شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها
شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها قد ذُكرت في السنة النبوية والقرآن الكريم، فإن الله تعالى وضع حدود لعباده لها حكمة كبيرة في حفظ النفس وضبطها عن السوء، وتعد ضوابط العدة من الأمور المكلفة بها المرأة لذا فيما يلي نتناول تلك القضية التي يشيع عنها الكثير من الأقاويل عبر موقعنا وميض.
شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها
قد قال تعالى في كتابه الكريم: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [سورة البقرة الآية 234].
قد وضع الله تعالى الحدود التي على كل مسلم ومسلمة الالتزام بها، وقد ذُكرت في كتابه الكريم فيساعد التدبر فيه التمكن من فهم طريقة التعامل في أغلب المواقف التي نتعرض لها طيلة حياتنا.
فبالنسبة للطلاق وضع الله تعالى للمرأة المطلقة عدة يجب فيها الالتزام ببعض الضوابط ولا يمكنها الزواج سوى بعد أن تنتهي وهي ثلاثة أشهر، كما أن الوضع نفسه للمتزوجة التي توفى زوجها فإن لها عدة يجب الالتزام فيها ببعض الضوابط، وفيما يلي نتناول شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها:
1- البقاء في منزل الزوج
من أولى الشروط الواجب على المرأة الالتزام بها في عدة وفاة زوجها ألا تخرج من المنزل الذي قد مات فيه “منزله”، وذلك حتى تنتهي فترة العدة كاملةً، ولا تخرج منه سوى للحاجة أو الضرورة، وهي الذهاب للمحكمة لإنهاء الإجراءات إن لم يكن هناك من ينوب عنها أو الطبيب ولحاجتها ومن ثم ترجع لبيتها مرة أخرى.
فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال:
“طُلِّقَت خالتي، فأرادَت أن تخرجَ إلى نخلٍ لَها فلَقيَت رجلًا فنَهاها فجاءَت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: اخرُجي فجُدِّي نخلَكِ لعلَّكِ أن تصَّدَّقي وتفعَلي مَعروفًا” [صحيح مسلم].
الحديث النبوي الشريف يوضح أن دين الإسلام دين يسر وليس عسر على الناس، وأن أحكام الشريعة الإسلامية ما هي إلا حفظ لنفس المسلم حتى لا يقع بالحرج والضيق.
ففي يوم قد كانت خالة جابر بن عبد الله مُطلقة طلاقًا بائنًا وأرادت أن تخرج من بيتها لأجل قطع الثمار من نخالها وزجرها رجل عن ذلك بحكم العدة، ولكن نبي الله الكريم أتاح لها الخروج وأجاز ذلك وهو ما يسري على عدة زوجة المتوفي كما قال الفقهاء.
كما أن فيه تنويه على ضرورة على مشروعية الحفاظ على الأموال والعمل، وأن يتم التصدق من المال الخاص والثمار، وإرشاد لما فيه خير بالدنيا.
كذلك من الأمور التي يغفل عنها السيدات في شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها أنه لا بأس من ذهابها لمن تستأنس بها في منزلها نهارًا في حالة كانت تستوحش الجلوس في المنزل مفردها، مع وجود شرط هام وهو ألا تبيت لديها.
اقرأ أيضًا: حكم خروج المرأة بعد وفاة زوجها وتعرف على ضوابطها الشرعية
2- ترك الزينة
ثاني شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها هو ألا تهتم بزينتها وجمال مظهرها، وأن ترتدي الملابس العادية أي لا زينة لها كبرى أو ملفتة للأنظار، والجدير بالذكر هنا أن الفقهاء أوضحوا أنه لا يجب أن تكون تلك الملابس سوداء أو غيره من الألوان، فمن الممكن أن تكون خضراء أو ملونة بأي لون ولكن غير جميلة.
كذلك من الواجب على المتوفي عنها زوجها ألا تهتم بالتزين والتعطر أو ترتدي أي اكسسوارات من الذهب، الفضة أو الألماس، كما يمنع أن تكتحل أو أن تضع المكياج.
فعن أم سلمة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالت:
“المُتوفَّى عنها زوجُها لا تَلْبَسُ المُعَصْفَرَ مِن الثِّيابِ، ولا المُمشَّقةَ، ولا الحُلِيَّ، ولا تَختضِبُ” [صحيح الشنقيطي].
يوضح الحديث الشريف أنه لا يجب ارتداء المتوفي زوجها أي من الألوان التي بها صبغة مبهجة أو جميلة ولا أي شيء من الحلى، بينما معنى تختضب هو ألا تضع أي من الحناء على اليد أو الشعر وما يشابهها من التزين.
3- عدم التطيب
واحدة من شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها ألا تتطيب بالعطور أو البخور ما دامت في وقت العدة، ولكن أجاز الفقهاء إمكانية التطهر بالبخور في حالة كانت حائضًا ومن ثم تطهرت.
حكم الكلام بالهاتف للمرأة بعدة الوفاة
يشيع الكثير من الأقاويل والأحكام بخصوص شروط العدة للمرأة المتوفي زوجها وهو ما لا يصح، فمن الواجب الالتزام بتعاليم القرآن الكريم وسنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليس إلا.
فمن ضمن النقاط الواجب توضيحها في موضوعنا بخصوص ذلك الصدد هو أنه من الممكن للمرأة في فترة عدة الوفاة أن تكلم في الهاتف من أرادت دون أن تقع في الإثم ولا بأس من ذلك.
لكن هذا ما يكون قائم على بعض الضوابط، فلا بأس أن تكلم أي من الرجال أو النساء خاصةً إن كانت تتلقى العزاء، ولكن على أن يكون الحديث والكلام مباحًا، فلا يجوز الغزل أو تبادل المزاح مع الرجال الأجانب لا للمرأة المعتدة أو غير المعتدة.
اقرأ أيضًا: شروط الضمان الاجتماعي للمتزوجين
مدة عدة الحامل المتوفي زوجها
قد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مدة العدة للمرأة المتوفي زوجها، وهي ما تقدر بأربعة أشهر وعشرة أيام، وهي ما يجب الالتزام فيها بأحكام وضوابط تلك الفترة.
لكن من الجدير بالذكر هنا التنويه أن عدة الحامل المتوفي عنها زوجها تختلف عن السيدات الأخرى، فأوضح الفقهاء أنها تكون بالنسبة للحامل طيلة فترة حملها حتى تضع المولود، بينما ينطبق عليها نفس شروط العدة للمرأة المتوفي عنها زوجها التي سبق ذكرها.
فعن المسور بن مخرمة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
“أنَّ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وفاةِ زَوْجِها بلَيالٍ، فَجاءَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاسْتَأْذَنَتْهُ أنْ تَنْكِحَ، فأذِنَ لها فَنَكَحَتْ” [صحيح البخاري].
كما أن الفقهاء جميعهم اتفقوا على أن المرأة الحامل تخرج من فترة العدة والإحداد إن وضعت حملها، وذلك ما استندوا عليه بقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [سورة الطلاق الآية 4]، كما استندوا فيه على حديث نبوي شريف.
جاء عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية وهو أنها بعد وفاة زوجها بليال قد وضعت طفلها، فقال لها النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنها حلت وانتهت فترة عدتها.
“حديثُ سُبَيعَةَ الأسلَميَّةِ أنها وضَعَتْ بعدَ وَفاةِ زوجِها بليالٍ، فقال لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : قد حَلَلْتِ فانكِحي مَن شِئتِ” [صحيح ابن العربي].
ذلك الأمر ما كان فيه بعض الخلافات بين الفقهاء في الدين في عهده الأول، ولكن الآن أصبح الاتفاق على أن الحامل تخرج من العدة طالما وضعت طفلها، ولا يشترط أن تنتظر أربعة أشهر حتى وإن وضعت بعد الوفاة للزوج بساعات أو أيام ودقائق.
عدة الوفاة للمرأة التي لم يدخل بها
في بعض الحالات قد يتوفى الله تعالى الزوج قبل أن يدخل بالمرأة، وفي هذا تشيع الأقاويل بأنه لا يوجد عدة وفاة للمرأة ويمكنها الزواج، ولكن من الجدير بالذكر أن عدة الوفاة الأربعة أشهر تكون للمرأة التي دُخل بها والتي لم يُدخل بها.
فإن الأمر يختلف عن المطلقة التي ما لم يدخل بها زوجها فلا يكون لها عدة طلاق، وكذلك الحال على من يتساءل بخصوص شروط العدة للمرأة المتوفي عنها زوجها في حالة كانت مسنة، فهي تنطبق على كل من الشابات والكبيرات بلا خلاف وعليها العدة والإحداد.
اقرأ أيضًا: نصيب الأرملة من معاش الزوج
عدة وفاة زوج المرتابة
إن المرتابة هي المرأة التي لا تتمكن من التأكد إن كان هناك حمل أو لا في رحمها، وهنا تكون في ريبة في حالة وفاة الزوج ولا تتمكن من تحديد مدة عدتها للالتزام بضوابطها وأحكامها طيلة أيامها.
فهنا قال الفقهاء أن على المرتابة أن مرور 3 حيضات عليها تبرئ الرحم وتكفي لأن يكون هناك يقين بعدم الحمل، وفي تلك الحالة يمكنها معرفة عدد أيام عدتها التي انقضت، وإن لم يظهر شيء طيلة سنة ولم يكن هناك حمل فإن عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
للمرأة المتوفي زوجها حرية تناول الطعام والشراب ومقابلة كل من تريد أن تحادثهم وأن تقوم بمهامها، ولكن يجب الالتزام بالخمس ضوابط والأحكام الخاصة بمدة العدة والانتباه لحدود الله تعالى دون تعسف أو استهانة.