدون شهوة لا ينقض.
2- لمس النساء
انقسمت آراء علماء الدين حول هذا الأمر إلى ثلاث فرق تضح لنا فيما يلي:
- يرى الإمام أبو حنيفة النعمان أن مس النساء لا يعد ناقضًا للوضوء إلا في حال التقاء الفرجين معًا بشكل مباشر ووقوع الرفث.
- يقول الإمام مالك وأحمد بن حنبل أن لمس المرأة سواءً بشهوة أو من دون شهوة يعد منقضًا للوضوء.
- يقول الإمام الشافعي أن لمس المرأة ينقض الوضوء بشكل تام حتى وإن كانت اللمسة عفوية من دون أي شهوة.
3- تغسيل الميت
إن الشخص الذي يغسل ميتًا وهو على وضوء ينقض وضوئه، كما يرى الإمام أحمد بن حنبل أن تغسيل الميت يعد من منقضات الوضوء، بينما ذهب الجمهور إلى أن تغسيل الميت لا يحتم على الشخص المغسل أن يجدد وضوئه مرة أخرى.
4- تناول لحم الإبل
وحده الإمام أحمد بن حنبل من رأى أن تناول لحم الإبل منقضًا للوضوء سواءً كان لحمه مطهيًا أو نيئًا، بينما رأى الجمهور أن تناول الجزور لا يعد منقضًا للوضوء بالمرة.
اقرأ أيضًا: لماذا لحم الابل ينقض الوضوء
5- الارتداد عن الإسلام
هذا هو الصحيح في مذهب أحمد بن حنبل ومعتمد أيضًا في مذهب الإمام مالك، ولقد استندوا في تأكيد ذلك إلى قول الله تعالى:
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة المائدة، الآية رقم 5]
حيث إن الوضوء يعد واحدًا من الأعمال الحسنة وإذا كفر المرء وارتد عن الدين، كما ذهب بعض علماء الدين إلى أن الارتداد عن الدين لا يعد من منقضات الوضوء، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة: الآية رقم 217]
أي أن هذه الآية تشير إلى أنه يتوجب أولًا أو تشترط الوفاة حتى يحبط ثواب عمل العبد بعد أن يرتد عن دين الإسلام ويكفر.
معرفتنا هل النعاس ينقض الوضوء أم لا تجنبنا الوقوع في الأفعال التي تتسبب في إفساد الوضوء، وكذلك نصح الناس بها وإرشادهم إليها لكي يكونوا أكثر انتباهًا وحذرًا.