تعريف الأمن الفكري وأهميته
يُكمن تعريف الأمن الفكري وأهميته بالنسبة للفرد وبالنسبة للمجتمع في العلم بمفهوم الأمن بمعناه الجامع، إن جميع الناس يعرفون معنى الأمن الوطني وأهمية المحافظة عليه للمواطنين وللمجتمع بشكل عام، أما الأمن الفكري فإنه يعتبر من المفاهيم الجديدة التي ربما يسمع عنها الأشخاص لأول مرة، الآن سنقوم من خلال منصة وميض بذكر تعريف الأمن الفكري وأهميته للمجتمع بصفة عامة وللأفراد بصفة خاصة وذلك للعمل على زيادة الوعي الفكري.
تعريف الأمن الفكري
إن مفهوم الأمن الفكري هو أحد المفاهيم الحديثة التي نشأت في الحقبة الأخيرة، حيث اختلف الفلاسفة والعلماء في معناه حيث جاءت أبرز تعريفاته كما يلي:
- الأمن الفكري هو أن يحيط بفكر الإنسان السلام والهدوء.
- هو الحفاظ على تفكير الإنسان من الانحراف عن الاعتدال والميل إلى أفكار غريبة في الجوانب السياسية والدينية.
- يقوم بتغيير نظرة الشخص للكون إذا كان ينظر إلى العلمانية والإلحاد بشيءٍ من الجدية.
- الأمن الفكري هو الاطمئنان لطريقة تفكير الشخص والتأكد من أنه بعيد كل البعد عن أوجه الانحراف المختلفة في المجتمع التي يمكن أن تشكل تهديدًا على الأمن القومي أو على العقيدة السليمة للفرد أو على أخلاقه العامة أو قد تؤثر على مقوماته الفكرية والأمنية.
أثناء الحديث عن تعريف الأمن الفكري وأهميته نذكر أقوال الفلاسفة عن معنى الأمن الفكري حيث قالوا إن المقصود به هو أن يعيش الشخص في المجتمع آمن على مكونات أصله ومنظومته الفكرية والثقافية النوعية، وقاموا بتخصيص التعريف أكثر بالمسلمين حينما أضافوا في التعريف جزء: منظومتهم الفكرية المستمدة من الكتاب والسنة.
اقرأ أيضًا: معايير التفكير الناقد
أهمية الأمن الفكري
تحدثنا في تعريف الأمن الفكري وأهميته عن المقصود به، وبقي لنا الإشارة إلى الشق الثاني في هذا الموضوع حيث لن يصبح للأمن الفكري اعتبارًا إلا بعد معرفة الأهمية التي تعود على المجتمع وعلى الفرد من المحافظة عليه، وسنقوم بذكر تلك الأهمية من خلال السطور التالية:
- يهدف إلى المحافظة على التفكير السليم من ناحية المعتقدات والقيم والعادات المجتمعية لدى الأشخاص.
- يساعد الفرد على حماية الهوية الثقافية الخاصة به والابتعاد بها عن الاختراق والاحتماء الخارجي.
- يساعد على تربية الأشخاص على التفكير الصحيح وتنمية قدراتهم على التفريق بين التصرفات الصحيحة والخاطئة، وبين الحق والباطل، وكذلك بين النافع والضار.
- إن أهمية الأمن الفكري لدى الأشخاص ترتبط مباشرة بالحفاظ على هوية الأمم واستقرار أحوالها.
- كذلك يحافظ على المبادئ العامة والتقاليد الخاصة بكل دولة.
- ترسيخ مفهوم الوسطية في التفكير العام وأيضًا التفكير المعتدل في المعتقدات الدينية والتي يتميز به المعتنقين بالدين الإسلامي الحنيف.
المصادر التي تهدد الأمن الفكري
في سياق التحدث عن تعريف الأمن الفكري وأهميته نجد أن حديثنا يقودنا إلى منطقة أخرى، وهي المصادر التي تهدد الأمن الفكري والتي ظهرت بكثرة في الآونة الأخيرة، وتنوعت مصادر التهديد فظهرت أحيانًا على هيئة جماعات التطرف والتشدد الفكري وأحيانًا على هيئة الجماعات التي تثير الفتن والتي تدعو للفرقة بين المجتمعات.
كانت وسائل الرقابة الأمنية سابقًا أكثر شدة من الآن فكانت تفرض ضوابط وقيود على ما يتم بثه على المحطات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي من قِبل تلك الجماعات، ولكن مؤخرًا ومع زيادة عوامل العولمة أصبح من الصعب للغاية وضع قيود على ما يتم عرضه على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
كما أن تلك الجماعات تمكنت من عرض المحتويات التي تريدها أو عرض تلميحات لها عبر البرامج التلفزيونية والمسلسلات فاستطاعت أن تدعو لأهدافها المنافية للأمن الفكري بتلك الطريقة.
اقرأ أيضًا: اختار إحدى التقنيات وأبحث عن معلومات حول آداب وأخلاقيات استخدامها
وسائل حماية الأمن الفكري في المجتمع
مع مصادر التهديد التي ذكرناها من قبل وغيرها من التهديدات التي تواجه الأمن الفكري للأشخاص أصبح يجب ولابد أن يتم استخدام وسائل حماية مشددة لعقول الأشخاص، وبعد أن ذكرنا تعريف الأمن الفكري وأهميته سوف نقوم بذكر بعض الوسائل التي سوف تساعد كثيرًا على حماية الأمن الفكري من خلال النقاط التالية:
أولًا: الوسائل العلاجية
هناك بعض الوسائل التي يمكن من خلالها علاج القصور التي تنشأ في عقول الأشخاص نتيجة الملوثات الاجتماعية والفكرية المحيطة بهم، ومن وسائل العلاج التي يمكن استخدامها ما يلي:
- إقامة المناقشات العلمية الهادئة لمحاولة تفهيم الشخص بأن تفكيره خاطئ ومساعدته في الرجوع عن تفكيره دون توجيه أصابع الاتهام لنيته فربما تكون نيته صادقة ولكن أسلوب إخراجها هو الخاطئ.
- إن المصابين بالأمراض الفكرية كالإلحاد وغيرها لا يمكن علاجهم باستخدام أسلوب الترهيب والتخويف من أن عقاب الله شديد وأنهم سيدخلون النار يوم القيامة حيث إن وصول هؤلاء الأشخاص لتلك المرحلة لم يحدث إلا عندما أنكرت عقولهم وجود خالق للكون فبالتالي لن تخيفهم تهديداتك فمن وجهة نظرهم أنت تهددهم بشيء غير موجود.
- كذلك لا يجب أن تحدث مثل هؤلاء عن الدين فهم يعتقدون كامل الاعتقاد بأن دينهم صحيح ومعتقداتهم سليمة فحينما تتحدث معهم عن الدين سيكذبون ما تأتي به لأنه يخالف طريقة تفكيرهم التي هي الطريق المستقيم من وجهة نظرهم.
- من أفضل الوسائل العلاجية التي يجب أن تقوم باتباعها للمحافظة على الأمن الفكري هي منع الأشخاص المصابين بمرض فكري من الاختلاط بآخرين، حيث إن الأمراض الفكرية كالوباء ينتقل من شخص لآخر، كما أن المقتنع بفكرته سيسهل عليه إقناع من حوله وهؤلاء الأشخاص هم الأشد اقتناعًا بفكرتهم أكثر من غيرهم.
- يجب الأخذ بيد هؤلاء وإبعادهم عن المجتمع ولو بالإجبار مع نهي الأشخاص من مجالستهم حيث إن نشر المعتقدات الفكرية التي يمتلكها هؤلاء قد يتسبب في غرق سفينة المجتمع عن طريق تفريق الشعب إلى طوائف كلٍ منهم على معتقد وكل معتقد يحارب المعتقدات الأخرى حتى ينتهي الأمر بالدولة في أسفل منطقة في الجحيم.
- من الضروري للغاية التفريق بين من انحرف بفكره ولكن يترتب على ذلك أي أفعال وبين من انحرف بفكره وبدأ في إظهار السلوك العدواني للمجتمع..
فالنوع الأول يمكن التصرف معه عن طريق المناقشات والمناوشات السلمية فإن ضرره حتى الآن مقتصر على نفسه فقط، أما النوع الثاني والذي قد ضر بالمجتمع وثبت عليه أعمال تخريب وفساد فشرعًا يجب محاسبته باتخاذ التصرف الجدي والقانوني لرده عما يفعل بالإجبار.
اقرأ أيضًا: جهود رجال الأمن في المحافظة على الأمن
ثانيًا: الوسائل الوقائية
يجب بعد تعريف الأمن الفكري وأهميته للفرد والمجتمع أن نقوم بحمايته من الملوثات الفكرية والمعتقدات الخاطئة التي قد تصيبه، وبدلًا من وسائل العلاج التي قمنا بذكرها فيما سبق، نذكر أن هناك وسائل أخرى يتم استخدامها في الوقاية وهي الأهم والأكثر فعالية، حيث إن الوقاية خيرٌ من العلاج، ومن أساليب الوقاية ما سنذكره في النقاط التالية:
- ترسيخ معاني الانتماء الوطني لدى الشباب وتعليمهم أن الدين دين وسطية واعتدال.
- تحديد الأفكار المنحرفة التي تهدد تفكير الشباب في هذا الجيل وتحصين عقولهم ضدها عن طريق التأكيد على أن تلك الأفكار خاطئة مع ذكر سبب ذلك في المراحل الأولى من حياتهم حتى يتم تنشئة جيل سليم التفكير قوي المعتقدات لا يستطيع أحد تلويث معتقداته بأي أفكار أخرى.
- يجب عمل جلسات الحوار في المؤسسات التعليمية والمؤسسات العامة بهدف تقويم الاعوجاج الفكري بالحجة والإقناع حيث إن الحوار بطريقة أمام الجميع مباشرة أفضل بكثير من الحوارات الجانبية، حيث يمكن أن يحضر تلك الجلسات من لا يفكر بطريقة صحيحة ولكنه لم يفصح عن ذلك بعد فيتأثر بالحوار القائم ويُرَد عن تفكيره.
- إيلاء اهتمام أكبر بتدريس الأخلاق العامة والمعتقدات الصحيحة داخل المدارس والمساجد وكذلك البيوت فإن التربية الصحيحة أفضل طريقة للوقاية من الانحراف.
- إن حجب الأفكار الخاطئة من الوصول لسمع الشباب ليست فكرة جدية فيجب تهيئة الشباب ذهنيًا ونفسيًا إلى أن هناك معتقدات أخرى في الحياة وأن معتقداتهم هي الصحيحة وأنهم سيقابلون من يحاولون أن يغيرون معتقداتهم إلى أخرى جديدة ويجب عليهم عدم الاستماع لهم.
- يجب أن يتم تذكير الطلاب داخل المدارس بأهمية الأمن في المجتمع وأهمية أن يعيش هذا الطالب آمنًا فكريًا ونفسيًا وجسديًا حتى يحافظ على ذلك الأمن بكل وسائله.
إن العيش في أيٍ من المجتمعات يلزم المواطن بعدة قوانين منها القوانين السياسية والقوانين الأخلاقية وكذلك القوانين الفكرية ويكون الحفاظ على الأمن الفكري هو وسيلة المحافظة عليها كلها.